على رغم سلسلة الأزمات التي حاصرت الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي 2024، لكن الحكومات تمكنت من تجاوز أزمة البطالة وسط آمال باستمرار تعافي قطاع التوظيف عالمياً خلال العام المقبل 2025.
وفي أغسطس (آب) الماضي كشفت منظمة العمل الدولية عن أن معدل البطالة بين الشباب في جميع أنحاء العالم انخفض في عام 2023 إلى أدنى مستوى له خلال 15 عاماً، ورجحت أن يستمر في الانخفاض حتى عام 2025، على رغم أن النمو الأضعف يعني أن آسيا تأخرت عن هذا الاتجاه، وأوضحت المنظمة أن 64.9 مليون شخص تراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة في جميع أنحاء العالم كانوا عاطلين من العمل العام الماضي، يمثل 13 في المئة، وتوقعت أن تنخفض هذه النسبة بصورة أكبر على مدى العامين التاليين لتستقر عند 12.8 في المئة خلال العامين الحالي والمقبل.
وذكرت المنظمة أن تحسن السوق كان مدفوعاً بمعدلات النمو الاقتصادي القوية في أعقاب جائحة "كوفيد-19" التي حفزت الطلب على عمالة الشباب.
وعادت معدلات البطالة بين الشباب خلال العام الماضي لما قبل الجائحة أو أقل في معظم المناطق الفرعية، ولكن ليس كلها، وأشارت "العمل الدولية" إلى أن معدلات البطالة بين الشباب في الدول العربية وشرق آسيا وجنوب شرقي آسيا والمحيط الهادئ كانت أعلى العام الماضي مقارنة بعام 2019، وبالنسبة إلى الدول العربية فقد كان الارتفاع في البطالة استمراراً لاتجاه ما قبل "كوفيد-19"، لكن بالنسبة إلى المناطق الفرعية الآسيوية فقد كان بمثابة تغيير في الاتجاه من النمو الأقوى خلال أعوام ما قبل "كوفيد".
وذكرت المنظمة ذاتها أن متوسط أعمار السكان الأقل بكثير في أفريقيا مقارنة بالدول الأكثر تقدماً، أثار تساؤلات حول الاستدامة الاقتصادية هناك، وقالت إن "زلزال الشباب" الوشيك في أفريقيا يعني أن خلق فرص العمل أصبح قضية حاسمة للعدالة الاجتماعية ومستقبل الاقتصاد العالمي.
قلق متزايد مع انعدام الأمن الوظيفي
وشدد التقرير على أن المنحى العالمي نحو انعدام الأمن الوظيفي "يسبب قلقاً متزايداً للشباب الذين يتطلعون إلى تحقيق استقلال مالي ويأملون في الانتقال إلى المراحل التالية من حياتهم".
وفي تعليق له قال المدير العام لمنظمة العمل الدولية غيلبير هونغبو إنه "لا يمكن لأي منا أن يأمل بمستقبل مستقر وملايين الشباب في العالم لا يحصلون على وظائف لائقة،
ونتيجة لذلك سيشعرون بعدم الأمان وعدم القدرة على بناء حياة أفضل لأنفسهم وأسرهم".
وعلى الصعيد العالمي يعمل أكثر من نصف العمال الشباب في وظائف غير رسمية، وفق منظمة العمل الدولية، إذ قالت إن "فرص الحصول على وظائف لائقة لا تزال محدودة في الاقتصادات الناشئة والنامية".
وخلال عام 2023 كان واحد من كل خمسة شباب، أي 20.4 في المئة من سكان العالم، ينتمي إلى فئة الذين لا يعملون ولا يتعلمون ولا يتدربون، وثلث هؤلاء نساء.
ووفق التقرير فقد استفاد الشباب من انتعاش سوق العمل في عام 2023 على حد سواء، فجاءت معدلات البطالة لدى الشابات 12.9 في المئة والشبان 13 في المئة، أي شبه متساوية، بعكس أعوام ما قبل الجائحة حين كانت المعدلات أعلى لدى الشبان.
