ملخص
تتصاعد الدعوات الدولية إلى خفض التصعيد في سوريا، بينما يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً اليوم الثلاثاء، في ظل استمرار التصعيد بين القوات الحكومية السورية والفصائل المعارضة.
تخوض "هيئة تحرير الشام" والفصائل المتحالفة معها، اليوم الثلاثاء، معارك عنيفة ضد قوات النظام مع محاولتها التقدم باتجاه مدينة حماة الاستراتيجية في وسط سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في إطار هجومها غير المسبوق.
وتحدث المرصد عن "اشتباكات في ريف حماة الشمالي، حيث تمكنت الفصائل خلال الساعات الأخيرة من السيطرة على مدن وبلدات عدة في المنطقة، بينها طيبة الإمام وحلفايا وصوران"، وتزامنت مع "تنفيذ الطيران السوري والروسي عشرات الضربات على المنطقة".
وتُعدّ الاشتباكات، وفق المرصد، "الأعنف" بين الطرفين، منذ بدأت "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة لها، هجوماً واسعاً، الأربعاء، ضدّ قوات النظام في محافظة حلب (شمال).
ضربات جوية
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري، اليوم، أن "الطيران الحربي السوري الروسي المشترك يوجه ضربات جوية وصاروخية مركزة على ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي ويوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الإرهابيين".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن الفصائل "تسعى للتقدم باتجاه مدينة حماة، بعد تأمين سيطرتها على مدينة حلب".
مدينة استراتيجية
وتعد حماة مدينة استراتيجية في عمق سوريا، تربط حلب بدمشق، ومن شأن الاقتراب منها، وفق عبد الرحمن، أن "يشكل تهديداً للحاضنة الشعبية للنظام"، مع تمركز الأقلية العلوية التي يتحدر منها الرئيس بشار الأسد في ريفها الغربي.
هجوم
وقالت "سانا" إن وحدات من الجيش والقوات الرديفة تتصدى، اليوم الثلاثاء، لهجوم شنته قوات تابعة لـ "قوات سوريا الديمقراطية" "قسد" في الريف الشمالي لمحافظة دير الزور.
في هذا الوقت، تستمر الاشتباكات على محاور عدة بريف حماة، حيث تواصل "هيئة تحرير الشام" والفصائل المعارضة التقدم وسط اشتباكات عنيفة وقصف جوي روسي - سوري مكثف.
وقف التصعيد
وأمس، حضت الولايات المتحدة كل الدول على استخدام نفوذها من أجل وقف التصعيد في سوريا، حيث يتواصل تصعيد دام بين القوات الحكومية السورية وفصائل معارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام".
وكانت هذه الفصائل بدأت هجوماً مباغتاً الأربعاء على مناطق خاضعة لسيطرة النظام في شمال وشمال غربي سوريا وتقدمت بسرعة، وتمكنت من السيطرة عليها، وصولاً إلى حلب، ثاني أكبر مدن سوريا التي خرجت للمرة الأولى بصورة كاملة عن سيطرة النظام منذ بدء النزاع السوري في عام 2011.
واعتبر الرئيس السوري بشار الأسد الإثنين أن الهجوم، وهو الأوسع منذ أعوام، هو محاولة "لإعادة رسم خريطة" المنطقة.
في واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن بلاده تحض "كل الدول على استخدام نفوذها" من أجل "الدفع قدماً نحو خفض التصعيد وحماية المدنيين، وفي نهاية المطاف نحو عملية سياسية".
قلق أممي
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلقه" إزاء تصاعد العنف في شمال سوريا، ودعا إلى وقف فوري للقتال، وفق ما نقل عنه الناطق باسمه ستيفان دوجاريك الإثنين.
وأضاف أن "السوريين يعانون هذا الصراع منذ نحو 14 عاماً، وهم يستحقون أفقاً سياسياً يقودهم إلى مستقبل سلمي، وليس إلى مزيد من إراقة الدماء". ودعا الاتحاد الأوروبي من جهته "جميع الأطراف إلى خفض التصعيد" في سوريا.
ورداً على الهجوم، ينفذ الطيران الحربي السوري والروسي عمليات قصف على مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة في محافظة إدلب (شمال غرب) وفي حلب المجاورة.
