وسط آمالٍ وتوقعات ونظرات مستقبلية إيجابية، نظَّم مجلس إدارة الصندوق السيادي المصري (ثراء) مائدةً مستديرةً في أول لقاء موسّع منذ تأسيسه لإعلان آليات عمله وتطلعات مسؤوليه، التي قابلها الخبراء والمتخصصون بترقبٍ حذرٍ حول أهمية ونطاق عمل الصندوق.
تحفيز رئاسي
المائدة المستديرة التي عُقدت وسط حضور إعلامي مكثف جاءت بعد أيام قليلة من مطالبة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حكومته بسرعة تفعيل عمل صندوق (ثراء)، إذ قال، على هامش افتتاح أحد المشروعات القومية، "الصندوق السيادي المصري سيكون حجم أرقامه ليست من فراغ، إنما من قدرات الدولة المصرية وأصولها واقتصادها"، مؤكداً، "سيكون أكثر من عدة تريليونات جنيه، جميعها أصول مصرية لصالح مصر وشعبها واقتصادها".
رأسمال الصندوق المرخّص به 200 مليار جنيه (نحو 12.3 مليار دولار أميركي)، ورأسماله المصدر 5 مليارات جنيه (نحو 309 مليارات دولار أميركي)، ويجوز زيادة رأسمال الصندوق نقداً أو عيناً وفقاً للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسي.
زيادة رأسمال الصندوق
وقدَّم أيمن سليمان المدير التنفيذي لصندوق ثراء، خلال المناقشات بالمائدة، عرضاً تفصيلياً حول فكرة وأهداف وأسلوب إدارة وخطط الصندوق، ثم تلي ذلك طرح عدد كبير من الأسئلة من جانب ممثلي الصحف والوكالات المتابعة.
وقال سليمان، "أتوقع زيادة رأسمال الصندوق المرخص به إلى تريليون جنيه (نحو 60 مليار دولار) من 200 مليار جنيه (نحو 12.3 مليار دولار أميركي) حالياً خلال ثلاث سنوات أو أقل، حسب الشهية الاستثمارية واستجابة المستثمرين"، على حد قوله. محدداً القطاعات التي سيعمل في نطاقها الصندوق بأنها قطاعات "الصناعة والطاقة التقليدية والمتجددة والسياحة والمناطق الأثرية".
وأضاف المدير التنفيذي للصندوق، "جملة رأسمال الصندوق المدفوع تبلغ 5 مليارات جنيه (نحو 309 مليارات دولار أميركي)، منها مليار جنيه (نحو 62 مليون دولار أميركي) دفعتها الحكومة، والـ4 مليارات جنيه الأخرى (نحو 247 مليون دولار أميركي) سيتم سحبها وفقاً لاحتياجاتنا والمشروعات المتاحة".
وتابع، "روَّجنا مشروعات بمصر إلى مستثمرين من أميركا وأستراليا والصين وشرق آسيا وأوروبا، وسنستثمر من خلال الصندوق أو إنشاء صناديق فرعية متخصصة أو إنشاء شركات"، كاشفاً أنهم بصدد إعلان "أول صندوق فرعي بالسياحة خلال أسابيع، ثم يليه آخر خاص باستثمار مجال الطاقة".
الاستحواذ على محطات الكهرباء
وقال سليمان، "يوجد اهتمام كبير من جانب المستثمرين بمحطات الكهرباء التي شيَّدتها شركة (سيمنس) الألمانية خلال السنوات القليلة الماضية، موضحاً "لدينا 6 شركات حتى الآن قدمت عروضاً للقابضة للكهرباء لشراء حصص في محطات كهرباء (سيمنس)".
وكشف المدير التنفيذي للصندوق عن نية (ثراء) "الاستحواذ على حصة بنحو 30% من إحدى محطات الكهرباء التي سيقع عليها اختياره، بينما سيحصل مستثمرٌ آخر على حصة أيضاً بالمحطة"، مشيراً إلى أن بعض الأصول "سيتم تملُّكه، والبعض الآخر سيتم إدارته حسب نوعية الأصول والقوانين الحاكمة لها وشهية المستثمرين".
3 أنماط للاستثمار الثنائي
وأشار إلى أنه تجرى "مباحثات مع 3 صناديق سيادية عربية، وقبل نهاية العام سنوقع اتفاقات مع صندوقين منها، ويعتمد ذلك على وتيرة المباحثات القائمة، والاتفاقات المنتظرة تأتي في إطار التعاون الثنائي لدراسة الفرص الاستثمارية المتاحة وتبادل الخبرات، بما يضمن تحقيق أهداف مشتركة للطرفين".
