ملخص
بلغ إجمال التجارة في السلع بين الاتحاد الأوروبي وتونس 26.28 مليار دولار في 2023
تمثل الإجراءات الأوروبية المرتقبة الخاصة بضريبة الكربون، التي ستفرض على السلع المصدرة إلى منطقة اليورو تحدياً كبيراً للصادرات التونسية، إذ يمثل الاتحاد الأوروبي الشريك الأول لتونس والسوق التصديرية الرئيسة، وفق ما ورد على لسان وزير التجارة التونسي سمير عبيد، الذي أشار إلى مستوى التبادل التجاري والاستثمار في وقت تستقبل السوق الأوروبية أكثر من 70 في المئة من الصادرات التونسية وتمثل في المقابل نحو 50 في المئة من وارداتها.
يتطلب التفاوت في المعايير الاقتصادية بين تونس والاتحاد الأوروبي تعزيز السياسات لدعم القدرة على المنافسة وتحقيق الاندماج الاقتصادي، ومن ذلك مجالات البنية التحتية للجودة والرقمنة والتحول الطاقي، وعلى هذا الأساس وجب وضع استراتيجية تفتح مجالات جديدة للتعاون في الاقتصاد الأخضر والتحول الطاقي والرقمي، بحسب الوزير، الذي قال إن تونس تتابع مسألة ضريبة الكربون من طريق جميع الوزارات المعنية بحكم التداعيات المحتملة على الاقتصاد التونسي، وبالتحديد مستوى تنافسية الصادرات التونسية. وتدعم الدولة كل القطاعات الإنتاجية لتحقيق تحول بيئي كفيل بضمان إنتاجية مستدامة تراعي التوازن بين المقتضيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
صادرات الصلب والأسمنت
وأضاف الوزير أن "الضريبة على انبعاثات الكربون ستبدأ من عام 2026، وتشمل في مرحلة أول قطاعات الصلب والأسمنت والكهرباء والأسمدة والهيدروجين، ستمثل تحدياً كبيراً أمام الشركات التونسية المصدرة، وقد يؤدي إلى زيادة في كلفة الإنتاج وارتفاع الأسعار، مما يجعل الشركات التونسية تواجه صعوبة في منافسة المنتجات القادمة من دول أخرى".
في المقابل نبه متخصصون إلى ضرورة الإسراع في تطبيق إجراءات سريعة تضمن انخفاض استهلاك الكربون عند مرحلة الإنتاج من قبل المؤسسات التونسية بسبب خطورة هذه الضريبة على الصادرات التونسية، إذ سيتعين على المستوردين الأوروبيين الإعلان عن الانبعاثات المرتبطة بإنتاج المنتجات المستوردة، وقد يضطر المصدرون التونسيون إلى دفع ضريبة إضافية على صادراتهم، ومن ثم ارتفاع أسعار المنتجات مما قد يفقدها تنافسيتها بل أسواقها بالكامل.
30 في المئة من الصادرات مهددة
وحذر عضو كونفيدرالية المؤسسات المواطنة التونسية، كريم هراس، من الارتفاع السريع المنتظر في كلفة إنتاج السلع في حال عدم احترام المقاييس المحددة، وقال إنها تصل إلى 15 في المئة في السنوات الأولى لتنفيذ الضريبة، وتسير في نسق تصاعدي في السنوات التي تليها، مما قد يهدد تونس بفقدان 30 في المئة من صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي في حال عدم التزام المعايير على خلفية عدم القدرة على المنافسة.
