Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتفاق تبادل للغاز في مؤتمر المناخ يمنح روسيا جسرا إلى أوروبا

الخلاف حول خطط أذربيجان هو أحدث مشكلة تواجه "كوب 29"

تتمتع أذربيجان باحتياطات كبيرة من الغاز في بحر قزوين تعادل نحو 13 ضعف ما تبقى لبريطانيا في بحر الشمال (أ ف ب)

ملخص

يعني مثل هذا الاتفاق أن الدول الأوروبية يمكنها توقيع عقود مع باكو من دون الحاجة إلى التعامل مع الروس

عقدت محادثات للحفاظ على تدفق الوقود الروسي إلى أوروبا في إطار مخطط "مبادلة الغاز" المثير للجدل خلال مؤتمر المناخ "كوب 29".

وعرضت أذربيجان، التي تستضيف محادثات الأمم المتحدة مدة أسبوعين، بيع الغاز لدول وسط أوروبا عندما ينقطع خط الإمداد الروسي عبر أوكرانيا نهاية الشهر المقبل. ووفقاً للاقتراحات، عندما تنتهي العقود الأوروبية مع عملاق الغاز الروسي "غازبروم" في سانت بطرسبورغ، ستستبدل بعقود جديدة مع شركة الطاقة الحكومية الأذرية "سوكار".

وتتمتع أذربيجان باحتياطات كبيرة من الغاز في بحر قزوين، تعادل نحو 13 ضعف ما تبقى لبريطانيا في بحر الشمال، ومع ذلك بسبب عدم وجود سعة كافية للأنابيب لنقل كميات كبيرة من الغاز من أذربيجان إلى أوروبا، سيعاد تسمية الغاز الروسي باسم "الأذري"، مما يعني أن تدفق الوقود من روسيا سيستمر، وفي المقابل، ستعاد تسمية كمية معادلة من الغاز في أذربيجان باسم "روسي".

وقال المحلل في "أورورا إنيرجي ريسيرش"، جاكوب ماندل، لصحيفة "التايمز"، "لا يوجد حقاً طريقة قابلة للتنفيذ لنقل الغاز الأذري عبر روسيا إلى أوكرانيا ثم إلى أوروبا، هذا غير ممكن من الناحية الفيزيائية، ومن الناحية التعاقدية، سيكون الغاز الأذري هو الذي يصل إلى أوروبا، لكن من الناحية الفيزيائية، فهو من أصل روسي".

"حصان طروادة"

سيعني مثل هذا الاتفاق أن الدول الأوروبية يمكنها توقيع عقود مع باكو من دون الحاجة إلى التعامل مع الروس، ويقول أوليه سافيستسكي، من المجموعة البيئية الأوكرانية "رازوم وي ستاند"، إنه إذا أبرم الاتفاق، "فسيكون بمثابة حصان طروادة لتمرير النفوذ الروسي إلى أوروبا".

ويهدد هذا الأمر بتشويه المؤتمر أكثر، الذي شهد بالفعل انسحابات ومقاطعات، إضافة إلى تهديد ترمب المعلق بسحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ. ومن المقرر أن يستمر المؤتمر، الذي سجل لحضوره 67 ألف مندوب، أسبوعاً آخر. ويهدف المؤتمر إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والتحول بعيداً من الوقود الأحفوري، مع تركيز خاص هذا العام على الاتفاق على صندوق جديد بقيمة 1.3 تريليون دولار لمساعدة الدول النامية على تقليص انبعاثات الكربون.

ومع ذلك، استمرت أذربيجان، التي وافقت على صفقات للوقود الأحفوري بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار منذ منحها رئاسة قمة "كوب"، في الترويج علناً لنفطها وغازها خلال المؤتمر. ففي كلمته الافتتاحية للاجتماع، وصف الرئيس الأذري إلهام علييف، الذي تشغل زوجته، مهربان، منصب نائبة الرئيس للنفط والغاز في بلاده بـ"هدية من الله"، وقال إن بلاده "لا يجب أن تلام على إدخال هذه الموارد إلى السوق، لأن السوق في حاجة إليها".

