Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل والشرع واختبار "الاحتفاظ بحق الرد"

رأى قائد الإدارة الجديدة الضربات الأخيرة تجاوزاً لخطوط الاشتباك وتهديداً بتصعيد غير مبرر

الشرع متوسطا حراسه في الجامع الأموي بدمشق بعد دخوله العاصمة السورية (رويترز)

ملخص

خلال عام 2024 بلغ عدد الضربات الإسرائيلية على سوريا 373 استهدافاً منها 347 ضربة جوية، بينما وصل عدد الهجمات البرية إلى 26 هجوماً.

مشهد عام شديد التعقيد احتفظت به الأراضي السورية مع أولى الضربات الإسرائيلية عليها منذ بدء العام الجديد 2025، والتي تركزت على ريف حلب شمال البلاد عبر استهداف منطقة السفيرة داخل الريف الجنوبي الشرقي.

ضربات إسرائيلية شملت قاعدة جوية سورية ومخزناً يحمل رقم 404 بـ10 غارات جوية نتج منها سقوط قتلى، وسط معلومات عن تنفيذ عملية إنزال بالمنطقة وسماع أصوات اشتباكات متقطعة.

وتضم مدينة السفيرة (جنوب شرقي حلب) معامل دفاع ومواقع عسكرية ظلت لعقد من الزمن موقعاً متقدماً للقوات الإيرانية والفصائل التابعة لها، وتعرضت لهجمات سلاح الجو الإسرائيلي قبل سقوط نظام بشار الأسد.

"انتقام للأسد"

الباحث في الشؤون العسكرية العقيد عبدالجبار العكيدي قال في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إن "الوضع في سوريا بات شديد التعقيد، فمنذ سقوط النظام وهرب بشار الأسد بدأت إسرائيل في قصف مقدرات الجيش السوري، كأنها عملية انتقام للرئيس السابق وعدم اطمئنان لأية قيادة تأتي بعد نظامه"، على حد قوله.

وتابع "هذا النظام وقع معاهدات واتفاقات وأجرى تسليم الجولان منذ عهد حافظ الأسد وكل المناطق كانت آمنة بالنسبة إلى إسرائيل، لأنها لم تكن للتصدي لها بل لقتل شعبه. الطيران الإسرائيلي حلق فوق القصر الجمهوري في اللاذقية قبل أعوام من اندلاع الثورة، وكان وقتها يحتفظ بحق الرد لكن من دون أي رد".

 

 

والعقيد العكيدي من أوائل الضباط الذين أعلنوا انشقاقهم عن الجيش السوري، لعدم سماح النظام لهم بالتقاط أهداف إسرائيلية على رادارات منظومات الدفاع.

وأعرب عن اعتقاده أن ما يحدث من تصعيد يتخطى كونه "عدواناً على السيادة السورية ومقدرات الشعب، بل السعي إلى تدمير كل سلاح الجيش الاستراتيجي من منظومات دفاع جوي ورادارات ومراكز البحوث العلمية والمطارات والطائرات والفرق العسكرية، لأن إسرائيل تعلم جيداً أن القيادة الجديدة ليس بمقدورها ردع هذه الضربات. والهدف الواضح هو جعل سوريا منزوعة السلاح وبلا مخالب وأنياب، عدا عن خلق حال من زعزعة الاستقرار وإعاقة استتباب الأمن في البلاد".

حصيلة الضربات

وخلال عام 2024 بلغ عدد الضربات الإسرائيلية على سوريا 373 استهدافاً بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، منها 347 ضربة جوية بينما وصل عدد الهجمات البرية 26 هجوماً، وهي أكبر حصيلة سنوية منذ بدء التصعيد الإسرائيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأسفرت الهجمات عن إصابة وتدمير 1032 هدفاً شملت مستودعات أسلحة وذخائر ومقار عسكرية ومراكز عمليات وآليات تابعة للنظام السوري والميليشيات الإيرانية، وتسببت الهجمات الإسرائيلية بمقتل 414 عسكرياً وإصابة 277 آخرين بجروح متفاوتة، إضافة إلى مقتل 68 مدنياً بينهم 13 طفلاً و16 سيدة وإصابة 85 آخرين بجروح متباينة، وفقاً للمرصد.