وقتل الإثنين في هذه الغارات 15 مدنياً بينهم أطفال، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان. في حماة (وسط) التي تسيطر عليها الحكومة، قال المرصد إن هجوماً صاروخياً نفذه المسلحون أسفر عن مقتل ستة مدنيين الإثنين.
وأفاد الجيش السوري في بيان بأن قواته تتحرك "على محاور عدة في أرياف حلب وحماة وإدلب للالتفاف على الإرهابيين وطردهم من المناطق التي دخلوها وتأمينها بالكامل وتثبيت نقاط تمركز جديدة للتحضير للهجوم التالي، مع استمرار وصول مزيد من التعزيزات العسكرية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت مقاطع فيديو لوكالة الصحافة الفرنسية مسلحين يتقدمون باتجاه محافظة حماة في وسط سوريا.
وارتفعت، بحسب المرصد، حصيلة قتلى المعارك والقصف في شمال سوريا منذ بدء الهجوم إلى أكثر من 500، بينهم أكثر من 90 مدنياً.
ودان الاتحاد الأوروبي "الغارات الجوية الروسية على مناطق ذات كثافة سكانية عالية ودعم روسيا المستمر للقمع (الذي يمارسه) نظام الأسد"، وفق ما قال المتحدث باسم الشؤون الخارجية في الاتحاد أنور العنوني.
تدخل أجنبي
ويستبعد خبراء أن يكون الهجوم الذي يأتي بعد سنوات من هدوء نسبي في البلاد، على رغم عدم التوصل إلى حل للنزاع، حصل من دون ضوء أخضر تركي، إلا أن وزير خارجية تركيا هاكان فيدان قال الإثنين في أنقرة حيث اجتمع مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، "من الخطأ في هذه المرحلة، محاولة تفسير هذه الأحداث في سوريا على أنها تدخل أجنبي".
واعتبر فيدان أن "غياب الحوار بين النظام والمعارضة أوصل إلى هذه النقطة"، مضيفاً أن "التطورات الأخيرة تظهر مرة أخرى أنه يتعين على دمشق التوصل إلى تسوية مع شعبها والمعارضة الشرعية".
"مسار أستانا"
ورأى عراقجي الذي تدعم بلاده دمشق ويوجد مستشارون عسكريون منها إلى جانب قوات النظام، أنه من الضروري "حماية إنجازات مسار أستانا" الذي رعته روسيا وإيران وتركيا وأوقف إطلاق النار في منطقة إدلب في عام 2020.
وقال إن وزراء خارجية الدول الثلاث سيعقدون اجتماعاً في الدوحة الأسبوع المقبل للتباحث في هذه المسألة.
وأضاف "قررنا مواصلة مسار أستانا، على الأرجح الأسبوع المقبل" حين يلتقي دبلوماسيون من إيران وروسيا وتركيا على هامش منتدى الدوحة. وتابع "سنحاول إعادة تفعيل هذا المسار".
ومساء الإثنين، ذكرت وسائل إعلام حكومية إيرانية نقلاً عن عراقجي أن وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا من المرجح أن يجتمعوا في إطار عملية أستانا في السابع والثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري لمناقشة الملف السوري على هامش منتدى الدوحة.
اجتماع في مجلس الأمن
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أمله في "أن ينتهي عدم الاستقرار في سوريا المستمر منذ 13 عاماً" بفضل حل "يتوافق مع مطالب السوريين".
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً في شأن سوريا الثلاثاء، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية.
50 ألف نازح
وأعلنت الأمم المتحدة الإثنين أن التصعيد الحاصل منذ بضعة أيام في النزاع في شمال غربي سوريا أدى إلى فرار ما يقرب من 50 ألف شخص، في موجة نزوح تسلط الضوء على التداعيات الإنسانية الخطرة للتطورات الميدانية في هذه المنطقة.
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" في بيان إنه "حتى الـ30 من نوفمبر (تشرين الثاني)، نزح أكثر من 48500 شخص"، مشيراً إلى أن "وضع النزوح لا يزال شديد التقلب، والشركاء يتحققون يومياً من أرقام جديدة".