Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما جناه الأسد... من يغفر زمن الأخطاء؟

ميراثه الدموي لعنة ستلاحق أبناءه مهما حاولوا التبرؤ والنسيان والاندماج في المجتمعات الجديدة

بشار الأسد وزوجته أسماء وابنته زين وابناه حافظ وكريم يزورون عسكرياً مصاباً في منزله بمدينة حمص الثالثة (أ ف ب)

ملخص

كيف يؤثر الماضي المضطرب للآباء على مستقبل أبنائهم، سواء كان هؤلاء الآباء مطلوبين جنائياً أو لديهم عداوات تهدد حياة ذويهم؟

شخصيات مثل ماهر وأسماء وحتى رفعت الأسد، حصدت ولا تزال اهتماماً كبيراً من متابعي التطورات على الأراضي السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، وهم أشخاص يشكلون مع بشار عناصر مهمة في تكوين الطبقة التي حكمت سوريا على مدى تجاوز الجيلين.

لكن بالمقابل لم تتكشف معلومات كثيرة عن مصير أبناء الرئيس الهارب إلى روسيا، ولا حتى عن طبيعة أفكارهم وتكوينها، وهم الذين نشأوا في كنف أسرة تتوارث الديكتاتورية أباً عن جد وفقاً لوقائع موثقة تتهم الدائرة الحاكمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب لقمع الاحتجاجات ضدها. فهل سيرث الأبناء الثلاثة الذين لا يزالون في مقتبل العشرينات من العمر لعنة هذه الأسرة أيضاً، أم سيتمكنون من عيش حياة طبيعية من دون أن يدفعوا ثمن ما ارتكبه أقرب الناس إليهم؟

"الكرملين" أعلن أن بشار الأسد وعائلته يعيشون في روسيا باعتبارهم لاجئين لأسباب إنسانية، على رغم أن الجميع كان يصنف حال الأسد بأنها سياسية بحتة، كونه يواجه غضباً شعبياً نتيجة لطريقة إدارته البلاد وتوجيه جيشه السلاح ضد شعبه. أما الأسباب الإنسانية فتتعلق عادة بوجود خطر على الحياة أو السلامة باعتبار أن طالبها متضرر من أوضاع صعبة في بلاده. لكن في النهاية، ووفقاً للقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومعاهدة جنيف، فإن حق اللجوء تنظمه الاتفاقات الدولية، ويضطر إليه الأشخاص الذين يواجهون تهديدات بالاضطهاد بسبب أفكارهم أو انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو بسبب العرق وغيره.

 

بالطبع هناك أكثر من 100 مليون لاجئ حول العالم بحسب إحصاءات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكن فرصهم في الاندماج المجتمعي بالدول التي يستقرون بها تكون أكبر من هؤلاء الذين يمثلون حالات خاصة مثل أبناء السياسيين المعروفين على نطاق دولي، والذين قد يضطرون لتضييق دائرة معارفهم خوفاً من كشف هويتهم والتعرض لمضايقات أو حتى مواجهة تهديدات تطاول سلامتهم وأمنهم الشخصي. والقائمة تشمل كثيرين بخلاف الأسد وأبنائه، إذ تتضمن أيضاً أبناء المدانين بالإرهاب الذين لديهم تاريخ دموي ومطلوبين لدى البوليس الدولي، ولا يزال بعضهم يكافح التصنيف والوصم، ويحاول إثبات أنه لا يعيش أبداً في جلباب الأب أو الأم.

