Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف مارست التوائم الملتصقة حياتها الخاصة قديماً؟

نفذ فريق طبي سعودي 61 جراحة لفصل "السياميين" القادمين من 26 دولة على مدى 3 عقود

الأخوان التوأم تشانغ وإنغ بانكر مع زوجتيهما وابنائهما (غينيس للأرقام القياسية)

لا تزال حياة التوائم الملتصقين تشكل موضوعاً إنسانياً واجتماعياً يحمل عديداً من الإشكالات والتحديات، تبدأ بحملها أجنة في البطون ولا تنتهي بمحاولات فك الارتباط بينها والزواج والميراث.

وتحتفظ السجلات التاريخية والوثائقية بحالات نادرة لهذه الشريحة النادرة من البشر، إذ يوثق الجراح السعودي عبدالله الربيعة الذي تخصص في فصل التوائم جانباً من الغرائب المحيطة بهم، التي كانت بين دوافعه الإنسانية لتخفيف معاناة المواليد منهم حديثاً، وفقاً لتوجه شامل لحكومة بلاده.

ويروي أن بين تلك الحالات التوأم الإيطالي توسي (عام 1877م) الذي كان غريباً، إذ كانا رأسين في جسد واحد ولهما طرفان سفليان فقط (أي رجل لكل واحد منهما)، وكذلك جهاز تناسلي ذكري واحد. واستخدمت الأسرة هذين الطفلين للعروض وجلب المال، وأرسلوهما إلى الولايات المتحدة الأميركية وكانوا يأخذون أجراً من كل من أراد أن يشاهد التوأم أو يأخذ صوراً معهما، وأصبحت الأسرة ثرية من عائد العروض ولكن عندما بلغ التوأم عمر 22 سنة رفضا هذه العروض واستخدامهما لذلك وإهانة شخصيتيهما، وعادا إلى إيطاليا من الولايات المتحدة الأميركية وسكنا في منزل ذي سور طويل لمنع الناس الفضوليين من مشاهدتهما.

 

 

الزواج الصعب

 لكن اللافت أنهما بعد أن بلغا 27 سنة من العمر قررا الزواج من امرأتين على رغم أنهما يملكان جهازاً تناسلياً ذكرياً واحداً، وفعلاً أتما ذلك وبدأت التكهنات وأصبح القضاة والقانونيون ورجال الدين يتساءلون عن عدة نقاط منها، كيف تعرف الأبوة؟ وإلى من تنسب أبوة الأبناء؟ وكيف يُقسم الإرث عند الوفاة؟ ومن يتحكم في العلاقة الزوجية؟ ولكن التوأم لم يراعيا كل ذلك وأكملا حياتهما في غموض عن المجتمع ولم يعلم أحد ماذا حدث لهما بعد ذلك.

تأتي مناسبة هذا الحديث في وقت أقرت الأمم المتحدة العام الماضي الـ24 من نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام يوماً عالمياً للتوائم الملتصقة (السيامية)، باقتراح من السعودية بهدف رفع مستوى الوعي حول هذه الحالات الإنسانية والاحتفاء بالإنجازات في مجال فصل التوائم الملتصقة.

وبحسب تقارير الأمم المتحدة تعد الأجنة الملتصقة نوعاً نادراً للغاية من التوائم المتطابقة، إذ ينشأ التصاقها نتيجة عدم اكتمال انقسام الجنين بعد 13-15 يوماً من الحمل.

وتتشارك هذه الأجنة المشيمة والكيس الأمنيوسي، ويقدر معدل حدوثها بحالة واحدة بين كل 50 ألفاً إلى 100 ألف ولادة حية، وتظهر هذه الحالة بين الإناث بصورة أكبر فيما تقدر نسبة المواليد الموتى بين هذه الفئة بنحو 60 في المئة.

 

 

وفي يوم التوائم الملتصقة العالمي نظمت السعودية أول مؤتمر دولي يجمع نخبة من الخبراء والمتخصصين من مختلف دول العالم، لمناقشة أحدث التطورات الطبية والتجارب الإنسانية في مجال فصل التوائم الملتصقة، وأطلقت الموقع الإلكتروني للبرنامج السعودي للتوائم الملتصقة ليكون منصة دولية تعرض إنجازات البلاد وتجربتها الإنسانية والطبية الرائدة، خلال يومي الـ24 والـ25 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

التجربة السعودية مع التوائم السيامية

في المناسبة نفسها قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن "البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة يمثل تطوراً ملحوظاً في العلوم الطبية، ويعبر عن التزام ثابت تجاه التوائم الملتصقة وأسرهم"، مضيفاً أن البرنامج اتسم باستخدام التقنيات العلمية وبالاستراتيجيات طويلة المدى لرعاية التوائم، مشيراً إلى أن هناك 8 ملايين طفل حول العالم يعانون تشوهات خلقية ويموت 40 ألفاً منهم بعد أول شهر من ولادتهم.

