ملخص
تحرص الأسر في النيجر على تعزيز الروابط الاجتماعية في ما بينها، من خلال استضافة بعضها البعض على الإفطار في هذا الشهر.
لا تمنع التطورات العسكرية والأمنية المتسارعة في النيجر سكان هذا البلد من الاحتفاء بشهر رمضان من خلال العديد من العادات والتقاليد والفعاليات التي تميز النيجر عن بقية دول المنطقة.
ويعد الإسلام دين الغالبية العُظمى في النيجر، إذ إن نحو 90 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 15 مليون نسمة هم من المسلمين. ويقوم سكان هذا البلد الواقع في غرب أفريقيا، باستعراض الأزياء التقليدية وتجهيز أطباق وأكلات مميزة على غرار "المَخفي وزازاهي".
وتُخيم الابتهالات والأناشيد الدينية على ليالي ومسامرات النيجريين، إذ هيمنت الطرق الصوفية منذ عقود على المشهد الرمضاني في البلاد، لكن هذه الطرق تتعايش في سلام.
"زازاهي والمَخفي"
ويُعد 93 في المئة من مسلمي النيجر من أهل السنة مع غالبية مرتبطة بالطريقة التيجانية، فيما اعتنق 7 في المئة منهم التشيع أساساً منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران حيث انتشر التشيع بصورة لافتة في منطقة غرب أفريقيا.
وتُزين العديد من المأكولات والأطباق موائد النيجريين شأنهم في ذلك شأن بقية المسلمين في شهر رمضان، الذي يعد المناسبة الأمثل بالنسبة لهؤلاء لاستعراض المأكولات الأكثر شعبية أو تلك التي تميز هذه المناسبة.
وتقول الناشطة، هارونا ماني فاطمة الزهراء، "بالفعل، هناك العديد من الأطباق التي يتم تحضيرها في شهر رمضان، أهمها ‘المخفي‘ وهو طبق تقليدي من أطباق الطوارق، ويتألف من الرز والقمح واللحم والسمن الحيواني، وكذلك التوابل والملح والبصل والقليل من الزيت والماء، ويُطهى على نار هادئة".
وتابعت هارونا في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "هذه الأكلة تكتسب شعبية منقطعة النظير لدى الطوارق في سائر أيام العام، لكن شعبيتها تتضاعف في شهر رمضان في كامل أنحاء البلاد، لكنه يتنافس مع العديد من الأطباق الأخرى والمأكولات مثل ‘الفيرماسا‘ وهو عبارة عن خبز دائري يُقدم بالأساس في الإفطار".
وأشارت إلى أن "السحور على سبيل المثال مهم جداً بالنسبة لنا لأنه من سنن نبينا الحبيب ولكن هناك استثناءات لأن هناك أشخاصاً لا يستطيعون الأكل في هذا الوقت، خصوصاً الذين يعانون من أمراض فيكتفون بشرب الماء فقط".
وأضافت هارونا أن "أكثر ما يتم تناوله في رمضان في وقت السحور هو ‘زازاهي‘ في لغة الهاوسا دو توه، أي الطبق الذي يتم إعداده في الليل وإعادة تسخينه في الصباح".
أما عن المشروبات، فيستعين مسلمو النيجر في شهر رمضان بـ "حليب الفوره" وهو حليب مصنوع من الدخن والحليب وكذلك عصير الليمون بالنعناع.
مسحراتي وارتفاع في الأسعار
وتقل الحركة في نهار رمضان النيجر، فيما تحرص الأسر المسلمة على تعزيز الروابط الاجتماعية في ما بينها، من خلال استضافة بعضها البعض على الإفطار في هذا الشهر.
لكن المعضلة الأشد التي يُعاني منها مسلمو النيجر في شهر رمضان هذا العام تكمن في ارتفاع كبير بالأسعار في وقت تعرف البلاد مرحلة انتقالية يقودها مجلس عسكري منبثق من انقلاب.
وقالت هارونا "نستطيع أن نقول إن الأجواء جيدة في رمضان هذا العام على رغم بعض التجار الذين يرفعون أسعار المواد الغذائية الأساسية خلال هذا الشهر الفضيل نظراً لكثرة الطلب عليها".
وفي غضون ذلك، لا تزال العديد من التقاليد التي تم توارثها عبر عقود خلت تحافظ على بقائها في النيجر على غرار المسحراتي أو ما يُسمى محلياً "فرق الإيقاظ".
فبخلاف الدول الإسلامية التي نجد فيها مسحراتي يعمل بانفراد على إبلاغ الصائمين بحلول موعد تناول وجبة السحور، في النيجر هناك فرق تعمل مع بعضها البعض من أجل ذلك.
وأوضحت أن "المسحراتي لا يزال حاضراً بقوة، وحتى بعيداً من الطبالين، فإن الأطفال أيضاً يُمارسون هذا الدور، وبالتحديد الطلاب، قائلين بالفرنسية: استيقظ، حان وقت السحور".
عادة صامدة
ويلجأ النيجريون في رمضان إلى إقامة حفلات جماعية لها طابع خاص، وهي حفلات تُنظمها القبائل الكبرى على غرار "الأمالا" و"الأيباما"، وذلك بالتوازي مع تزيين الشوارع وتعطير وتجهيز المساجد لاستقبال المصلين.
وأهم عادة تبقى صامدة في النيجر هي الإيقاظ أو المسحراتي كما هو سائد، إذ يقول الصحافي، الحسين محمد الحاج عثمان، إن "عادة الإيقاظ للسحور في النيجر كان يتولاها المؤذنون وبعض الأشخاص المتخصصين بهذه المهمة ويستعينون بتسجيل أصواتهم والطبل وغير ذلك.
وتابع عثمان في تصريح خاص أن "ذلك كان منتشراً وسائداً في مختلف أقاليم النيجر منذ أعوام كثيرة بالنظر إلى قلة وسائل إيقاظ الناس مثل الهواتف والجرس، وهي وسائل باتت متاحة الآن".
وتابع "مع ذلك وعلى رغم التطورات التي عرفتها المجتمعات الآن، إلا أن هذه العادة تظل صامدة خصوصاً في القرى وبعض المدن القديمة كزندر ومرادي وأغاديز نتيجة وجود الأشخاص المتمسكين بالعادات ومبدأ التضامن والتعاون فيها".
وخلص عثمان إلى أن "هذه العادة تظل إلى يومنا هذا صامدة ومن أفضل وأهم وسائل الإيقاظ للسحور في النيجر، بالنظر إلى أن فرق الإيقاظ تجوب الشوارع وتنادي بأصوات عالية وباستخدام الطبل، الصائمين للسحور".