الصغار يدفعون الثمن

كان الابن الأكبر لبشار الأسد في العاشرة من عمره حينما انطلقت الاحتجاجات السلمية ضد أبيه في 2011، وبعد تدهور الأوضاع واستخدام النظام الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة والصواريخ التي أودت بحياة مئات الآلاف وتحول الأمر إلى حرب أهلية تدخلت بها عناصر مسلحة متعددة الجبهات، كان حافظ الأسد الصغير لا يزال في سن الطفولة أيضاً. بعدها كان يظهر مع أخويه الأصغر كريم (مواليد 2004)، والوسطى زين (مواليد 2003) في لقطات تُبث بين الحين والآخر لتجميل صورة النظام، بعضها في الشارع للدلالة على الأمن والاستقرار، وأخرى في زيارات يروج لها على أنها غير مرتبة لبعض العائلات البسيطة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الشاب، الذي بحسب ما نقلته وسائل إعلام روسية عن وزارة التعليم والعلوم الروسية، قد حصل منذ أسابيع قليلة للغاية على درجة الدكتوراه في الرياضيات من جامعة موسكو، حقق إنجازات علمية في سن صغير، فما هو المستقبل الذي ينتظر ابناً لدى الآلاف وربما الملايين ثأر مع أسرته، سواء ممن فقدوا ذويهم أو من هاجروا أو عذبوا وسلبت حريتهم في السجون وخسروا أملاكهم.

وتعمل فرق من المحامين الدوليين ومقرري الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في الوقت الحالي على إعداد ملفات للبحث عن مسار قانوني لمحاكمة الأسد وفقاً للأدلة المكتشفة، وبينها عديد من المقابر الجماعية في البلاد التي تضم مئات الآلاف من الضحايا.

وفقاً لأستاذ القانون الدولي أبو الخير عطية، فإن "هناك جرائم لا تسقط بالتقادم، ووجود الأسد في روسيا لا يعني استحالة محاكمته إذا ثبت تورطه في إبادة جماعية أو جرائم حرب أو عدوان ضد الإنسانية"، لافتاً إلى أن الأمر قانوناً وارد، لكنه سياسياً غير مرجح في ظل قيادة فلاديمير بوتين الذي صدرت ضده مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية حربه في أوكرانيا، وإن كان يحق لبشار الأسد وأبنائه أن يحصلوا من الدولة الروسية على تأمين إضافي وفقاً لنوع الأخطار التي قد يتعرضون لها، فهذا منوط بالدولة الروسية ويخضع لتقييمها للموقف".

على وقع السقوط

من جهته، يلقي الباحث السياسي حاتم أبو النجا الذي اجتاز الدراسات العليا بجامعة "سان بطرسبرغ" الروسية، نظرة على وضع أبناء الأسد الحالي كطلبة جامعيين في روسيا، حيث يصنف أبو النجا جامعة "موسكو" الحكومية بأنها من ضمن جامعات عديدة مفضلة لأبناء الطبقات الميسورة والمسؤولين الروس أو المبعوثين من أبناء أو أقارب المسؤولين في الدول المقربة لروسيا الاتحادية أو دول الاتحاد السوفياتي السابق. مشيراً إلى أن المصروفات الدراسية لتلك الجامعات مرتفعة لأغلب الطلبة الأجانب العاديين الذين يخضعون لاختبارات قبول صعبة بالنسبة إلى الطلبة الروس أنفسهم.

طبقاً للأخبار المتداولة فإن حافظ بشار الأسد أو "حافظ الأسد جونيور" كما يحب أن يطلق عليه أبناء شعبه، قد حصل على الدكتوراه بدرجة امتياز في الوقت الذي اشتعلت فيه الأوضاع تماماً في بلاده، وكانت عناصر "هيئة تحرير الشام" بقيادة أحمد الشرع على بعد كيلومترات من القصر الرئاسي في دمشق، حيث اختار الشاب تخصصاً دقيقاً هو علم الجبر والمنطق الرياضي، وجاء موضوع رسالته العلمية بعنوان "المسائل الحسابية المتعددة الأسئلة في عديد من الأنماط الجبرية". وقد سلم الرسالة باللغة الروسية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ونوقشت بالتزامن مع سقوط جيش بشار الأسد.

 

كريم بشار الأسد الذي أتم الـ20 من عمره عُرف بتفوقه الدراسي أيضاً، حيث يميل إلى المواد العلمية. كما تفوقت زين بشار الأسد في رياضة ركوب الخيل، وكان لها بعض الأنشطة الخيرية بينها المساعدة في تخفيف الأعباء عن الأسر المتضررة من الزلزال الذي ضرب بعض المناطق العام الماضي. فهل سينطلق الأبناء في مسيرتهم رافضين أعباء الماضي الثقيل، أم أن الميراث الخطر سوف يطاردهم؟

الأمر نفسياً يبدو معقداً للغاية بالنسبة إليهم، فحتى الأب الطاغية يكون لديه ولاء غير عادي لعائلته، بالتالي كيف سيفرقون بين هذا وذاك؟ وكيف سيتجاوزون تلك الضغوط التي فشل البعض في السابق في تجاوزها والنجاة منها حتى إن لم يكونوا متورطين بالمرة في الجرائم؟ وهل ستوفر لهم الدولة الروسية حماية خاصة على مستوى عالٍ وهم لا يزالون في مرحلة الشباب ولديهم كثير ليفعلوه سواء في ما يتعلق بالدراسة أو المسار المهني؟

يقول الباحث حاتم أبو النجا، إن الدولة الروسية تتعامل مع اللاجئين كأغلب دول العالم، وينص القانون الروسي على حظر ترحيل اللاجئ أثناء دراسة طلبه، كما يجب على السلطات تسهيل عملية التعامل معه. ويلزم القانون السلطات الروسية توفير مترجم إذا كان اللاجئ لا يجيد اللغة الروسية، مشيراً إلى أن روسيا تصدر شهادة للاجئين الدائمين بأجل غير مسمى، وشهادة موقتة يتم تمديدها بحسب تطور الأوضاع في البلد التي يخشى أن يعود إليها الشخص.

 

لكن في ما يتعلق بالمعاملة الخاصة، لا سيما في الجامعات، هل يحصل أبناء الطبقة العليا في الجامعات الباهظة الكلفة على بعض من الامتيازات أو حتى التأمين الإضافي مقارنة بالجامعات المجانية؟ يقول أبو النجا إنه بشكل عام لا توجد معاملة خاصة داخل الجامعات الروسية، فالطلاب الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة يتم التعامل معهم بشكل اعتيادي، وحتى في بعض الأحيان يفاجأ الزملاء بأن هذا الطالب يدفع رسوماً لتلقيه العلم مع عدم تقديم أية امتيازات إضافية له تشير إلى وضعه.

الزعيم الشرس والأب المثالي

وفقاً لنماذج متعددة حول العالم لا توجد أية علاقة بين سلوكيات قادة السياسة وحتى قادة المجموعات الخارجة عن القانون وبين شخصيتهم الحقيقية، خصوصاً في علاقتهم بأحبائهم. بل إن بعضهم تكون نقطة ضعفه الحقيقية هي أسرته، فالشراسة والعنف في الممارسات العامة قد يقابلها حنان طاغٍ مع الأبناء وحرص كبير عليهم وعلى تلقينهم قيماً إنسانية رفيعة. حيث كان بابلو إسكوبار يدلل أبناءه ويحثهم على استكمال تعليمهم ولا يدخن أمامهم، مطالباً إياهم بالابتعاد عن التدخين والمخدرات، فيما كان هو إمبراطور تجارة المخدرات في كولومبيا خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهرّب أطناناً من الكوكايين إلى العالم بما فيه الولايات المتحدة التي أوقع ضباطها به عام 1993. ومنذ وفاته حاول أبناه خوان ومانويلا مع والدتهما التخلص من إرثه تماماً لكنهم ظلوا يتلقون نظرات الريبة.

وفشل أبناء إسكوبار في اللجوء إلى دولة أوروبية أو أميركية، ولم ترحب بهم إلا الأرجنتين. وكان خوان في الـ15 من عمره تقريباً بينما كانت شقيقته الصغرى في العاشرة. ووفقاً لتصريحات خوان سيباستيان ماروكين، الذي اتخذ اسماً بديلاً حيث تخلى عن لقب إسكوبار ليساعد نفسه على الاندماج في المجتمع، فإنه ترك أموال والده الطائلة، إذ كان يصنف كسابع أغنى رجل في العالم خلال حياته، للبدء من الصفر. وعمل مهندساً ومحاضراً وكاتباً أيضاً، وقد نشر قبل عشر سنوات كتابه عن حياته مع أبيه بعنوان "بابلو إسكوبار والدي". كما ظهر في وثائقي بعنوان "إثم والدي" طالب فيه الضحايا بالصفح عن عائلته، نظراً إلى أن والده تورط في قتل الآلاف وتدمير حياة غيرهم عن طريق المخدرات.

 

وعلى رغم كل المحاولات التي يبذلها خوان للتعايش والتكيف مع العالم وإسهاماته الكبيرة في الأعمال الخيرية، فإنه يجد نفسه بين حين وآخر يحاسب بذنب لم يرتكبه. وقد ذكر أن كثيراً من البلدان لا ترحب بأسرته الصغيرة بسبب الماضي العنيف وانخراط كثيرين من أقربائهم في عالم الجريمة. كما أنه واجه أزمة قانونية عام 2018 هو ووالدته فيكتوريا هيناو، أرملة إسكوبار، حيث تشككت السلطات الأرجنتينية في مصدر ثروتهما وخضعا للتحقيق بتهمة تبييض أموال تجار المخدرات في كولومبيا.

خوان، الذي يصف أباه بالرجل الصالح الشجاع الذي أحسن تربيته، حذر كذلك من الإعجاب بالأعمال الدرامية التي تظهر تجار الممنوعات على أنهم نماذج ناجحة وأسطورية. وكان أبوه موضوعاً لعشرات الإنتاجات في هذا الصدد، بينها مسلسل منصة "نتفليكس" الشهير، كما عرضت المنصة كذلك مسلسلاً مطلع هذا العام عن معلمة إسكوبار، غريزيلدا بلانكو، الملقبة بـ"الأرملة السوداء" لقتلها أزواجها الثلاثة وتسببها في مقتل ما يزيد على 200 شخص بشكل مباشر ليدفع ثلاثة من أبنائها الثمن ويتم تصفيتهم بطريقة انتقامية ويظل ابنها الأصغر مايكل كورليوني بلانكو الناجي الوحيد، لكنه أيضاً لا يزال مطارداً بماضي الأم الملقبة بـ"عرابة الكوكايين" التي قتلت عام 2012 وهي على مشارف الـ70 في وضح النهار بكولومبيا بعد صفقة خروجها من السجن في الولايات المتحدة، على رغم أنها كانت قد اختارت أن تعيش حياة هادئة.

ولا يبدو أن أحداً يصدق أن بلانكو، الذي قضى مراهقته متنقلاً بين الأوصياء القانونيين بسبب سجن والدته، قد نسي أنه عمل لبعض الوقت في التجارة غير المشروعة، حيث تم نصب كمين له في ولاية فلوريدا الأميركية عام 2011 وقُبض عليه وبحوزته خمسة كيلوغرامات من الكوكايين بهدف الاتجار، وتمت تسوية الأمر بعد أن وضع تحت الإقامة الجبرية. لكنه في ما بعد احترف الظهور البرامجي وركز على عمله كمنتج موسيقى وصاحب علامة تجارية تستمد صيحاتها من أسلوب ملابس تجار مخدرات كولومبيا، نافياً علاقته بأية عصابات. ومشدداً على أنه سعيد في حياته الأسرية حيث يربي مع زوجته ماري راميريز دي أريلانو ابنتهما الوحيدة فيث. ووصف مايكل مراراً والدته بالمحبة له والقوية التي كانت تحرص على قضاء وقت رائع معه، واعتبرها امرأة أسطورية ورائدة.

