Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف قضى ثوار سوريا سنوات في التحضير لإسقاط الأسد؟

مسيرات حربية وصواريخ وبنادق قنص مجهزة للرؤية الليلية... "اندبندنت" تحاور قادة هيئة تحرير الشام حول التخطيط الطويل الأمد والابتكارات العسكرية التي أثمرت نصراً وحول المرحلة المقبلة

ثوار سوريون يحتفلون بعد انهيار حكومة بشار الأسد في دمشق (أ ب)

ملخص

الثوار السوريون بقيادة هيئة تحرير الشام نجحوا في إسقاط نظام الأسد بعد تحضير طويل شمل تطوير أسلحة محلياً وتوحيد القيادة والتخطيط لبناء دولة جديدة تعزز الأمن والاستقرار الاجتماعي.

أدت أسلحة محلية الصنع، من ضمنها معدات الرؤية الليلية وأنظمة صواريخ وطائرات من دون طيار ومركبات مدرعة، دوراً محورياً في إسقاط بشار الأسد الصادم في سوريا، كما كشف كبار قادة الثوار، فيما أعلنت الحكومة الانتقالية عن حل فصائل الثوار ودمجها بغية تشكيل وزارة دفاع سورية جديدة.

وفي مقابلات مع "اندبندنت" شرحت شخصيات بارزة في هيئة تحرير الشام - فصيل المعارضة الإسلاموية الذي قاد الهجوم - كيف خططت لشن هذا الهجوم على مدار أكثر من أربع سنوات بعدما تكبدت خسائر فادحة على يد نظام الأسد عام 2020 أرغمتها على وضع "عقيدة عسكرية جديدة" بالكامل.

وشمل هذا التحول تطوير برنامج أسلحة جديدة - تضمن أجهزة قنص مصنعة محلياً سمحت لهم للمرة الأولى بأن يقاتلوا ليلاً - إضافة إلى توحيد مجموعات متفرقة ضمن إطار هيكلية عسكرية رسمية والتشجيع على الانشقاق عن النظام والتخطيط الدقيق "لما بعد" سقوط الأسد. وهم الآن يستعدون للكشف عن هيكليتهم العسكرية الجديدة، إذ قال قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع - والمكنى كذلك بـ"أبو محمد الجولاني" - الذي أصبح قائد البلاد بحكم الأمر الواقع الثلاثاء الماضي إنهم توصلوا إلى اتفاق مع مختلف قادة الفصائل التي من المزمع أن تتوحد تحت مظلة وزارة الدفاع وتؤسس لجيش جديد مع المنشقين عن قوات الأسد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال قادة هيئة تحرير الشام لـ"اندبندنت" إنهم تخلصوا من "عقلية المعارضة أو الميليشيات" على مدار أربع سنوات واعتمدوا "عقلية الدولة"، وأسسوا في هذا الإطار برامج لتشجيع جنود النظام على الفرار من الخدمة والانشقاق من الجيش والالتحاق بقوى عسكرية جديدة، ومنعوا الثوار من ارتكاب هجمات انتقامية ودربوا قوات الثوار على العمل ضمن "هيئة مؤسسية وطنية واحدة لديها خطة واضحة ومدروسة".

وقال رئيس الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام أبو الحسن الحموي في حديث إلى "اندبندنت" من محافظة اللاذقية التي كانت معقلاً للحكومة في السابق، "أهم درس تعلمناه هو إعادة إحياء العلم ضمن المؤسسة العسكرية". وهو موجود في اللاذقية لعقد اجتماعات مع قادة الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد، بهدف بناء دولة جديدة.

وكانت باكورة الاختراعات العسكرية جهازاً يسمح للثوار بالقتال ليلاً، وقد أسهم في "تسريع الانهيار [النظام] وتعطيل القدرة [قوات النظام] على إعادة تنظيم صفوفها".

وشرح الحموي أنهم ركزوا كذلك على إنتاج مركبات مصفحة قادرة على العمل في المناطق الجبلية. وبعد ذلك، صنعوا مدافع هاون وذخائر من عيار 82 و120 ملم لاستخدامها معها. وأضاف، "علاوة على ذلك صنعنا نظام مدفعية صاروخية وأنتجنا قذائف شبيهة بالكاتيوشا [مدفعية صاروخية أول من استخدمها هو الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية] عيارها 114 ملم، ثم ألحقناها بصواريخ من عيار 220 ملم".

وأضاف الشيخ شريح الحمصي، وهو أيضاً من أبرز قادة الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام، أنهم طوروا أيضاً مسيرات شاهين الحربية التي يزعمون أنها أكثر تطوراً من مسيرات الحكومة، وأنها قادرة على "استهداف تجمعات النظام".

بعد ما يربو على 10 سنوات من المعارك المحتدمة مرت خلالها سنوات من الجمود على جبهات القتال، نجحت قوات الثوار بقيادة هيئة تحرير الشام التي كانت مرتبطة بتنظيم "القاعدة" في ما مضى، بإسقاط النظام الاستبدادي الذي طال حكمه بصورة صادمة ومذهلة في فترة سابقة من الشهر الجاري.