أضاف "الحال أن تونس ركزت في صناعتها للتموقع في السوق على انخفاض كلفة اليد العاملة والقيمة المضافة المدروسة، ومن أهم الإشكالات في مواجهة معايير بصمة الكربون تضاعف استهلاك الكهرباء مع الاعتماد المتزايد للرقمنة، في ظل الاعتماد المنتظر على الذكاء الاصطناعي والركض وراء السيادة الرقمية والتأسيس لمراكز بيانات وطنية مما يحتم تضاعف الاستهلاك للكهرباء، إذ تستهلك الخدمات الرقمية ما بين أربعة وخمسة في المئة من الغازات الدفيئة وهي نسبة تفوق ما يستهلكه الطيران المدني"، مشيراً إلى أن المؤسسات التونسية لا تزال بعيدة من اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها قبل حلول 2026، مما يحتم العمل الجماعي بين الإدارات العمومية وشركات الاتصالات والمناطق الصناعية بتوحيد الاستهلاك للطاقة للضغط على نسبة البصمة الكربونية بالمنتجات. ولفت هراس إلى أهمية إدراك المعايير الدولية المحددة المسؤولة للاستهلاك الرقمي، ونبه إلى ضرورة الاهتمام بالشركات الصغرى ومرافقتها لمواكبة التطورات في ظل مسايرة الشركات الكبرى للمقاييس الجديدة بأقل صعوبات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه، تحدث المدير العام لوكالة التحكم في الطاقة، فتحي الحنشي، عن السعي إلى دفع القطاع الخاص للاستثمار في الطاقات المتجددة بهدف التخفيض من انبعاثات الكربون بحكم أهمية المسألة لدى شركاء تونس، ووضع منصة لحساب وتحديد استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية للمؤسسات وضبط الإجراءات التي يجب الإقدام عليها لتخفيض الكربون، مبيناً أنه يمكن للمؤسسات الانتفاع بتدخل الصندوق الطاقي لتمويل مشاريع الطاقات المتجددة لديها، كما تتدخل الوكالة للتكفل بجملة من المصاريف التي تخص دراسة هذه المشاريع، في وقت التزمت الحكومة التسريع في برنامج الطاقات المتجددة والوقوف إلى جانب المؤسسات المصدرة.
أما المتخصص في مجال الطاقة لدى البنك الدولي، عز الدين خلف الله، فيقول إن مشاريع الإنتاج الذاتي للكهرباء من طريق الطاقات المتجددة تسير بنسق سريع لدى المؤسسات التونسية الخاصة، مما يمكنها من خفض بصمة الكربون ما يقارب 100 ميغاواط، وهي مشاريع أسهل وأسرع في التنفيذ نظراً إلى أن القدرات الطاقية المطلوبة لكل مشروع محددة بقدراته الإنتاجية كما لا تخضع إلى التراتيب الإدارية العمومية المعقدة وتتفادى البيروقراطية.
تأتي مؤسسات القطاع الخاص في قطاعات صناعية عدة على غرار النسيج وصناعة مكونات السيارات وقطاع مواد البناء على رأس قائمة المؤسسات المصدرة المدعوة إلى التسريع في هذه المشاريع للضغط على نسبة الكربون والحفاظ على أسواقها الأوروبية.
مثل الاتحاد الأوروبي 56 في المئة من تجارة تونس الخارجية في 2023 بميزان تجاري إيجابي لمصلحة تونس، وبلغ إجمال التجارة في السلع بين الجانبين نحو 24.8 مليار يورو (26.28 مليار دولار)، في حين بلغت واردات الاتحاد الأوروبي من تونس 13 مليار يورو (13.78 مليار دولار)، وتتكون من الآلات والأجهزة 4.6 مليار يورو (4.87 مليار دولار)، ما يعادل 35.4 في المئة، والمنسوجات 2.7 مليار يورو (2.86 مليار دولار)، ما يعادل 20.6 في المئة. وبلغت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى تونس 11.6 مليار يورو (12.29 مليار دولار)، تتصدرها الآلات والأجهزة 3.4 مليار يورو (3.6 مليار دولار)، ما يعادل 28.7 في المئة، تليها المنسوجات 1.6 مليار يورو (1.7 مليار دولار)، ما يعادل 13.4 في المئة، ثم المعادن الأساس ومنتجاتها 1.1 مليار يورو (1.16 مليار دولار)، ما يعادل 9.6 في المئة، وتحتل تونس المرتبة الـ34 كشريك تجاري للاتحاد الأوروبي.