Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تدق ناقوس الخطر وتحذر من أزمة مياه حادة

تؤكد التصريحات الرسمية أن البلاد لم تواجه مثل هذه الظروف الصعبة بسبب نقص المياه منذ خمسة عقود مضت

لم يمتلئ سوى ما نسبته 6 في المئة فقط من سعة السدود التي توافر المياه لطهران بسبب قلة الأمطار (أ ف ب)

ملخص

تعيش العاصمة الإيرانية التي يسكنها أكثر من 14 مليون نسمة وضعاً حرجاً بسبب أزمة نقص المياه.

حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أول من أمس السبت، 15 مارس (آذار) الجاري، خلال اجتماع مجلس التخطيط والتنمية لمحافظة طهران، من أزمة نقص المياه في العاصمة، مؤكداً ضرورة مشاركة العناصر الإدارية والاجتماعية في حل هذه المشكلة، وقائلاً إن "طهران تواجه مشكلة حادة تتمثل في نقص المياه، وإنه لا يمكن تزويد المدينة بالمياه من طريق الصهاريج، واستمرار هذا الوضع سيجعل الحياة صعبة".

وأشار الرئيس الإيراني إلى التركّز غير المتوازن للسكان في العاصمة، وأن "طهران تشكل أقل من واحد في المئة من مساحة البلاد، لكن أكثر من 20 في المئة من مجموع سكان إيران يقيمون فيها، وهذا الخلل بين موارد المياه واستهلاكها ستكون له عواقب لا يمكن إصلاحها".

وفيما قوبلت مقترحات الحكومة لحل المشكلات المعيشية في العاصمة خلال الأشهر القليلة الماضية بجملة من ردود فعل انتقادية من الخبراء والمتخصصين، يرى المنتقدون أن المعنيين لا يدركون تعقيدات ومشكلات طهران والتحديات التي تواجه العاصمة، مما أدى إلى تأجيج أزمات إدارة العاصمة.

عدم التخطيط

وإضافة إلى أزمة نقص المياه فقد تسبب الخلل في إمدادات الغاز والكهرباء خلال الشتاء الماضي مراراً وتكراراً في إغلاق المدارس والمكاتب ومختلف القطاعات الحكومية والخاصة، ويحذر الخبراء من أن هذه الاختلالات المتكررة نتيجة عدم التخطيط على المديين الطويل والقصير، أدت إلى تعطيل حياة المواطنين بصورة خطرة.

وتنذر أزمة المياه غير المسبوقة في إيران بتقنين المياه في طهران والمدن الأخرى في البلاد، وبحسب التصريحات الرسمية فلم تواجه إيران مثل هذه الظروف الصعبة من خلل في نقص المياه خلال الأعوام الـ 57 الماضية، وبالنظر إلى كمية الأمطار التي هطلت هذا العام فقد أدى الانخفاض الحاد في موارد المياه وإهمال البنية التحتية وسوء الإدارة إلى تحويل أزمة المياه في البلاد لواحدة من أكبر التحديات الاجتماعية وحتى الأمنية التي تواجه النظام الإيراني، وقد حذر نائب وزير الطاقة الإيراني موسوي خوانساري في التاسع من مارس الجاري من الوضع الحرج الذي يواجهه قطاع المياه في العاصمة الإيرانية، موضحاً أن "أكبر أزمة تواجه طهران هي المياه، وإن مشكلتي المرور وتلوث الهواء يمكن حلهما، لكن أزمة المياه لا حل لها".

وكما هو معلوم فإن العاصمة الإيرانية التي يسكنها أكثر من 14 مليون نسمة تعيش وضعاً حرجاً، إذ لم تمتلئ سوى ستة في المئة فقط من سعة السدود التي توفر المياه للمدينة بسبب قلة هطول الأمطار، وإذا ما نظرنا إلى أوضاع السدود في مناطق أخرى من إيران فسنجد أن "سد كرج" يحوي 13 مليون متر مكعب من المياه من أصل سعة هذا السد البالغة نحو 205 ملايين متر مكعب، وهو ما يشكل انخفاضاً كبيراً مقارنة بالمتوسط الطويل الأمد البالغ 108 ملايين متر مكعب، كما تواجه السدود على "زاينده رود" و"استقلال ميناب" و"شميل" و"نيان" انخفاضاً حاداً في المخزون.

