تبدأ اليوم الاثنين 14 أكتوبر (تشرين الأول) ولمدة 6 أيام الاجتماعات السنوية لمجلسي محافظي صندوق النقد ومجموعة البنك الدوليين، المقرر عقدها في واشنطن خلال الفترة من 14 إلى 20 أكتوبر الحالي، والمعروفة إعلاميا بـ"اجتماعات الخريف"، وتضمّ الاجتماعات عددا كبيرا من محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية والتنمية، وكبار المسؤولين من القطاع الخاص، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني وأكاديميين من دول العالم.
مشاركة مصرية "رفيعة"
وتشارك مصر في اجتماعات الخريف بوفد رفيع، يضمّ طارق عامر محافظ البنك المركزي، وجمال نجم نائب المحافظ، ومحمد معيط وزير المالية، وأحمد كوجك نائب وزير المالية للسياسات المالية، وسحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي.
وجرت العادة على عقد الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي، التي تُنظم عموماً في الخريف في واشنطن، سنتين متتاليتين، وفي أحد البلدان الأعضاء في السنة الثالثة، وتتضمن الاجتماعات السنوية اجتماعات لجنة التنمية، واللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، ومجموعة العشر، ومجموعة الأربع والعشرين، والعديد من مجموعات الأعضاء الأخرى.
وفي ختام الاجتماعات تصدر لجنة التنمية واللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية بيانات خاصة، وأثناء الاجتماعات السنوية يتخذ المحافظون قرارات بشأن كيفية التعامل مع القضايا النقدية الدولية الراهنة، ويعتمدون القرارات ذات الصلة، على أن يرأس الاجتماعات السنوية أحد محافظي البنك والصندوق، مع تناوب الرئاسة فيما بين أعضاء المجلسين كل عام، ويجرى انتخاب المديرين التنفيذيين مرة كل عامين.
"النقد" يعلن نتائج المراجعة الأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري
قبل بدء اجتماعات الخريف بساعات، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا بشأن المراجعة الخامسة والأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، والتي أجراها الصندوق في يوليو (تموز) الماضي قبل صرف الشريحة الأخيرة بقيمة ملياري دولار، من قرض مصر البالغ قيمته الإجمالية 12 مليار دولار، والذي تم صرفه على 6 شرائح على مدار ثلاث سنوات.
وأعلن صندوق النقد الدولي أن مصر ستجري مشاورات جديدة معه وفقاً للمادة الرابعة يناير (كانون الثاني) 2020، مؤكدا في التقرير أنه رغم صرف الشريحة الأخيرة من قرض الـ12 مليار دولار، فإن الاتفاق الحالي لا يزال ساريا حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
كان المدير التنفيذي للصندوق النقد، حازم الببلاوي، قال في وقت سابق إن "الحكومة المصرية ستواصل المشاركة الوثيقة مع صندوق النقد الدولي، بغضّ النظر عن شكل هذه المشاركة المستقبلية".
وفي أغسطس (آب) الماضي، قال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن الحكومة المصرية تجري مباحثات مع صندوق النقد الدولي، بهدف توقيع اتفاق غير مالي مع المؤسسة الدولية بحلول أكتوبر(تشرين الأول) الحالي، إلا أن مساعدة مدير إدارة الاتصالات بالصندوق، كاميلا أندرسن، نفت ذلك في بيان صحافي أكدت فيه أن "الأولوية لإتمام البرنامج الحالي للإصلاح الاقتصادي بنجاح".
وحول أداء الاقتصاد المصري، أوضح صندوق النقد الدولي في التقرير أن مصر أنهت العام المالي 2019- 2018 بأداء قوي على صعيد الاقتصاد الكلي وعلى صعيد الأداء الإجمالي، مرجعا ذلك إلى الدعم من خلال مواصلة تطبيق السياسات الحكيمة والنمو القوي في قطاعات الغاز الطبيعي والسياحة والإنشاءات، فضلا عن تراجع معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها في عشر سنوات، والتي وصلت إلى 8.1% في الربع الأول من 2019، و7.5% في الربع الثاني من العام، قبل أن يعلّق على أن التقدم "غير المنتظم" في الإصلاحات الهيكلية يظل بمثابة معوّق رئيس أمام الاقتصاد المحلي.
بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء والبنك المركزي على مدار الأسبوع الماضي أظهرت تراجع معدل التضخم في المدن إلى 4.8% في سبتمبر (أيلول)، مقارنة بـ5.3% في أغسطس (آب).
