أبدى رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي أسفه للتوقيت الذي اختير لإثارة مسألة الدعوى في حقه، واصفاً في حديث إلى "اندبندنت عربية"، هذا التوقيت بـ"سياسي بامتياز، ويعني أن الدولة اللبنانية وصلت إلى إفلاس كامل في توظيف القضاء واستغلاله". واعتبر أن سحب القاضية غادة عون هذا الملف من الأدراج، يشكّل ثمناً لمواقفه السياسية التي اتخذها أخيراً حيال العهد الرئاسي. وقال "هذا ثمن مواقفي التي أتعرض فيها للعهد منذ انتخاب رئيس الجمهورية حتى اليوم، على الرغم من أن هذا الموضوع المثار لا علاقة لي به لا من قريب ولا من بعيد، وقد اعترفت القاضية أنها سحبت الملف استنسابياً. فالتوقيت إذاً للانتقام، وحرف النظر عما يحصل في الساحات من خلال إثارة ملفات ليست في موقعها الصحيح. وكلنا يستغرب هل مكافحة الفساد تكون بفتح ملفات مماثلة وغض النظر عن الملفات الكبرى التي تزهق البلاد فعلاً؟".
قراءة في خطاب عون
ولدى سؤاله عن قراءته خطاب عون إلى المتظاهرين، يستعيد ميقاتي سؤالاً طُرح عليه عن السبب الذي منعه من "انتخاب الرئيس ميشال عون، وكان جوابي في حينها أن الرئيس غير قادر على توحيد اللبنانيين. أما اليوم، فوجدت أنه وحّد اللبنانيين على الأداء السياسي السيئ. فهو يتحدث وكأنه قائد الثورة، متناسياً أنه رئيس للجمهورية. والمفارقة أن كل مسؤول يخرج إلى مساندة الحراك المدني، متناسياً أن الموضوع في يديه. فقد سمعنا رئيس الحكومة قبل أيام يقول إنه لم يتمكن من تحقيق أي إجراء، ممّا تحقق أخيراً. فهل هذا يجب أن يدفعنا إلى أن نقول شكراً للحراك المدني الذي تمكّن من دفع السلطة إلى العمل. وهنا، أسأل إذا كان رئيسا الجمهورية والحكومة يشكّلان الحراك، فهذا يعني أن على الحراك أن يبقى في الشارع حتى يحقق أهدافه".
ورداً على سؤال عن الخيارات المتاحة للخروج من المأزق؟ يجيب ميقاتي أن "الحل يكمن اليوم في سلة متكاملة، تبدأ باعتماد خيار استقالة الحكومة على أن يترافق ذلك مع مجموعة خطوات:
استقالة الحكومة يسبقها جولة استشارات يقوم بها رئيسها مع كل القيادات والأحزاب السياسية من أجل استعراض تشكيل حكومة جديدة فور استقالته، منعاً للفراغ، بحيث تكون محضّرة مسبقاً، وكل وزير فيها يتولى حقيبة ضمن اختصاصه، بما يسهم في تشكيل فريق عمل متكامل مع رئيس الحكومة.
لعدم تسيس القضاء
عندها تستقيل الحكومة وتجري الاستشارات النيابية لتأليف حكومة جديدة فوراً، من دون أي تأجيل أو مراوغة. ويصاغ بيان وزاري مقتضب من عنوانين في الشأن الداخلي: الموازنة وقانون الانتخاب، بحيث تعقد جلسة نيل الثقة فوراً ويعقبها فور رفعها انعقاد المجلس في هيئة عامة تشريعية لإقرار الموازنة بمادة واحدة، وتتنقل إلى البحث في قانون الانتخاب الجديد المطلوب حصراً ومن دون أي بند آخر، على أن لا تُرفع الجلسة إلاّ بعد إقراره.
وفي الخطوة الأخيرة، يدعو رئيس المجلس إلى استقالة مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، ونكون أصلحنا الخطأ المرتكب في انتخابات مايو (أيار ٢٠١٨)، على اعتبار أنّ أكثر من نصف اللبنانيين لم يقترعوا.
وخلص ميقاتي إلى القول إن الصرخة في البلد يجب ألاّ تصم آذان المسؤولين، وعلى رئيس الجمهورية الذي نحترم مقامه، ألاّ يسيّس القضاء وأن يرفع يده عنه. كما يجب عدم التدخل في المؤسسة العسكرية. وثالثاً، عدم المس بحرية الإعلام عبر إسكاته وعبر قمع الحريات الإعلامية وحريّة التعبير، لأنها المتنفس الحقيقي للبنانيين. هذا هو السبيل الوحيد في رأيي للبنانيين للخروج من الوضع الراهن".