ومن جانبه أكد المشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة الدكتور عبدالله الربيعة أن المؤتمر يضع الأسس للتنسيق السياسي في مناطق النزاع، واستقبلنا ثلاث حالات من اليمن لتوأم سيامي.

وأضاف أن المركز أطلق أكبر عملية طبية من نوعها للاجئين بين سوريا وتركيا عبر المتطوعين، مشيراً إلى أن الأخلاقيات المتعلقة بالتوائم الملتصقة لا بد أن تشمل الآباء والأمهات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر الربيعة أن "بداية المسيرة في هذا المجال الإنساني كانت منذ 35 عاماً، تم خلالها رعاية وتقييم 143 توأماً ملتصقاً من 26 دولة، وتمكن الفريق من فصل 61 حالة توأم بنجاح، ولديه سبعة توائم ينتظرون قرار الفصل".

ونفذت أول جراحة فصل لتوأمين ملتصقين خلال الـ31 من ديسمبر (كانون الأول) 1990 لسعوديين ملتصقين في منطقة البطن، وأجريت داخل مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض.

حياة الأخوين بانكر

وتطرق الجراح السعودي في كلمته إلى سبب تسمية التوائم الملتصقة بـ"السيامية"، مفيداً بأنه يعود إلى تشانج وإنج بانكر اللذين ولدا عام 1811 في دولة "سيام" تايلاند حالياً ملتصقين في منطقة الجذع حتى أصبح يشار إلى التوائم المولودين بالحالة نفسها باسم "التوائم السيامية" بغض النظر عن الجنسية أو أماكن الولادة، وهو ما أصبح اليوم تعبيراً طبياً واجتماعياً يعكس حالة طبية نادرة.

وعلى رغم حالة الأخوين بانكر الصحية فإن ذلك لم يمنعهما من الترحال، إذ سافرا إلى الولايات المتحدة عام 1829 واستطاعا كسب شهرة واسعة من خلال ظهورهما في الأماكن العامة ومشاركتهما بجولات عالمية في عروض السيرك والمعارض، كما تزوجا من شقيقتين وأنجبا 22 طفلاً.

 

 

ووثق الربيعة في كتابه "تجربتي مع التوائم السيامية" قصة طريفة لحياة التوأم، فعندما بلغا سن الرشد نشأت بينهما قضية وشكا أحدهما أخاه لأنه يتعاطى المشروبات الكحولية وهو لا يرغب في ذلك، ومما زاد المصيبة عليه أن أخاه يشرب وهو الذي يسكر ويتأثر عقلياً دون أخيه، فوجد صعوبة في مجتمع يجيز تعاطي المشروبات مما دفع المحكمة إلى أن تأمر أخاه بالتوازن في تعاطي المشروبات.

وعندما وصل عمرهما أواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات قررا الزواج، ولكن أراد كل منهما الاستقلال في منزل مع زوجته! فكيف يتم ذلك وجسدهما ملتصق؟ واختلفا، وبعد نقاش استقر الأمر على أن تقسم الأيام إلى ثلاثة أيام في كل منزل، واليوم السابع يكون خارج المنزلين وربما بعيداً من الزوجتين".

نقوشات أثرية لتوائم سيامية

وتشير تقديرات منصة البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة إلى أن أولى محاولات فصل التوائم كانت في ألمانيا عام 1495، بينما يعتقد أن أول عملية فصل ناجحة كانت عام 1689 وأجراها الجراح جوهانس فاشيو الذي استخدم رباطاً مقيداً لإعداد التوائم للانفصال النهائي، إضافة إلى إجراء الدكتور فوريس أول عملية فصل ناجحة لتوأم ملتصق في الجمجمة.

وأظهرت اكتشافات بعض علماء الآثار في دول عدة مجموعة نقوشات ورسوم لتوائم ملتصقة بجسد واحد ورأسين في عهود ترجع إلى عدة قرون قبل الميلاد، وأشارت بعض الرسومات الخزفية المنتمية إلى ثقافة الموتشي في بيرو القديمة إلى توائم من هذا النوع نادرة منذ عام 300 بعد الميلاد، وفق المنصة.

المزيد من صحة