وصرح رئيس الوزراء السوري في حكومة تصريف الأعمال محمد البشير الأسبوع الماضي بأن وزارة الدفاع الجديدة ستخضع لإعادة هيكلة وتضم ضباطاً انشقوا عن جيش الأسد. وعين قادة سوريا الجدد مرهف أبو قصرة، وهو الشخصيات البارزة في التمرد الذي أسقط الأسد، وزيراً دفاع في الحكومة الانتقالية، لكنهم يواجهون مهمة شاقة هي تفادي وقوع اشتباكات بين مختلف الفصائل والحفاظ على الهدوء والسلام في بلد منقسم جداً تعرض لصدمات كبيرة.

ما زال القتال يدور في شمال شرقي البلاد بين قوات المعارضة المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.

وقال الحموي إن التجنيد في الجيش وقوات الشرطة سيكون أول خطوة باتجاه تعزيز الأمن، ومن المفترض أن يفتح باب التجنيد في مختلف المدن "خلال الأيام المقبلة". وترمي هذه الجهود، بحسب تعبير الحموي، من أجل التأليف بين أفراد مجتمع منقسم. وقال، "أنا حالياً في محافظة اللاذقية حيث التقيت زعماء العلويين ورؤساء المؤسسات - ومعظمهم من العلويين". وأكمل، "مقاربتنا العادية تقوم على دخول هذه المناطق بصورة مسالمة وتفادي الحديث عن أي صورة من الانتقام. وهدفنا هو إعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي فتته النظام. سنتخذ خطوات من أجل إعادة اللحمة الاجتماعية كي تعمل الخدمات الأمنية والعامة بصورة فعالة من أجل تلبية حاجات المواطنين".

وظلت جبهات القتال في سوريا جامدة لفترة طويلة حين شلت حكومة الأسد تحرك قوات المتمردين لأكثر من 10 سنوات بفضل دعم القوات الإيرانية والروسية.

وساد الخوف من استمرار الحرب إلى ما لا نهاية إلى أن أطاحت هجمات خاطفة انطلقت في مطلع ديسمبر (كانون الأول) حكم عائلة الأسد في خطوة مفاجئة وصادمة بعد استمرار حكمها لأكثر من نصف قرن.

واقتنص الثوار فرصة معاناة نظام الأسد من الضعف على خلفية تورط داعميه الروس في حرب مدمرة في أوكرانيا وتعرض المجموعات المدعومة إيرانياً مثل "حزب الله" لضربات قوية أفقدتها توازنها عقب صراعها الأخير مع إسرائيل، فيما كان سكان البلاد يستميتون لحصول أي تغيير بعد سنوات من الحرب والتغييب القسري والمشقة الاقتصادية، لكن الحمصي أوضح أنهم لم "يعتمدوا على العوامل الخارجية" وحدها، بل ركزوا على توحيد القيادة العسكرية - حرصاً على عدم حدوث أي عمليات منعزلة أو أي فوضى "يمكن أن تؤثر سلباً في المناطق المحررة". وركزوا على بناء الدولة بصورة عاجلة، بما في ذلك العمل الفوري على إنشاء مؤسسات مهمتها التفاعل مع السكان المحليين، ولا سيما الأقليات في المناطق التي يسقط فيها النظام القديم.

والمسألة التالية بحسب قادة هيئة تحرير الشام هي إعادة سوريا إلى الحظيرة الدولية. ويضغط قادة هيئة تحرير الشام وغيرهم من الشخصيات الآن كي تُسقط دول مثل الولايات المتحدة عن هذه الجماعات المسمى الإرهابي الذي وصفه الحموي بـ"الظالم". وقال، "لو تحدثنا عن الإرهاب فنحن لا نراه سوى في نظام الأسد. نحن في حاجة إلى الدعم الدولي من أجل إعادة إعمار سوريا وإزالة القيود الاقتصادية والسياسية كي تتمكن سوريا من إعادة بناء نفسها كما يجب".

وهناك مشكلة أخرى تتمثل في إسرائيل المجاورة التي كثيراً ما تحاربت مع الميليشيات المدعومة من إيران التي دعمت نظام الأسد فيما مضى.

وشنت إسرائيل عمليات قصف متواصلة على البنى التحتية العسكرية في سوريا منذ إطاحة الأسد. وقال الحموي إن هذه التصرفات "لا مبرر لها سوى استغلال الفترة الانتقالية في سوريا". وأضاف، "ندعو إسرائيل أيضاً إلى الانسحاب من الأراضي السورية. عانت سوريا الأمرَّين خلال السنوات الـ14 الماضية، ونحن الآن نسعى إلى إحلال الاستقرار والأمن وإعادة الإعمار". وختم قائلاً، "نريد التركيز على تحسين الخدمات والاقتصاد والظروف المعيشية للمواطنين مع الحفاظ على كرامتهم وأمنهم".

© The Independent

المزيد من تقارير