مخزون الأسلحة

ومع هذا يرجح الباحث السياسي بسام السليمان في تصريح خاص بأن التوجهات الواضحة للدولة السورية الجديدة أن تكون ضمن المنظومة الدولية، وليس الانخراط مع أي طرف في الصراع، وبخاصة بعد ما واجهه السوريون من تعب وإرهاق بعد كل هذا النزاع الأهلي الطويل، والاتجاه إلى بناء البلاد بعد عقد من الزمن في الصراعات الدائرة والتي استنزفت مقدراتها".

وقال السليمان "حتى الآن إسرائيل لديها مخاوف، وتستهدف أسلحة استراتيجية في محاولة منها لإنهاء أي خطر يمكن أن يُستخدم ضدها، ولا أعتقد أن يكون هناك رد في المستقبل القريب، وأعتقد أن تتحرك الوساطات الإقليمية وغالباً تركية أو إقليمية".

وبالحديث عن حجم السلاح المؤثر والاستراتيجي، اكتشفت قوات الإدارة الجديدة في ريف دمشق وتحديداً في الجبال كهوفاً عميقة تحوي صواريخ باليستية بعد سقوط النظام. ويعلق السليمان على ذلك بقوله إن الضربات تستهدف أماكن مؤثرة ولا يمكن جرد أو إحصاء مدى الخسائر لهذه الأسلحة، والسلطة الحالية أساساً ليس لديها معرفة جيدة بمخزون الأسلحة الموجود.

وتحمل الضربة الإسرائيلية الأخيرة 498 من تعداد الغارات الجوية التي نفذتها المقاتلات على الأراضي السورية منذ سقوط نظام الأسد خلال الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024. وحسم قائد الإدارة السورية أحمد الشرع موقفه من التصعيد الإسرائيلي الأخير بقوله إن "بلاده منهكة من أعوام الحرب والصراعات، وهذا الوضع لا يسمح بالدخول في صراعات جديدة". لكنه وصف "ما يحدث تجاوز لخطوط الاشتباك في سوريا بصورة واضحة، ويهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة".

ماذا عن الرد؟

تقابل الإدارة الجديدة في دمشق هذه الضربات الإسرائيلية بـ"الصمت" وعدم الرد كما كان يحدث سابقاً خلال عهد نظام الأسد، وتكتفي بإصدار بيانات الإدانة والشجب حتى حفظ السوريون عبارة كانت تتكرر كثيراً في تلك البيانات تعقيباً على كل هجوم هي "الاحتفاظ بحق الرد"، والتي باتت مصدراً للسخرية.

وعن قدرات الجيش السوري للرد على الضربات الإسرائيلية، قال العقيد العكيدي إن القيادة الجديدة لا تملك أية قوة للدفاع عن سوريا وليس لديها طائرات أو منظومات وصواريخ باليستية، والموضوع يتعلق بالشق السياسي وهو الأهم خلال الوقت الحالي.

 

 

وتابع "نعول هنا على الدبلوماسية السورية الجديدة في التحرك الفعال باتجاه المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية ومجلس الأمن لوقف هذه الضربات السافرة على السيادة السورية، ولا يمكن أن تفعل أكثر من ذلك بعد احتلال جبل الشيخ والتمدد بالقنيطرة وريفها واحتلال أراض جديدة، والتمدد باتجاه ريف درعا الغربي من جهة وادي اليرموك".

في المقابل يشهد الجنوب السوري توغلاً للقوات الإسرائيلية، كان آخرها توغل دبابات في قرية صيدا بالجولان عند الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والقنيطرة وطردت الموظفين الحكوميين وحاصرت المدرعات مباني حكومية، في حين برر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر هذه التحركات بأن الحكومة الجديدة في دمشق لم تنتخب ديمقراطياً وهناك رغبة إسرائيلية لحماية الأقليات.

وقال ساعر في منشور على منصة "إكس" إن الأكثر إثارة للقلق عدم إعلان الانتخابات إلا بعد أربعة أعوام في سوريا، مؤكداً ضرورة حماية الأقليات في سوريا بمن فيهم الأكراد والعلويون والمسيحيون.

وكان القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع أرجع تأخير الانتخابات لأسباب تتعلق بالبنية التحتية الحالية التي تحتاج إلى إعادة بناء كاملة، لا سيما وجود هجرة واسعة شملت أكثر من 15 مليون سوري بين نازح ولاجئ وهو ما يعقد من إمكانية إجراء إحصاءات دقيقة للسكان، علاوة على افتقار كثير من السوريين في الخارج إلى قيود مدنية ثابتة مما يتطلب توثيق حالات الولادات والوفيات وإجراء إحصاءات شاملة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير