Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد نهاية الحرب... هل يعود الخليج لدعم الجيش اللبناني؟

السفير السعودي السابق لدى لبنان عسيري لـ"اندبندنت عربية ": دعم دول مجلس التعاون ضروري لاستقرار البلاد وتشكيل حكومة جديدة

جنود من الجيش اللبناني على آلياتهم العسكرية في بلدة رأس بعلبك (رويترز)

في وقت نجحت فيه الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية في إنهاء الحرب المدمرة بين لبنان وإسرائيل، تتجه الأنظار إلى الدور المناط بالجيش اللبناني، بينما يتراجع نفوذ "حزب الله" الذي كانت سيطرته العسكرية والسياسية على البلاد موضع انتقاد، يرى المراقبون في بيروت وخارجها أنه جر على البلاد سلسلة من الويلات.

في ظل تنسيق الجهود الدولية في هذا الصدد جاءت محادثات وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو لدى جولته في الخليج قبل نحو أسبوع، وهو يحمل في جعبته دعوة ملحة لدعم الجيش اللبناني تمهيداً لوضع الحرب الدائرة أوزارها، كي لا تكون المنطقة مسرحاً لتوترات متزايدة وأزمات متلاحقة.

الاهتمام الفرنسي والخليجي لا يعكس موقف باريس والاقليم وحدهما، بل يبرز أيضاً قلق المجتمع الدولي من تداعيات الصراع على استقرار لبنان، فالقرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة، الذي ينص على وقف الأعمال العدائية، يعد من أبرز الحلول المطروحة بحسب ما قال وزير الجيوش الفرنسية،  ومع نجاح الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف الحرب، يبقى تساؤل المراقبين قائماً: هل ستستطيع القوى الدولية والإقليمية توجيه بوصلة الصراع نحو السلام في المنطقة؟ 

 

مواجهة التحديات الداخلية

في هذا السياق يبرز الجيش اللبناني كخط دفاع أساس، ليس فقط في مواجهة التحديات الداخلية، بل كعنصر رئيس في الاستقرار وفق ما دعا له الوزير الفرنسي، الذي أضاف "لقد كررت لنظرائي أننا بحاجة إليهم لدعم القوات المسلحة اللبنانية، سواء في الدور المركزي الذي تلعبه في المسائل الاجتماعية أو في الجانب الأمني"، لافتاً إلى أنه "سيكون من الضروري تصور مزيد من الدعم العملياتي على الصعيد العسكري"، في إشارة إلى محادثاته أخيراً في كل من السعودية والإمارات وقطر.

وبعد جهد إقليمي ودولي مكثف تمكن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي آموس هوكستين من إحراز تقدم دفع إلى اتفاق يستند إلى تطبيق القرار 1701 الذي وقع بعد الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" في صيف 2006، بوصفه يعد حجر الزاوية لاستقرار المنطقة. إذ يهدف إلى تحقيق وقف دائم للأعمال الحربية، ويحدد إطاراً لانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية. كما ينص القرار على تعزيز وجود قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وتقييد الأنشطة العسكرية في المنطقة الحدودية، لتكون محصورة بالجيش اللبناني والقوة الدولية.

حاجة ملحة

وأشار رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في تصريح له لوكالة الصحافة الفرنسية الشهر الماضي إلى "أن الجيش اللبناني يضم حالياً 4500 جندي في جنوب لبنان، مبرزاً الحاجة الملحة إلى زيادة هذا العدد إلى ما بين سبعة و11 ألف جندي لتعزيز فعالية القوات المسلحة. وفي سياق متصل شدد وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو على أهمية تزويد القوات المسلحة اللبنانية بالعتاد اللازم، قائلاً "لتمكين أمن الحدود بين إسرائيل ولبنان وتعزيز سيادة لبنان، يجب أن تكون القوات المسلحة مسلحة بصورة حقيقية". 

 

أبعاد استراتيجية للأوضاع

وفي تصريح يعكس الأبعاد الاستراتيجية للأوضاع في لبنان، أكد السفير السعودي السابق لدى لبنان علي عواض عسيري أهمية تعزيز قدرات الجيش اللبناني، مشيداً بضرورة زيادة عدد الجنود وتدريبهم لمواجهة التحديات الراهنة. وأوضح أن نتائج الحرب الحالية ومتطلبات المرحلة التالية تجاوزت كونها مطالب محلية، لتصبح ضرورة ملحة على الساحة الدولية.