وحول نوعية الاستثمارات المستهدفة أشار سليمان، إلى أن نماذج الاستثمار الثنائي تتمثل في 3 أنماط، هي "الاستثمار المباشر، أو إنشاء صندوق مشترك، أو توقيع بروتوكول للاستثمار بين الطرفين، على أن يختص الصندوق السيادي المصري بإدارة الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة التي ستنقل تبعيتها إليه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح المدير التنفيذي للصندوق، أن "رأسمال الصندوق وقت التأسيس والبالغ 200 مليار جنيه (نحو 12.3 مليار دولار أميركي)، كان رقماً استرشادياً يستشرف فقط ما يمكن عمله في الفترة الأولى"، مؤكداً أن الصندوق السيادي "لن يمتلك كل ما يدير، وبعض الأصول ستمثل محفظة إدارة بمشاركة مساهمين آخرين من خلال بروتوكول تعاون، وذلك بخلاف الاستثمارات التي سيتم الاستحواذ عليها عبر نقل الملكية لتعظيم قيمتها".
واختتم سليمان حديثه قائلاً، "استقرينا على رفع رأس المال المرخص به الصندوق إلى تريليون جنيه (نحو 60 مليار دولار) مستهدف، سيتحدد الأجل الزمني للوصول إليه وفقاً لشهية المستثمرين"، متفائلاً بـ"تحقيقه في سنوات معدودة"، لكنه قال "لا أريد الالتزام بمستهدف زمني يجعلني تحت ضغط بما يؤثر على كفاءة الطرح للمستثمرين".
يذكر أن صندوق (ثراء) يختص بإدارة الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة والتي سيتم نقل تبيعتها إليه، وتستهدف الحكومة من تأسيسه المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله وأصوله، إلى جانب تحقيق الاستغلال الأمثل لها وفقاً لأفضل المعايير والقواعد الدولية، لتعظيم قيمتها لصالح الأجيال القادمة، حسب ما أعلنت عنه وزارة التخطيط المصرية عند إعلان التأسيس.
قطاع الأعمال يبدأ المشاركة
وزير قطاع الأعمال المصري هشام توفيق كشف، في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن وزارته "ستشارك في الصندوق عبر عدة أصول من خلال ثلاثة قطاعات، هي الأدوية والفنادق والعقارات من خلال عدة مراحل"، مضيفاً "فكرة الصندوق إدرار العوائد وتطوير جزء من الأصول الأخرى".
وأوضح توفيق، "مشاركة قطاع الأعمال في الصندوق السيادي بالمرحلة الأولى هي 4 فنادق، منها فندق كامل، و3 أخرى تحتاج إلى التطوير، وشركتا أدوية من عدة شركات لإنتاج الدواء والعبوات الطبية والتوزيع".
مزاحمة القطاع الخاص
من جانبه رحب الدكتور هاني توفيق مهندس برنامج الخصخصة المصري في فترة التسعينيات بفكرة تأسيس الصندوق، قائلاً "ليس لديّ أي تحفظ على أن يكون رأسمال الصندوق من الأصول والأراضي التي تملكها الدولة، لكن ما أخشاه هو أن يمتد نطاقه إلى أبعد من ذلك"، موضحاً "ما أتخوّف منه هو أن يزاحم الصندوق الجديد عمل القطاع الخاص، خصوصاً في القطاع العقاري بمحاولات تطوير واستغلال أصوله من أراض وغيرها في بناء مكثف لوحدات ومشروعات عقارية تنافس بها القطاع الخاص".
وقال الدكتور مختار خطّاب وزير قطاع الأعمال العام السابق ومُطلق برنامج الخصخصة المصري عام 1993، إن "ضم جميع أصول الدولة تحت إدارة صندوق واحد أمر جيد"، مؤكداً أنه "مع الصندوق الوليد سيكون من اليسير السيطرة على أصول الدولة التي تصل قيمتها إلى المليارات".
وحول قدرة الصندوق على زيادة رأسماله إلى تريليون جنيه (نحو 60 مليار دولار)، حسب توقعات مديره التنفيذي، يرى خطاب أنه "أمر ممكن الحدوث، خصوصاً في ظل نقل جميع الوزارات والإدارات والهيئات التابعة للدولة إلى العاصمة الإدارية الجديدة خلال العام المقبل"، موضحاً أن "الأصول والأراضي التي تخلفها الحكومة من انتقالها إلى العاصمة الجديدة تقدر بتريليونات الجنيهات لا تريليون واحد فقط".