ملخص
مع وصول حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى أكثر من 46 ألف قتيل، واستمرار وجود مئات الآلاف من أهالي القطاع في خيام للنازحين، تتصاعد الدعوات إلى إنهاء الحرب.
قبل نحو عام طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة "حماس" و"أطرافاً أخرى بسرعة التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب وإزالة العقبات" التي تمنع ذلك، في دعوة يكررها يومياً مسؤولون في السلطة الفلسطينية و"منظمة التحرير الفلسطينية" لإنهاء "حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، والمعاناة غير المسبوقة إلا في الحرب العالمية الثانية".
ومع وصول حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى أكثر من 46 ألف قتيل، واستمرار وجود مئات الآلاف من أهالي القطاع في خيام للنازحين، تتصاعد الدعوات إلى إنهاء الحرب.
ومع تواصل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" في العاصمة القطرية الدوحة، تبدو الظروف "قد نضجت" للتوصل إلى وقف جزئي لإطلاق النار، وليس إنهاء كاملاً للحرب، مع بقاء القوات الإسرائيلية في القطاع.
ويتضمن الاتفاق تبادلاً لإطلاق سراح أسرى إسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية، مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين معتقلين لديها.
وقف النار؟
وبحسب عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" أحمد مجدلاني فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يتجه إلى القبول باتفاق لوقف إطلاق النار، وليس إنهاء الحرب بعدما استطاع أن يفرض شروطه على حركة حماس، ويجبرها على تقديم تنازلات عديدة في القضايا التي كانت تمنع الاتفاق خلال الجولات السابقة من المفاوضات"، وأشار مجدلاني لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "إصرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب على التوصل إلى اتفاق، وتهديدات الأخير بفتح باب جهنم على المنطقة، وتصاعد الحرب الإسرائيلية تسهم في التوصل إلى اتفاق"، ووفق مجدلاني، أيضاً، فإن "المتغير الآخر الذي يدفع للتوصل إلى اتفاق هو التنازلات الكبيرة التي قدمتها حركة حماس، واضطرارها للتوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار بأي ثمن"، ومن ضمن العوامل الأخرى التي تسهم بالتوصل إلى الاتفاق بحسب مجدلاني "انضمام جدعون ساعر (النائب المعارض) إلى الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يضمن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استقرار حكومته في حال انسحاب بعض الوزراء من الصهيونية الدينية".
وأوضح مجدلاني أن "حماس" "كان بإمكانها تقديم هذه التنازلات قبل أشهر عدة، وتقليص معاناة الفلسطينيين، وحجم خسائرهم البشرية، وتفويت الفرصة على نتنياهو للاستمرار في حرب الإبادة الجماعية".
وعن إمكانية تجاوب نتنياهو مع هذه التنازلات أوضح مجدلاني أنه "إذا حصل على ما يريده، فإنه سيضطر لوقف حربه".
وتطالب السلطة الفلسطينية بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، الخاص بوقف إطلاق النار بصورة فورية، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من القطاع، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.
استمرار الحرب
ويرى السياسي الفلسطيني حسن عصفور أن مواقف حركة "حماس" خلال المفاوضات "لا تعرقل هذه المفاوضات، لكنها تربكها بسبب عدم وجود صورة واضحة لديها حول كيفية إدارة العملية التفاوضية"، وبحسب عصفور فإن ذلك "يتسبب في ارتكاب الحركة أخطاء تكتيكية تضرها، مثل نشر قائمة الأسرى الإسرائيليين الذين تعتزم الإفراج عنهم"، وأوضح عصفور أن "حماس" "تسعى من وراء ذلك إلى الضغط على نتنياهو، لكنها تخطئ بذلك لأنه لا يمكن الضغط عليه عبر ورقة الأسرى الإسرائيليين"، مضيفاً أن "نظرية حماس تلك فاشلة، ولا تجدي نفعاً"، ورجح عصفور بقاء القوات الإسرائيلية في مواقع عدة بقطاع غزة لأكثر من سنة، مضيفاً أن "الحرب متوقفة عملياً من جانب حماس لكن إسرائيل هي التي تواصل من جانب واحد في القتل والتهجير والتدمير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن أسباب تحميل بعض قادة "منظمة التحرير الفلسطينية"، وحركة "فتح" حركة "حماس" بعض المسؤولية عن استمرار الحرب، اعتبر المحلل السياسي جهاد حرب أن ذلك يعود إلى "معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة التي لم تعد تحتمل، ولأن الحرب الحالية هي الأطول في تاريخ الفلسطينيين"، ومن بين تلك الأسباب وفق حرب "انتهاج السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الحراك السياسي والقانوني ضد إسرائيل، ورفضها أسلوب المقاومة المسلحة العنيفة"، وبحسب حرب فإن ذلك دفع بـ"منظمة التحرير الفلسطينية" إلى دعوة "حماس" إلى "تقديم تنازلات، وإبداء المرونة للوصول إلى إنهاء الحرب لوقف معاناة الفلسطينيين"، وأشار حرب إلى "ضرورة سحب حركة حماس من نتنياهو الذرائع لاستمرار حربه على القطاع"، وقال إن التصريحات التي تحمل "حماس" جزءاً من مسؤولية استمرار الحرب يعود أيضاً إلى "حال الاشتباك السياسي والإعلامي بين منظمة التحرير وحركة حماس".
"تتحمل مسؤولية عن كل كوراث الفلسطينيين"
وعد رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة "النجاح" في نابلس رائد الدبعي أن إسرائيل "تتحمل المسؤولية عن كل كوراث الفلسطينيين"، إلا أنه أوضح أن ذلك لا يعني عدم دعوة حركة "حماس" إلى إبداء مزيد من العقلانية، وتغليب مصالح الشعب الفلسطيني، وربط الدبعي بين موضوع إنهاء الحرب على قطاع غزة وبين الجهة التي ستحكم القطاع بعد الحرب، وحذر من تبعات القفز عن شرعية "منظمة التحرير الفلسطينية"، وتمثيلها جميع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مشيراً إلى أن ذلك لو حصل فإنه يعني "إدخال القضية الفلسطينية في نفق مظلم".