ملخص
أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة أن الناتج المحلي الإجمالي قريب من التوقف، في حين تسارع نمو الأجور، وحذر عدد كبير من تجار التجزئة من أن زيادة ريفز في مساهمات أصحاب العمل في التأمين الوطني ستجبرهم على رفع الأسعار
في وقت كانت تسعى وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز إلى تعزيز سمعتها على الساحة العالمية من خلال رحلات إلى بكين ودافوس خلال يناير (كانون الثاني) الجاري وكذلك تقليل التركيز على موازنتها الجديدة بعد أن رفعت الضرائب 40 مليار جنيه استرليني (48.8 مليار دولار)، لكنها وجدت نفسها تتابع بقلق حالات البيع المكثف في أسواق السندات الحكومية، والضغط القوي على الجنيه الاسترليني نتيجتها.
وأظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة أن الناتج المحلي الإجمالي قريب من التوقف، في حين تسارع نمو الأجور، وحذر عدد كبير من تجار التجزئة من أن زيادة ريفز في مساهمات أصحاب العمل في التأمين الوطني ستجبرهم على رفع الأسعار.
تلك البيانات أقلقت المستثمرين حيال احتمال أن تتجه بريطانيا نحو "الركود التضخمي"، وهو مزيج غير مرغوب فيه من نمو اقتصادي ضعيف وتضخم مرتفع ومستمر، وهو تحدٍّ لصانعي السياسات.
وعلى رغم أن النمو قريب من الصفر وتشير بعض العلامات إلى تدهور سوق العمل، فإن صانعي السياسات في بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) يظهرون تردداً في المضي قدماً في خفض أسعار الفائدة من 4.75 في المئة بسبب مخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً.
وقالت واحدة من نواب محافظي البنك هذا الأسبوع إنه "في الظروف الحالية من الصعب معرفة مدى سرعة إزالة السياسة المقيدة".
ويتوقع على نطاق واسع خفض واحد لسعر الفائدة في فبراير (شباط) المقبل، لكن المسار بعد ذلك لا يزال غير واضح.
قلق من خطط ريفز
وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي الكئيب، بدا أن الأسواق قلقة أيضاً في شأن استدامة خطط ريفز الضريبية والمتعلقة بالإنفاق، على رغم الزيادة في الضرائب التي أعلنت عنها في الموازنة.
ومع ارتفاع العوائد على السندات الحكومية طوال الأسبوع، أشار كبير الاقتصاديين في مجموعة "كابيتال إيكونوميكس" نيل شيرينغ إلى سيناريو كابوسي يمكن أن يتحول فيه بيع السندات إلى حلقة مفرغة تؤدي إلى تفاقم الوضع.
وقال شيرينغ لـ"ذا غارديان" إن "الوقت الحالي أصبح صعباً على الحكومة، إذ إن البيع في سوق السندات، قد يدفع كلف الاقتراض الحكومية إلى الارتفاع، مما يزيد من المخاوف في شأن الوضع المالي".
وقال المحللون إنه إذا كانت الأمور على حالها، فإن الزيادة في عوائد السندات بدت كافية لإزالة "الهامش" البالغ 9.9 مليار جنيه استرليني (12 مليار دولار) الذي تركته وزيرة الخزانة راشيل ريفز لنفسها.
ومع استمرار الأسبوع المضطرب، سعت وزارة الخزانة إلى تهدئة المخاوف من الانزلاق المالي، من خلال الإشارة بصورة كبيرة إلى أن الوزيرة مستعدة للضغط على خطط الإنفاق المستقبلية إذا كانت العوائد المرتفعة للسندات قد تدفعها إلى تجاوز قواعدها المالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت تلك القواعد، وفقاً لما قاله الأمين العام لوزارة الخزانة دارين جونز لأعضاء البرلمان أول من أمس الخميس "غير قابلة للتفاوض".
وأشار مدير معهد الدراسات المالية بول جونسون إلى أنه إذا اختارت ريفز إجراء خفوض طارئة على خطط الإنفاق المحدودة بالفعل، فإن ذلك سيسلط الضوء على سخافة الطريقة التي تعمل بها القواعد.
وقال جونسون "كما هي الحال مع جميع هذه القواعد المالية، إذا وضعت لنفسك قاعدة من دون أن تترك لنفسك أي هامش ضدها، ووعدت بأنك دائماً ستلتزم هذه القاعدة، فإنك تنتهي في هذا الوضع السخيف الذي يتطلب منك تعديلها في كل حدث مالي".
وبالنسبة إلى الحملات التي كثيراً ما دعت حزب العمال إلى القيام بمزيد من الجهود لمكافحة فقر الأطفال أو استعادة الإنفاق على المساعدات إلى 0.7 في المئة من الدخل القومي، ناهيك عن النقابات العمالية التي تدعم الحزب وتأمل في زيادة رواتب مناسبة، فإن احتمال فرض ضغوط مالية جديدة يُعدّ أمراً مثيراً للقلق.
وسيتوقف كثير من المسائل على كيفية تطور الاقتصاد خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، إذ اشتكت مجموعات الأعمال بصورة قوية من زيادة مساهمات التأمين الوطني، لكن لم يتضح بعد تأثير ذلك في النمو أو التضخم.
وتخطط ريفز لإلقاء خطاب في نهاية يناير الجاري، تعرض فيه رؤيتها حول النمو الاقتصادي.
تأثير الموازنة في تحفيز النمو
وبعيداً من ضوضاء السوق، يصر بعض المسؤولين الحكوميين على أن هناك أسباباً تدعو إلى التفاؤل، وهم يشيرون إلى الروابط بين التمويل الإضافي الذي تقدمه الوزيرة للقطاع الصحي والمجالس المحلية، والنمو المستقبلي، فضلاً عن التغيرات طويلة الأجل التي تهدف إلى زيادة بناء المنازل ومساعدة الناس في العودة للعمل.
وقال أحد المصادر من حزب العمال للصحيفة "الناس يقللون من مدى تأثير الموازنة في تحفيز النمو"، متسائلاً "من يعتقد حقاً بأن هناك بديلاً عن إصلاح الخدمات العامة؟".
في الوقت نفسه، يعتقد بعض المحللين بأن الجزء المتعلق بالتضخم في مخاوف الركود التضخمي مبالغ فيه، إذ يتوقعون أن يتراجع التضخم، مما يفتح الطريق لخفض أسعار الفائدة.
ويتبنى بنك " أتش أس بي سي" هذا الرأي، إذ يتوقع كبير الاقتصاديين الأوروبيين في البنك سايمون ويلز، ستة خفوض في أسعار الفائدة من بنك إنجلترا عام 2025.
ومن المتوقع أن توفر بيانات التضخم الأخيرة التي ستنشر الأربعاء المقبل، مزيداً من الوضوح.