حالة من التوتر شهدتها طرابلس بعد الأخبار عن إطلاق النار خلال محاولة الجيش فتح الطريق في منطقة البداوي شمال المدينة. وفي الجزء الثاني من الصورة، حافظت ساحة النور على كثافة الحشود، وتحوّلت إلى منصة تعكس مواقف التجمعات المهنية والنقابات من السلطة اللبنانية القائمة.
تطورات البداوي
بعد حادثة البداوي، ردد سكان المدينة هتافات بحق رئيس الجمهورية ميشال عون، وتساءل آخرون عن سبب استخدام القوة معهم في حين تستخدم القوى الأمنية أسلوب التفاوض في المناطق الأخرى. واستهجن الناشطون الازدواجية في تعامل السلطة مع مواطنيها. فهي في اليوم السابق كانت متفرجة على أنصار حزب الله وهم يهاجمون المتظاهرين السلميين في ساحة رياض الصلح.
وتحدثت المصادر عن توقيف عامر أريش أحد القادة الميدانيين في البداوي بعد تعرضه للضرب. كما نُقل خمسة جرحى على الأقل إلى المستشفى الإسلامي.
في المقابل، أوضح الجيش أن عناصره تعرضوا للرشق بالحجارة والمفرقعات النارية من المتظاهرين أثناء فض إشكال بين سيارة تمر في المنطقة والشبان المعتصمين، وجُرح عدد من العناصر العسكرية في الإشكال. كما اتصل الرئيس سعد الحريري بقائد الجيش جوزيف عون طالباً منه التحقيق بالحادث.
وفي أعقاب الاشتباكات، عاود المحتجون إغلاق الطريق في البداوي، ولم يتأخروا في ترداد "كلن يعني كلن" و"ثورة". وهاجم بعض المتظاهرين موقف الحريري الذي هدّد أنه سيستقيل عند أول قطرة دم ستسقط. كما استغربوا غياب نواب طرابلس عن المشهد، وعدم اتخاذ أي موقف من التعاطي مع فقراء البداوي.
إغلاق طريق البحصاص
وأغلقت مجموعة من المتظاهرين المدخل الجنوبي لمنطقة طرابلس، حيث عمدوا إلى وضع العوائق على أوتوستراد البحصاص في محلة البالما. وبحسب الناشط نظام مغيط، فإن مجموعة من الشباب قطعت الطريق لأنها تعتقد أنه يجب الانتقال إلى خطوات تصعيدية موجعة للدولة، والتأكيد أن الثورة لم تنتهِ وأنها ليست في الساحات المغلقة فحسب، مهدداً بأنها ستتطور وتتوسع لتصل إلى بيوت السياسيين ومؤسساتهم.
وينطلق مغيط من المعاناة التي يعيشها الشباب، ليؤكد الإصرار على البقاء في الطرقات إلى حين تحقيق أهداف التحركات الشعبية. ويصف مغيط الانتفاضة بـ"الشعبية"، وأن الوجود في الطرقات ليس رغبة في قطع الطرقات وإنما صرخة في وجه الأصنام الذين يعملون لمصلحتهم فحسب، ولا يستمعون إلى مطالب الناس الذين يموتون على أبواب المستشفيات.
اتحاد نقابات المهن الحرة
منذ اليوم الأول، أبرزت ساحة النور تنوّع شرائح المشاركين، وظهرت نقابات المهن الحرة لاعباً أساسياً في الحراك. واستحدثت عيادة ميدانية في إحدى زوايا ساحة النور لتخفيف الضغط على طوارئ المستشفيات، ولتقديم الإسعافات الأولية عند الحاجة. ويعتبر نقيب الأطباء في لبنان الشمالي سليم أبي صالح أن "الأطباء جزء من الشعب، وأن مشاكلهما واحدة"، مؤكداً أن الأطباء كانوا أول من استشعر الأزمة والانفجار الاجتماعي بفعل السياسات الاقتصادية. ويلفت أبي صالح إلى أن وفداً من الأطباء أبلغ الرئيس ميشال عون بتزايد معاناة الناس.
لا تتوقف المعاناة على الأطباء، وإنما تصل إلى المستشفيات التي تُعاني كثيراً وأحياناً لا تتمكن من تأمين النفقات التشغيلية. كما أن الأطباء لا يحصلون على مستحقاتهم المالية من الجهات الضامنة، سواء من وزارة الصحة أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ويقول أبي صالح "نحن نشحذ حقوقنا، ولم نتقاضى مستحقاتنا من وزارة الصحة منذ 18 شهراً على الرغم من العقود".
متقاعدو الجيش في جاهزية دائمة
انعكست ميزانية 2019 سلباً على حقوق العسكر والمتقاعدين، حيث لم تجد الحكومة بداً من اقتطاع أجزاء من معاشاتهم وتقديماتهم التقاعدية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويطالب العميد هيثم ضرغام أمين سر المحاربين القدامى في الشمال باستعادة الأموال المنهوبة من العسكريين وعائلات القتلى والمعوقين.
ويعبّر درغام عن موقف ثابت بالانحياز إلى ثورة المظلوم، لأن وجعهم ووجع اللبنانيين واحد، كما أن هناك مطلباً بإعادة تكوين الطبقة السياسية. ويتساءل عن إنجازات الرئيس القوي على الصعيد الوطني غير زيادة الفساد وعدم الإصلاح.
أساتذة المدارس
إلى جانب تلاميذهم، حضر أساتذة المدارس الرسمية إلى ساحة النور. ويرى أحمد الخير، أحد مندوبي رابطة التعليم الثانوي، أن الأساتذة هم أكثر الشرائح حرصاً على وحدة الوطن وسلامته، معتبراً أن الأساتذة تعرضوا للظلم سواء أكانوا متقاعدين أو موظفين حاليين. ويشير إلى أن المشاركة تهدف إلى حماية الموقع الوظيفي للأستاذ الثانوي وحماية التعليم الرسمي ودعم المدارس في ظل منع التوظيف والوصول إلى دولة عادلة.
وفي ظل التخوّف من عدم تقاضي الموظفين أجورهم نهاية الشهر الحالي، يجزم الخير أنه لا يمكن أي مسؤول تحمل أمر كهذا سواء في وزارة المالية أو غيرها، لذلك لا يوجد أي خوف لديهم إلا من "حيتان المال".