بعد محادثات استمرت أسبوعين بالعاصمة جوبا شهدت تعثراً في بداية انطلاقتها، علقت لجنة وساطة دولة جنوب السودان مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة لمدة شهر، لمنح الأطراف وقتاً للمشاورات قبل التوقيع النهائي للسلام الشامل وإنهاء الحرب الدائرة في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وذلك على ضوء التفاهمات المتقدمة التي حدثت في جولة المفاوضات الأولى، فضلاً عن دعم الشركاء الدوليين للوصول لاتفاق سلام ينهي الحرب الدائرة منذ عام 2003.
وبحسب رئيس لجنة الوساطة بدولة جنوب السودان توت قلواك، فإن التوصل إلى سلام شامل وحقيقي بين الأطراف السودانية بات وشيكاً وممكناً نظراً إلى توقيع عدد من الوثائق المهمة، من أبرزها إعلان وقف العدائيات والإعلان السياسي مع الجبهة الثورية، إلى جانب توقيعها على اتفاق مع مجموعة الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، تضمنت ملفات التفاوض والقضايا السياسية والإنسانية، مؤكداً أن رفع الجولة الأولى للمفاوضات إلى 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل جاء لإعطاء الوقت الكافي للأطراف السودانية لتقوم بإجراء مشاوراتها اللازمة.
السلام والتنمية
وقال عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق الركن شمس الدين كباشي إن الوفد الحكومي السوداني جاء للمفاوضات في جوبا حاملاً تطلعات، وآمال الشعب السوداني في السلام والتنمية، ووجد الروح نفسها لدى الوفود المفاوضة الأخرى من الحركات المسلحة، مؤكداً أن الحل لقضايا الحرب والسلام ينبع من طاولة المفاوضات، مشيراً إلى أن وفد الحكومة السودانية عازم على التوصل إلى حل حولها، يُنهي معاناة الشعب السوداني التي امتدت منذ استقلال السودان عام 1956، وتفاقمت خلال العقود الثلاثة الماضية.
وأوضح أن منبر جوبا هو الأكثر تأهيلاً لتحقيق السلام في السودان، بسبب فهم القيادة في دولة جنوب السودان لقضايا السودان، فضلاً عما يربط البلدين من علاقات ووشائج وقواسم مشتركة.
وفيما أكد أن حل مشكلات السودان يبدأ بالاعتراف بها، أشاد بما تحقق خلال هذه الجولة، من إنجاز كبير، مؤكداً أن وفد الحكومة السودانية ملتزم بكل ما تم التوقيع عليه، وسيواصل التفاوض في الجولة المقبلة بالروح الطيبة نفسها، من أجل التوصل إلى سلام شامل خلال الفترة المقبلة. وبيّن كباشي أن الثورة السودانية التي شاركت فيها حركات الكفاح المسلح، منذ فترة طويلة، لن تكتمل إلا بتحقيق السلام الشامل والعادل في البلاد.
جدية وشراكة
في المقابل، أكد الأمين العام للحركة الشعبية شمال عمار آمون التزامهم في الحركة، والاستمرار في التفاوض من أجل التوصل إلى سلام شامل في البلاد، مشيداً بالإرادة السياسية والروح الطيبة التي توافرت لدى وفد الحكومة السودانية المفاوض، مشيراً إلى أن هذه الإرادة تمنحنا أملاً كبيراً في تحقيق السلام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار رئيس الجبهة الثورية السودانية الهادي إدريس إلى أن ما تم توقيعه في هذه الجولة يُعد إنجازاً كبيراً، ما كان ليتحقق لولا الروح والجدية التي سادت المفاوضات، مثنياً على روح الشراكة التي اعتمدها وفد الحكومة السودانية في التفاوض، وأسهمت في حسم الكثير من القضايا.
طي الصراع
وتأتي هذه المفاوضات بموجب مبادرة تقدمت بها دولة جنوب السودان للتوسط بين المجلس العسكري الانتقالي آنذاك والحركات المسلحة بعد عزل الرئيس السوداني السابق عمر البشير لطي ملف النزاع والتوصل إلى تسوية سلمية تعزز فرص الانتقال الديمقراطي في السودان، وتم على ضوء هذه المبادرة تشكيل لجنة خماسية برئاسة مستشار الشؤون الأمنية في دولة جنوب السودان توت قلواك.
وتضم الجبهة الثورية السودانية ثلاث حركات مسلحة، وهي حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وتتمركز قواتها في المنطقة الغربية لإقليم دارفور، والحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة مالك عقار وتمارس نشاطها العسكري في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق، وحركة العدل والمساواة التي يتزعمها جبريل إبراهيم وتقاتل في غرب إقليم دارفور.
فترة انتقالية
وبدأ السودان، منذ 21 أغسطس (آب) الماضي فترة انتقالية تستمر 39 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير.
ويعد ملف إحلال السلام أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة عبد الله حمدوك، وهي أول حكومة في البلاد منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير من الرئاسة في 11 أبريل (نيسان) الماضي تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.