قبيل تظاهرات مرتقبة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ربما تنتهي إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، تبدو خريطة مواقف القوى السياسية في العراق معقدة.
ووفقاً لتداعيات حركة الاحتجاج التي انطلقت مطلع أكتوبر، وقوبلت بقمع حكومي دموي، تسبب في مقتل وجرح واعتقال الآلاف، فإن الكثير من الأطراف السياسية الفاعلة في العراق، انفضت عن حكومة عبد المهدي، ووقفت إما موقف المحايد أو الداعم للجمهور.
القافزون من سفينة عبد المهدي
أول الأطراف التي غادرت سفينة عبد المهدي، كان تيار الحكمة، بزعامة عمار الحكيم، الذي توجه نحو المعارضة، حتى قبل أن تبدأ التظاهرات، ليلحق به سريعاً رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وكتلة النصر التي يتزعمها.
لاحقاً، عبرت أطراف شيعية مثل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وسنية مثل جبهة الإنقاذ بزعامة أسامة النجيفي وليبرالية مثل المنبر العراقي بزعامة إياد علاوي، عن استغرابها للإجراءات التي استخدمتها الحكومة ضد المتظاهرين، محذرة من تكرار هذه الإجراءات في التظاهرات المرتقبة.
ويقول مراقبون إن جميع هذه القوى ستكون سعيدة للغاية بسقوط حكومة عبد المهدي، لأن ذلك ربما يفتح لها باب المشاركة في تشكيل السلطات الجديدة، بعدما خرجت خالية الوفاض تقريباً من مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية، باستثناء علاوي، الذي حصل أحد مرشحيه على حقيبة الدفاع، قبل أن ينقلب عليه، وفقاً لتسريبات.
تحول الصدر
لكن التحول الأهم، جاء عبر خروج الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وتحالف سائرون، الذي يرعاه، من دائرة القوى الداعمة للحكومة، ما جرد عبد المهدي من نحو نصف قيمة الغطاء السياسي الذي يعتمد عليه في إدارة شؤون البلاد.
أرسل الصدر مبعوثاً إلى عبد المهدي، طالباً منه تقديم استقالته، والمشاركة في مفاوضات اختيار خليفته، بسبب الغضب الشعبي الواسع جراء تعامل الحكومة الدموي مع الاحتجاجات. لكن عبد المهدي، رفض طلب الصدر، بتشجيع إيراني، وفقاً لمصادر مطلعة على هذه المحادثات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عند ذلك، وجه الصدر رسالة وصفت بالنارية إلى المتظاهرين، طالباً منهم محاسبة الفاسدين بأنفسهم، لأن حكومة عبد المهدي عاجزة عن ذلك.
على الرغم من أن الصدر لم يصدر أوامر واضحة للكتلة التشريعية التي تتبعه في البرلمان العراقي بالانسحاب، إلا أن رسالته اعتبرت دليلاً على قطيعة نهائية بينه وبين حكومة عبد المهدي.
وفقاً لهذه التطورات، لم يعد لعبد المهدي من غطاء سياسي، سوى تحالف الفتح، الذي يضم ممثلي الحشد الشعبي وطيفاً من الساسة الموالين لإيران، فضلاً عن المحاولات التي يبذلها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي (السني) لتهدئة المحتجين الغاضبين، بهدف حماية الحكومة، التي ربما يسقط هو شخصياً بسقوطها.
واقفون على التل
بحسب ردود الأفعال، فإن هناك قوى مؤثرة، على المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، ورئيس الجمهورية برهم صالح، يبدو أنها قررت الوقوف على التل، ومراقبة التطورات، على الرغم من أنها لن تخسر أو تربح في أي من نتائجها.
ومع أن السيستاني وصالح عبرا عن موقف شبه متطابق في إدانة قتل المتظاهرين، إلا أنهما أبقيا الباب موارباً أمام استمرار عبد المهدي في منصبه.