توقع انخفاض الاحتياطي النقدي إلى 43.7 مليار دولار نهاية 2019
وحول احتياطي مصر من النقد الأجنبي، أكد الصندوق على ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي لمصر، ليصل إلى 45.11 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، متوقعا أن ينخفض الاحتياطي إلى 43.7 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي، قبل أن يرتفع مجددا إلى 48.5 مليار دولار بحلول 2024- 2023.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخفض الصندوق من توقعاته بشأن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ توقع أن تسجل 8.1 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي، مقابل 6.5 مليار دولار في 2019-2018، على أن تواصل الارتفاع إلى 14 مليار دولار بحلول 2024-2023. وكانت توقعات صندوق النقد تشير إلى تحقيق استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 11.2 مليار دولار في العام المالي الحالي، وأن ترتفع لتصل إلى 16.9 مليار دولار في 2023-2022.
صندوق النقد الدولي انتقد التأخر في إجراء إصلاح مستدام لدفع عجلة النمو القوي على المدى المتوسط، موضحا أن الإصلاحات الهيكلية، والتي تأخرت فيها مصر على نحو متكرر، ينبغي أن تهدف لتحقيق نموذج نمو أكثر شمولية يقوم على القطاع الخاص وتقوده الصادرات، من أجل التأقلم مع الزيادة المستمرة في القوى العاملة.
وأبدى الصندوق تخوفه من ارتفاع مستوى الدين العام، مؤكدا بحسب التقرير أنه يجعل اقتصاد مصر معرضا للضعف في ثقة المستثمرين، أو لحدوث تحول في الأوضاع المالية العالمية.
الأسبوع الماضي، توقع البنك الدولي نمو الاقتصاد المصري بنسبة 5.8% خلال العام المالي الحالي، في تقرير له، متوقعا أن يحقق الاقتصاد المصري نموا بنسبة 5.8% خلال العام المالي الحالي، على أن ترتفع تلك النسبة إلى 6% خلال العام المالي المقبل 2021-2020، بافتراض استمرار إصلاحات الاقتصاد الكلي وتحسن بيئة الأعمال.
وارتكز البنك في توقعاته على ارتفاع حجم الصادرات الصافية للسلع والخدمات، وانكماش واردات النفط (المدعومة بزيادة الإنتاج في الغاز الطبيعي)، فضلا عن زيادة الاستثمارات الخاصة، مشيرا إلى أنها جميعها تدفع ارتفاع معدلات النمو ومن المتوقع استمرارها، مؤكدا على أن "مصر تحافظ على نموها القوي، مع تحسن التدفقات النقدية واستقرار الحسابات الخارجية عند مستويات إيجابية".
الخبراء يستبعدون حصول القاهرة على قرض جديد
خبراء اقتصاد أكدوا أن المشاورات الجديدة التي أعلن عنها صندوق النقد الدولي مع الجانب المصري وفقاً للمادة الرابعة في يناير (كانون الثاني) 2020 ليست بالضرورة أن تكون حول اتفاق مالي جديد، وأشاروا إلى أنه قد يكون اتفاقا فنيا خالصا.
وأكدت بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، أن الاتفاق المحتمل لن يصل إلى منح القاهرة قرضا جديدا، موضحة أنه اتفاق لدعم الحكومة المصرية فنيا ومتابعة نتائج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته مصر على مدار الثلاث سنوات الماضية، وأضافت أن هناك هدفا آخر للصندوق من الاتفاق وهو متابعة ومراقبة أداء الحكومة وضمان سداد ديونها الداخلية والخارجية، لافتة إلى أن "الصندوق يهتم أيضا لاسترداد أمواله التي ستبدأ مصر في سدادها".
وقال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن مصر ستبدأ خلال الأعوام الثلاثة المقبلة مرحلة تسديد قرض صندوق النقد البالغ 12 مليار دولار، موضحا أن مجلس إدارة الصندوق يبحث أيضا عن ضمان إيجاد موارد لسداد أقساط وفوائد هذا القرض، بخاصة في ظل ملاحظات الصندوق في المراجعة الأخيرة عند تنفيذ الحكومة المصرية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي حول ارتفاع حجم الدين العام المصري.
وحول تمديد اتفاقية جديدة مع الصندوق في يناير (كانون الثاني)، استبعد الفقي أن يطول الاتفاق الجديد منح مصر قروض جديدة، لافتا إلى أن الصندوق يريد الاطمئنان على استمرار الحكومة في الإصلاحات الهيكلية وتقوية الملاءة المالية للبنوك، حتى تكون جاهزة للتعامل مع الأزمات وخاصة الديون.
وأضاف الفقي أن أكبر مشكلة تواجه الحكومة حاليا ويعتبرها الصندوق إحدى سلبيات برنامج الإصلاح الاقتصادي هو ارتفاع الدين المحلي المصري، وهو ما يمكن أن يسهم الصندوق في إيجاد حلول له حال إبرام اتفاق جديد بين القاهرة والصندوق لتنفيذ بعض الإجراءات حتى يضمن الصندوق آلية سداد هذه الديون.
ووفقا لأحدث بيانات البنك المركزي المصري تخطى إجمالي الدين العام المصري حدود الـ4 تريليونات جنيه، بينما بلغ الدين الخارجي نحو 106 مليارات دولار أميركي .