لم تتزين بيروت والأسواق الرئيسية في المناطق المجاورة بحلة الأعياد كما العادة هذا العام... فالأزمة الاقتصادية السياسية المستفحلة والانتفاضة الشعبية المستمرة طغت على موسم يُعد من الاهم للقطاعات السياحية عامة وللبنان خاصة.
فالسياحة التي تساهم بنسبة 7 في المئة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان، تساهم ايضاً بنسبة 12.5 في المئة من الناتج بشكل غير مباشر، ليؤمن القطاع وظائف مباشرة لأكثر من 155 ألف عامل لبناني مسجلين بحسب أرقام عام 2018.
قطاع حيوي يُعتبر إلى جانب قطاعَي المالي والبناء، من مقومات الاقتصاد اللبناني، ومع تراجع مستويات النمو، المتوقع أن تكون سلبية هذا العام، تراجعت الايرادات السياحية من 10 مليار دولار في عام 2016 إلى 3.5 مليار دولار متوقعة عام 2019 أي بخسارة 65 في المئة في 3 سنوات.
أرقام ألقت بثقلها على القطاع السياحي الذي يترقب موسم الاعياد لينقذه من اقفالات محتمة مع بداية العام 2020.
القطاع السياحي يواجه الافلاس
يمر القطاع السياحي بأسوأ مراحله بحسب أمين عام اتّحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي، فالقطاع السياحي أول قطاع يقفل أبوابه وآخر قطاع يعود إلى العمل، علماً أنه عاملاً مهماً لادخال سيولة من النقد الاجنبي إلى لبنان، وهو اليوم بخطر.
فمكونات القطاع السياحي من فنادق ومكاتب سفر وتأجير سيارات ومطاعم وملاهي كلها شهدت تراجعاً في حجم اعمالاها فاق مستوى 60 في المئة خلال الشهرين الماضيين. ويبيّن بيروتي أن الموسم السياحي في الصيف كان جيداً وايراداته حمت نوعاً ما القطاع الا أن الاستمرار إلى ما بعد فترة الأعياد قد يكون صعباً في ظل غياب صدمات ايجابية.
وعن حجوزات الأعياد، أفاد بيروتي بأنها تتحرك حاليا حول 30 في المئة فيما كانت في الأعوام الماضية وفي مثل هذا الوقت تلامس 90 في المئة "وهؤلاء من الأجانب القادمين من المغرب والعراق والجزائر وبعض الدول الاوروبية من الذين حجزوا قبل أشهر وانما قدومهم ليس مؤكداً"، فيما أشار إلى أن السائح الخليجي غائب تماماً، فبعد انطلاقة الاحتجاجات الشعبية اعادت دول الخليج تحذير رعاياها من القدوم الى لبنان.
نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر كشف أن نسبة الإشغال في الفنادق لا تتجاوز حالياً 10 في المئة، وإن هذا الواقع لم يشهده القطاع في تاريخه، وتحديداً في مثل هذه الأيام من السنة حيث كانت نسبة الإشغال تتجاوز 70 في المئة.
وأظهرت أرقام نقابة مكاتب السياحة والسفر أن الأعمال تراجعت بنسبة 65 في المئة خلال الشهرين الماضيين فالسياحة الواردة إلى لبنان "معدومة"، والسياحة الصادرة بحسب عبود تأثرت كثيراً بسبب الإجراءات المصرفية وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي ما فاقم خسائر الشركات.
كما عمدت مكاتب السفر إلى الغاء برامجها للرحلات المنظمة عادةً خلال فترة الاعياد في ظل تراجع الطلب.
ويعول القطاع بحسب جان بيروتي على فترة الأعياد لتأمين استمراريته والا فالاقفالات ستتوالي مع بداية العام 2020.
المطاعم والملاهي أكبر المتضررين
خسر قطاع المطاعم والملاهي ليس فقط السائح والمغترب وانما ايضا السياحة الداخلية بحسب نقيب أصحاب المطاعم والملاهي والمقاهي والباتيسري طوني الرامي وهو أحد أكبر المتأثرين بالأزمة الحالية.
فبحدود 500 مؤسسة من إجمالي 7000 آلاف عاملة في هذا القطاع أقفلت أبوابها في ظل عدم توفر العوامل الأساسية للسياحة كالقدرة الشرائية والسيولة والعامل النفسي، والحركة الخجولة التي يشهدها القطاع تقتصر على المطاعم السريعة والحانات الصغيرة فيما المؤسسات الكبرى التي ترزح تحت اكلاف تشغيلية يومية كبيرة تواجه خطر الاقفال مع بداية العام.
خطة الساعات الأخيرة الانقاذية
وكشف النقيب طوني الرامي لـ "اندبندنت عربية" أن القطاعات السياحية اجتمعت يوم الجمعة في غرفة التجارة والصناعة في بيروت وناقشت خطةً للنهوض بالقطاع سريعاً أساسها خفض الأسعار بنسبة 50 في المئة لمنافسة الأسواق المجاورة كتركيا وجذب السائح العراقي والمصري والأردني على أن يتم اطلاق هذه المبادرة منتصف الاسبوع المقبل لتحريك السياحة الداخية ايضاً وتشجيع المغتربين اللبنانيين على زيارة لبنان خلال فترة الاعياد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما تنسق النقابات السياحية مع الطيران الوطني لحضّه على اعتماد اسعار تشجيعية للقادمين الى لبنان خلال فترة الاعياد.
وأكد الرامي أن الاسابيع المقبلة ستكشف عن أسعار تنافسية للملاهي والمطاعم خاصة التي وبهذه الخطوة تسعى إلى الاستمرار وتأمين السيولة الازمة ولو على حساب الأرباح.
وعن حفلات رأس السنة يكشف الرامي أن الحفلات لن تغيب ولو أن الفنانين الاجانب سيغيبون كما فناني الصف الأول اللبنانيين لتكون السهرات محلية وبأسعار تشجيعية.
يخوض القطاع السياحي معركة البقاء في ظل اشتداد الازمة الاقتصادية والمالية وتراهن مؤسساته على تضامن اللبناني المغترب مع بلده وجذب موطني دول الجوار ممَن اعتادو زيارة لبنان عبر طرح برامج ترفيهية بأسعار تنافسية كما الرهان الأكبر يبقى على تشكيل حكومة "منطقية" تستجيب مطالب الشارع وتقنع المجتمع الدولي في الأيام القليلة المقبلة، فالوضع الاقتصادي لا يحاصر أصحاب العمل والعمل فقط وانما يحاصر ايضاً السلطة السياسية.