Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومة أحمد الشرع بين الشرعية الثورية والاعتراف الدولي

المجتمع الخارجي يراقب عن كثب أداء النظام تحديداً مدى قدرة الشرع على حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن المجازر التي وقعت في الساحل

الاعتراف الدولي يسهل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية 

ملخص

الإرادة الشعبية لا تكفي فهناك متطلبات عدة يجب تحقيقها قبل الحصول على اعتراف على الصعيد العالمي وشرعية دولية، وفيما يضع متخصصون أربعة شروط للحصول على الشرعية ويقدمون توصيات بالخطوات اللازمة لاستكمال شرعية النظام السوري الجديد، ينتظر آخرون وضوح الموقف الأميركي.

على مدى الأعوام الـ13 الماضية كان السوريون يحتفلون في منتصف مارس (آذار) من كل عام بالذكرى السنوية لاندلاع الانتفاضة السورية ضد نظام البعث، إلا أن الاحتفال بالذكرى الـ14 كان له طابع مختلف، فلا وجود للبعث ولا للأسد ولا لسجونهما ولا لأجهزتهما الأمنية، في حين يرفرف العلم السوري الجديد وسط ساحة الأمويين في العاصمة دمشق ويطل عليه القصر الرئاسي حيث يقيم الرئيس الجديد للبلاد أحمد الشرع، مستمداً قيادته للبلاد من "الشرعية الثورية"، إلا أنه هو نفسه سبق أن قال إن "الثورة انتهت بعدما انتصرت" وبدأت مرحلة بناء الدولة من جديد.

وبطبيعة الحال لا يمكن أن يستقيم أمر الدولة من دون اعتراف دولي، بيد أن السوريين أنفسهم ليسوا على رأي واحد في ما يتعلق بمنح الشرع وإدارته شرعية بحكم البلاد فضلاً عن الشرعية الدولية التي لم تتضح معالمها الكاملة حتى الآن، خصوصاً مع الموقف الأميركي الذي طال تريثه. فما هي الخطوات التي يحتاج إليها النظام الجديد في سوريا لاستكمال شرعيته على الصعيد الدولي؟ وما الإجراءات التي يفترض أن تتخذها الحكومة السورية للحصول على الشرعية الدولية؟ وهل سنجد أحمد الشرع متحدثاً أمام زعماء العالم في نيويورك ضمن الاجتماعات الدولية التي تعقدها الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) من كل عام؟ هذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها "اندبندنت عربية" ضمن تقرير يشمل آراء مجموعة من الخبراء والمتخصصين.

الإرادة الشعبية لا تكفي

أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي أيمن خالد، وهو محاضر في كلية الإعلام بجامعة إسطنبول الكبرى، يقول في تصريح خاص إن "الشرعية الدولية لأي نظام سياسي وليد تعد من المسائل الحساسة التي تتطلب معالجة متأنية تشمل الأبعاد القانونية والسياسية والدبلوماسية مع الأخذ في الاعتبار الظروف الداخلية والخارجية. وفي حالة حكومة أحمد الشرع التي جاءت نتيجة تغيير ثوري استمر 14 عاماً، فإن تثبيت الشرعية لا يعتمد فقط على الإرادة الشعبية، بل يجب أن يكون مقروناً بآليات الاعتراف الدولي والتعامل مع المؤسسات الدولية وضبط البنية القانونية والسياسية داخلياً وخارجياً".

ويضيف أن "هناك خطوات على الحكومة السورية اتخاذها من أجل استكمال شرعيتها على الصعيد الدولي، أولها الاعتراف الدستوري والسياسي، إذ إن الإعلان الدستوري ينبغي أن يكون واضحاً في آليات الحكم والفصل بين السلطات وتكريس سيادة القانون، مما يعزز القبول الدولي، ثم بعد ذلك يجب التزام المعاهدات والمواثيق الدولية، فأي حكومة تسعى إلى الشرعية تحتاج إلى التزام الاتفاقات الدولية التي وقعها النظام السابق، مع إمكان إعادة التفاوض حول بعضها وفق المصالح الوطنية الجديدة".

ويرى خالد أن الخطوة الثالثة هي "إعادة بناء النظام القانوني وذلك يتطلب تحديث القوانين بما يتوافق مع الحقوق الأساسية والديمقراطية وضمان استقلالية القضاء، مما يمنح النظام الجديد صبغة قانونية أقوى دولياً، كما يجب التعامل مع ملفات العدالة الانتقالية، فلا بد من نهج عدالة انتقالية واضحة، خصوصاً في ما يتعلق بجرائم الحرب والانتهاكات السابقة بما يطمئن الداخل ويكسب النظام الجديد ثقة المجتمع الدولي".

