يخشى الفلسطينيون أن يكون مصير أراضي الوقف الإسلامي حيث كنيسة المسكوبية الروسية في الخليل، مماثلاً لـ"صفقة البرتقال".
و"صفقة البرتقال" تطلق على عملية بيع الاتحاد السوفياتي الممتلكات الروسية إلى الحكومة الإسرائيلية عام 1964.
لكن كنيسة المسكوبية والأراضي التابعة لها والبالغة مساحتها 7 آلاف متر مربع ليست ملكاً لروسيا، إنما استأجرتها خلال الحكم العثماني لمدة مئة عام وانتهت مدة استئجارها.
وتتبع تلك الأراضي إلى الصحابي تميم بن أوس الداري وذريته، وقد وهبها الرسول محمد إلى الداري.
وحاولت الكنيسة الروسية منذ انتهاء فترة استئجارها الأراضي عام 1960 تملكها، لكنها فشلت لعدم امتلاكها الأوراق الثبوتية اللازمة.
وأثناء المرافعات القانونية في شأن تمديد فترة استئجار تلك الأراضي، أصدرت الحكومة الفلسطينية عام 2016 قراراً باستملاك أراضي الوقف لمصلحة خزينة الدولة الفلسطينية، ومنح البعثة الروسية البطريركية حق الانتفاع بها بموجب قانون استملاك الأراضي لعام 1953.
طلب بوتين
وبطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صادق الرئيس الفلسطيني محمود عباس على قرار مجلس الوزراء. ما أثار موجة احتجاجات شعبية ضد ذلك باعتبار تلك الأراضي تابعة لوقف الصحابي تميم بن أوس الداري وليست عقارات خاصة يجوز استملاكها بموجب قانون الاستملاك.
وقالت مصادر قانونية لـ"اندبندنت عربية"، إنه لا يجوز للدولة التصرف في أراضي الوقف ونقل ملكيتها، لإنه محبوس على وجه التأبيد لله، مضيفة أن "مجلس نظار الوقف" هم من يحق لهم وحدهم التصرف بها من دون غيرهم.
ويخشى الفلسطينيون من أن تعمل الكنيسة الروسية على بيع أراضي الكنيسة المسكوبية للمستوطنين في ظل وجود سوابق تاريخية لهم بشأن ذلك.
وكان عشرات المستوطنين اقتحموا، في أواسط نوفمبر (تشرين الثاني)، الكنيسة الواقعة في وسط مدينة الخليل وأدوا صلوات "تلمودية فيها".
ولجأ أهالي مدينة الخليل و"مجلس نظّار الوقف الداري" إلى المحكمة العليا الفلسطينية لرفض قرار منح المنفعة للكنيسة الروسية واعتباره "باطلاً قانونياً ودستورياً" لأنها أراضي وقف إسلامي.
وينتظر أن تصدر المحكمة العليا قرارها في 11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
فوق القضاء الفلسطيني
وقال متولي الوقف الإٍسلامي أحمد سعيد التميمي لـ"اندبندنت عربية"، إن الرئيس عباس "قفز فوق القضاء الفلسطيني ومنح أراضي الوقف الإسلامي إلى الروس بإلحاح من بوتين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أضاف التميمي أنه لا يحق ولا يجوز لأي مسؤول تمليك هذه الأراضي وتحويلها إلى أراضي دولة لأنها وقف إسلامي، معبراً عن مخاوفه من تسريبها إلى المستوطنين من خلال الكنيسة الروسية.
وأوضح التميمي أنه طلب من الرئيس عباس الموافقة على تخصيص تلك الأراضي لإنشاء كلية طب ومستشفى إلى جانب الكنيسة، مشيراً إلى أنه اقترح ذلك على السفير الروسي لدى السلطة الفلسطينية قبل عام وعلى أن تقوم موسكو بإقامتهم، لكن موسكو لم ترد بعد على ذلك.
تاريخ أسود
وقال عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير مصعب أبو عرقوب إن الاستيلاء على أراضي الوقف "باطل شرعياً وقانونياً ودستورياً، ويعد جريمة في حق الوقف"، مضيفاً أنه لا يجوز لأحد استملاك أراضي وقف إسلامي.
أضاف أبو عرقوب أن الفلسطينيين يتخوفون من قيام الكنيسة الروسية ببيع المستوطنين تلك الأراضي، واصفاً تاريخ الروس في فلسطين بالأسود.
واعتبر مدير جامعة القدس المفتوحة في مدينة دورا غرب الخليل نعمان عمرو أن قرار الرئيس عباس منح الروس حق الانتفاع بأراضي كنيسة المسكوبية جاء بهدف الحفاظ على المصالح العليا للشعب الفلسطيني وعلى العلاقات الروسية - الفلسطينية.
ورأى عمرو أن الحل لهذه القضية يكمن في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف عبر السماح بإنشاء كلية للطب ومستشفى إلى جانب بقاء الكنيسة.