Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبيعات الأسلحة تفوقت على طعام الفقراء

كانت كفيلة بتوفير الغذاء 1.25 مليار شخص طوال عام وشاركت في دفع فاتورتها 92 دولة

أسلحة جديدة في حروب عام 2024 (أ ف ب)

ملخص

-وقعت نحو 56 حرباً أو صراعاً أو نزاعاً عسكرياً حول العالم عام 2024، وهو العدد الأكبر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية

-ظهرت في حروب عام 2024 أسلحة جديدة لم تكن استخدمت سابقاً، ومعظمها برز في الحرب الروسية - الأوكرانية وفي حربي إسرائيل على غزة ولبنان.

بلغت قيمة مبيعات الأسلحة حول العالم عام 2024 ما يقارب 632 مليار دولار في التقديرات الرسمية، وقد تكون أضعافاً في السوق السوداء وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. ووقعت عشرات الحروب والنزاعات عام 2024 احتاجت إلى كمية كبيرة من السلاح وجنت أرباحها أكثر من 100 شركة أسلحة عالمية، وتركزت عمليات بيعها والاتجار بها في حرب أوكرانيا وحروب الشرق الأوسط، من دون التقليل من أهمية النزاعات المنتشرة والموزعة في مختلف زوايا الكوكب، بعضها يخفت ثم يعود وبعضها يشتعل فجأة. المليارات الناتجة من صناعة وتجارة الأسلحة والحروب التي تحتاج إليها تؤدي إلى زيادة في الإنتاج الصناعي وفي تطوير نوعية الأسلحة البرية والجوية والبحرية والفضائية والتكنولوجية وأسلحة الاتصالات والاستخبارات والقرصنة الإلكترونية وغيرها الكثير التي يتم تجريبها وتحضيرها وتجهيزها في مختبرات الشركات الكبرى، من بينها المعروف وأخرى لا تزال مجرد توقعات يسابق خيال صانعي أفلام الـ"أكشن" الهوليوودية.

وقعت نحو 56 حرباً أو صراعاً أو نزاعاً عسكرياً حول العالم عام 2024، وهو العدد الأكبر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مما يبرر زيادة الطلب على الأسلحة والمبالغ الطائلة المتداولة في سوقها لهذا العام، وأهمها وأبرزها النزاعات الكبرى مثل الحرب في أوكرانيا والحروب في فلسطين ولبنان واليمن والحرب السورية، وحروب عدة في أفريقيا كانت حرب السودان ونزاعات إثيوبيا والحرب التي لا تنتهي في ليبيا وصراعات الصومال مع جيرانها، وفي آسيا سطعت حروب ميانمار ومناوشات تايوان والفيليبين والصين، إضافة إلى صراعات أخرى، فيما تشير التقارير الصادرة عن مراكز الدراسات العسكرية العالمية إلى أن الصراعات أصبحت أكثر تدويلاً، إذ تشارك 92 دولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في هذه الحروب.

سلاح عام 2024 يمكنه محاربة الجوع

لو قمنا بإجراء عملية حسابية بسيطة لمقارنة أسعار السلاح المباعة عام 2024 بكمية القمح التي يمكن أن تشتريها وكمية الخبز التي يمكن أن تصنع منه وعدد الأفراد الذين يمكن إطعامهم منها والمدة الزمنية التي تبعدهم من الجوع في كل أنحاء العالم، فسنجد أنه إذا احتسبنا سعر طن القمح كما هو في الأسواق حالياً (250 دولاراً)، فإن مبلغ 632 مليار دولار يكفي لشراء 2.5 مليار طن من القمح. في المتوسط العالمي فإن الطن الواحد من القمح يمكن أن ينتج نحو 1500 رغيف من الخبز، مما يعني أن هذه الكمية تكفي لإنتاج 3.75 تريليون رغيف، ومتوسط حاجة الفرد اليومية من الخبز بين رغيفين وثلاثة أرغفة، فيكون بإمكان المبلغ المدفوع ثمناً للسلاح إطعام نحو 1.25 مليار شخص لمدة عام كامل.