العالم لا يتسامح

أيضاً عمر نجل أسامة بن لادن وصف والده بأنه كان لطيفاً للغاية معه، ولديه قواعد أخلاقية صارمة، وحال بن لادن الابن الذي حاول على مدى أعوام اللجوء السياسي إلى دول عدة بينها إسبانيا ورفض طلبه، تبدو نموذجية في ما يتعلق بالوصم الذي يدفع ثمنه الأبناء، فالرجل البالغ من العمر 44 سنة كان يعيش في فرنسا يرسم لوحات من الطبيعة، لكنه على ما يبدو سوف ينظر إليه دائماً على أنه نجل العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، والذي قُتل في غارة أميركية عام 2011، حيث إنه محاصر بهالة من التشكك على رغم تأكيده مراراً أنه يرفض نهج والده وبعض أشقائه تماماً، بل وتبرؤه من أيديولوجية مؤسس تنظيم "القاعدة". لكن تم إبعاده قبل نحو شهرين عن فرنسا بتهمة تمجيد الإرهاب بسبب تدوينة له، حيث مُنع من العودة إليها لأي سبب وسط دهشة معارفه وبينهم أصدقاء أوروبيون، وكذلك زوجته البريطانية جين فيليكس براون التي غيرت اسمها إلى زينة محمد الصباح.

 

وكان عمر بن لادن كشف في مذكرات نُشرت له عام 2009 أنه وإخوته نشأوا في وضع خاص جداً، حيث كانوا مضطرين للاختباء والهروب طوال الوقت نظراً إلى أن أكبر الأجهزة الاستخباراتية في العالم كانت تطارد أبيه، ويرى نفسه حالاً تدعو للأسى بسبب الخوف الذي لاحقه. وفي ما بعد كان قد أدلى بتصريحات غاضبة تجاه الولايات المتحدة التي منعته من دفن أبيه بشكل لائق بعد قتله. ولدى عمر بن لادن ما يقرب من 25 أخاً وأختاً وفقاً لبعض التقديرات، بعضهم سار على نهج الأب مثل حمزة وسعد اللذين قُتلا في اشتباكات كذلك.

واستقبلت مصر عديداً من اللاجئين السياسيين سواء كانوا حكاماً أو معارضين لأنظمة بلادهم أو رؤساء. وقد يكون أشهرهم شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي غادر البلاد بعد إطاحته أثناء الثورة الإسلامية عام 1979، ورحب به الرئيس الراحل أنور السادات. وقد توفي بهلوي في العام التالي متأثراً بمرضه لتقرر أرملته الإمبراطورة فرح ديبا والأبناء الأربعة الاستقرار في الولايات المتحدة.

لكن على ما يبدو فإن الاندماج بالحياة العادية كان صعباً للغاية، حيث تأثرت نفسية الأبناء بشدة، وبعضهم كان يعيش في دائرة ضيقة من دون أن يكشف هويته إلا لعدد محدود للغاية من المحيطين، ليقرر اثنان منهما الانتحار في مراحل مختلفة وهما ليلى وعلي رضا اللذان عانيا من اكتئاب شديد بسبب ما حدث للأسرة. وكانت الأم صرحت قبل سنوات بأنهما كانا يعتبران أنفسهما منفيين قسراً. ويتبقى فرح ناز وولي العهد الأمير رضا بهلوي الثاني الذي يعمل بكل قوته لحشد أتباعه لانقلاب على الحكم في إيران، حيث يرى أن إرث عائلته يجب أن يعود.

المؤكد أن الدول تقدم الفرص لأبناء المطلوبين جنائياً أو اللاجئين سياسياً والمضطهدين، وعليهم أن يتقبلوها، لكن بعضهم يجد صعوبة في التكيف. يقول الأكاديمي أبو الخير عطية إن اللجوء السياسي والإنساني بشكل عام هو حق سيادي وأصيل للدولة المضيفة وله حالات معروفة، وعلى الدولة التي قبلت بلجوء بعض الأشخاص على أراضيها أن توفر لهم المأوى والمعيشة والحماية، حيث يتمتعون بحقوق قريبة من حقوق المواطن، وتمنحهم أيضاً وثيقة تثبت ذلك، وتتدرج الامتيازات التي يحصلون عليها، فقد يحصل على حقوق مواطن مهم كوزير سابق مثلاً، أو يظل يحصل على امتيازات عادية وفقاً لوضعه، كما أن من حق أي لاجئ مهما كانت حيثيته أن يذهب ويسجل نفسه في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لتحميه إذا ما نشبت أية أزمة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير