ملخص
هدد دونالد ترمب بفرض تعريفات جمركية صارمة على أكبر 3 شركاء تجاريين لأميركا
من المتوقع وعلى نطاق واسع أن يؤدي الوعد الذي أطلقه الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض تعريفات جمركية صارمة ضد أكبر ثلاثة شركاء تجاريين لأميركا إلى دفع الأسعار إلى الارتفاع، وهو ما من شأنه أن يمهد الطريق أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي للتوقف عن خفض أسعار الفائدة وربما رفعها بدلاً من ذلك.
في خطاب ألقاه أخيراً في دالاس، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إنه لا يزال من السابق لأوانه النظر في كيفية تأثير خطط دونالد ترمب الجمركية على الاقتصاد الأميركي. إن خطاب الحملة شيء ولكن السياسة المطبقة شيء آخر.
مع ذلك، يقول ترمب إنه لن يضيع أي وقت، وهدد الأسبوع الماضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على المكسيك وكندا، ورسوم إضافية بنسبة 10 في المئة على البضائع الصينية في اليوم الأول من ولايته الثانية في الـ20 من يناير (كانون الثاني) 2025.
يكاد يكون من المؤكد أن تعريفات دونالد ترمب ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة مثل الأفوكادو والسيارات والـ"تيكيلا"، وسيؤثر ذلك في نحو 1.5 تريليون دولار من السلع التي تتدفق في جميع أنحاء أميركا الشمالية، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.
أبدت "وول ستريت" بعض القلق في شأن احتمال عودة التضخم خلال ولاية ترمب الثانية، مع ارتفاع عوائد السندات قبل يوم الانتخابات وفي الأسابيع التالية، لكن على الجانب المشرق، بما أن التضخم المرتفع المستمر، الناجم عن التعريفات الجمركية الضخمة، من شأنه أن يمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض كلفة الاقتراض، فإن الاستثمارات الشبيهة بالنقود والاستثمارات في السندات يمكن أن تحافظ على بعض بريقها لفترة أطول قليلاً أيضاً.
التعريفات الانتقامية وتصورات المستهلكين
من المرجح أن يطور مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي في نهاية المطاف نماذج اقتصادية لكيفية أداء الاقتصاد الأميركي في ظل سيناريوهات الرسوم الجمركية المختلفة. هناك تطوران محتملان سيجرى وضعهما في الاعتبار، وهما ما إذا كانت خطط ترمب ستفرض تعريفات انتقامية، إذا سنت، وما إذا كان الأميركيون يعتقدون أن التضخم سيرتفع.
هذا بالضبط ما فعله بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2018 عندما فرضت إدارة دونالد ترمب الأولى رسوماً جمركية، إذ فرضت رسوماً على البضائع الأجنبية التي تراوح ما بين الألواح الشمسية والغسالات.
في أحد السيناريوهات، بافتراض الانتقام من تعريفة عالمية بنسبة 15 في المئة، رأى بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه من الأفضل رفع أسعار الفائدة إذا توقع الأميركيون أيضاً ارتفاع التضخم. وكانت تلك هي الصيغة التي استخدمها بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة: حرب تجارية وإثارة فزع المستهلكين، وفقاً لوثيقة بنك الاحتياطي الفيدرالي التي رفعت عنها السرية عام 2018 والتي تتضمن تفاصيل بدائل السياسة المعروفة باسم "الكتاب المخبأ". واقترحت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم بالفعل فرض تعريفات انتقامية رداً على تهديد دونالد ترمب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فيما يولي بنك الاحتياطي الفيدرالي اهتماماً وثيقاً بتصور الأميركيين للتضخم، لكن هذا لا يمثل مشكلة في الوقت الحالي، إذ انخفضت توقعات الأميركيين للتضخم في العام المقبل بصورة ملحوظة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً لأحدث استطلاع للمستهلكين أجراه مجلس المؤتمر، إذ انخفضت إلى مستوى أدنى مستوى منذ مارس (آذار) 2020.
وعلى رغم التوقعات الأفضل في شأن زيادات الأسعار، اختار المستهلكون بغالبية ساحقة الأسعار الأعلى باعتبارها مصدر قلقهم الأكبر والأسعار المنخفضة هي أمنيتهم القصوى للعام الجديد.
في مذكرة بحثية حديثة، قالت محللة السوق العالمية في بنك "جيه بي مورغان" لإدارة الأصول، ستيفاني ألياجا، "تختلف البيئة الاقتصادية اليوم بصورة كبيرة عن عام 2018، وفي حين أن موجة التضخم الحارة تجاوزتنا في الغالب، إلا أن جذوتها لا تزال حية... توقعات المستهلكين بالنسبة إلى التضخم تحوم حول ثلاثة في المئة منذ مايو (أيار) 2021، أي أعلى بمقدار نصف نقطة مئوية من نطاقها في 2018 و2019".
هل ما زال هناك بعض الراحة في المستقبل؟
في الوقت الحالي يستعد بنك الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة تخفيضات أسعار الفائدة بناءً على الظروف الحالية، ولا تزال البطالة منخفضة، ولا يزال المستهلكون ينفقون، وتباطأ التضخم ومن المتوقع أن يتباطأ أكثر، على رغم ارتفاعه أخيراً.
في خطابه في دالاس الشهر الماضي، قال رئيس البنك المركزي الأميركي، إن "الاقتصاد لا يرسل أي إشارات بأننا في حاجة إلى الإسراع في خفض أسعار الفائدة".
وعلى رغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي بدأ في خفض أسعار الفائدة، فإن أسعار الفائدة على الرهن العقاري، التي تتبع العائد على سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات، ارتفعت منذ أول خفض لسعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ومع ذلك، يعتقد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أن كلفة الاقتراض لا تزال مرتفعة للغاية، وفقاً للخطابات الأخيرة، مما يعني أنهم سيقدمون مزيداً من التخفيضات في أسعار الفائدة لتخفيف القبضة على الاقتصاد.
وكتب كبير الاستراتيجيين العالميين في "أل بي أل فايننشيال" كوينسي كروسبي، في مذكرة بحثية حديثة، أنه "مع المشهد الاقتصادي الذي تدعمه سوق العمل المرنة، والإنفاق الاستهلاكي القوي، لا يزال بنك الاحتياطي الفيدرالي قلقاً في شأن استمرار أصحاب الأجور المنخفضة في مواجهة أسعار الفائدة المرتفعة".