في سياق حملة الوعود الانتخابية، تعهدت الأحزاب البريطانية الثلاثة الرئيسة فرض مزيد من الرسوم والضرائب على شراء الأجانب للعقارات في بريطانيا. وجاءت تعهدات حزب "المحافظون" الحاكم وحزب "الليبراليون الديموقراطيون" متقاربة، أما حزب المعارضة الرئيس "حزب العمال"، فتعهد فرض ضرائب كبيرة على شراء الشركات والصناديق الاستثمارية من خارج بريطانيا لعقارات بريطانية.
ويشكك عاملون في قطاع العقارات ببريطانيا في أن تؤدي تلك الرسوم الإضافية إلى ردع المشترين الأجانب الذين يستثمرون في قطاع العقار البريطاني. ويقلل هؤلاء من الدعايات التي تتحدث عن شراء الأجانب للعقارات كمخزن للقيمة، وفي أغلب الأحيان يتركونها خالية حتى تزيد قيمتها.
ويرجع هؤلاء مشكلة نقص المساكن في بريطانيا إلى عدم كفاية ما تبنيه شركات التطوير العقاري فعليا مقابل الطلب المتزايد سنويا.
وعود "المحافظون"
تعهد "المحافظون" فرض ضريبة إضافية بنسبة 3% من سعر العقار على المشتري الأجنبي، وحسب تقديراتهم فهناك 70 ألف معاملة سنويا لشراء الأجانب للعقار، وستكون حصيلة الضريبة الإضافية منها 120 مليون جنيه إسترليني. على أن يسهم هذا المبلغ في تمويل برامج رعاية المشردين.
ويعرف المشتري الأجنبي بأنه من ليس "مقيما ضريبيا" في بريطانيا، أي أنه لا يقيم أكثر من 3 أشهر في العام في البلاد، بحيث يكون عليه دفع ضرائب. ذلك أن القانون يسمح لغير البريطانيين أو المقيمين القانونيين بشراء العقار، مثلهم مثل المواطن والمقيم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
استند "المحافظون" إلى دراسة تقول إن الأجانب اشتروا ما يصل إلى 13% من البيوت في لندن ما بين 2014 و2016. كما خلصت دراسة لكلية الأعمال في "كينغز كولدج" العام الماضي إلى أن شراء الأجانب لا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في شريحة المباني غالية السعر فقط، إنما يمتد التأثير إلى العقارات الأقل سعرا وحتى في مدن أخرى خارج لندن.
كانت حكومة "المحافظون" اقترحت زيادة بنسبة 1% على ضريبة الدمغة العقارية تفرض على المشترين الأجانب للعقارات في بريطانيا. لكن عمدة لندن، صادق خان، أجرى دراسة خلصت إلى أن هذه النسبة قليلة، ونوهت الدراسة بأن مدنا مثل فانكوفر وسنغافورة تفرض ضريبة إضافية تصل إلى 20% على المشترين الأجانب للعقارات فيها.
وعود المعارضة
أما حزب العمال فتعهد، ضمن مجموعة الضرائب التي عرضها في بيانه الانتخابي، فرض ضريبة إضافية بنسبة 20% على "شركات الأوفشور Offshore Company"، التي تشتري عقارات في بريطانيا. لكنه لم يكن محددا بشأن مشتريات الأفراد الأجانب إذا اشتروا مباشرة، وليس من خلال صناديق خارجية.
ويتوقع حزب العمال أن توفر تلك الضريبة 3.3 مليار جنيه إسترليني سنويا للخزينة العامة. وقال زعيم الحزب، جيرمي كوربن، لدى إعلان التعهد، إن تلك الشركات عندما تشتري عقارا في بريطانيا تحصل على منافع البنية التحتية والأطر القانونية البريطانية، وعليها أن تقدّر ذلك.
وبالنسبة إلى مشكلة نقص المساكن في لندن، بخاصة المساكن الاجتماعية، أي تلك التي تمنحها الأحياء لمن لا يقدرون على تحمل كلفة السكن إما بدفع أجرتها كاملة أو مساعدة تلك الأسر على دفعها، فكانت جزءا أيضا من البرامج الانتخابية للأحزاب الرئيسة.
أكثر التعهدات "راديكالية" هو اقتراح حزب العمال المعارض بناء 100 ألف منزل اجتماعي سنويا بحلول عام 2024.
أما "المحافظون" فتعهدوا مساعدة الحكومة لمن يشتري بيتا للمرة الأولى، ودعم بناء المنازل الفردي (أي ليس عبر شركات التطوير العقاري)، واعدين ببناء مليون منزل في غضون خمس سنوات.
وتعهد "الليبراليون الديموقراطيون" بناء 300 ألف منزل سنويا، على أن يكون ثلثها مساكن اجتماعية. كما وعدوا بإجراءات حاسمة لاستعمال المنازل غير المأهولة بجعل الأحياء تفرض ضريبة حي تصل إلى 500 في المئة على المنازل المتروكة خالية لمدة ستة أشهر.
المثير أنه عندما كان رئيس الوزراء وزعيم حزب "المحافظون"، بوريس جونسون، عمدة لندن في الفترة ما بين 2008 و2016، كان تعليقه على فرض أي رسوم على شراء الأجانب عقارات في المدينة أنه من الخطأ "إغلاق الباب أمام حق المقيمين خارج البلاد في شراء بيوت في لندن، بغضّ النظر عن تأثير الشراء في المناطق الفاخرة على السوق".
ومع أن الوعود الانتخابية تظل مجرد وعود إلى أن يصبح مطلقها في الحكم، وليست بالضرورة قابلة للتحقيق كاملة، إلا أن استهداف المشترين الأجانب للعقارات في بريطانيا يبدو أسهل على السياسيين من أي وعود تتعلق بإجراء يطال المواطنين الناخبين.