Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مساعي السلام مع الأكراد في تركيا تواجه اختبار سوريا

يجري "حزب العمال الكردستاني" محادثات في شأن إلقاء السلاح وتحقيق المصالحة

أكراد يحملون صور عبدالله أوجلان خلال تظاهرة في القامشلي بسوريا في فبراير 2023 (أ ف ب)

ملخص

حذرت تركيا من أنها قد تشن هجوماً عسكرياً عبر الحدود في شمال سوريا ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية ما لم تُحل، إذ تعدها أنقرة منظمة إرهابية وجزءاً من "حزب العمال الكردستاني" المحظور، لكن الوحدات حليفة أيضاً للولايات المتحدة في محاربة تنظيم "داعش" مما يزيد من تعقيد المسألة.

عززت المحادثات الرامية إلى إنهاء الصراع المسلح المستمر منذ 40 عاماً في تركيا الآمال في تحقيق السلام، لكن الوضع الهش للقوات الكردية في سوريا وعدم اليقين في شأن نيات أنقرة، ترك كثيراً من الأكراد في حال قلق في شأن المسار الذي ينتظرهم.

وأفادت تقارير بأن زعيم "حزب العمال الكردستاني" المسجون عبدالله أوجلان، أبدى استعداده لدعوة المنظمة إلى إلقاء السلاح في إطار عملية سلام تنهي التمرد الذي بدأه حزبه ضد تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، عام 1984.

وأودى الصراع بحياة أكثر من 40 ألف شخص وعرقل التنمية في جنوب شرقي تركيا الذي تقطنه غالبية كردية، وتسبب في انقسامات سياسية عميقة.

والتقى مسؤولون من "حزب المساواة والديمقراطية للشعوب" المؤيد للأكراد مع أوجلان في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، وأجرى الحزب منذ ذلك الحين محادثات مع أحزاب أخرى تشمل "حزب العدالة والتنمية" بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمناقشة اقتراح أوجلان (75 سنة). ووصف الجانبان المحادثات بأنها "إيجابية".

وقال مصدران في "حزب المساواة والديمقراطية للشعوب" لوكالة "رويترز"، إن الحزب يعتزم الآن زيارة أوجلان مرة أخرى في الـ15 من يناير (كانون الثاني) الجاري في سجنه بجزيرة إمرالي شمال غربي تركيا حيث يحتجز منذ عام 1999. ويتوقع المصدران أن يسفر اللقاء عن خطة ملموسة لمحادثات السلام.

وقالت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لـ"حزب المساواة والديمقراطية للشعوب"، ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي، جولستان كلتش كوتشيجيت "نتوقع أن تتشكل العملية وأن تُحدد خريطة طريق واضحة لإرساء الإطار القانوني في الاجتماع الثاني مع أوجلان".

 

سقوط الأسد والوضع في سوريا

ولم يتضح بعد ما الذي يسعى أوجلان للوصول إليه في أي اتفاق، لكن الحزب نقل عنه إشارته إلى الجهود الرامية إلى إحداث "تحول ديمقراطي" في تركيا.

ويسعى الأكراد منذ فترة طويلة إلى الحصول على مزيد من الحقوق السياسية والثقافية والدعم الاقتصادي. ويطالب "حزب المساواة والديمقراطية للشعوب" أيضاً بالإفراج عن أوجلان.

وتغيرت ديناميكيات أي عملية سلام بعد إطاحة رئيس النظام السوري بشار الأسد، مما ترك القوات الكردية السورية في موقف أضعف أمام القوات المدعومة من تركيا والحكام الجدد في دمشق الذين تربطهم علاقة صداقة مع أنقرة.

وحذرت تركيا من أنها قد تشن هجوماً عسكرياً عبر الحدود في شمال سوريا ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية ما لم تُحل، إذ تعدها أنقرة منظمة إرهابية وجزءاً من "حزب العمال الكردستاني" المحظور، لكن الوحدات حليفة أيضاً للولايات المتحدة في محاربة تنظيم "داعش" مما يزيد من تعقيد المسألة.

ولم يتضح حتى الآن كيف يمكن أن يؤثر سقوط الأسد في احتمالات إلقاء "حزب العمال الكردستاني" السلاح. وأشار أحد كبار قادة الحزب في مقابلة أجريت معه هذا الأسبوع، إلى أن المنظمة تدعم جهود أوجلان، لكنه لم يعلق على مسألة نزع السلاح.

واقترح قائد القوات الكردية السورية أن يغادر المقاتلون الأجانب سوريا، بما في ذلك الذين ينتمون إلى "حزب العمال الكردستاني"، في إطار اتفاق مع تركيا لتجنب مزيد من الصراع في البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"توجيه السلاح والحديث عن السلام"

وقالت كوتشيجيت إن إدارة عملية السلام في تركيا على هذا الأساس تشكل الاختبار الأكبر لأنقرة. وأضافت "لا يمكنك توجيه السلاح نحو الأكراد في كوباني (في سوريا) والحديث عن السلام في تركيا. القضية الكردية قضية معقدة، ولا ينبغي معالجتها فقط في إطار العوامل الداخلية التركية ولكن أيضاً في إطار أبعادها الدولية". وقالت إن تركيا ينبغي أن تقبل حق الأكراد في إبداء رأيهم في مستقبل سوريا.

