ملخص
وقالت المتحدثة باسم الفريق الرئاسي كارولين ليفات لشبكة "فوكس نيوز" أول من أمس الثلاثاء إن "الرئيس الأميركي المنتخب ترمب يعتزم إصدار أوامر إدارية تهدف إلى تحفيز إنتاج النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، فور تنصيبه رسمياً في الـ20 من يناير المقبل"
قال محللون متخصصون في قطاع الطاقة، إن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ستدفع دول الاتحاد الأوروبي إلى زيادة وارداتها من النفط والغاز من الولايات المتحدة أو مواجهة رسوم جمركية، في وقت تواجه دول الاتحاد اقتراب انتهاء العقد الذي ينظم تدفق الغاز عبر خط الأنابيب الممتد من روسيا إلى أوكرانيا في الأول من يناير (كانون الثاني) عام 2025.
وتوقع المحللون أن تنجح تهديدات ترمب الأخيرة في زيادة مشتريات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال من الولايات المتحدة في المستقبل القريب، تحديداً بداية من انتهاء النصف الأول من العام الجديد.
وكان ترمب هدد الخميس الماضي عبر منصته "تروث سوشال" برفع التعريفات الجمركية على دول الاتحاد الأوروبي ما لم تزِد من مشترياتها من النفط والغاز الأميركيين لتضييق الفجوة التجارية مع الولايات المتحدة.
وقال ترمب "أخبرت الاتحاد الأوروبي أنه يجب عليهم تعويض عجزهم الهائل مع الولايات المتحدة من خلال زيادة شراء نفطنا وغازنا، وإلا فإن التعريفات الجمركية ستطبق كاملة".
والولايات المتحدة هي بالفعل أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
أوامر تحفيزية
وقالت المتحدثة باسم الفريق الرئاسي كارولين ليفات لشبكة "فوكس نيوز" أول من أمس الثلاثاء إن "الرئيس الأميركي المنتخب ترمب يعتزم إصدار أوامر إدارية تهدف إلى تحفيز إنتاج النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، فور تنصيبه رسمياً في الـ20 من يناير المقبل"، مؤكدة أنه سيبدأ العمل من اليوم الأول بعد تنصيبه بالبيت الأبيض على إصدار أوامر تنفيذية للتنقيب ولتسريع تصاريح الحفر والتكسير الهيدروليكي في جميع أنحاء الولايات المتحدة بهدف خفض كلف المعيشة على الفور.
وأعلن ترمب عن طموحات مماثلة خلال حملته الانتخابية، إذ تعهد بإطلاق العنان لإنتاج الطاقة محلياً، من خلال إنهاء التأخير في الموافقات التنظيمية وتذليل العقبات البيروقراطية التي تعوق أداء مشاريع النفط والغاز الطبيعي.
كذلك تأتي انتقادات ترمب حول قناة بنما في أعقاب تهديداته بفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين، وكذلك على الاتحاد الأوروبي إذا لم يشترِ مزيداً من النفط والغاز الطبيعي الأميركيين، مما قلب السياسة العالمية رأساً على عقب قبل شهر من توليه منصبه.
لكن حال عدم اليقين المتزايدة لم تنجح في إخراج سعر الخام من نطاق ضيق يتداول فيه منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع ضعف الطلب في الصين وتوقعات وفرة الإمدادات، مما أدى إلى تقليص المكاسب.
صدارة أميركية
وأوضح المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي أن "تلك التهديدات تأتي متوافقة مع سعي الولايات المتحدة الأميركية إلى تعزيز صدارتها للدول المنتجة والمصدرة في إنتاج الغاز الخام"، مشيراً إلى أن "تلك التهديدات تستهدف أيضاً زيادة تصدير النفط الأميركي إلى ما يراوح ما بين 15 إلى 20 مليون برميل يومياً من المستوى الحالي المقدر بـ14 مليون برميل يومياً".
ولفت الحرمي إلى أن تلك التهديدات تستهدف أيضاً خفض مديونيات الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة الأميركية من خلال ضغط ترمب على أوروبا لخفض استيراد الخام الروسي، مضيفاً أن "تلك التهديدات تأتي في زيادة تصدير أوروبا سلعاً إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير مما تستورده من أميركا".
وأوضح أن هناك تحدياً سيواجه الولايات المتحدة حال زيادة طلب الاتحاد الأوروبي من الغاز الأميركي، وهو عدم استطاعتها حالياً زيادة إنتاج الخام، إلا بعد النصف الأول من عام 2025 لوجود بعض المشكلات الفنية في الحقول لديها.