وفي طهران يوجد سد "ليتان" الذي تبلغ سعته 95 مليون متر مكعب، لكن لم يخزن فيه سوى 9 ملايين متر مكعب من المياه، أي أن 91 في المئة من إجمال سعته فارغة، وفي الوقت نفسه فإن الحلول الموقتة المقدمة هي حفر آبار جديدة لاستخراج المياه الجوفية، وهذا الإجراء سيؤدي إلى تفاقم مشكلة هُبوط التربة في طهران وغيرها من المدن الإيرانية الكبرى التي تواجه نقصاً في المياه، وقد أعلن عضو مجلس بلدية طهران مهدي بير هادي أنه جرى إرسال رسالة سرية إلى رؤساء السلطات الثلاث في شأن هذه الأزمة.

اقرأ المزيد

فقدان الآفاق الواعدة

رئيس المركز الوطني للتنبؤ وإدارة أخطار الطقس صادق ضيائيان أعلن تدهور وضع هطول الأمطار في إيران، مشيراً إلى أن كمية الأمطار هذا العام انخفضت بنحو 35 في المئة، وهذا الاتجاه كان واضحاً في جميع أنحاء البلاد، محذراً من أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة وسوء توزيع الأمطار من بين العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى تفاقم أزمة المياه، وأنه لا يوجد توقع بتحسن الوضع خلال المدى القريب.

أما خبير الأرصاد الجوية أحد وظيفة فأكد أن تغير المناخ سيتسبب في هطول أمطار غزيرة ومتفرقة خلال الأشهر المقبلة، وبدلاً من سحبها من طريق الجاذبية تحت التربة لتصبح مياه جوفية، يمكن أن تسبب فيضانات مدمرة.

ومن ناحية أخرى ووفقاً للتقارير الرسمية، فإن أعلى كمية استهلاك مياه الشرب في البلاد توجد في طهران، ويقدر استهلاك الفرد من مياه الشرب بنحو 250 ليتراً يومياً، في حين أن المعيار العالمي للمناطق القاحلة وشبه القاحلة هو 130 لتراً يومياً، ويأتي هذا المعدل من استهلاك مياه الشرب في طهران في وقت أعلن الرئيس التنفيذي لشركة المياه والصرف الصحي في طهران أردكاني أن إمدادات المياه في العاصمة الإيرانية تواجه انخفاضاً مقداره 5600 ليتر في الثانية، مضيفاً أنه وعلى رغم الوضع الحرج فإن إمدادات مياه الشرب لم تنقطع حتى الآن، لكن هناك حاجة إلى إجراءات عاجلة لمنع تفاقم الأزمة.

المتحدث باسم صناعة المياه في وزارة الطاقة الإيرانية عيسى بزرج زادة حذر من أن الانخفاض المستمر في موارد المياه الجوفية من شأنه أن يزيد خطر هُبوط التربة في سهول البلاد البالغ عددها 359، حيث انتشرت هذه الظاهرة أيضاً في الشوارع والأحياء السكنية وبعض المدن الإيرانية، ومع اقتراب موسم الحر ستدخل أزمة المياه في طهران مرحلة جديدة، وإذا ما استمر الوضع الحالي ولم تُتخذ إجراءات عاجلة فإن العاصمة الإيرانية ستواجه اختلالاً خطراً في إمدادات المياه خلال الصيف المقبل، فقد حذر كبار المسؤولين والخبراء من أن انقطاع المياه على نطاق واسع خلال الأشهر المقبلة أمر طبيعي إذا ما استمرت الظروف الحالية.

وفي الواقع فإن أزمة نقص المياه في إيران ليست مجرد مشكلة مناخية إقليمية تنطوي على تداعيات تتعلق بترشيد استهلاك المياه أو تقنينها، وقد يكون لهذه الأزمة عواقب واسعة النطاق في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بخاصة في المناطق الجنوبية والوسطى والشرقية من البلاد، كما استشهدت بعض وسائل الإعلام الإيرانية خلال الأيام الماضية بالاحتجاجات الشعبية الواسعة التي حدثت في إقليم الأحواز وجهار محال وبختياري وأصفهان بسبب مشكلة نقص المياه خلال الأعوام الأخيرة، واعتبرت هذا الوضع اختلالاً أمنياً خطراً، وعلى رغم التحذيرات المتزايدة من المسؤولين والخبراء والمتخصصين في البلاد فإن التدابير العملية والحلول الأساس لإدارة أزمة المياه تبدو بطيئة وغير كافية، وإذا ما استمر هذا الوضع فإن أياماً من دون مياه ستكون أمراً لا مفر منه بالنسبة إلى سكان العاصمة طهران.

 نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من تقارير