مجرد إسقاط النظام لا يجلب اعتراف

ويوضح خالد أن "الاعتراف الدولي لا يأتي بمجرد تغيير النظام، بل يحتاج إلى بناء توافقات مع القوى الدولية الكبرى وضمان دعم الدول ذات التأثير في الملف السوري مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والدول العربية الفاعلة، كما يجب أن تُقدم الحكومة الجديدة عبر منابر الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، مما يعزز الشرعية الدبلوماسية، وكذلك التواصل مع المنظمات غير الحكومية مثل العفو الدولية و’هيومن رايتس ووتش‘ لضمان أن الخطوات الإصلاحية تصل إلى المجتمع الدولي"، مشيراً إلى استراتيجية إدارة التوازنات الدولية "إذ تحتاج الحكومة الجديدة إلى عدم الوقوع في صراع استقطابي بين المحاور الدولية، واعتماد نهج مرن يحقق توازناً بين التوجهات السياسية المتضاربة".

دور الإرادة الشعبية

ويرى خالد أن "الإرادة الشعبية تتحدد بناءً على الظروف السياسية، فالإرادة الشعبية تتشكل وفق البيئة السياسية المتغيرة وقد تتأثر بالعوامل الآنية، لكن على المدى الطويل ما يعزز شرعية النظام هو تحقيق التوافق الوطني والاستقرار، ومن جانب آخر فإن أفضل طريقة لإثبات الإرادة الشعبية هي الانتخابات الشفافة التي تشارك فيها جميع القوى السياسية وتحظى برقابة دولية، مما يعطي الشرعية السياسية قوة دافعة. كما أن أي نظام جديد يحتاج إلى إشراك القوى المعارضة المعتدلة، سواء عبر الحوار السياسي أو من خلال ضمانات دستورية تتيح التعددية السياسية". وأوضح في الوقت ذاته أنه "لا يمكن للإرادة الشعبية أن تكون صلبة إذا كان الوضع الاقتصادي هشاً، لذلك فإن بناء نظام اقتصادي قوي واستعادة دورة الإنتاج وتحقيق العدالة الاجتماعية ركائز ضرورية لشرعية أي نظام".

دور الموقف العربي في تعزيز الشرعية

وعلى رغم التفاؤل بالواقع الميداني والتحركات السياسية، فإن خالد يحذر من وجود تحديات تواجه الشرعية وأخطار دولية محتملة، ويرى أن "هذه الأخطار والتحديات تكمن في عوامل عدة، من بينها الموقفان الروسي والصيني، فمن الممكن أن تكون روسيا والصين عقبة أمام الاعتراف الدولي الكامل إذا شعرتا بأن النظام الجديد يهدد مصالحهما في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تأخير بعض أشكال الاعتراف الدولي، ولذلك يجب العمل على بناء تفاهمات مع الدول الإقليمية مثل تركيا والدول العربية ذات الثقل مثل السعودية ومصر لأن الموقف العربي سيكون عاملاً جوهرياً في تعزيز الشرعية أو تأخيرها". وأضاف أن "العوامل الأخرى تأتي في ملفات مثل ملف إعادة الإعمار، إذ إن الدول المانحة والمنظمات الدولية سترهن دعمها بالتأكد من استقرار النظام الجديد ووضوح سياساته تجاه إعادة بناء البنية التحتية والمؤسسات، وأيضاً ملف التنظيمات المسلحة، فإذا لم تتمكن الحكومة الجديدة من استيعاب التشكيلات العسكرية داخل إطار الدولة، فقد يُنظر إلى النظام الجديد على أنه غير قادر على فرض سلطته، مما يعرقل الاعتراف الدولي".

ويتابع أن "الإرادة الشعبية وحدها لا تكفي لشرعية النظام الجديد، بل يجب أن تكون مدعومة بدبلوماسية دولية فاعلة وهيكلة قانونية راسخة واستراتيجية سياسية واضحة. فالشرعية الدولية لا تأتي دفعة واحدة، بل هي عملية تدريجية تتطلب بناء التحالفات وضمان الاعتراف وكسب ثقة الداخل والخارج، والنظام الجديد بحاجة إلى خطاب سياسي واضح يعكس التزامه الشرعية الدولية والديمقراطية وسيادة القانون والتعددية السياسية لضمان اعتراف المجتمع الدولي به ككيان شرعي ومستقر، إذ إن الشرعية ليست مجرد مسألة قانونية أو سياسية، بل هي نظام متكامل يشمل المجتمع والدولة والعلاقات الدولية، وكلما كان النظام الجديد أكثر انفتاحاً وبراغماتية في التعامل مع هذه العوامل، زادت فرصه في تحقيق الاعتراف الدولي الكامل".

الفرق بين الاعتراف الدولي والشرعية

ويتساءل خالد "هل الاعتراف الدولي هو منشئ أم مقرر لشرعية الحكومات بعد الثورات؟"، فيرى أن "هذا السؤال يحمل بعدين رئيسين، الأول بعد قانوني بكيفية تحديد الشرعية وفق القانون الدولي، والثاني بعد سياسي وواقعي بكيفية تعامل الدول والمجتمع الدولي مع الحكومات الجديدة بعد الانتفاضات. فالاعتراف الدولي بالحكومات يمكن أن يكون مقرِّراً وليس منشئاً للشرعية لأسباب عدة، أولها أن الشرعية أساسها داخلي قبل أن تكون دولية، فالشرعية تأتي أولاً من الإرادة الشعبية، فإذا تمكنت الحكومة الجديدة من فرض سيطرتها الفعلية على الدولة وتحقيق الاستقرار الداخلي وإدارة مؤسسات الدولة، فهذا يجعلها تمتلك الشرعية الواقعية، وحتى لو تأخر الاعتراف الدولي، فإن الحكومة تكون قادرة على العمل داخلياً بناء على شرعيتها المبنية على الإنجاز السياسي والإجماع الوطني. والمثال الأوضح الثورة الأميركية عام 1776، إذ إن بريطانيا لم تعترف باستقلال الولايات المتحدة إلا بعد سبع سنوات من إعلانها، لكنها كانت أنشأت مؤسساتها ومارست سيادتها". ويضيف أن "الاعتراف الدولي قد يكون انتقائياً وليس مقياساً وحيداً للشرعية، فكثير من الحكومات التي أتت بعد ثورات لم تحصل على اعتراف فوري لكنها نجحت في الاستمرار، مثل الثورة الفرنسية عام 1789 والثورة البلشفية عام 1917، وأحياناً ترفض الدول الكبرى الاعتراف بحكومات جديدة بسبب تعارض مصالحها، لكن هذا لا يعني أن الحكومة غير شرعية محلياً".

4 شروط

ويقول أيمن خالد إن "القانون الدولي لا يجعل الاعتراف الدولي شرطاً لمنح الشرعية، فوفقاً لـ’اتفاقية مونتيفيديو‘ لعام 1933، فإن الدولة تعتبر ذات سيادة إذا استوفت أربعة شروط، وهي سكان دائمون وإقليم محدد وحكومة قادرة على إدارة الدولة والقدرة على الدخول في علاقات مع الدول الأخرى، ولا يوجد شرط في الاتفاقية ينص على أن الاعتراف الدولي ضروري لإنشاء الدولة أو منح الحكومة شرعيتها. وعلى رغم أن الاعتراف الدولي ليس منشئاً للشرعية، فإنه يقوم بدور حاسم في قدرة الحكومة على العمل بفاعلية على المستوى الدولي، فالاعتراف الدولي يسهل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والحكومات تحتاج إلى الاعتراف كي تستطيع إبرام الاتفاقات والانضمام إلى المنظمات الدولية وتلقي المساعدات وإدارة العلاقات الخارجية، ومن دون الاعتراف قد تواجه الحكومة عزلة دولية تعوّق عملها كما حصل مع حركة "طالبان" في أفغانستان بعد سيطرتها على الحكم عام 2021، إذ لم تحصل على اعتراف دولي واسع". ويشير إلى ضرورة "التعامل مع المنظمات المالية والتجارية الدولية، فإن الاعتراف ضروري لإدارة البنوك المركزية والقروض الدولية والتجارة العالمية والتحويلات المالية، وإلا ستواجه الحكومة صعوبات في إدارة الاقتصاد، ومثال على ذلك الحكومة الفيتنامية الشمالية بعد الثورة الشيوعية التي لم تحصل على الاعتراف من الدول الغربية لفترة طويلة، مما أثر في اقتصادها لكنها استمرت بإدارة البلاد بفضل دعم الاتحاد السوفياتي والصين".

ويضيف أن "الاعتراف يساعد في إضفاء الشرعية على تحركات الحكومة الجديدة في تأمين حدودها ومكافحة الإرهاب وإقامة علاقات عسكرية مع الدول الأخرى، ومن دون الاعتراف قد تواجه الحكومة تهديدات من قوى خارجية أو ميليشيات داخلية تدعمها دول أخرى تحت ذريعة عدم شرعيتها. وفي الحالة السورية بعد نجاح الانتفاضة وإسقاط نظام بشار الأسد سيكون الاعتراف الدولي أداة سياسية تستخدمها الدول وفقاً لمصالحها، والتحدي الأساس سيكون في بناء شرعية داخلية قوية، والشرعية تأتي من تشكيل حكومة توافق وطني وإقامة نظام ديمقراطي وضمان الاستقرار، مما يفرض نفسه على العالم، وإذا نجحت الحكومة الجديدة في فرض سلطتها داخلياً وإدارة الدولة بكفاءة، فسيكون من الصعب على المجتمع الدولي تجاهلها حتى لو تأخر الاعتراف الرسمي. أما بالنسبة إلى المواقف الدولية فستكون متفاوتة، إذ إن الولايات المتحدة وأوروبا قد تعترفان بسرعة بالحكومة الجديدة إذا رأتا أنها تمثل تحولاً ديمقراطياً، لكن روسيا والصين قد تعارضان الاعتراف بها للحفاظ على نفوذهما في المنطقة، لكنهما قد تتعاملان معها إذا أصبحت سلطة أمر واقع، فيما من المتوقع أن يكون الموقف العربي مبنياً على التوازنات السياسية الإقليمية".

أهمية عدم الاقتصار على حكومة اللون الواحد

أما الكاتب والصحافي السوري جوان رمو، فيرى أن "تحقيق الشرعية على الصعيد الدولي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى تحقيق الاستقرار على الصعيد الداخلي، بالتالي يجب على النظام السوري الجديد اتخاذ خطوات جادة وفاعلة داخل البلاد، تبدأ بإنهاء حال الفصائلية وفوضى السلاح وحصره بيد الدولة ومنع الأعمال الانتقامية وضبط الأمن وتعزيزه وإنهاء حال الفلتان الأمني من خلال توسيع هيكلية قوات الأمن والجيش والسماح لكل السوريين بالانضمام إليها وعدم اقتصارها على لون واحد، إضافة إلى تحسين الحياة المعيشية والبدء بإعادة بناء البنية التحتية المدمرة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والطرقات وشبكات الماء والكهرباء".

ويضيف رمو في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أنه "كذلك لا بد من اتخاذ خطوات على الصعيدين السياسي والدستوري تضمن حرية العمل السياسي وتكفل حرية التعبير والتجمع وفصل السلطات، وتمهد لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية نزيهة تحت إشراف دولي، وبما أن تحقيق الشرعية على الصعيد الدولي يرتبط بالاستقرار الداخلي، فإنه من الأهمية بمكان أن يحقق النظام الجديد مصالحة وطنية من خلال إنشاء آليات للعدالة الانتقالية لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت خلال أعوام النزاع، بما في ذلك محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات".

ويشير إلى أن من الخطوات اللازمة لاستكمال شرعية النظام الجديد "العمل على إعادة النازحين واللاجئين لديارهم وتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيلهم، بعدها يمكن أن ينفتح على محيطه الإقليمي ويبدأ بتعزيز العلاقات مع دول الجوار من خلال العمل على حل النزاعات الإقليمية وضبط الحدود، وعندها يمكنه استكمال شرعيته الدولية بالتعاون والعمل مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى وإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع الدول العربية والغربية التي قطعت علاقاتها مع سوريا خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، والتعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وإثبات التزامه محاربة الجماعات الإرهابية".

الأوساط الدولية تراقب

من جانب آخر يقول الحقوقي السوري المحامي زيد العظم في حديث خاص إن "المجتمع الدولي يراقب عن كثب أداء النظام السوري الجديد، تحديداً مدى قدرة الشرع على حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن المجازر التي وقعت في الساحل، وهذه المسألة أساسية في تحديد مستوى الاعتراف الدولي بشرعية النظام الجديد، وفي هذا السياق هناك تساؤلات تطرح في بعض الأوساط، بما في ذلك الصحافة الفرنسية، حول مدى قدرة النظام الحالي على ضمان أمن جميع السوريين من دون استثناء، ومن هنا فإن أي خطوة نحو تعزيز الشرعية الدولية ستتطلب إجراءات واضحة وملموسة تثبت تقيّد القيادة الجديدة بالعدالة وحماية حقوق الإنسان".

