ملخص
يصنف ترمب بأنه قريب من اليمين المتشدد في الحزب الجمهوري، واشتهر بعدائه للمهاجرين في أميركا بخاصة المتحدرون من أصول مكسيكية، الذين يتهمهم بإغراق البلاد بالمخدرات والعنف، ولا يتردد في الدعوة إلى إعادة النظر في قوانين الهجرة
في عز معركته الانتخابية الرئاسية للبقاء في البيت الأبيض عام 2020 أصيب بفيروس كورونا، أدخله الوباء إلى المستشفى لمدة ثلاثة أيام، لم يهزمه المرض لكنه "استقطر آلامه" لكي يستثمرها في صراعه ضد جو (النائم) بايدن، عندما قرر الأطباء أنه بإمكانه الخروج من المستشفى طلب من مساعديه إحضار "زي سوبرمان" على مقاسه، وأمام دهشتهم أبلغهم أنه يريد أن تلتقط له صورة وهو بزي الرجل الخارق، لأنه بالفعل كذلك، أثنوه عن فكرته الغوغائية، لكن أحداً لا يستطيع أن يجعل دونالد ترمب يتخلى عن شخصيته الصاخبة.
بتسريحة شعر غريبة ولافتة، يطل عليك كبطل خارق، يخرج يديه من جيبه ويفرد كفيه كأنه يطير، يتكلم بصوت عالٍ ونبرة متعالية عن أمور مثيرة وجدلية، هو متنبي العصر الحديث، ويمكن القول إنه مالئ الدنيا وشاغل الناس بمواقفه الجدلية والمثيرة.
هو سبب كل صداع يصيب من يعمل في الإعلام والسياسة والاقتصاد والبيئة، أحببت الرجل أم لم تحبه، لا تستطيع أن تتجاهل تصريحاً له أو موقفاً، وحتى في علاقاته الغرامية شخص غريب، إذ غالباً ما تنتهي بفضائح.
إنه الرئيس الأميركي الـ47 الذي يحكم بلاده لولاية ثانية بعد انقطاع، وأخيرة.
لا يمكن التنبؤ بتصرفاته كأن لسانه يسبق عقله، فيخرج فجاً وغير مألوف، يتصرف كما لو أنه سيد العالم الأوحد، يأمر وينهي ويلغي ويصرف ويمنع ويحتكر وينسحب ويحتقر بلا هوادة.
يتكلم بثقة، ويعرف أن كثراً يخافون منه، ومن يواجهونه قلائل، ويحرص على تصوير نفسه كزعيم، معتبراً القيام بذلك يعزز السياسة الخارجية الأميركية.
في أحدث حالات استفزازاته "ذبح" الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، وبخه كطفل، وانهال عليه بضربات متتالية، متناسياً كل ما له علاقة بإكرام الضيف أو الدبلوماسية، موجهاً رسالة إلى قادة الدول أن من يعصني ستكون هذه حاله.
المجنون
يروج ترمب لنفسه دائماً على أنه مجنون، وقد يقلب الطاولة على الجميع في أي وقت، ومع ذلك حقق نجاحات في مواضيع مختلفة. هو ليس بقارئ نهم، لم نسمع يوماً أنه من محبي كتب الفلسفة أو الروايات أو حتى التاريخ، يميل إلى الكتب التي تدعم الإيجابية والقيادة والنجاح، ومتابعة التقارير الإخبارية السريعة، لا يتعاطى المخدرات ولا يشرب الكحول، مع أن تصرفاته تقول غير ذلك.
اعتماده على نظرية الرجل المجنون قد يكون مثمراً في بعض الظروف، على سبيل المثال، قد يكون لسمعته بأنه شخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته تأثير رادع ضد كل من الصين وروسيا، أقوى خصوم الولايات المتحدة.
لكن نهج ترمب قد يفشل أيضاً بصورة كارثية، فإذا اعتقدت بكين أن ترمب سيفرض عقوبات أو جزاءات أخرى تعسفية على الصين، حتى لو احترمت المصالح الأميركية، فقد تصبح أكثر ميلاً لتحدي الولايات المتحدة.
في مقابلة أجراها عام 1980، وكان يبلغ من العمر آنذاك 34 سنة، وصف السياسة بأنها "عالم وضيع للغاية"، قائلاً إن" الأشخاص أصحاب القدرات المميزة يختارون عالم المال والأعمال".
لكن عام 1987 بدأ ترمب في الحديث عن خوض الانتخابات الرئاسية، وعام 2000 كان يدرس المنافسة في السباق الرئاسي كمرشح لحزب الإصلاح، كذلك أعرب عن رغبته في المشاركة في انتخابات 2012 كمرشح للحزب الجمهوري، إلى أن ترشح وفاز وحظي بولاية أولى وثانية.
يصف أكثر من نصف الفرنسيين والألمان (59 في المئة) والبريطانيين (56 في المئة) دونالد ترمب بـ"الديكتاتور"، وهو رأي يشاطرهم إياه 47 في المئة في بولندا، بحسب استطلاع للرأي أجراه مركز "ديستان كومان (مصير مشترك)" للأبحاث، في وقت يحاول فيه فرض اتفاق سلام بين كييف وموسكو.
يثير الرئيس الأميركي الجدل بتصريحاته المليئة بالتهديدات الموجهة إلى دول مختلفة، وتُربط قدرته على تنفيذ تهديداته إذا لم تتحقق مطالبه، بكونه "غير قابل للتنبؤ"، غالباً ما يستخدم عبارات مفادها "لنرى ما سيحل بهم إن لم يفعلوا ذلك"، و"ستفتح أبواب الجحيم"، و"الجميع سيرى ما سأفعله"، ويترك نياته غامضة، مما يزيد من تأثير الترهيب.
