Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

العالم يتجاهل أخبار العنف الديني وقطع الرؤوس في الكونغو

حوادث العنف البشعة في أفريقيا لا تحظى بمتابعة إعلامية دولية مناسبة

أعضاء من جماعة المتمردين "أم23" خلال لقاء حاشد بحضور كورنيل نانجا، زعيم المتمردين الكونغوليين في بوكافو، شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، 27 فبراير 2025 (رويترز)

ملخص

تشهد بعض الدول الأفريقية، مثل الكونغو، تصاعداً في العنف الطائفي، لكن هذه المآسي لا تحظى بأي اهتمام دولي يتركز بشكل رئيس على ثروات أفريقيا المعدنية. الوضع الحالي يستدعي تدخلاً دولياً فعالاً ودوراً أكبر للقيادات الدينية في تعزيز السلام ومكافحة انتشار الإرهاب.

في فبراير (شباط)، قُطع رأس 70 مسيحياً في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد غض العالم البصر عن هذه الحادثة ما خلا حفنة من الوسائل الإعلامية المحافظة والدينية.

ويُشتبه في أن قاتليهم ينتمون إلى جماعة إسلاموية تُسمى "القوات الديمقراطية المتحالفة" Allied Democratic Forces (ADF)، وقد تركوا جثامين ضحاياهم المشوهة داخل كنيسة. وليست هذه الحادثة سوى أحدث الأمثلة على الحروب الدينية التي تستعر نيرانها في بلادي. 

بسرعة، تتحول محافظات الشمال الشرقي في الكونغو إلى "معاقل للجهاديين"، ومنطلق للمتشددين العازمين على فرض عقيدتهم العنيفة. ويحدث هذا على رغم أن المسلمين يشكلون 1.5 في المئة من السكان فحسب. فكيف وصلنا إلى هذه النقطة؟

حسناً، يحدث ذلك لأن التشدد يزدهر في بقاع الأرض المنسية مثل شمال شرق الكونغو وفي بعض مناطق نيجيريا والصومال والساحل التي سحبت الدولة وجودها منها وفقد المجتمع الدولي اهتمامه بها: هذا إن كان قد اهتم بها أصلاً.

يجب أن نذكر من باب الإنصاف أن مجلس الأمن الدولي دان أخيراً الهجوم العسكري في الكونغو ودعا إلى وقف إطلاق النار الفوري. لكن بما أن دول العالم الأول ماضية في تجاهل الأمم المتحدة، قلة من الناس تتوقع من الميليشيات الإسلاموية أن تصغي إليها. أو تتوقع في الحقيقة، أن تصغي إليها أي من الحكومات الأفريقية المختلفة المتورطة في الصراع، وإحداها رواندا.

بل يبدو في الواقع أن الدول الأخرى تصب تركيزاً أكبر بكثير على ثروات الكونغو من المعادن النادرة غير المستغلة التي تقدر قيمتها بـ24 تريليون دولار. وهي لا تأبه لمعاناتنا ولا تتعاطف معنا ما دام أطفالنا يستمرون بتعدين الكوبالت لاستخدامه في السيارات الكهربائية والليثيوم لاستخدامه في البطاريات والتنغستن لاستخدامه في أشباه الموصلات.

بعد مرور 10 أعوام على اختطاف فتيات تشيبوك، حين وجه العالم غضبه على نيجيريا و"بوكو حرام" فترة وجيزة، كم من الأشخاص يعلمون بأن "بوكو حرام" لم تتوقف عن ارتكاب الفظائع حتى اليوم، وأن 82 فتاة من تشيبوك في الأقل لا تزلن مفقودات؟ كم من صراع آخر يدور في أفريقيا من دون أن يوليه أحد اهتماماً؟

هذه هي حال الجنوب العالمي. لكن قد يكون أكثر الأمثلة وضوحاً على ذلك أفغانستان حيث فُقدت أرواح لا تعد ولا تُحصى لأميركيين وأوروبيين وأفغان أثناء العمل على تطهير أفغانستان من "طالبان". ثم عام 2021، عادت الميليشيا لتمسك بزمام الحكم في كابول - وهي لا تزال في السلطة.

في ذلك المكان، حيث فشلت القوة العسكرية بشكل جلي، اضطر المجتمع المدني إلى أن يخوض الحروب التي يعجز المجتمع الدولي عن خوضها. وتجد في صلب تلك المعركة، مجموعات متدينة: استضافت رابطة العالم الإسلامي، وهي أكبر منظمة غير حكومية إسلامية في العالم، مبادرة المؤتمر العالمي حول تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة في وقت سابق من العام الجاري بقيادة الأمين العام للرابطة الشيخ محمد العيسى. جمعت هذه الفعالية تحالفاً غير مسبوق من العلماء المسلمين والزعماء السياسيين وناشطي حقوق الإنسان كانت ضمنهم ملالا يوسفزاي، لحماية تعليم الفتيات من تأثير المتشددين.

خلق إعلان إسلام آباد التاريخي الصادر بعد اجتماع القمة تصدعات داخل "طالبان" وهو يوجه رسالة إلى المجموعات الإسلامية حول العالم بأن ديانتهم قوة تحمي حقوق النساء. ويذكرنا هذا المثال البارز الأخير بأهمية القيادة الدينية التقدمية العالمية في مكافحة الإرهاب كذلك فإنه يخلف تبعات مهمة بالنسبة إلى الكونغو.

في هذا المكان أيضاً، يمكن الاستفادة من الدين باعتباره قوة تدفع نحو التغيير الإيجابي.

في الكونغو، سبق أن نجحت وساطات الزعماء الكاثوليك والبروتستانت الرامية إلى إجراء مباحثات سلام بين مجموعات المتمردين المحليين وأسهم هؤلاء القادة في تسيير دفة بلادنا خلال الأوقات المضطربة، حتى أنهم كانوا وسطاء في الانتخابات الرئاسية عام 2018. ونحن الآن بحاجة إلى تحرك من الكنيسة العالمية. يجب أن نسمع أصوات قادة الكنيسة، بدءاً من القساوسة ووصولاً إلى البابا فرانسيس نفسه.

وتظهر الدراسات أن التدخلات القائمة على الدين قادرة على إبعاد الشباب عن التشدد، واستئصال هذا التهديد من جذوره. رأينا كيف نجح ذلك من خلال عمل المجالس المشتركة بين الأديان في أفريقيا التي تتعامل مع المجتمعات المعرضة لخطر التشدد وتمنع انضمامها إلى "الجهاديين". فمن خلال معالجة الشكاوى الأساس التي تذكي التطرف، يمكننا أن نوفر أفضل أمل لمستقبل خالٍ من الإرهاب.

لكننا بحاجة إلى المجتمع الدولي كذلك. ما نحتاج إليه هو أكثر من إدانات فارغة من الأمم المتحدة، ونحتاج إلى التزامات راسخة. نحتاج إلى فرض عقوبات على السياسيين الذين لا يبذلون جهداً كافياً. ونحتاج إلى اعتراف بدور القوى الإقليمية النافذة - مثل رواندا - في الأحداث الجارية بالكونغو.

لا يمكننا أن نسمح للتشدد بتحديد مستقبل الكونغو. يجب أن يكون ديننا معياراً نهتدي به لإحلال السلام والاستقرار وللخلاص- وعلينا أن نستخدمه بعزم راسخ. 

 

باسي موبالاما ناشطة تدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وهي المؤسسة والمديرة التنفيذية لمنظمة "أيدبروفين" التي تدعم الناجين من العنف الجنسي وتعزز حقوق المرأة.

© The Independent

المزيد من تحلیل