روسيا، الحليف المقرب لأذربيجان، لديها 900 مندوب مسجل للمشاركة في الاجتماع، وهو أكبر وفد رسمي ترسله على الإطلاق إلى مؤتمر مناخ الأمم المتحدة، أي ضعف العدد الذي أرسلته إلى قمة "كوب 28" في دبي العام الماضي، ويتضمن الوفد الرسمي عديداً من كبار التنفيذيين من شركات الطاقة الروسية، وسوق البعض منهم وقودهم الأحفوري علناً خلال المؤتمر.

وقال رئيس علاقات المستثمرين في ثاني أكبر منتج للغاز في روسيا "نوفاتيك"، ألكسندر نزاروف، للجمهور في الجناح الروسي في مركز مؤتمرات ملعب باكو، إن الطلب على الغاز سيستمر في النمو، على رغم الاتفاق الذي أبرم في اجتماع العام الماضي على "الانتقال بعيداً" عن الوقود الأحفوري. وأضاف نزاروف "روسيا تمتلك أكبر مصادر للغاز الطبيعي القابل للمنافسة من جهة الأسعار في العالم، ونحن مستعدون لتوفير هذا للجنوب العالمي، لكننا في حاجة إلى إزالة الحواجز الاصطناعية التي تعترض طريقنا".

تصدير الغاز الروسي تحت اسم الأذري

وعلى رغم العقوبات المفروضة على روسيا بعد حربها على أوكرانيا في عام 2022، استمر تدفق الغاز إلى وسط أوروبا - بصورة رئيسة إلى سلوفاكيا والمجر والنمسا - بموجب عقد مدته خمس سنوات عبر خط أنابيب عبر أوكرانيا، وينتهي هذا العقد في نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وتقترب المناقشات من إيجاد حل بديل للحفاظ على تدفق خط الأنابيب، بعدما عارض سياسيون من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا استمرار العقد. ويقترح الحل أن يواصل الغاز الروسي التدفق عبر أوكرانيا، لكن تحت اسم الأذري. وفي أذربيجان، ستعاد تسمية الكميات المكافئة من الغاز كـ"روسي"، ويمكن لـ"غاربروم" بيعها إلى باكو أو تصديرها منها إلى تركيا.

وناقش علييف الاقتراح مع رئيس سلوفاكيا، بيتر بيلغريني، خلال المؤتمر، وقال بيلغريني بعد الاجتماع إن الإمدادات الأولية من الغاز الأذري سترسل عبر تركيا وبلغاريا، لكن على المدى الطويل، كان يأمل في تأمين طريق أوكرانيا. وأضاف "أنا سعيد لأن الرئيس علييف أكد لي أن أذربيجان مستعدة ليس فقط لضمان جزء أصغر من الإمدادات مباشرة عبر الفرع الجنوبي ومن خلال بلغاريا نحو سلوفاكيا، بل أيضاً أن عرضهم للمساعدة في عبور الغاز عبر أوكرانيا لا يزال سارياً".

وأعلنت شركة الطاقة المملوكة للدولة في سلوفاكيا (SPP)، الأربعاء الماضي، عن اتفاق تجريبي مع شركة "سوكار" الأذرية المملوكة للدولة للوقود الأحفوري، مع أول شحنة من الغاز الطبيعي التي من المقرر أن تصل في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وستأتي أول شحنة عبر الطريق الجنوبي، بحسب ما ناقش الرئيسان، لكن المدير التنفيذي "فويتش فيرينتس" أضاف "تدعم شركة الطاقة المملوكة للدولة في سلوفاكيا استمرار عبور الغاز عبر أراضي أوكرانيا لأنه الحل الأكثر كفاءة من جهة الكلفة لعملائنا".

وتعارض النائبة السابقة في البرلمان الأوكراني ومديرة المناصرة في المركز الدولي لانتصار أوكرانيا، فيكتوريا فويتيتسكا، صفقة التبادل، قائلة "على الورق سيكون الغاز أذرياً، لكن في الواقع سيكون روسياً... روسيا في حاجة إلى الحفاظ على موقعها في سوق الطاقة الأوروبية من أجل استكشاف أدوات اقتصادية وفرض أجندتها السياسية".

وأصرت الحكومة الأوكرانية، التي تلقت 800 مليون دولار كرسوم عبور لاستخدام أنبوبها العام الماضي، على أنها ليست طرفاً في المحادثات مع سلوفاكيا أو أذربيجان في شأن الصفقة.

ومع ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز الأوكرانية "نفتوغاز"، أوليكسي تشيرنيشوف، في تصريحات لوكالة "إنترفاكس-أوكرانيا" في كييف الخميس الماضي، "لنذكر أن أوكرانيا تمتلك عنصراً استراتيجياً، وهو نظام نقل الغاز لدينا، وهو مورد ضخم يجب الحفاظ على تشغيله". وفي أغسطس (آب) الماضي، عند سؤاله عن إمكانية اتفاقات التبادل مع روسيا، قال تشيرنيشوف "عادة ما يعمل قطاع الغاز من خلال صفقات التبادل".

وقال ديفيد تونغ من "أويل تشينج إنترناشيونال"، "لا يمكن تبرير شراء الدول الأوروبية الغاز الروسي في عام 2024 من الناحية الأخلاقية، سواء جاء عبر دولة وسيطة أو لا".

انقسامات في باكو

وأظهرت أبحاث مجموعة "الحملة من أجل المساءلة الشركاتية" أن 1700 من لوبيات الوقود الأحفوري مسجلين للمشاركة في المؤتمر. وقال نائب الرئيس الأميركي السابق، آل غور، إنه يجب حظرهم من المشاركة في مؤتمرات المناخ. وأضاف "لا ينبغي السماح لهم بالمشاركة كوفود في هذه القمم، لأن هذه المجموعة ليست هنا للمساعدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والجمعة الماضي، وقع الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، والرئيسة السابقة لقمة المناخ بالأمم المتحدة، كريستينا فيغيريس، على رسالة تدعو إلى استبعاد الدول المستضيفة للمؤتمرات في المستقبل إذا لم تدعم الانتقال بعيداً من الوقود الأحفوري، وكتبا "من الواضح الآن أن كوب لم تعد صالحة كعملية".

وتسود الانقسامات في باكو، إذ قاطعت بابوا غينيا الجديدة المؤتمر، وسحبت الأرجنتين وفدها بالكامل الأربعاء الماضي، ولم ترسل فرنسا أي وزراء بسبب نزاع دبلوماسي مع أذربيجان.

ووقعت أذربيجان اتفاقات في قمة "كوب 29" لاستكشاف صفقات غاز مع بلغاريا وبيع الغاز إلى ألبانيا، عبر خطوط أنابيب مختلفة، وفي حين قد يشير علييف إلى أنه غير مهتم بالتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، لكنه مصمم على وضع أذربيجان - التي تقع بين روسيا وإيران وأرمينيا - على الخريطة كمكان مناسب للأعمال. وفي البلاد فرضت قيود لتسهيل تجربة الزوار، إذ أغلقت الطرق حتى لا تواجه الحافلات التي تنقل الوفود إلى المؤتمر ازدحاماً مرورياً، مع وجود سيارة شرطة على كل زاوية. وأعلنت الحكومة عن "عطلة خريفية"، وأغلقت المدارس والجامعات، فيما منح 70 في المئة من الموظفين العموميين إذناً بالعمل من المنزل.

وتعد شركة "بريتيش بتروليوم" (BP) أكبر مستثمر أجنبي في البلاد، إذ وقعت ما وصفته بـ"عقد القرن" في عام 1994 للمساعدة في تطوير حقول النفط والغاز في بحر قزوين. وعندما كتب علييف إلى السير كير ستارمر في يوليو (تموز) الماضي، لتهنئته بفوزه في الانتخابات العامة، حرص على الإشارة إلى "تعاوننا الناجح مع شريكنا المقرب والموثوق، بريتيش بتروليوم".

وتعد باكو مكاناً مريحاً لمديري شركات النفط لممارسة أعمالهم، فالمدينة التي يبلغ عدد سكانها 2.5 مليون نسمة، والتي تلتقي فيها منطقة القوقاز ببحر قزوين، مبنية على حقل نفطي ضخم، ووصفها ماركو بولو، الذي مر بالمدينة في القرن الـ13، "نبع يتدفق منه تيار من النفط بوفرة بحيث يمكن لـ100 سفينة أن تحمله في وقت واحد. وهذا النفط ليس صالحاً للأكل، لكنه صالح للحرق".

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز