ملخص
تمثل محمية وادي الحولة الطبيعية في شمال إسرائيل استراحة معروفة دولياً لمئات الملايين من الطيور المهاجرة من أوروبا وآسيا إلى أفريقيا التي تعود خلال فصلي الربيع والخريف.
يظهر جلياً حجم الضرر الذي تعرضت له المحميات الطبيعية في شمال إسرائيل جراء الحرب الدائرة مع "حزب الله" اللبناني في الشمال، إذ يمكن معاينة الإصابات التي تعرضت لها الخنازير البرية والأشجار المحروقة والنباتات المتفحمة.
وفي وادي الحولة الذي يمثل موطناً للطيور المهاجرة، يمكن سماع الأصوات العالية لأسراب الطيور بينما تتصاعد أعمدة الدخان التي سرعان ما يتبعها أصوات المروحيات العسكرية الإسرائيلية.
ويظهر التأثير بصورة واضحة في محمية وادي الحولة الطبيعية، إذ لم يتبق في بعض المناطق التي تعرضت للهجمات الصاروخية سوى النباتات المحترقة والتربة التي يتخللها الرماد.
توتر الطيور
ويساور القلق المديرة الميدانية للحمية إنبار روبين إزاء تأثير الحرب في الطيور. وتقول روبين إن "أصوات الحرب وأصوات اعتراض الصواريخ وسقوطها والضجيج العالي التي تسمعها الطيور ما هي إلا مصدر كبير للتوتر".
ودفعت الحرب زوار المحمية التي تقع على بعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع لبنان لتجنبها. وتضيف روبين "يقول لي الناس، إنه لا بد من أن الطيور أكثر سعادة لأنه لا يوجد زوار" لكن في الحقيقة فإن "الضرر الذي تسببه الحرب للطبيعة أكبر بمليون مرة من الأضرار التي يخلفها الزوار".
وتعد المحمية موطناً للبجع والبط والنسور وغيرها من الطيور الجارحة إلى جانب طيور النحام (الفلامنغو) التي قالت روبين إنها "ظاهرة جديدة إلى حد ما".
وتشير روبين إلى أن عدد الطيور التي تتوقف في المحمية أقل مقارنة بالمواسم السابقة، وأن "التعشيش كان أقل بكثير من السنوات العادية" كما انخفض التزاوج.
والمحمية تمثل استراحة معروفة دولياً لمئات الملايين من الطيور المهاجرة من أوروبا وآسيا إلى أفريقيا التي تعود خلال فصلي الربيع والخريف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومنذ أن أعلن "حزب الله" فتح جبهة "إسناد" لغزة غداة شن "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 هجوماً غير مسبوق أطلق شرارة الحرب في القطاع الفلسطيني، شهدت الحدود بين إسرائيل ولبنان تبادل إطلاق نار شبه يومي بين الجانبين.
وبعد إضعافها "حماس" في غزة، نقلت إسرائيل مركز ثقل عملياتها العسكرية في الـ23 من سبتمبر (أيلول) الماضي إلى لبنان، حيث تشن غارات مكثفة تستهدف بصورة أساسية "حزب الله" في معاقله في ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب البلاد وشرقها. وباشرت في الـ30 منه عمليات برية في مناطق حدودية.
وقتل أكثر من 3360 شخصاً في لبنان منذ أكتوبر 2023، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية. ودمر القصف الإسرائيلي مساحات شاسعة خصوصاً في المناطق الحدودية حيث يتمتع "حزب الله" بالنفوذ.
تقليص الغذاء
يقول عالم الطيور يوسي ليشيم إن نحو 50 ألف طائر وصل المحمية في الشتاء الماضي، لكن بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" انخفض عدد الطيور الوافدة 70 في المئة.
ويرى ليشيم وهو مؤسس لمركز دولي لأبحاث هجرة الطيور أن ذلك يمثل "تهديداً حقيقياً". وتسبب القتال والحرائق في تقليص الموارد الغذائية للطيور. ويوضح أن المكان كان بمثابة "جنة" للطيور، ويضيف "حتى لو توقفت الحرب في غضون عام... سنبقى نشعر بتأثيرها لسنوات عديدة أخرى". ويعتقد أنه وعلى المدى البعيد فإن النزاع السياسي لن يغير نمط هجرة الطيور.
احتراق المحميات
وتقدر سلطة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية أنه منذ بدء حرب غزة احترق نحو 37400 هكتار من المحميات الطبيعية والمتنزهات الوطنية والغابات والمناطق المفتوحة في جميع أنحاء إسرائيل.
يقول عالم البيئة في سلطة الطبيعة في المنطقة الشمالية عاميت دوليف إن "الضرر الذي لحق بالطبيعة واسع النطاق بالطبع وبأعداد لم نعتد عليها".
ويقول الجيش الإسرائيلي إن ما يقارب 16 ألف مقذوف بينها طائرات مسيرة مفخخة، أطلقت من الأراضي اللبنانية نحو إسرائيل وأشعلت عديداً من حرائق الغابات. واعترض الجيش الإسرائيلي مقذوفات أخرى سقطت شظاياها في مناطق مفتوحة.
وفي محمية تل دان (تل القاضي) الطبيعية المجاورة للحدود اللبنانية، دمرت الحرائق الناجمة عن الصواريخ نحو سبعة هكتارات. وعلى ضفاف مجرى نهر "دان" يمكن ملاحظة شجرة شوكيات محترقة.
ويقول رمضان عيسى الذي يدير المحمية إنه أمضى العام الماضي في إخماد الحرائق وإنقاذ الحيوانات المصابة أو المضطربة بسبب النزاع. ويشير إلى معاناة الحياة البرية بما في ذلك القنافذ والثعابين وحتى الخنازير البرية التي أصيبت أو قتلت بالصواريخ أو الشظايا، فضلاً عن تدمير الأشجار القديمة.
وعند الأرض المتفحمة حيث وقف عيسى كانت هناك بعض الأعشاب الصغيرة التي بدأت تنمو بالفعل. ويقول عيسى "الطبيعة قوية يمكنها أن تنمو بسرعة كبيرة وبعد الأمطار (الشتوية) الأولى ستبدأ كثير من النباتات بالعودة والنمو".