وتفرض الحروب والنزاعات كلفاًَ أخرى عدا ثمن الأسلحة وكلف تطويرها واستخدامها، فللحروب نتائج جانبية تطاول انهيار المجتمعات والتهجير والدمار ووقف العملية الاقتصادية، مما يؤدي إلى ضياع أموال طائلة أخرى تضاف إلى ثمن السلاح. على سبيل المثال، تكلفت الحرب الروسية - الأوكرانية وحدها خسائر تتجاوز 750 مليار دولار، ولا تزال تستنزف مزيداً من المبالغ. وبالطبع لا نأتي هنا على أرقام القتلى والجرحى من العسكريين والمدنيين بين الجانبين، ولا في سائر حروب عام 2024 وعلى رأسها حروب غزة ولبنان والسودان والحرب الأهلية السورية التي راح ضحيتها عشرات آلاف المدنيين لأن البحث بالخسائر في أرواح البشر خلال الحروب قد لا يخرج بأرقام دقيقة وأكيدة.

تطوير السلاح... عملية بلا نهاية

ظهرت في حروب عام 2024 أسلحة جديدة لم تكُن استخدمت سابقاً، ومعظمها برز في الحرب الروسية - الأوكرانية وفي حربي إسرائيل على غزة ولبنان، وصدرت تقارير صحافية كثيرة في المجلات الغربية حول تلك الأسلحة المستخدمة وزيادة الطلب عليها بعد تجريبها في حروب ظهر الناس خلالها وكأنهم حقول تجارب تقوم بها شركات صناعة الأسلحة أمام المشترين المفترضين. ودلّت حركة البيع والشراء في أسواق السلاح وزيادة الطلب على نوع معين من الأسلحة يفيد الحروب على إطلاق الدعاية والتسويق لصناعة الأسلحة وتطويرها والمنافسة في عرضها.

كان أبرز هذه الأسلحة الجديدة، الصاروخ الروسي "تسيركون" Tsirkon الذي يفوق سرعة الصوت بنحو خمس إلى ست مرات، وتم تجريبه مرات قليلة في الحرب وأطلقه الجيش الروسي من الغواصات النووية، مما أثار مخاوف دول عدة من إصابته أهدافه بدقة وبسرعة وإمكان تحميله رؤوساً غير تقليدية، إضافة إلى صواريخ وطوربيدات "إكسوست"Exocet SM40   المضادة للسفن التي تم إطلاقها من الغواصات أيضاً، وهي قادرة على التعامل مع التشويش الإلكتروني الذي يستهدف مسارات الصواريخ. وظهرت في الحرب الأوكرانية أنظمة رادار جديدة (بودليت-إي وبي-18-2) قادرة على الكشف عن الطائرات والصواريخ الشبحية بدقة ولو في ظل التشويش الإلكتروني المكثف.

وتشمل الأسلحة التي تم تطويرها عام 2024، الفضاء والقوة السيبرانية والذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار الدقيقة جداً، واتسعت عمليات تطوير هذه الأنواع بعد رفع غالبية الدول الصناعية نسبة دعم التسليح في الموازنات العامة.

استراتيجيات جديدة وأسلحة قيد التطوير

وظهرت عام 2024 استراتيجية دفاعية جديدة تسمى "التكامل متعدد المجالات" (MDI) للنظر إلى النظام الرقمي بأكمله كوحدة متكاملة، مع التركيز على الروابط الرقمية التي تربط بين مختلف العناصر. وما حدث عام 2024 هو تشابك وتكامل مجالات الدفاع الخمسة في البر والجو والبحر والفضاء والفضاء الإلكتروني، وقامت بمشاركة البيانات بينها وخوض الحرب بصورة مشتركة بسبب تطور شبكات الاتصال التي تنقل المعلومات في ما بينها بسرعة جديدة.

وتم تعزيز استخدام الفضاء في الحروب عبر تطوير الآلات الفضائية مزدوجة الاستعمال في الأغراض العسكرية والمدنية، وازدادت أهميتها خلال الأعوام الأخيرة. وفي 2024، شهد العالم تقدماً كبيراً في البنية التحتية لساحات الفضاء كمساند لحروب الأرض عبر الأقمار الاصطناعية المتخصصة في المراقبة والاتصال والتشويش والرصد وتحديد الأهداف.

