مقتل والد صحافية يصبح قضية رأي عام في تعز اليمنية

تكشف عملية مقتل والد صحافية يمنية على باب منزله على يد مسلحين عن حال الانفلات الأمني المريعة التي بلغتها مناطق واسعة في اليمن، بما فيها تلك الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً وعلى نحو غير مسبوق.

وكانت الصحافية غدير ابنة المجني عليه سيف حمود الشرعبي ظهرت أمس الأول في مقطع فيديو تستغيث بالجهات الأمنية الإمساك بالجناة، وتحقيق العدالة لعائلتها واعتقال القاتل الذي لا يزال طليقاً، وهو المقطع الذي لقي انتشاراً واسعاً وشكل قضية رأي عام تكشف عن الإشكال الأمني الذي سببته 10 أعوام من الحرب الدامية، التي سببها الانقلاب الحوثي على السلطة بدعم من النظام الإيراني ولا أفق لنهايتها.

وكشفت غدير لـ"اندبندنت عربية" أن والدها "تعرض لإطلاق نار مباشر من قبل الجاني وليد كامل في استقصاد مسبق للقتل، إذ سبق ورفع نفس الجاني السلاح في وجه والدي خلال يوليو (تموز) 2024 لنفس الأسباب وهي محاولة منع المسلحين الجلوس بجوار منزلنا".

وأوضحت أن والدها في يوم الحادثة التي جرت مساء الإثنين الماضي "كان يقف على باب منزله أثناء ما كان يطالب من المسلحين الابتعاد من منزله، ليباشره الجاني بعدة طلقات أردته قتيلاً".

وأكدت "لم يكن والدي يحمل سلاحاً بل كان يحاول إقناع الجناة وعددهم نحو 10 أشخاص من أصحاب السوابق بالابتعاد من المنزل كحق قانوني، ليصبح قتيلاً والمجرمون طلقاء".

خذلان العدالة
حول مستجدات القضية التي قوبلت بتضامن واسع من قبل زملائها في الحقل الإعلامي والحقوقي والجماهيري، تكشف غدير أن السلطات الأمنية ألقت القبض على نحو تسعة من أفراد العصابة المسلحة، بينما لا يزال الجاني حراً طليقاً".

وتضيف "كل ما أرجوه هو تحقيق العدالة حتى أدفن والدي".

وزودتنا غدير بوثيقة شكوى موجهة لأمن مدينة تعز توضح أن الجاني سبق وهدد والدها بالقتل بعد أن شرع بتوجيه بندقيته الآلية إليه، "ومع ذلك لم يقم الأمن بدوره، وعلى رغم غياب الإنصاف فإننا ما زلنا متمسكين بالقانون الذي أرجو ألا يخذلنا مجدداً".

وعن الدوافع التي تقف خلف الواقعة تذكر أن "الجريمة جنائية وليس لها دوافع أخرى ولا صلة بتناولاتي الصحافية".

تضيف "سبق وكررت المجموعة نفسها التي يتبعها الجاني اعتداءاتها على منزلنا منذ عام 2021 بجلوسه إلى جانب البيت وتكسير سيارتنا وقطع أسلاك الهاتف". وعلى رغم الشكاوى للأمن "فإن الانصاف غائب ولهذا توفي والدي بسبب انتظاره الطويل للقانون، بينما المسلحون والقتلة يعيشون طلقاء".

الجاني طليقاً
من جانبها، أعلنت شرطة تعز أنها تمكنت من اعتقال المطلوب الثاني في القضية، إضافة إلى ثمانية متورطين آخرين.
وفي تصريح أمني، أوضحت الشرطة أنها تواصل ملاحقة الجناة المسؤولين عن مقتل المواطن سيف حمود الشرعبي، إثر حادثة وقعت مساء يوم الإثنين الماضي.

وأكدت أن المعتقلين متورطون في التستر على الجاني الرئيس، وأودعوا الحجز لاستكمال التحقيقات اللازمة.

وأشارت الشرطة إلى أنها قامت بحجز والد المطلوب الرئيس في القضية، إضافة إلى السيارة التي استخدمت في الهرب مع سائقها، وذلك في سياق التحقيقات الجارية.

وشددت على استمرار ملاحقتها للجاني الرئيس وتوعدت باتخاذ جميع الإجراءات القانونية الصارمة بحق كل من يثبت تورطه في التستر على الجاني أو محاولة إخفائه.

ودعت الشرطة المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ الفوري عن أية معلومات قد تساعد في حل القضية.

وثيقة تكشف شكوى سابقة لأمن تعز قدمها الضحية ضد نفس المجموعة المسلحة (اندبندنت عربية)

وتشهد مدينة تعز (جنوب غربي) حالاً من الانفلات الأمني غير المسبوق، عدها مراقبون نتيجة لاستمرار الصراع وضعف الأجهزة الضبطية وتعدد ولاءاتها في إطار الصراع البيني الذي تشهده الشرعية اليمنية، يصعب من مهامها الحرب مع ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران التي تسيطر على معظم المناطق الشمالية منذ 10 أعوام.

وفي مؤشر يكشف عن الحال الأمنية غير المسبوقة التي بلغها المجتمع اليمني خلال الأعوام الماضية، صنف اليمن بحسب موقع "ترافل ريسك ماب" المتخصص في قياس مؤشر الأخطار الأمنية، واحداً من بين خمس دول عربية أكثر خطورة من الناحية الأمنية لعام 2022، وضمن أخطر 15 دولة في العالم.

واعتمد التصنيف على معلومات الإرهاب وحركات التمرد والاضطرابات ذات الدافع السياسي، والحروب والاضطرابات الاجتماعية بما في ذلك العنف الطائفي والعرقي والجرائم الأخرى.