بدأ ترمب ولايته الثانية بإعلانات مثيرة للجدل، فقد طلب شراء جزيرة غرينلاند، التابعة لمملكة الدنمارك، وهي حليفة للولايات المتحدة في الناتو، ولم يستبعد الخيار العسكري لتحقيق ذلك، كان هذا الموقف منه يحوي عناصر نظرية الرجل المجنون والغموض وعدم القابلية للتنبؤ. كما اقترح أن تصبح كندا، الجارة الشمالية للولايات المتحدة وحليفتها في الناتو، الولاية الأميركية رقم 51، وقال إن الولايات المتحدة يمكن أن تستولي على قناة بنما بحجة أنها تمنح الصين امتيازات استثنائية، وكانت هناك فكرة أخرى أكثر جنوناً وتهوراً حين وعد بتحويل غزة، ريفييرا الشرق الأوسط، كذلك طلب من الأردن ومصر استضافة الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة، وعندما ذكره الصحافيون بتصريحات البلدين بأنهما لن يستضيفا سكان غزة، رد قائلاً "سيفعلون ذلك، سيفعلون ذلك، نحن نفعل كثيراً من أجلهم وسيفعلون ذلك".
نظرية المؤامرة
كان الرجل من أبرز المروجين لنظرية مؤامرة، مفادها أن باراك أوباما لم يكن مولوداً في الولايات المتحدة، وهو أحد الشروط الرئيسة التي يجب أن تتوافر في أي رئيس للبلاد.
ولم يقر ترمب بأن الأمر لا يعدو كونه اتهاماً كاذباً إلا عام 2016، لكنه لم يعتذر أبداً عن نشر تلك المزاعم، وعام 2015 أعلن رسمياً خوضه السباق الرئاسي رافعاً شعار "إحياء الحلم الأميركي الذي مات".
وتركزت حملته على نجاحاته في عالم الاقتصاد واتهامه المكسيك بتهريب تجار المخدرات والمجرمين والمغتصبين، متعهداً بأن يجبر المكسيك على تحمل نفقات بناء جدار حدودي بين البلدين.
يثير الرئيس الأميركي الجدل بتصريحاته المليئة بالتهديدات الموجهة إلى دول مختلفة، وتُربط قدرته على تنفيذ تهديداته إذا لم تتحقق مطالبه، بكونه "غير قابل للتنبؤ"، غالباً ما يستخدم عبارات مفادها "لنرى ما سيحل بهم إن لم يفعلوا ذلك"، و"ستفتح أبواب الجحيم"، و"الجميع سيرى ما سأفعله"، ويترك نياته غامضة، مما يزيد من تأثير الترهيب.
رحلة رجل الأعمال التي بدأت من قطاع الإنشاءات مروراً ببريق البرامج التلفزيونية وصولاً إلى البيت الأبيض، أسهمت في تزايد الاستقطاب في شأن شخصيته، فهو "غوغائي ومبتذل" عند معارضيه، بينما يمثل "الزعيم القادر على قيادة البلاد في ظل أوضاع متدهورة على جميع الصعد" بحسب مؤيديه.
يصنف ترمب بأنه قريب من اليمين المتشدد في الحزب الجمهوري، واشتهر بعدائه للمهاجرين في أميركا بخاصة المتحدرون من أصول مكسيكية، الذين يتهمهم بإغراق البلاد بالمخدرات والعنف، ولا يتردد في الدعوة إلى إعادة النظر في قوانين الهجرة، ووقف منح الجنسية الأميركية لأطفال المهاجرين الذين يولدون فوق الأراضي الأميركية.
يتمتع باستقلالية مالية كبيرة تجعله متحرراً من جماعات الضغط في حزبه، ويؤمن بقدرته الشخصية على استرجاع "عظمة أميركا" وما يصفه بـ"الحلم الأميركي"، ومواجهة ما يسميه الهيمنة الاقتصادية للصين.
ولا يتوانى عن إظهار العداء والسخرية العلنية المتكررة من شخصيات نسائية أميركية، بألفاظ توصف في وسائل الإعلام الأميركية بالصادمة، واشتهر أيضاً بتهكمه على سياسيين أميركيين بارزين كجون ماكين، أحد المرشحين للرئاسة عام 2008 (توفي عام 2018)، وإصراره على طعنه في صدقيته كأحد العسكريين الأميركيين القدامى في حرب فيتنام.
من أفلامه المفضلة "المواطن كين" (Citizen kane) و"ذهب مع الريح" (Gone with the wind) و"الأصدقاء الطيبون" (Goodfella) و"العراب" (The Godfather)، ويحب لعب الغولف وحب الظهور ولفت النظر والتغريد على "تويتر" سابقاً.
شخصية ترمب
حددت دراسة للبروفيسور دان مارك آدمز "حالة دونالد ترمب الغريبة: دراسة نفسية"، وكتاب "الخوف" الذي ألفه بوب وودوارد حول شخصية الرئيس الـ47 للولايات المتحدة أبرز معالم شخصيته:
النرجسية، إذ يعتقد بمثاليته ولا يعترف بالفشل.
لا يمكن التنبؤ بسلوكه، فشخصيته لا تستند إلى بنية فكرية منظمة واضحة، توجهه بشكل موضوعي نحو اتخاذ القرار، ويتميز بالاندفاع والتهور في العلاقات الخارجية.
شخصية التاجر الذي يتسم بالسلوك البراغماتي، الخاضع لحسابات الربح والخسارة.
المسيحية الإنجيلية، إذ تلعب الميول الدينية لديه دوراً مهماً في صناعة توجهاته في دعم إسرائيل ومشاريعها في المنطقة، من دون الاكتراث بمبادئ حقوق الإنسان.
شخصية مسكونة بالإنجاز.
شخصية "تأزيم" وهذه الشخصية بطبعها، بناءً على النقاط السابقة، شخصية تصنع الأزمات، وتديرها وتعيش معها.
حاول آدمز فك رموز شخصية ترمب، معتبراً إياه شخصية تعتمد على "سلطوية" واستبداد ممزوج بصبغة أميركية، يصفه معارضوه بالغوغائي فيما يمثل في نظر مؤيديه "الزعيم القادر على قيادة البلاد في ظل أوضاع متردية على جميع الصعد."
في المقابل يقول رئيس تحرير مجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية جاكوب هايلبرون، إن "ترمب كذلك فعلاً متطرف ومجنون"، مشيراً إلى ما ذكره رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتك" جيفري غولدبرغ، عن أن ترمب "ليس فقط معجباً بالديكتاتوريين وإنما هو يحتقر الجيش الأميركي الذي يتعهد بالولاء للدستور وليس لأي رئيس".
وأوردت المجلة أن الرئيس الأميركي يشيد بجنرالات أدولف هتلر على ولائهم للديكتاتور الألماني، وهو يتمنى أن يظهر له أفراد الجيش الأميركي الاحترام نفسه.
وفي مقابلة مع الكاتب الصحافي بوب وودوورد، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية سابقاً مارك أي ميلي إن الرئيس السابق "فاشي حتى النخاع" وإنه "أخطر شخص في هذه البلاد".
وأشار مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترمب جون بولتون "كما تعلمون كتب أدولف هتلر كتاباً مثيراً للقلق بشكل عميق بعنوان كفاحي، ولم يتمكن ترمب حتى من قراءة الكتاب بالكامل، ناهيك بكتابة شيء مثله".
وقدم جون بولتون أسوأ دفاع عنه عندما قال في مقابلة سابقة مع "سي أن أن" الأميركية إن ترمب ليس ذكياً بما يكفي ليكون فاشياً، مضيفاً أن "سلوكه فقط كافٍ لإثارة القلق، لكنه لكي يكون فاشياً فيجب أن تكون لديه فلسلفة وترمب لا يملك ذلك، وعلى رغم ذلك فقد نكتشف قريباً حقيقة فاشيته".
استبدادي
في سياق متصل، قال كبير موظفي البيت الأبيض الأطول خدمة في ولاية ترمب الأولى، جون كيلي، إن الأخير "استبدادي، ويعجب بالديكتاتوريين".
وأضاف في مقابلة مسجلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، عندما سئل عما إذا كان الرئيس السابق ينطبق عليه تعريف الفاشي "حسناً، بالنظر إلى تعريف الفاشية: إنها أيديولوجية وحركة سياسية يمينية متطرفة استبدادية وقومية متطرفة تتميز بزعيم ديكتاتوري واستبداد مركزي وعسكرة وقمع قسري للمعارضة".
وأوضح "من المؤكد أن ترمب ينتمي إلى منطقة اليمين المتشدد، وهو بالتأكيد استبدادي، ويعجب بالأشخاص الديكتاتوريين - لقد قال ذلك، لذا فهو بالتأكيد يقع ضمن التعريف العام للفاشي، بالتأكيد"، ونشرت هذه التصريحات قبل أسبوعين من يوم الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
عدم القابلية للتنبؤ
نشر العالمان السياسيان الأميركيان صموئيل سيتز وكايتلين تالمادج عام 2020 مقالاً مشتركاً في مجلة "The Washington Quarterly" بعنوان "الأخطار التي يمكن التنبؤ بها لعدم القابلية للتنبؤ: لماذا لا تكون التصرفات المجنونة فعالة؟".
يصنف ترمب بأنه قريب من اليمين المتشدد في الحزب الجمهوري، واشتهر بعدائه للمهاجرين في أميركا بخاصة المتحدرون من أصول مكسيكية، الذين يتهمهم بإغراق البلاد بالمخدرات والعنف، ولا يتردد في الدعوة إلى إعادة النظر في قوانين الهجرة، ووقف منح الجنسية الأميركية لأطفال المهاجرين الذين يولدون فوق الأراضي الأميركية.
ووفقاً للمقال، تظهر السجلات التاريخية المتعلقة بترمب والفترات الرئاسية السابقة أن التكتيكات المجنونة تفشل عادة في تعزيز الردع أو تحقيق مكاسب تفاوضية، وأشار الكاتبان إلى وجود ثلاثة أسباب رئيسة وراء هذا الفشل، الدول المستهدفة لا تفهم الرسالة التي يعتقد "المجنون" أنه يرسلها، والدول المستهدفة لا تجد سلوك "المجنون" مقنعاً، وحتى إذا صدقت الدول المستهدفة خطاب "المجنون"، فإنها لا تستسلم له لأنه ينظر إليه على أنه غير قادر على تقديم ضمانات مقنعة في شأن تصرفاته المستقبلية.
كان ترمب يلعب دور "عدم القابلية للتنبؤ" في تعامله مع حلفائه أيضاً، على سبيل المثال خلال مفاوضات التجارة مع كوريا الجنوبية طلب من فريقه أن يقولوا عنه "هذا الرجل مجنون لدرجة أنه قد ينسحب في أي لحظة".
وكانت القضية تتعلق بما إذا كانت الولايات المتحدة ستنسحب من اتفاق التجارة مع كوريا الجنوبية أم لا، ووفقاً لتقرير نشره موقع "آكسيوس" بقلم جوناثان سوان، كان ترمب يقدم نصائح لممثل التجارة الأميركي روبرت لايتيزر حول كيفية إجراء المفاوضات، وعندما أخبر لايتيزر ترمب أنه سيمنح الكوريين الجنوبيين مهلة 30 يوماً لتقديم التنازلات المطلوبة، رد ترمب قائلاً "لا، لا، لا، التفاوض لا يجري بهذه الطريقة، لا تخبرهم أن لديهم 30 يوماً، قل لهم هذا الرجل مجنون لدرجة أنه قد ينسحب في أي لحظة".
كما أن تصريحاته في شأن حلف الناتو كانت تثير الشكوك بين أعضاء الحلف حول ما قد يواجهونه إذا لم يلبوا مطالبه، فقد هدد بسحب القوات الأميركية من أوروبا إذا لم يتجه أعضاء الناتو إلى زيادة إنفاقهم العسكري، وقال إنه في حال نشوب صراع مع روسيا، قد يتركهم يواجهون بوتين بمفردهم.
"برج الأكاذيب"
أبرزت باربرا ريس التي عملت فترة طويلة مع دونالد ترمب، في كتابها "برج الأكاذيب"، أن العنصرية ومعاداة السامية والتشبث بالرأي وإلقاء مسؤولية الأخطاء على الغير كانت من أبرز السمات الشخصية لترمب، وقالت إن تلك الصفات ظلت تلازمه منذ أن بدأ يفكر في الترشح للرئاسة وحتى بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
ونقلت صحيفة "لوس أنجليس تايمز" عن ريس قولها إنه قبل ما يقارب أربعة عقود، بعد تشييده ناطحة سحاب تحمل اسمه في فيفث أفينيو بمانهاتن، كان ترمب يجلس خلف مكتبه المصنوع من خشب الورد ويفكر في العمل في منصب أكثر نفوذاً.
وقال "هؤلاء الساسة لا يعرفون أي شيء... ربما ينبغي أن أترشح للرئاسة... ألن يكون هذا شيئاً ممكناً؟"، ولم تشغل ريس التي عملت مديرة تنفيذية فترة طويلة في شركة العقارات المملوكة لترمب، بالها بهذه الفكرة إلى أن انتخب رئيساً.
عنصرية ومعاداة للسامية
في الأسابيع الأخيرة لحملة إعادة انتخابه لولاية ثانية، حثت ريس من خلال كتابها الأميركيين على عدم منحه فترة ولاية ثانية، ويتحدث الكتاب عن سلوك عنصري ومعادٍ للسامية ومتحيز ضد المرأة يتسم به ترمب، إلى جانب قدرته على "الكذب بشكل طبيعي للغاية"، بحيث "إذا لم تكن تعرف الحقائق الفعلية، يمكنه أن يمرر معلومة غير حقيقية من دون أن تلحظ ذلك".
وكتبت ريس "لقد غرس في وقت كنت أعمل فيه معه بذور ما هو عليه الآن، لقد كان قادراً على السيطرة على الآخرين من خلال الأكاذيب والتضخيم أو من خلال وعود بالمال أو وظائف أو من خلال التهديدات برفع دعاوى قضائية أو الفضح".
وتضيف "لقد أحاط نفسه بأشخاص يوافقونه الرأي وألقى اللوم على الآخرين في إخفاقاته الشخصية، ولم يكن أبداً يتحمل المسؤولية، وكان دائماً يرجع فضل ما يحققه الآخرون إليه". وتابعت "هذه الأساليب لا يزال تُستخدم، وهي سائدة في أعلى مستويات الحكومة الأميركية مع كل ما يستتبع ذلك بالضرورة من فساد وفوضى".
وقالت ريس في كتابها "إن التعصب والتحيز يسيطران على نظرة ترمب تجاه العالم"، وأشارت إلى أن ترمب وبخها عندما رأى عاملاً أسود في موقع إنشاءات، وأنه قال لها "أخرجيه الآن، ولا تجعلي هذا يحدث مرة أخرى، لا أرغب في أن يقول الأشخاص إن برج ترمب يبنيه السود".
وأجبر ترمب ريس على إقالة امرأة لأنها كانت حاملاً ومنع سكرتيرته الخاصة من حضور اجتماعات مهمة بسبب أنها لا تبدو كعارضة أزياء.
ترمب والشاشة
يمتلك الرئيس الأميركي الجديد تاريخاً حافلاً بالظهور على الشاشة، وجاءت أبرز اللقطات التي ظهر فيها في أحد برامج المصارعة، حين طرحه مصارع أرضاً على الحلبة.
وفي إحدى حلقات المسلسل الكوميدي "سبين سيتي" التي عرضت عام 1998، دخل ترمب مزهواً بنفسه إلى مكتب عمدة نيويورك راندال وينستون، الذي كان يحتاج إلى من يسدي له نصيحة حول كيفية تدوين مذكراته.
ومن ثم جلس في مقعد العمدة بلا استئذان، وتفاخر بأنه لم يجد أي صعوبة في تأليف كتابيه "فن إبرام الصفقات" و"فن العودة"، بعدما أنهى كتابة "تسعة فصول" من أحدهما في يوم واحد، على حد قوله.
عام 1996 أطل مرة أخرى في مسلسل "ذا ناني" (أو المربية)، وهو يحمل هاتفين محمولين، قبل انتشار الهواتف المحمولة، وعام 1994 في مسلسل "ذا فريش برينس أوف بيل أير"، لم يكد يراه كارلتون، المؤيد للحزب الجمهوري المحافظ، يدخل من الباب حتى سقط مغشياً عليه.
ومن بين أبرز اللقطات التي ظهر فيها الرئيس الحالي للولايات المتحدة، وأكثرها إثارة، حين تظاهر في حلبة المصارعة بأنه تغلب على منافسه فينيس ماكماهون، مالك مؤسسة "المصارعة العالمية الترفيهية"، أثناء مباراة للمصارعة بثت عبر شاشات التلفاز، وانتهت الفقرة التمثيلية بركل ترمب وطرحه أرضاً.
وفي إحدى حلقات مسلسل "ذا جوب" (الوظيفة)، ظهر وهو يتحدث إلى البطل بإيحاءات مشينة، كما ظهر في مسلسل "سيكس أند ذا سيتي" وهو يقوم بدور وسيط بين رجل ثري أكبر منه سناً، وسيدة تدعى "سامنثا"، أراد الرجل الثري أن يواعدها.
وعام 2004 خاض ترمب غمار إنتاج وتقديم حلقات برنامج "ذا أبرنتس" أو المتدرب، ليجسد صورة رجل الأعمال الأفضل في البلاد، وقد أدرك قوة تأثير التلفزيون قبل أن يترشح للرئاسة بوقت طويل.
وبظهوره المتكرر على الشاشة الصغيرة في صورة رجل الأعمال القوي الناجح فاحش الثراء، استطاع أن يصل إلى شريحة كبيرة من الشعب الأميركي، وبهذا حقق ما لا يستطيع أن يحققه أي تقرير صحافي يصف نجاحاته وإخفاقاته الحقيقية.
أما عن تاريخه الحافل بفضائح الإفلاس (أعلن إفلاسه ست مرات)، أو السمعة السيئة بين بعض من يعرفونه أو يتعاملون معه في الواقع، فلم يكترث لهما أحد.
لكنه قدم في إحدى المرات النادرة بطريقة سلبية في حلقة من برنامج "عالم سمسم" عام 2005، من خلال شخصية "دونالد غرمب"، الذي تفاخر في تلك الحلقة بأنه "الأسوأ سمعة!"
وانطلق ترمب من التلفزيون إلى السينما، إذ ظهر في أدوار قصيرة في الجزء الثاني من فيلم "وحدي في المنزل"، و"الأشقياء الصغار"، كذلك استوحيت شخصية "بيف" المشاغب والمتنمر في فيلم "العودة إلى المستقبل" من شخصيته.
ومع ذلك لمع اسم دونالد ترمب في التلفزيون قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، لأنه كان أفضل وسيلة للوصول إلى أكبر عدد من الجماهير، وتثبت المشاهد التي اختارها بعناية أنه كان أكثر اهتماماً، بل وبراعة، في تشكيل صورته أمام الرأي العام مقارنة بأي شخص آخر.
وكشف المنتج التنفيذي لمسلسل "ذا ناني" بيتر مارك جاكوبسون في صحيفة "نيويورك تايمز" عن حرص ترمب الشديد على متابعة الطريقة التي سيظهر بها أمام الناس، وقال إن أحد ممثليه اعترض ذات مرة على الإشارة إليه في نص الحلقة التي سيظهر فيها على أنه صاحب الملايين، لأنه "صاحب مليارات" وليس "ملايين".
وقال ممثل ترمب "يريد تغيير هذا السطر ليوافق صفته الحقيقية"، واستقر رأي جاكوبسون على أن يغير ذلك الوصف إلى "صاحب الأموال الطائلة"، ربما لم يكن ظهور ترمب المتكرر في لقطات قصيرة لافتاً للأنظار في وقت أذيعت فيه تلك اللقطات، لأنها لم تكن تعدو مجرد محاولات لرجل أعمال لتحقيق الشهرة.
إلا أن هذه اللقطات حققت هدفين في الواقع، أولهما أنها أقنعت المشاهدين الأميركيين أن ترمب رجل أعمال حقق نجاحاً لافتاً، وثانيهما أنه اتخذها وسيلة للتدرب على الظهور في برنامجه الواقعي "ذا أبرنتس"، الذي يظهر فيه كرئيس ناجح يقيم عشرات من المتقدمين من الشباب الذين يستجدون موافقته على منحهم الفرصة للعمل لدى شركاته.
في المقابل استطاع بفضل عبارته الشهيرة "أنت مطرود" في برنامج "ذا أبرنتس" أن يصبح في نظر الأميركيين الرجل الصائب الرأي الذي لا يخشى قول الحقيقة، لينقل رسالة مفادها بأن النقد الموجه يشد عضد رجال الأعمال الأميركيين، ومن ثم سيصب في مصلحة أميركا ككل.
أبرزت باربرا ريس التي عملت فترة طويلة مع دونالد ترمب، في كتابها "برج الأكاذيب"، أن العنصرية ومعاداة السامية والتشبث بالرأي وإلقاء مسؤولية الأخطاء على الغير كانت من أبرز السمات الشخصية لترمب، وقالت إن تلك الصفات ظلت تلازمه منذ أن بدأ يفكر في الترشح للرئاسة وحتى بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
وبعد فوز ترمب بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية، أعرب المنتج السابق لبرنامج "ذا أبرنتس"، بيل برويت، عن ندمه لأنه أسهم في تلميع صورة رجل الأعمال أمام جمهور المشاهدين.
تحليل لمصافحة ترمب
في تصرف مثير للدهشة، دفع ترمب عام 2017 رئيس وزراء الجبل الأسود، دوشكو ماركوفيتش في قمة حلف شمال الأطلسي من أجل الوقوف في الصف الأول لالتقاط الصور وتحولت طريقة مصافحته للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى معركة مصافحة.
يعتبر خبراء لغة الجسد تصرفات ترمب مع ماركوفيتش دليلاً على الصراع من أجل تصدر المشهد، تصرف ربما يشير إلى أن المكانة والسلطة بالنسبة إلى ترمب ليست من السهل الحصول عليها.
في المقابل، يوضح أستاذ علم النفس في جامعة "نورث وسترون" دان ماك آدامس أن الدراسات الموجودة عن ترمب من الناحية النفسية تشير إلى أنه شخص كان يسعى إلى أن يكون الأول أو أنه في حاجة ماسة إلى التفوق، إذ أوجد والدا ترمب فيه هذه الحاجة وشجعاه خلال المراحل المختلفة عليها.
ويمكن تفسير تغريدات ترمب التحريضية وردود فعله على أي رأي معارض، على أنها إشارات إلى تلك الحاجة نفسها التي تسعى إلى تصدر المشهد، لكن حركات جسده تظهر كثيراً من الزوايا الخفية لشخصيته ماعدا تلك التي أظهرها مع رئيس وزراء الجبل الأسود.
وكانت طريقة مصافحة ترمب للقادة الذين التقى بهم إحدى القضايا التي لفتت وسائل الاعلام، إذ يرى بعض علماء علوم السلوك أن عادة المصافحة هذه كانت أسلوباً بغية إظهار عدم حمل السلاح، لكن على ما يبدو أن ترمب أعاد كتابة هذه القاعدة ويستخدم المصافحة كنوع من الأسلحة لنقل رسالة هيمنته.
وتحولت طريقة مصافحته الرئيس الفرنسي على هامش اجتماع الناتو في بروكسل إلى حدث إخباري مهم، ويرى متخصصون لغة الجسد أن طريقة مصافحة ترمب تحمل رسالة بسيطة وهي أنه رجل "ألفا"، و"ألفا" في علم السلوك يشير إلى الكائن الحي الذي يتمتع بأعلى مكانة بين أبناء جنسه.
ويحاول الرئيس الأميركي استخدام هذه اللغة لإيصال رسالته التي تدور حول أنه في مكانة الهيمنة والقوة والتفوق، لكن أشخاصاً كماكرون وباقي الرؤساء يحاولون عبر فهم مساعي ترمب ألا يستسلموا أمامه، وهذا ما حدث حين صافح الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمون ترمب في قمة الرياض (2017).
من جهة ثانية، يشرح ترمب في كتابه فن التفاوض "The Art of the Deal" الأسلوب القائم على الضغط العالي، والمساومة القاسية، والتصريحات الصادمة التي تتجاوز كل الحدود بهدف إرباك الطرف الآخر وإضعاف موقفه النفسي، ثم حين تبدو على الطرف المقابل علامات التردد أو الانكسار، يقدم فجأة عرضاً يبدو وكأنه تنازل.
يصنف ترمب بأنه قريب من اليمين المتشدد في الحزب الجمهوري، واشتهر بعدائه للمهاجرين في أميركا بخاصة المتحدرون من أصول مكسيكية، الذين يتهمهم بإغراق البلاد بالمخدرات والعنف، ولا يتردد في الدعوة إلى إعادة النظر في قوانين الهجرة، ووقف منح الجنسية الأميركية لأطفال المهاجرين الذين يولدون فوق الأراضي الأميركية.
أسلوب ترمب هذا ليس مجرد نهج سياسي، بل انعكاس لشخصيته التي تشكلت في عالم المال قبل السياسة، فهو يبحث دائماً عن الشعور بالسيطرة والانتصار السريع، لكنه في الوقت ذاته ينهار أمام الحزم الحقيقي.
يحترم بوتين لأنه يرى فيه قائداً مسيطراً، يتردد أمام أردوغان لأنه لا يقبل الإملاءات بسهولة، حاول كسب ود كيم جونغ أون من خلال التصعيد ثم "الصداقة".
وعلى رغم أن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان حدث في عهد بايدن، فإن ترمب هو من بدأ الصفقة مع "طالبان" عبر اتفاق الدوحة 2020، وبدأ بموقف تفاوضي قوي، لكنه في النهاية قبل بتنازلات كبيرة لمصلحة "طالبان"، منها إخراج الحكومة الأفغانية حينها من المفاوضات. والنتيجة النهائية خروج مذل للولايات المتحدة لم يتمكن فيه الجيش الأميركي حتى من سحب أسلحته ومعداته بالكامل.
توحي شخصية ترمب بأنه قليل الصبر ومتكبر على التعلم، ولا يقرأ ويحب الإيجاز ولا يميل إلى التفاصيل المعقدة التي تشعره بأنه غير ملم بالموضوع، ولذلك يجب تقديم الرسائل بوضوح وباختصار من دون تعقيدات.
تحليل خط يده
اشتهر دونالد ترمب بحبه للكتابة وإبداء الرأي، فمنذ الأيام الأولى من انطلاق سباق الرئاسة، استخدم "تويتر" بكثافة لنشر آرائه ومواقفه لتعبئة مناصريه ولكسب ود الشعب.
وركزت دراسة حديثة لموقع "ناشيونال بن كومباني"، نشرتها صحيفة "دايلي ميل" البريطانية، على خط اليد للرئيس الجديد، وخلصت إلى مجموعة من النتائج المتعلقة بشخصيته.
حللت الدراسة بعض الوثائق التي حملت توقيع الرئيس بخط يده أو بعض النصوص القصيرة التي كتبها في مراحل مختلفة من حياته، ويهتم علم الخطوط بدراسة خط اليد بتحليل شخصية صاحبه، ويستطيع هذا العلم أن يبين أكثر من 5 آلاف سلوك أو ميزة شخصية في توقيع واحد بخط اليد.
واعتمد الموقع على نص كتبه دونالد ترمب عام 2016، في هذا النص، وهو عبارة عن تعليق خطه ترمب بيده، رداً على مقال كتبه كريم عبدالجبار، يظهر ما يلي: اعتماد ترمب على الأشكال الحادة والبارزة، وعلى الكتابة من الأعلى في اتجاه الأسفل على شكل هرم، ويظهر أيضاً ميوله إلى استخدام الأحرف الطويلة.
ومن التحليل توصلت الدراسة إلى أن شخصية ترمب تميل إلى "العمل وراء الكواليس"، وتميل في الوقت ذاته إلى "حب الظهور"، وتشير هذه الطريقة في الكتابة إلى أن الشخص اجتماعي ويثق في نفسه وفي قدراته.
كان لوالده تأثير كبير فيه، وخلافاً للثروة شجع الأب ابنه على أن يكون قوي الشخصية، ودربه على فن الترويج للذات.
وأوضح الموقع أن توقيع ترمب يتكون من 30 "جرة قلم" ويستغرق سبع ثوان ليخطه على الوثائق، وأضاف أن الرئيس يولي عناية خاصة بتوقيعه ويعتني به كـ"قطعة فنية"، ويبين شكل التوقيع نوعاً من "الغضب والعزيمة والخوف والتحدي".
وبحسب صحيفة "البيريوديكو" الإسبانية، فإن دراسة خط توقيع الرئيس الأميركي أثبتت أنه يتميز بشخصية ماكرة ومراوغة وبالغة الحيوية ومتغطرسة ومغرورة.
ونقلت الصحيفة عن خايمي مارتينيز، وهو خريج معهد تقنيات الغرافولوجي النفسية، والخبير في الجمعية الإسبانية لدراسة الخط، أن ترمب، يملك "طاقة ضخمة يمكن أن تصل إلى درجة الوحشية"، وقدرة على إثبات الذات، ومفهوماً مبالغاً فيه حول نفسه.
ويرى محلل الخطوط أن ترمب له مواقف "شرسة"، وعلى استعداد للمواجهة، كذلك فإنه دائماً على أهبة الاستعداد "للهجوم والدفاع، أو بالأحرى مستعد أكثر للدفاع عن نفسه، من أجل تحقيق أهدافه".
ويظهر توقيع ترمب "تناقضاً ملحوظاً في شخصيته، ويبدو أنه يتعايش مع عالم أفكاره والجوانب المادية والممتعة للحياة، بقدر متساوٍ مع صفات الثقة والحدة والضراوة، كذلك يبدو أنه يعتبر حياته اختباراً لإرادة من حديد تسعى إلى تجسيد كل ما يريده".
سيرة ذاتية
ولد دونالد جون ترمب في حي كوينز بمدينة نيويورك في الـ14 من يونيو (حزيران) 1946، وهو الابن الرابع لعملاق العقارات فريد ترمب وزوجته الاسكتلندية ماري ماكليود.
كان لوالده تأثير كبير فيه، وخلافاً للثروة شجع الأب ابنه على أن يكون قوي الشخصية، ودربه على فن الترويج للذات. التحق ترمب بأكاديمية تعليمية ذات طابع عسكري في عمر الـ13 بسبب سلوكه المشاغب أثناء الدراسة.
درس في جامعة فوردهام في نيويورك، وكلية وارتون في بنسلفانيا، حيث حصل على شهادة في الاقتصاد، كذلك عمل في شركة والده أثناء دراسته. بات دونالد المرشح الأوفر حظاً لخلافة والده بعدما قرر شقيقه الأكبر فريد أن يصبح طياراً، قبل أن يموت في عمر الـ43 سنة نتيجة إدمانه الكحول، وهو الحدث الذي قال ترمب إنه أقنعه بتجنب الكحول والتدخين طوال حياته.
ويوضح ترمب أن بدايته في قطاع العقارات بدأت بـ"قرض صغير بقيمة مليون دولار من والده". أشرف ترمب على مشروعات إسكانية تابعة لشركة والده في أحياء نيويورك، قبل أن يتولى مسؤولية إدارة الشركة بأكملها، وأطلق على الشركة اسماً جديداً عام 1971 وهو "مؤسسة ترمب".
توفي الأب، الذي قال ترمب إنه كان يمثل "مصدر إلهام له" عام 1999. تحولت مشروعات الشركة تحت رئاسته من إنشاء وحدات سكنية في أحياء بروكلين وكوينز إلى بناء مشروعات فارهة في مانهاتن.
وفي أحد شوارع نيويورك الشهيرة (فيفث أفنيو)، شيد برج ترمب، الذي صار أشهر بناء للشركة وتحول لمقر سكنه أعواماً عدة.
امتد نشاط ترمب ليشمل إنشاء صالات قمار وفنادق وملاعب غولف في مناطق مختلفة داخل الولايات المتحدة وخارجها، ولم يقتصر توسع ترمب على عالم العقارات والمقاولات، بل وصل إلى عالم صناعة الترفيه بامتلاك حقوق امتياز مسابقات ملكة جمال أميركا، ومن ثم المشاركة في برنامج تلفزيوني للمسابقات باسم "المتدرب".
استمر عرض البرنامج على مدى 14 موسماً تنافس خلالها شباب طامحون من أجل الحصول على عقد عمل في شركات ترمب، الذي اشتهر في البرنامج بعبارة "أنت مطرود" التي كان يوجهها للمتنافسين غير الناجحين.
وتقدر مجلة "فوربس" حجم ثروته بنحو 4 مليارات دولار، كذلك تقدم ترمب بدعوات لإشهار إفلاسه 6 مرات مختلفة، كذلك انهار بعض من مشروعاته، ومن بينها جامعة ترمب.
حياته الشخصية
حظيت حياة ترمب الشخصية باهتمام إعلامي وجماهيري كبير، زوجته الأولى، وربما الأكثر شهرة، كانت عارضة الأزياء التشيكية إيفانا زيلنيكوفا، التي أنجبت له ثلاثة أبناء هم دونالد جونيور (الابن) وإيفانكا وإريك.
انفصل الزوجان عام 1990 لتتصدر التفاصيل الخاصة بالنزاعات القضائية بينهما أغلفة الصحف التي تولي اهتماماً بحياة المشاهير. كما زعمت زيلنيكوفا أنها تعرضت لعنف أسري على يد ترمب، لكنها تراجعت عن كثير من تلك الاتهامات لاحقاً.
وعام 1993 تزوج الممثلة مارلا مابيلز بعد شهرين من إنجابها طفلتهما الوحيدة تيفاني، وعام 1996 تم الطلاق. عام 2005 أعلن ترمب زواجه للمرة الثالثة من ميلانيا كناوس، وهي سلوفينية المولد حاصلة على الجنسية الأميركية، وقد أنجبت له ابنهما بارون.
لاحقت ترمب مزاعم إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، إذ قضت هيئتان قضائيتان بأن ترمب شهر بالكاتبة إي جين كارول بإنكاره اتهامها له بالاعتداء الجنسي، وقد أمر بدفع 88 مليون دولار لها في المجموع، لكنه قدم استئنافاً، كما دين بـ34 جناية لتزوير سجلات تجارية من أجل التستر على اتفاق مالي سري مع ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز في شأن علاقة مزعومة عام 2006.
تهم موجهة إليه
في مارس (آذار) 2023 وجهت هيئة محلفين كبرى في مانهاتن بمدينة نيويورك اتهامات جنائية لترمب وصلت إلى 30 اتهاماً وفقاً لمحاميه، وفي يونيو 2023 وجهت سبع تهم أخرى له بلائحة اتهام ثانية وهي سابقة في تاريخ الولايات المتحدة أن توجه اتهامات جنائية لرئيس سابق.
ومن أبرز التهم الموجهة: نقل وثائق سرية من البيت الأبيض إلى منتجع "مار أي لاغو" في فلوريدا بعد انتهاء ولايته، علماً أن هذه الوثائق يجب أن تكون في مرافق حكومية آمنة.
إضافة إلى تهم تتعلق بتزوير سجلات أعمال شركاته لإخفاء معلومات ضارة عن الناخبين خلال انتخابات الرئاسة عام 2016، ودفع رشى لشراء صمت أشخاص خلال الانتخابات نفسها، وتهم تتعلق بالاعتداء الجنسي والتهرب الضريبي والتشهير والتآمر لعرقلة إجراءات رسمية والتآمر على الحقوق، وكذلك تهمة تصنف كخيانة وهي محاولته البقاء في البيت الأبيض بعد خسارته الانتخابات عام 2020.
وقد بدأت محاكمة ترمب منتصف مايو (أيار) 2023، ورفضت القاضية مساعي وزارة العدل لتأجيل المحاكمة إلى ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، كذلك رفضت طلب ترمب تأجيل محاكمته إلى ما بعد انتخابات 2024، إذ إنه ترشح للمشاركة فيها.
وفي أغسطس (آب) 2023 وجهت لترمب لائحة اتهامات جديدة تتعلق بالهجوم الذي حدث على مبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 من قبل أنصاره أثناء مصادقة الكونغرس على فوز الرئيس جو بايدن، ومحاولتهم الضغط لتغيير نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
ويعد الهجوم على الكونغرس سابقة من نوعها في الديمقراطية الأميركية وفقاً لتصريح المحقق الخاص جاك سميث. وقد مثل ترمب أمام المحكمة في الرابع من أغسطس 2023 لمواجهة لائحة الاتهام الجديدة.
المؤلفات
أصدر ترمب مؤلفات عدة مرتبطة بسيرته الذاتية وتجربته، أشهرها: فن التفاوض (1987) و"فن البقاء على قيد الحياة" (1991) و"الوصول إلى أميركا" (2000) و"كيف تصبح غنياً" (2004) و"لماذا تريد أن تصبح غنياً" (2006) و"الطريق إلى النجاح" (2007).
محاولات اغتيال
تعرض لمحاولات اغتيال عدة، واحدة منها في 2016 واثنتان في 2017، كما نجا من محاولة اغتيال في يوليو (تموز) 2024 حين حاول شاب في الـ20 يدعى توماس ماثيو كروكس إطلاق النار عليه في تجمع انتخابي ببنسلفانيا.
ونجا ترمب من الحادثة وأصيب بجرح في أذنه ونقل إلى المستشفى، في حين قتل أحد الحضور وأصيب اثنان آخران بجروح خطرة.