وكان عام 2024 مليئاً بالتحديات في مجال الأمن السيبراني، بخاصة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، فعملت معظم الدول على تطوير المعرفة والتقنيات في هذا المجال، وبنت بعض الدول قدرات سيبرانية دفاعية سيادية، وطوّرت التشريعات والمعايير الخاصة بالذكاء الاصطناعي من ناحية الأمان والمسؤولية والشفافية في قطاع الدفاع.

وهذه التطورات المتوقعة تؤكد أهمية التعاون بين الجهات الحكومية والصناعية لتعزيز الابتكار وتطبيق التقنيات الجديدة في مجال الدفاع لضمان التفوق الاستراتيجي.

وقام بعض الصحافيين الاستقصائيين الأميركيين بدرس المواد المتعلقة بالإنفاق على التسليح كوسيلة لمعرفة أنواع الأسلحة التي يتم العمل على تطويرها من قبل البنتاغون. ومن ثلاثة أرباع تريليون دولار سنوياً، وهي موازنة الدفاع لدى الولايات المتحدة التي لا تقترب منها موازنة أي دولة أخرى في العالم، يتم تخصيص أكثر من ثلثها للبحث وتطوير أنظمة الأسلحة.

وتبيّن من خلال موازنة عام 2023 أنه من أصل 276 مليار دولار مخصصة للتوريد والبحث والتطوير والاختبار والتقييم، يتم تخصيص 78 مليار دولار لأنشطة تسمى "دعم المهمات"، ويلي ذلك 56.5 مليار دولار لأنظمة الطائرات و40.8 مليار دولار لأنظمة بناء السفن والأنظمة البحرية و24.7 مليار دولار للصواريخ والذخائر، مع مبالغ أصغر موجهة إلى أنظمة الفضاء وبرامج الدفاع الصاروخي والعلوم والتكنولوجيا والاتصالات. وتحصل القوات البحرية التي تشمل مشاة البحرية على أكثر من 80 مليار دولار، إذ يذهب نحو نصف هذا المبلغ إلى بناء السفن. أما القوات الجوية فتأتي في المرتبة الثانية بموازنة تزيد على 40 مليار دولار.

وتشمل الأسلحة المستقبلية تطوير الطائرات الرئاسية، وحصلت شركة "بوينغ" على عقد بقيمة 3.9 مليار دولار لإتمام الطائرات بحلول عام 2024. وبرز في الموازنة تطوير غواصات صواريخ باليستية جديدة، إلى جانب سفن سطحية غير مأهولة وطائرات من دون طيار للتزود بالوقود جواً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أسلحة الطاقة الموجهة

هي أسلحة تنقل الموجات الكهرومغناطيسية بسرعة الضوء، مما يجعلها أسرع بكثير من الأسلحة التقليدية، حتى الصواريخ الأسرع من الصوت، ولا تنفد ذخيرتها لأنها تستخدم الطاقة بدلاً من الذخيرة. وتسير أشعة الطاقة في خط مستقيم من دون تأثير الجاذبية، مما يجعل التصويب بواسطتها أكثر دقة. وتسبب الضرر عن طريق تسخين الهدف مباشرة، مما يقلل من خطر إصابة الأجسام المحيطة أو إرسال شظايا مدمرة. ولكن بناء أسلحة طاقة موجهة فاعلة ما زال تحدياً كبيراً لأنها تحتاج إلى ليزر بقوة مئات الكيلووات أو حتى ميغاوات، وهي طاقة تساوي استهلاك بلدة صغيرة لكل مرة يستخدم فيها هذا السلاح.

وعام 2020، أعلنت أستراليا عن خطة لتطوير نظام أسلحة طاقة موجهة يمكنه تعطيل المركبات المدرعة، بما في ذلك الدبابات.  وعام 2023 تم الإعلان عن صفقة بقيمة 13 مليون دولار أسترالي مع شركة "كينيتيك" البريطانية لتطوير نموذج أولي لليزر دفاعي.

في الوقت عينه، ابتكرت الولايات المتحدة نظام ليزر بقدرة 50 كيلووات يمكن تركيبه على المركبات المدرعة، مع تطوير أنظمة أخرى بقدرات تصل إلى 300 كيلووات. وبعد التغلب على سائر المصاعب التي لم تحل حتى اليوم، فإن هذه الأسلحة أحدثت ثورة في الدفاعات العسكرية، وفي شكل الحروب والخسائر الناجمة عنها وكلفها ومدتها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير