ملخص
شنت القوات الإسرائيلية سلسلة غارات عنيفة على سوريا استهدفت قاعدتين جويتين ودرعا في جنوب البلاد، وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس الرئيس السوري أحمد الشرع من أنه سيواجه عواقب وخيمة إذا سمح بإدخال "قوات معادية" وإذا هُدد أمن إسرائيل.
أكدت تركيا اليوم الخميس أن على إسرائيل الانسحاب من سوريا والكف عن عرقلة جهود إرساء الاستقرار هناك، بعدما صعدت تل أبيب غاراتها الجوية على سوريا واتهمت تركيا بمحاولة وضع سوريا تحت وصايتها.
وقالت وزارة الخارجية في أنقرة "أصبحت إسرائيل أكبر تهديد للأمن في المنطقة" وإنها "مزعزعة للاستقرار الاستراتيجي وتسبب الفوضى وتغذي الإرهاب".
وأضافت "لذلك، ومن أجل إرساء الأمن في جميع أنحاء المنطقة، يجب على إسرائيل أولاً التخلي عن سياساتها التوسعية، والانسحاب من الأراضي التي تحتلها، والكف عن تقويض جهود إرساء الاستقرار في سوريا".
واستهدفت غارات إسرائيلية اليوم مقرّين عسكريين قرب دمشق، وفق ما أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، في ضربة تأتي بعد ساعات من غارات جوية أخرى طاولت العاصمة ووسط البلاد.
وقال المرصد "شنت طائرات حربية إسرائيلية غارات جوية على مواقع ونقاط عسكرية في الفرقة الأولى محيط مدينة الكسوة، واللواء 75 في بلدة المقيليبة بريف دمشق، من دون ورود معلومات عن حجم الخسائر".
من جهته ندد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون اليوم الخميس بـ"التصعيد العسكري الإسرائيلي المتكرر والمتزايد"، محذراً من أن هذه الأفعال "تتسبب في زعزعة استقرار" البلد "في توقيت حساس".
ودعا بيدرسون خلال بيان إسرائيل إلى "وقف هذه الهجمات التي قد ترقى إلى انتهاكات خطرة للقانون الدولي، واحترام سيادة سوريا والاتفاقات القائمة، وكذلك وقف الإجراءات الأحادية الجانب على الأرض".
وكثفت إسرائيل الغارات الجوية على سوريا خلال الليل، وقالت إنها بمثابة تحذير لحكام دمشق الجدد، كما اتهمت حلفاءهم الأتراك اليوم الخميس بمحاولة تحويل سوريا إلى محمية تركية.
وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، اليوم الخميس، الرئيس السوري أحمد الشرع من أنه سيواجه عواقب وخيمة إذا هُدد أمن إسرائيل، وقال في بيان، "أحذر الزعيم السوري الجولاني: إذا سمحت للقوات المعادية بدخول سوريا وتهديد مصالح الأمن الإسرائيلي، ستدفع ثمناً باهظاً"، موجهاً كلامه إلى الشرع باسمه الحركي السابق أبو محمد الجولاني.
وجاء تحذير كاتس عقب اتهام سوريا إسرائيل بـ"تعمّد زعزعة استقرارها" بعد سلسلة غارات طاولت ليل الأربعاء – الخميس مواقع عسكرية في دمشق ووسط البلاد، وتوغل قوات إسرائيلية جنوباً، مما أسفر عن مقتل 13 سورياً في الأقل، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأقرت إسرائيل بشن غارات استهدفت "قدرات وبنى تحتية عسكرية" في دمشق ووسط سوريا، وتنفيذ عملية برية في محافظة درعا جنوب البلاد تخللها الرد على إطلاق نار استهدف قواتها.
وأفاد الإعلام الرسمي السوري بغارات إسرائيلية استهدفت مطاري حماة العسكري ومحيط مطار "تي-فور" (T4) في محافظة حمص ومركز البحوث العلمية في منطقة برزة في دمشق.
وقال كاتس في بيانه اليوم، إن "النشاط الذي قام به سلاح الجو أمس قرب المطارات في قاعدة تي فور، وحماة، ومنطقة دمشق يرسل رسالة واضحة ويشكل تحذيراً للمستقبل"، وأضاف أن القوات الإسرائيلية "ستستمر في العمل على قمة جبل الشيخ وفي المناطق الأمنية والعازلة لحماية" سكانها في هضبة الجولان والجليل.
وفي تعبير عن مخاوف إسرائيل من النفوذ التركي في سوريا، اتهم وزير الخارجية جدعون ساعر أنقرة بأنها تؤدي "دوراً سلبياً" هناك وفي لبنان ومناطق أخرى، وقال في مؤتمر صحافي في باريس، "إنهم يبذلون قصارى جهدهم لجعل سوريا محمية تركية، من الواضح أن هذه هي نيتهم".
"زعزعة استقرار سوريا"
في المقابل، نددت وزارة الخارجية السورية في بيان بشن إسرائيل غارات "على خمس مناطق مختلفة في أنحاء البلاد خلال 30 دقيقة، مما أسفر عن تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين"، وقالت، "يشكل هذا التصعيد غير المبرر محاولة متعمدة لزعزعة استقرار سوريا وإطالة معاناة شعبها".
والضربات التي شنتها إسرائيل في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء هي من أعنف الهجمات الإسرائيلية على سوريا منذ إطاحة الأسد.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب ما تبقى من قدرات عسكرية في القاعدتين الجويتين بمحافظتي حماة وحمص، إضافة إلى ما تبقى من بنية تحتية عسكرية في منطقة دمشق، إذ قالت وسائل إعلام ومسؤولون سوريون إن محيط مركز البحوث العلمية في برزة تعرض للقصف.
وفي حماة، قال مصدر عسكري سوري لـ"رويترز" إن أكثر من 10 هجمات دمرت مدارج الطائرات وبرج المراقبة ومستودعات الأسلحة وحظائر الطائرات بالمطار العسكري، وتابع المصدر بالقول، "دمرت إسرائيل قاعدة حماة الجوية بالكامل لضمان عدم استخدامها. هذا قصف ممنهج لتدمير القدرات العسكرية للقواعد الجوية الرئيسة في البلاد".
وأعلنت إسرائيل أمس الأربعاء أيضاً استهدافها قاعدة "تي 4" الجوية في محافظة حمص، وهي قاعدة تعرضت لقصف إسرائيلي متكرر خلال الأسبوع الماضي.
قصف وتوغل في درعا
قال الجيش الإسرائيلي اليوم إنه قتل عدداً من المسلحين في الغارات التي شنها خلال الليل في منطقة تسيل جنوب سوريا، مؤكداً أن القوات الإسرائيلية تعرضت لإطلاق نار خلال المهمة فردت بضربات برية وجوية، وذكر أنه لا خسائر بشرية في صفوف القوات الإسرائيلية.
وأضاف، "وجود أسلحة في جنوب سوريا يشكل تهديداً لدولة إسرائيل... جيش الدفاع الإسرائيلي لن يسمح بوجود تهديد عسكري في سوريا وسيعمل ضده".
وكان تسعة مدنيين في الأقل قُتلوا فجر الخميس جراء قصف شنته إسرائيل في جنوب سوريا، بعد توغل قواتها في المنطقة، وفق حصيلة أولية لمحافظة درعا.
وأوردت المحافظة في بيان على "تيليغرام"، "ارتقاء تسعة مدنيين وإصابة آخرين، في حصيلة أولية، إثر قصف للاحتلال الإسرائيلي على حرش سد الجبيلية الواقع بين مدينة درعا وبلدة تسيل غرب درعا"، أعقب "توغلاً" إسرائيلياً في المنطقة "حيث تقدمت قوات الاحتلال لأول مرة إلى هذا العمق".
وظلت إسرائيل أعواماً تشن غارات جوية على سوريا خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد، مستهدفة ما وصفتها بمنشآت عسكرية مرتبطة بإيران وعمليات نقل أسلحة من طهران إلى جماعة "حزب الله" اللبناني، وقُطع طريق نقل الأسلحة بعد سقوط الأسد، لكن إسرائيل واصلت شن غارات على القواعد العسكرية السورية.
وتعد قاعدة حماة الجوية، التي تقع غرب المدينة، واحدة من القواعد الجوية الرئيسة في البلاد التي كانت تُستخدم على نطاق واسع كنقطة انطلاق لقصف المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة في الشمال خلال الصراع الذي استمر 13 عاماً بين الأسد والمعارضة قبل إطاحته.
وتصاعد العنف على طول الحدود بين إسرائيل وسوريا بعد تولي إدارة جديدة عقب إطاحة الأسد، وتقول إسرائيل منذ ذلك الحين إنها لن تتسامح مع وجود مسلحين متطرفين في جنوب سوريا، وأرسلت قواتها إلى المنطقة الحدودية السورية، وتقول القيادة السورية إنها لا تنوي فتح جبهة ضد إسرائيل.