وأشار السفير السعودي السابق لـ"اندبندنت عربية " إلى أن دعم الجيش اللبناني سيكون له دور محوري في تعزيز الاستقرار الداخلي ووقف التهديدات الأمنية على الحدود، وأكد أن الجيش يتلقى توجيهاته من القيادات السياسية مثل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، من دون أن تتأثر تلك التوجيهات بالانقسامات السياسية بين الأحزاب. كما أعرب عن حرص السعودية على استقرار لبنان وسيادته، مشيراً إلى العلاقات التاريخية التي تجمع فرنسا بلبنان، خصوصاً في دعم الجيش اللبناني. وأكد أن عدداً من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، أبدت استعدادها لتقديم دعم سخي للجيش، مما سيمكنه من القيام بمهماته بعد انتهاء النزاع.وشدد عسيري على التحديات التي تواجه الجيش في بسط نفوذه على كامل الأرض اللبنانية وضمان الأمن للمواطنين، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب دعماً كبيراً من الدول الصديقة لتجاوز العقبات المستقبلية.

وأضاف "تعكس زيارة وزير الجيوش الفرنسي إلى دول الخليج، ولقاءاته مع المسؤولين، الاهتمام الفرنسي المتزايد بالتعرف على احتياجات الجيش اللبناني"، ونوه عسيري إلى أن دول الخليج وفي مقدمها السعودية، أهمية كبيرة لاستقرار لبنان، فهي تسعى إلى دعمه في مسيرته السياسية نحو تشكيل حكومة وانتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن. 

تأثير القوى الكبرى في لبنان

وفي ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها لبنان تعرض الجيش اللبناني لاستهدافات متكررة من إسرائيل، وفق مصادر نقلت عن الجيش على رغم تأكيدها أن صراعها محصور مع "حزب الله"، فمنذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 سقط نحو 40 قتيلاً وعشرات الجرحى في هجمات طاولت مراكز وآليات الجيش، مما يثير تساؤلات حول قدرة المؤسسة العسكرية على التعامل مع هذه التحديات.

وفي حديثه مع "اندبندنت عربية" حول تأثير دعم قوى مثل فرنسا والسعودية في مستقبل الجيش اللبناني، أكد الكاتب السياسي السعودي سلمان الشريدة أن ذلك الدور يعتبر محورياً في تشكيل الأحداث في الشرق الأوسط، وهذا التأثير يتجاوز لبنان كدولة شقيقة وعضو في الجامعة العربية. يتجلى ذلك بصورة واضحة في المواقف التاريخية، بدءاً من اتفاق الطائف وصولاً إلى قرار الرياض في عام 2014 لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.

وأشار إلى أن تراجع السعودية عن هذا الدعم في عام 2016 كان نتيجة لمواقف لبنانية لم تتماش مع العلاقات الثنائية، مما دفع الرياض إلى إعادة تقييم شاملة لعلاقاتها مع لبنان. هذه المراجعة أدت إلى إيقاف مساعدات تسليح الجيش المقدرة بـ3 مليارات دولار، إضافة إلى الدعم المخصص بقيمة مليار دولار لقوى الأمن الداخلي".  وأضاف الكاتب السياسي أنه على رغم حرص السعودية على استقرار لبنان، فإن "المواقف المناهضة التي تتبناها بعض الأطراف اللبنانية على الساحة الإقليمية والدولية تعكس التحديات التي تواجهها المملكة، خصوصاً في ظل هيمنة حزب الله على القرار السياسي." 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تراجع الدعم الخليجي موقت

وفي ما يتعلق بالتحديات التي يواجهها الجيش اللبناني، أردف الشريدة قائلًا "يواجه الجيش اللبناني سلسلة من التحديات الكبيرة، سواء على الصعيدين السياسي والعسكري من حيث ضعف التسليح والموارد، إضافة إلى التهديدات الإسرائيلية المستمرة التي تعرقل قدراته، إضافة إلى بعض السياسات الداخلية لبعض القوى اللبنانية التي أسهمت في إضعاف الحكومة وعلاقات لبنان مع الدول الكبرى."  

وأشار الشريدة من خلال حديثه عن العلاقات الخليجية ودعم الجيش اللبناني إلى أن "دول مجلس التعاون الخليجي لا تمانع في دعم الجيش اللبناني من حيث المبدأ، إلا أن الظروف السياسية الحالية تجعلها تتردد في تقديم هذا الدعم"، وذكر أن هذا الامتناع هو "أمر موقت ويعتمد على معادلات سياسية واضحة".

تحديات مستمرة ودعم دولي متواصل

منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في لبنان عام 2019 يواجه الجيش اللبناني الذي يتألف من نحو 80 ألف جندي صعوبات جسيمة في تلبية احتياجاته الأساسية، ومع ذلك تمكنت المؤسسة العسكرية من الاستفادة من مساعدات مالية وعينية دورية من قطر والولايات المتحدة، مما أسهم في دفع رواتب المجندين.

وفي سياق التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد لبنان، نظمت فرنسا في أكتوبر مؤتمراً للمانحين، أسفر عن جمع مليار دولار للبنان، خصص منها 200 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني. على رغم أن وجود الجيش في المناطق التي يسيطر عليها "حزب الله"، المدعوم من إيران، لا يزال محدوداً، إلا أنه يضطلع بدور حيوي في أماكن أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير