ملخص
كانت ذروة مكاسب المعدن الثمين في عام 2024 مع نهاية آخر جلسات شهر أكتوبر عندما وصل سعر أونصة الذهب إلى 2790 دولاراً
اقتنص الذهب مكاسب هائلة في 2024 تخطت حدود الـ26 في المئة وهو الربح الأكبر منذ عام 2010، في عام أتسم بالتوترات والأحداث الجيوسياسية في أقصى الشرق وأقصى الغرب وأوروبا وكذلك منطقة الشرق الأوسط.
واختتم المعدن النفيس آخر جلسات تداول السلع في العام الماضي على المنوال نفسه، فمع إغلاق التداولات في آسيا يوم الثلاثاء الماضي الموافق 31 ديسمبر (كانون الأول) ارتفعت أسعار الذهب لتصل إلى 2626.80 دولار للأونصة الواحدة، مسجلة أحد أعلى معدلات الارتفاع السنوية لهذا القرن وأكبر مكسب منذ عام 2010.
وكانت ذروة مكاسب المعدن الثمين في عام 2024 مع نهاية آخر جلسات شهر أكتوبر (تشرين الأول) عندما وصل سعر أونصة الذهب إلى 2790 دولاراً.
وأرجعت مجلة Forbes أرباح المعدن الأصفر القياسية إلى التوترات الجيوسياسية إضافة إلى السياسة النقدية المرنة التي تبناها مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في النصف الثاني من 2024، إذ خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات على التوالي في العام الماضي، في ظل توقعات أن يخفضها مرتين فحسب في العام الحالي 2025 بسبب ارتفاع التضخم.
وأشارت Forbes إلى أن بحث المستثمرين الدائم عن الملاذات الآمنة في ظل عالم مليء بالتقلبات السياسية، دفعهم إلى زيادة استثماراتهم في سبائك الذهب على رغم أنها أصل غير مدر للعائدات، مما أثار موجة من الطلب الكثيف، لافتة إلى أن الأمر لم ينحصر على المستثمرين فحسب، بل أن البنوك المركزية أيضاً توسعت في اقتناء الذهب مما عزز الطلب المتزايد. وأضافت المجلة أن مسار أسعار الذهب في 2025 ستحدده السياسة النقدية الأميركية، إذ إن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة المحرك الرئيس لاتجاه أسعار الذهب.
يشار إلى أن "الفيدرالي" الأميركي خفض أسعار الفائدة بوتيرة متسارعة العام الماضي، في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر.
سياسات ترمب
وعلى رغم أن "الفيدرالي" أعلن عن تهدئة في شأن خفض أسعار الفائدة في العام المقبل، إلا أن ذلك لن يمنع ارتفاع أسعار الذهب، إذ إن سياسات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب الذي يتولى منصبه رسمياً في الـ20 من يناير (كانون الثاني) الجاري، التجارية عامل حاسم في تحديد مسار التضخم، مما يؤثر في قرارات "الفيدرالي" ومن ثم في أسعار الفائدة وهو ما يعزز أسعار الذهب مرة أخرى، إضافة إلى ذلك قد تستمر البنوك المركزية في دعم الطلب على الذهب، على رغم تباطؤ وتيرة الشراء في الربع الثالث من 2024.
وعلى رغم أن أسعار الفائدة المرتفعة تحد من جاذبية الذهب للمستثمرين، إلا أن المعدن النفيس يظل الوسيلة الأمثل للتحوط ضد التضخم المرتفع.
وقالت Forbes إن العديد من الأخطار الجيوسياسية من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا، إضافة إلى أن العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والصين ستدعم بالطبع أسعار الذهب، ولذلك لن تقف خفوض الفائدة الأميركية البطيئة حائلاً أمام صعود المعدن الثمين.
وأوضحت أن الديناميكيات المتغيرة أصبحت السبب وراء تصدر الذهب ليكون أكبر مفاجآت سوق السلع في 2024، إذ سجل ارتفاعات مستمرة نحو نهاية العام، في حين عانت المعادن الأخرى، سواء النفيسة أو الصناعية، من الركود نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين.
ويترقب المستثمرون في العام الحالي أن يكسر الذهب حاجز الـ3000 دولار للأونصة، وتؤمن مؤسسات مالية واقتصادية عالمية أن أسعار الذهب لديها القدرة للوصول إلى هذا الرقم في 2025، إذ يتوقع بنك "غولدمان ساكس" كسر أسعار الذهب حدود الـ3000 دولار هذا العام، ويدعمه في ذلك "بنك أوف أميركا" الذي يؤمن بوصول الذهب لهذا المستوى، خصوصاً في النصف الثاني من 2025.
واختتمت Forbes تقريرها أنه في النهاية، سيحدد المناخ الاقتصادي والجيوسياسي في النصف الأول من العام الاتجاه المستقبلي للذهب، مع رهانات حذرة على مسار صعودي للمعدن النفيس الذي يعتبر بالفعل مكلفاً.
مؤشرات العام الجديد
مؤشرات العام الجديد أيضاً تصب في مصلحة الذهب، فلامست أسعار الذهب أمس الجمعة أعلى مستوى لها في ثلاثة أسابيع بفضل ضعف الدولار وعمليات شراء المعدن الأصفر. واستقر الذهب في المعاملات الفورية عند 2658.11 دولار للأوقية (الأونصة)، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 13 ديسمبر 2024، وارتفع الذهب بنحو 1.5 في المئة منذ بداية الأسبوع، استقرت العقود الأميركية الآجلة للذهب عند 2672.20 دولار للأوقية. وانخفض مؤشر الدولار 0.3 في المئة عن أعلى مستوى له في أكثر من عامين الذي سجله في الجلسة الماضية مما يجعل أسعار الذهب المقوم بالعملة الأميركية معقولة إلى حد ما بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن ذلك، قال كبير محللي السوق في "إكسينيتي غروب" هان تان، "ارتفعت أسعار الذهب في بداية العام بدعم من الطلب على الملاذ الآمن، بينما تكافح الأسهم التي تنطوي على خطورة أكبر للحفاظ على مكاسبها الوليدة". وأضاف "تدرك الأسواق أن سياسات ترمب تنطوي على خطر زيادة التضخم في الولايات المتحدة"، متوقعاً أن "يصب ذلك في مصلحة الذهب ما دام المعدن النفيس يلعب دور التحوط من التضخم في الأسواق".
ويرتفع الذهب، الذي يعتبر وسيلة تحوط في حالات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، مع انخفاض أسعار الفائدة.
وفي أواخر نوفمبر الماضي، قال ترمب في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" إنه سيفرض تعريفة بنسبة 25 في المئة على الواردات الآتية من كندا والمكسيك إذا لم تبذل الدولتان المزيد للحد من تدفق المهاجرين والمخدرات عبر الحدود. وحذر ترمب من إمكانية فرض تعريفات جمركية بنسبة 100 في المئة على دول "بريكس" التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إذا حاولت استبدال الدولار الأميركي كعملة رئيسة عالمية، ويضاف ذلك إلى تعهده خلال الحملة الانتخابية بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 20 في المئة على جميع الواردات الأميركية.
مسار السياسة النقدية
ويترقب المستثمرون صدور مجموعة من البيانات الأميركية الأسبوع المقبل، من بينها تقرير الوظائف غير الزراعية ومحضر اجتماع البنك المركزي الأميركي، لاستيضاح مسار السياسة النقدية. وبعد أن خفض "الفيدرالي" أسعار الفائدة ثلاث مرات على التوالي في عام 2024، يتوقع المجلس الآن خفضها مرتين فحسب في عام 2025 بسبب ارتفاع التضخم.