ملخص
باشرت سلطات الجمارك التابع لميليشيات الحوثي بإحراق كميات منها كإجراء يستبق مناسبة "الفالنتاين" في صنعاء بالتزامن مع كساد بضائع المحلات وتراجع الإقبال على مبيعات الورود وهدايا ما يعرف بـ "عيد الحب" إلى أدنى مستوى له منذ 10 سنوات ماضية.
منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء والمحافظات المحيطة بها شرعت ميليشيات الحوثي بمنع العديد من مظاهر الحياة كالاحتفالات والأغاني في المناسبات الخاصة والعامة، ومؤخراً قامت الجماعة بإحراق الورود بمزاعم الحفاظ على الهوية والتقاليد ومحاربة الغزو الفكري ودعم المنتج المحلي.
وذكرت مصادر عامة في بيع الزهور والهدايا والتحف، أن الميليشيات المدعومة من إيران منعت إدخال الورود المستوردة من الخارج إلى مناطق سيطرتها.
وتنفيذاً لهذا الإجراء باشرت سلطات الجمارك التابعة لها بإحراق كميات منها كإجراء يستبق مناسبة "الفالنتاين" في صنعاء بالتزامن مع كساد بضائع المحلات وتراجع الإقبال على مبيعات الورود وهدايا ما يعرف بـ "عيد الحب" إلى أدنى مستوى له منذ 10 سنوات ماضية.
ونشرت إحدى المحلات المتخصصة في بيع الورود والهدايا مقطع فيديو يظهر قيام مسلحين حوثيين بإحراق شحنة ورود استقدمتها من خارج البلاد، مؤكدة فرض الميليشيات إجراءات جديدة تلزم محلات بيع الورود الاكتفاء ببيع منتجات محلية من الزهور والنباتات بدلاً عن الخارجية.
نحن داعمون للورد المحلي ونشجع زراعته ولكن لتحقيق النجاح المطلوب يجب تحسين جودته وضمان توفره باستمرار لما لذلك من فائدة على الدولة والمزارعين نحن على أتم الاستعداد لدعم أي إنتاج محلي عالي الجودة ولكن للأسف لم يتم تحسين الإنتاج المحلي بالشكل الكافي حتى الآن #حكومة_صنعاء_تحرق_الورد pic.twitter.com/CPADcT1mcq
— كرومي عياش (@km_1987hd) January 7, 2025
ونفذت السلطات الحوثية حملة مداهمات طاولت محلات بيع الورود وهدايا أعياد الميلاد في شوارع حدة والتحرير بتهمة الاحتفال برأس السنة الميلادية 2025، وصادرت الهدايا وشموع وأشجار أعياد الميلاد بالقوة وإغلاق عدد منها وألقت القبض على العاملين واقتادتهم إلى أماكن مجهولة.
منع "الرذيلة"
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية منعت أصنافاً عدة من المنتجات والبضائع من دخول مناطق سيطرتها بذريعة إتاحة الفرصة لبيع المنتج المحلي، وشنت حملة اعتقالات في صنعاء خلال الأعوام الماضية بتهمة الاحتفال بعيد الحب وتشجيع الاختلاط، إذ سبق وأغلقت جميع المقاهي والمطاعم بداعي منع الاختلاط ونشر الرذيلة.
وقبيل هذه المناسبة التي تصادف في الـ 14 من فبراير (شباط) من كل عام، بدت محلات الورود والهدايا في العاصمة صنعاء والمدن الأخرى شبه خاوية بفعل الإجراءات المتتالية التي تفرضها الجماعة الطائفية المتشددة على الفضاء العام والحريات وفقاً لتقارير حقوقية، سبقتها بقرارات عدة من ضمنها منع الأغاني في المناسبات الخاصة والعامة، إضافة لشنها معارك ضروس ضد مجسمات "فاترينات" عرض الملابس النسائية والصور المعروضة على واجهات محال كوافير النساء بحجة أنها تؤخر النصر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسبق وأعلن مكتب الصناعة التابع للجماعة منتصف عام 2021 ضبط وإتلاف 750 من ملصقات الملابس النسائية الداخلية، بعد حملة شرسة شنتها السلطات الحوثية على مدى ثلاثة أيام في الأحياء التجارية امتداداً لحملات سابقة طاولت المحال المتخصصة في بيع "العبايات" (زي نسائي تقليدي في اليمن).
ونشرت وسائل إعلام محلية أخباراً عن تلقي أصحاب محال بيع الورود والهدايا تهديدات من مشرفي ومسلحي الميليشيات الحوثية بإغلاق محالهم وفرض عقوبات مالية ضدهم، في حال تورطوا في الإسهام في ما وصفته بـ "نشر الرذيلة".
وأكد ملاك المحال تنفيذ سلطة الحوثيين جولات ميدانية تنفذها دوريات أمنية وعسكرية لعناصرها المسلحة لتجوب شوارع وأسواق صنعاء ومراقبة محال وأسواق الهدايا وتضييق الخناق على مرتادي المتنزهات والحدائق العامة.
مراقبة ملابس النساء
وخلافاً للقوانين المدينة التي يشملها دستور البلاد، تسعى الميليشيات الحوثية في صنعاء لاستنساخ النموذج الإيراني من خلال شن حملات تقيد تحركات النساء والفتيات وطالبات الجامعات والتحريض ضد قيادة المرأة للسيارات، مع وضع اشتراطات غير قانونية على قضايا تنظيم النسل والفصل بين الطلاب والطالبات في المعاهد والجامعات وملاحقة الفتيات العاملات في المطاعم والمقاهي وصالات الأفراح.
واعتبر ناشطون أن جماعة الحوثي تحاكي تجربة حركة "طالبان" وتنظيم "داعش" في إجراءات تقييد المجتمع خدمة لمشروعها الطائفي القمعي، إلى حد بروز أصوات من داخلها تنتقد هذه الإجراءات.
وسبق ودعا القيادي الحوثي عبدالملك العجري في صنعاء إلى معاقبة أصحاب التوجيهات الصادرة بإزالة ملصقات الملابس النسائية، كونها "تسيء تفسير الهوية التي تسوق لها الجماعة كمشروع لضبط القيم في المجتمع اليمني".
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعميماً لإنشاء كتيبة نسائية جديدة أطلق عليها اسم "البتول"، تدخل ضمن ما يعرف بكتائب "الزينبيات"، ومهمتها الإشراف على ملابس النساء خلال المناسبات الاجتماعية التي تقام في المنازل وقاعات الأعراس.
وترجع الجماعة هذه الإجراءات إلى تعزيز "الهوية الإيمانية" والقيم المجتمعية بغية "تحقيق النصر على أعداء الأمة ونصرة للمجاهدين في ميادين البطولة"، وهي أدبيات تتشابه وتلك التي يكرسها النظام الإيراني.
وتفسيراً لهذه الممارسات قال المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام إنه "لعقود طويلة تعرض اليمن لتجريف في الثقافة والفكر ومسخ للهوية اليمانية الإيمانية"، وأضاف خلال تغريدة له نشرها في عام 2020 "لمواجهة ذلك يجب الاعتناء بالمجال الفني وبالدراما".
وهو ما اعتبر شرعنة صريحة لجملة الإجراءات الحوثية التي وصفها حقوقيون بالقمعية التي تتعدى على حريات الناس وحياتهم الخاصة التي كفلتها الشرائع والقوانين.