بلد منهك وشروط كثيرة

رئيس "تجمع الشباب الوطني" السياسي السوري أسعد رشيد يقول إنه "بعد سقوط النظام السوري السابق رأينا أن معظم دول العالم أرسلت ممثلين لها إلى سوريا للتعرف إلى الإدارة الجديدة للبلاد والتفاوض معها وطرح مطالبها ودراسة وضع الدولة الجديدة، فالاهتمام الدولي بسوريا نابع من الأهمية الجيوسياسية لموقعها وتأثيرها في محيطها، كما أن الإدارة الجديدة المتمثلة بالرئيس أحمد الشرع تسلمت بلداً منهكاً بعد الحرب الطويلة، ويعيش أكثر من 85 في المئة من سكانه تحت خط الفقر، وهناك مناطق كثيرة خارج سيطرة الدولة، وهناك عدد كبير من الفصائل المسلحة والسلاح منتشر في كل مكان من البلاد، إضافة إلى قضية النزوح سواء في الداخل أو الخارج، فضلاً عن العقوبات الدولية التي تشل الاقتصاد وتزيد من تفاقم المشكلة".

وبخصوص كيفية استكمال النظام الجديد شرعيته الدولية يقول رشيد إنه "لا بد من تكاتف الجهود بين الشعب والإدارة ورعاية عربية وإقليمية للخروج من هذه الحال المعقدة، وداخلياً يجب ترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد، مما يحتاج إلى عوامل عدة ومن بينها دمج جميع الفصائل المسلحة في وزارة الدفاع بصورة فعلية، وثانياً جمع السلاح غير الشرعي وثالثاً تحقيق العدالة ومحاسبة جميع مجرمي الحرب، وأيضاً محاسبة الذين قاموا بتجاوزات أخيراً في أحداث الساحل، وعلى جميع مكونات المجتمع الإسهام في ذلك ورفع الغطاء عن مجرمي الحرب من أي طائفة كانوا". ويضيف أنه "يجب ضمان مشاركة جميع الأحزاب والفعاليات والتجمعات والطوائف والأعراق، إضافة إلى التحضير للدستور والانتخابات المقبلة".

ويرى رئيس "تجمع الشباب الوطني" أنه "يجب التواصل مع الدول العربية والإقليمية الفاعلة على الساحة الدولية والضغط لرفع العقوبات عن سوريا لأن ذلك سينعكس بصورة إيجابية على الوضع الاقتصادي ويسمح للدول والأشخاص بالاستثمار في سوريا ويتيح للحكومة السورية الوصول إلى النظام المصرفي العالمي ويسرع وتيرة التعافي، فالدولة السورية تمر بفترة عصيبة ولا بد من تضافر الجهود الداخلية والخارجية من قبل الشعب السوري لتجاوز هذه المحنة، مما يتطلب تعاوناً كاملاً بين أطياف ومكونات المجتمع السوري كافة".

الخميس الماضي وقع الرئيس السوري أحمد الشرع الإعلان الدستوري الخاص بالمرحلة الانتقالية، مما اعتبره مراقبون خطوة أساسية في باتجاه استكمال الشرعية الدولية، لكن ردود الفعل حول الإعلان الدستوري كانت متباينة، فمن جانب رحبت دول عربية وإقليمية عدة به، فيما اختلف الداخل السوري عليه، وبالمجمل كان رد فعل الداخل مرحباً ببعض البنود المتعلقة بالحقوق والحريات التي تخص تجريم من يبرر جرائم النظام السابق، وكذلك البند المتعلق بمشاركة المرأة في الحياة السياسية وصيانة حقوقها، فيما تحفظ بعض السوريين على البنود المتعلقة بالصلاحيات الواسعة الخاصة بمنصب رئيس الجمهورية، وعلى رغم ذلك حرصت لجنة صياغة الإعلان الدستوري على التأكيد أنه خاص بالمرحلة الانتقالية التي حُددت بـخمسة أعوام، ليكون هناك دستور دائم للبلاد يجري الانتهاء من صياغته واعتماده قبيل انتهاء المرحلة الانتقالية، وضمن سياق الشرعية الدولية يرى متابعون أن الأمر حالياً متوقف على الإدارة الأميركية.

المزيد من تقارير