وأضاف أن "تهديدات ترمب تضمنت شرطاً تعجيزياً أمام الاتحاد الأوروبي، وهو إما استخدام النفط والغاز أو مواجهة التعريفات الجمركية، مما يتوقع أن يرفع من صادرات الغاز والنفط الأميركيين لأوروبا في المستقبل القريب".
وفي هذا الشأن وبحسب مذكرة بحثية حديثة، رجح محللو "كوموديتي إنسايتس" التابعة لـ"ستاندرد أند بورز" أن يزداد اعتماد أوروبا على إمدادات الغاز الطبيعي المسال الأميركية خلال العام المقبل مع تعويض المنطقة عن الخسارة المتوقعة لحجم خطوط الأنابيب الروسية التي تمر عبر أوكرانيا من بداية عام 2025.
حصص المنتجين
وقال عضو جمعية الاقتصاد الأميركية الدكتور علي الحازمي إن تهديدات ترمب للاتحاد الأوروبي بوجوب زيادة وارداته من النفط والغاز الأميركيين أو أنها ستواجه رسوماً جمركية على صادرات الاتحاد التي تشمل سلعاً مثل السيارات والآلات، ليست وليدة اللحظة ولكنها تأتي ضمن تصريحاته ومستهدفاته الاقتصادية منذ نجاحه في الانتخابات الرئاسية.
وأشار الحازمي إلى أنه منذ الحرب الروسية – الأوكرانية، بيع الغاز الأميركي بصورة كبيرة للاتحاد الأوروبي بعد أن انكشفت عملية بيع الهند وروسيا النفط الروسي الإيراني لأوروبا.
ووفقاً لبيانات "كوموديتي إنسايتس"، فإن واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال الأميركي زادت أكثر من الضعف من عام 2021 إلى عام 2023، من نحو 22 مليون طن متري إلى ما يقارب 58 مليون طن متري، مما يمثل 68 في المئة من أحجام الغاز الطبيعي المسال الأميركية المسلمة العام الماضي.
وبحسب بيانات رسمية، فإن الاتحاد الأوروبي يشتري بالفعل كثيراً من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة ولكن الكمية قد تكون انخفضت الواردات قليلاً هذا العام، ولكنها تظل مرتفعة مقارنة بما كانت عليه قبل عام 2022، إذ استوردت دول الاتحاد الأوروبي نحو 46.0 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال الأميركي عام 2023 ونحو 36.9 مليون طن حتى الآن عام 2024.
ويعتقد الحازمي بأن ترمب إذا حقق هدفه في شأن رفع صادرات أميركا من النفط والغاز للاتحاد الأوروبي، فإنه من ناحية أخرى سينجح في خفض حصص المنتجين الرئيسين للنفط سواء من داخل "أوبك" أو من خارجها، مما سيؤثر في أسعار الخام.
ولفت إلى أن سياسة تمديد خفض إنتاج الخام من قبل تحالف "أوبك+" لن تستمر على الأرجح لفترة أطول ومن المحتمل أن يكون آخر موعد لها النصف الأول من العام المقبل، لا سيما حتى تتضح السياسات الاقتصادية لترمب، خصوصاً بعد تنصيبه في نهاية يناير المقبل.
أسعار أرخص
وعلى الصعيد ذاته، اقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أخيراً أن الغاز الطبيعي المسال الأميركي يمكن أن يساعد على استبدال واردات الاتحاد الأوروبي التجارية من الغاز الطبيعي المسال الروسي.
وقالت فون دير لاين "لماذا لا نستبدل الغاز الطبيعي المسال الروسي بالأميركي؟، إذ إنه أرخص بالنسبة إلينا ويخفض أسعار الطاقة لدينا".
تزايد المخاوف
ونوه عضو لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى السعودي سابقاً الدكتور فهد بن جمعة بأنه إذا ارتفعت صادرات أميركا إلى الاتحاد الأوروبي، فستزيد الأسعار على المستهلكين داخل الولايات المتحدة، إذ إنها لا تزال تستورد 6 ملايين برميل نفط يومياً.
وأشار إلى تزايد المخاوف لدى المتداولين في سوق النفط العالمية بسبب التهديدات الأخيرة لترمب التي ستؤثر سلباً في الأسعار.
جعجعة بلا طحين
ورأت مؤسسة "فاندا إنسايتس" في سنغافورة فاندانا هاري أن "تهديدات ترمب ومواقفه على الساحة الدولية لا تعدو كونها جعجعة بلا طحين بالنسبة إلى أسواق النفط في هذه المرحلة".
وأضافت هاري لوكالة "بلومبيرغ" أنه "نظراً إلى ضعف التداول وافتقار السوق إشارات الانتعاش القوية، أتوقع أن ينزلق سعر النفط بصورة عرضية حتى نهاية العام الحالي".