البطالة ستتراجع إلى 4.9 في المئة عالمياً
وفي مايو (أيار) الماضي رجحت منظمة العمل الدولية تراجع معدل البطالة على مستوى العالم بصورة طفيفة إلى 4.9 في المئة هذا العام من خمسة في المئة عام 2023، على رغم استمرار التفاوت في أسواق العمل، وقدرت أن معدل البطالة سيزيد إلى 5.2 في المئة بسبب ارتفاعه في الاقتصادات المتقدمة.
وذكرت أن السبب الرئيس للمراجعة هو انخفاض المعدل عن المتوقع في الصين والهند ودول ذات دخل مرتفع حتى الآن منذ بداية العام، متوقعة استقرار اتجاه الهبوط الذي يتخذه المعدل خلال العام المقبل مع استمراره عند 4.9 في المئة.
وجاء النمو الاقتصادي العالمي أقوى قليلاً من المتوقع خلال الأشهر الأولى من العام الحالي، ولا سيما في الولايات المتحدة، بينما ينخفض التضخم ليعطي الأسر متنفساً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أبقى صندوق النقد الدولي على توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي عند 3.2 في المئة خلال العام الحالي، وخفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بواقع 0.1 في المئة إلى 3.2 في المئة خلال العام المقبل، 2025 مقارنة بتوقعات يوليو (تموز) الماضي.
وقال الصندوق إنه من المتوقع أن يظل نمو الاقتصاد العالمي مستقراً ولكن مخيباً للآمال، مشيراً إلى أنه على رغم التشديد الحاد والمتزامن للسياسة النقدية في جميع أنحاء العالم، ظل الاقتصاد العالمي مرناً بصورة غير عادية طوال عملية السيطرة على التضخم، متجنباً الركود العالمي.
وأشارت "العمل الدولية" إلى أن "هذا الاستقرار في ظروف الاقتصاد الكلي يؤدي إلى نظرة مستقبلية مستقرة نسبياً لسوق العمل"، وأن الوضع على المدى المتوسط لا يزال غير مؤكد بسبب تعديلات السياسة النقدية والمالية المتوقعة على مستوى العالم، وتأخر تأثير سياسات تشديد الاقتصاد الكلي على سوق العمل.
كيف تحركت معدلات البطالة عالمياً في 2024؟
وفق البيانات التي أوردها موقع "تريدينغ إيكونوميكس" فقد تصدرت قطر وبيلاروس قائمة أقل الدول التي تعاني البطالة بـ 0.1 في المئة، تلتها في المرتبة الثالث كمبوديا بمعدل بطالة عند مستوى 0.22 في المئة، ثم النيجر عند مستوى 0.5 في المئة، أما ترتيب الدول العربية بمعدلات البطالة من الأدنى إلى الأعلى فقد جاءت قطر في المقدمة بـ 0.1 في المئة، تلتها عُمان ثانية بـ 1.5 في المئة، وثالثاً حلت الإمارات بـ 2.95 في المئة، ثم السعودية في المركز الرابع بمعدل بطالة يبلغ 3.5 في المئة.
وفي الترتيب الخامس حلت البحرين بمعدل بطالة يبلغ 5.5 في المئة تلتها جزر القمر في الترتيب السادس بـ 5.7 في المئة، وفي المركز السابع مصر بمعدل 6.5 في المئة، ثم موريتانيا في المركز الثامن بمعدل 10.63 في المئة.
وجاء لبنان تاسعاً بـ 11.7 في المئة، ثم الجزائر عاشراً بـ 11.8 في المئة، يليها المغرب في المركز الـ 11 بنسبة 13.1 في المئة، ثم سوريا في الترتيب الـ 12 بنسبة 13.5 في المئة، والعراق أخيراً بـ 15.6 في المئة.
وبالنسبة إلى الدول التي تعاني أعلى نسب بطالة عالمياً فقد حلت مملكة إسواتيني في المركز الأول بـ 37.6 في المئة، تلتها جنوب أفريقيا بنسبة 28 في المئة، ثم جيبوتي ثالثة بـ 26.3 في المئة، تلتها فلسطين في المركز الرابع بـ 24.4 في المئة، ثم بتسوانا خامسة بنسبة 23.4 في المئة.