ولم تعلق أنقرة على المحادثات مع أوجلان، التي بدأت بعد اقتراح من حليف رئيس لأردوغان في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، لكن القيادي في "حزب العدالة والتنمية" عبدالله كولر تحدث بنبرة تفاؤل بعد اجتماع مع وفد من "حزب المساواة والديمقراطية للشعوب".

وقال كولر الثلاثاء "نرى جهود الجميع الطيبة للمساهمة في هذه العملية"، مضيفاً أن الهدف هو حل القضية هذا العام. وتابع "ستؤدي العملية المقبلة إلى تطورات مختلفة تماماً لم نتوقعها قط".

ولم يحدد كولر طبيعة هذه التطورات، لكن نائباً آخر من "حزب العدالة والتنمية" قال إن الأجواء قد تسمح لـ"حزب العمال الكردستاني" بإلقاء السلاح بحلول فبراير (شباط) المقبل. ورداً على سؤال عما إذا كان من الممكن إصدار عفو عن أعضاء "حزب العمال الكردستاني"، قال كولر إن العفو العام ليس على جدول الأعمال.

وقال زعيم "حزب الشعب الجمهوري" المعارض الرئيس، أوزجور أوزيل، إنه ينبغي تشكيل لجنة برلمانية تضم جميع الأحزاب لمعالجة المشكلات التي يواجهها الأكراد.

وفي جنوب شرقي تركيا يبدي الأكراد تشككهم في احتمالات السلام بعد الإخفاقات السابقة. وينعكس هذا الشك في استطلاعات الرأي. فقد أظهر استطلاع رأي أجراه مركز "سامر" في الآونة الأخيرة وشمل نحو 1400 شخص في جنوب شرقي تركيا والمدن التركية الكبرى، أن 27 في المئة فحسب من المشاركين يتوقعون أن تسفر دعوة أوجلان إلى إنهاء الصراع عن عملية سلام.

وانهارت محادثات السلام الأخيرة عام 2015، مما أدى إلى تصاعد العنف وشن حملة ضد أعضاء الأحزاب الموالية للأكراد. وقال كولر إن العملية الحالية لن تشبه بأي حال من الأحوال تلك المحادثات التي جرت قبل عقد من الزمن، مضيفاً أن الوضع تغير.

 

موقف أردوغان حاسم

وقالت كوتشيجيت إن دعم أردوغان سيكون ركيزة لتعزيز الثقة في عملية السلام. وأضافت "تأكيده المباشر مشاركته في العملية سيحدث فرقاً كبيراً. وإذا ساندها بشكل علني سيزداد الدعم المجتمعي سريعاً".

ويواصل أردوغان حالياً خطابه المتشدد تجاه "حزب العمال الكردستاني"، إذ قال بعد اجتماع للحكومة هذا الأسبوع، "من يختارون العنف سيدفنون إلى جانب أسلحتهم"، وكرر التهديد بالعمل العسكري ضد القوات الكردية في سوريا قائلاً "قد نأتي فجأة ذات ليلة".

وأوضح الرئيس التركي أنه يرى أن "الأخوة والوحدة والترابط ستنتصر في نهاية المطاف"، لكنه حذر من أنه إذا عُرقل هذا المسار "لن نتردد في استخدام القبضة الحديدية لدولتنا".

وأكدت منسقة مركز "سامر" لاستطلاعات الرأي ومقره ديار بكر، يوكسال جنش، أهمية تعليقات أردوغان. وقالت "الخطاب الحاد لأردوغان ودائرته يمنع تجديد الثقة في العملية الجديدة (بين الأكراد) في الشارع"، مشيرة إلى مخاوف بين كثير منهم في شأن ما قد يحدث للأكراد في سوريا.

وعلى الصعيد المحلي، أشارت أنقرة إلى رغبتها في التعامل مع القضية الكردية وأعلنت الشهر الماضي خطة تنمية بقيمة 14 مليار دولار تهدف إلى تقليص الفجوة الاقتصادية بين جنوب شرقي تركيا وبقية المناطق.

وسيكون إنهاء الصراع موضع ترحيب واسع في شتى أنحاء تركيا، لكن الحكومة تواجه مهمة صعبة في ظل العداء الذي يكنه معظم الأتراك لأوجلان و"حزب العمال الكردستاني" بعد أربعة عقود من إراقة الدماء، ووسط معارضة كثر لمحادثات السلام.

وقال محمد ناجي أرمان الذي يعمل في قطاع السياحة في إسطنبول "بالتأكيد لا أؤيد ذلك. لا أوافق على مثل هذه المفاوضات أو المحادثات. أعتبر ذلك عدم احترام للجنود القتلى وعائلاتهم".

 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات