Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غارات إسرائيل تقطع الطريق أمام قطاع التجارة في بيروت

إنذارات الجيش بالإخلاء قبل شن الغارات تجبر أصحاب المحال على الإغلاق وخسائر كبيرة لم تقدر بعد

ملخص

يقدر البنك الدولي الأضرار اللاحقة بالقطاع التجاري بنحو 178 مليون دولار والخسائر بنحو 1.7 مليار دولار. ومن المتوقع أن تتركز نحو 83 في المئة من الخسائر بالمناطق المتضررة، و17 في المئة منها في بقية أنحاء لبنان.

غادرت لينا الخليل ضاحية بيروت الجنوبية بعد بدء إسرائيل قصفاً مدمراً على المنطقة قبل نحو شهرين، لكنها تعود كل يوم لتخوض تحدياً يتمثل في فتح أبواب صيدليتها ساعتين تقريباً ما لم تمنعها الضربات الجوية من ذلك.

وتصف المرأة الخمسينية الصيدلية التي أنشأها والدها في الضاحية الجنوبية عام 1956، بأنها "أهم من بيتي. ففيها يمكن أن تشتم رائحة أدوية صنعت منذ 60 عاماً".

في كثير من الأحيان، تسارع الخليل إلى إقفال أبواب الصيدلية، عندما يصدر الجيش الإسرائيلي إنذارات للسكان للإخلاء قبل البدء بشن غارات.

وبات عملها يقتصر على بيع ما تبقى في الصيدلية من أدوية وسلع، بعدما نقلت 70 في المئة من موجوداتها إلى منزلها الصيفي في إحدى القرى.

وهي مقيمة حالياً داخل العاصمة، وتتوجه يومياً إلى بلدة عاليه الواقعة على بعد نحو 20 كيلومتراً من بيروت، لإحضار أدوية تطلب منها، وتوصلها إليهم أو يحضرون إلى الصيدلية في حال تمكنوا من ذلك لأخذها.

خسائر لم تقدر بعد

وحال لينا الخليل كما حال عديد من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت الذين غادروها واضطروا إلى البحث عن بدائل لأعمالهم أو مواصلتها بما تيسر من قدرة أو شجاعة.

وتؤكد الخليل أن "الخسائر المادية كبيرة"، مشيرة إلى أنها تعطي موظفيها حالياً نصف راتب، بسبب تزايد المصروف وتضاؤل الدخل.

مع استمرار الحرب، لا يزال من غير الواضح حجم الدمار الذي طاول المصالح التجارية في الضاحية الجنوبية التي كان يسكنها 600 إلى 800 ألف شخص قبل الحرب، وفق التقديرات، وباتت شبه خالية من سكانها.

 

في الضاحية، كان علي مهدي خاض مغامرته الخاصة مع شقيقه محمد بعد انتهاء دراستهما الجامعية، فعملا على تطوير تجارة والدهما التي بدأها قبل 25 عاماً. ووسعا نطاقها من متجر لبيع الألبسة بالجملة إلى مستودع ومتجرين، إضافة إلى متجرين آخرين في صور والنبطية (جنوب) اللتين تستهدفان بانتظام بالغارات في جنوب البلاد. وكل هذه المناطق تعد معاقل لـ"حزب الله" الذي يخوض الحرب ضد إسرائيل.

لكن مهدي اضطر إلى أن يبحث عن بديل لمشروع العائلة بعد اندلاع الحرب المفتوحة بين "حزب الله" وإسرائيل.

ويقول الشاب الثلاثيني إنه تمكن بصعوبة من نقل البضائع الموجودة في المتاجر الأربعة والمستودع، إلى ثلاثة مواقع داخل بيروت وفي محيطها.

العائدون من الموت

ويشير إلى أن عمال النقل كانوا يرجعون من النبطية وصور وكأنهم "عائدون من الموت"، بعد سماعهم بالإنذارات للسكان لإخلاء مناطق والغارات الجوية والتفجيرات المدمرة التي تليها.

كان يعمل لدى علي وشقيقه 70 موظفاً نزح معظمهم إلى مناطق بعيدة، مما دفع الشابين إلى التخلي عنهم. وبهدف الحفاظ على عملهما، تخليا عن آخرين، وبدآ بدفع نصف الرواتب لمن بقي.

ويؤكد مهدي أن تجارته تتمحور حالياً على "تصفية ما لدينا من بضائع"، مضيفاً أن حركة البيع خفيفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انهيار القطاع التجاري

وتأثر القطاع التجاري في لبنان بشدة جراء الصراع الذي بدأ بين "حزب الله" وإسرائيل قبل أكثر من عام وشهد تصعيداً في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي تقرير صدر عن البنك الدولي الخميس الماضي، تقدر الأضرار اللاحقة بالقطاع التجاري بنحو 178 مليون دولار والخسائر بنحو 1.7 مليار دولار.

وتتوقع المؤسسة أن يتركز نحو 83 في المئة من الخسائر بالمناطق المتضررة، و17 في المئة منها في بقية أنحاء لبنان.

ويترقب علي مهدي المرحلة التي ستلي نفاد البضائع الموجودة لديه. ونظراً إلى عدم استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية والأمنية والسياسية، يتساءل عما إذا كان عليه "مواصلة الاستيراد أو الحفاظ على السيولة" التي يملكها.

ويقول بينما يجلس بين بضائع مبعثرة نقلت إلى متجره الجديد في شارع الحمرا داخل بيروت، "هناك خسائر كبيرة".

غصة وحزب 

بصورة رئيسة، يرجع التقرير الصادر عن البنك الدولي الخسائر التي مني بها قطاع التجارة في المناطق المتضررة، إلى نزوح كل من الموظفين وأصحاب الأعمال مما تسبب في توقف شبه كامل للنشاط التجاري وانقطاع سلاسل التوريد من وإلى مناطق النزاع والتغييرات في سلوك الاستهلاك في المناطق غير المتضررة، مع التركيز على الإنفاق الضروري.

وتنطبق على عبدالرحمن زهر الدين صفة الموظف وصاحب العمل والنازح، تضاف إليها صفتان أخريان هما المتضرر والعاطل عن العمل جراء الدمار الذي طاول مقهاه في الرويس بالضاحية الجنوبية في غارة إسرائيلية.

بعدما غادر في نهاية سبتمبر إلى وجهة أكثر أماناً، عاد قبل أيام ليتفقد مقهاه الذي استحال حديداً وحجارة متراكمة.

على يساره، متجر صغير لبيع أدوات خياطة تظهر من واجهته المحطمة كتل من الصوف على رف لا يزال ثابتاً على أحد الجدران. وإلى جانبه، متجر آخر كان مالكه يصلح بابه الحديد المحطم ليحمي ما تبقى بداخله.

يقول زهر الدين بينما يتحرك بين أنقاض الطابق العلوي "لم تبق إلا الحجارة".

ويعرب رب الأسرة عن شعور بـ"الغصة والحزن" جراء ما حل بـ"مصدر رزقه" الوحيد.

ويقول إنه لم يبدأ بالبحث عن بديل، في ظل ارتفاع بدل الإيجار وأسعار الأثاث والمعدات، مؤكداً أن الخسائر التي تكبدها "كبيرة وقد تبلغ 90 ألف دولار".

المزيد من متابعات