تسعة أيام تفصل العراق عن انتهاء المهلة الدستورية لتكليف مرشح جديد تشكيل الحكومة، خلفاً لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، ولا يبدو حتى الآن أن هناك ملامح اتفاق سياسي في الأفق. ووفقا لمصادر "اندبندنت عربية"، فقد انتهى اجتماع استضافه رئيس الجمهورية برهم صالح، مساء أمس الاثنين السابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحضور زعماء الكتل والأحزاب السياسية الرئيسة، من دون نتائج، إذ لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بشأن المرشح الجديد.
وقالت المصادر إن النقاشات في الكواليس السياسية محصورة بين مرشحين اثنين، وهما وزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم، ووزير التعليم العالي حالياً قصي السهيل، لكنّ أياً منهما لا يملك حظوظاً كبيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رسالة غاضبة من التحرير
وعندما تسربت هذه الأنباء إلى ساحة التحرير، وهي مركز الاحتجاج الرئيس في العاصمة العراقية "بغداد"، وجّه المتظاهرون رسالة غاضبة إلى الشعب، انتقدوا خلالها ترشيح شخصيات متهمة بأنها "جزء من واقع الفشل العراقي لتشكيل الحكومة الجديدة".
وقال المتظاهرون في الرسالة إن "دماء الشهداء الطاهرة التي سالت في مجزرة ساحة الخلاني والسنك ببغداد العز والمجد، وقبلها في الناصرية الأبية، والنجف الأشرف وكربلاء الحسين، وبقية محافظاتنا الصابرة الثائرة، تلزمنا الوفاء لها، والمضي على دربها، والتعاهد على تبني المطالب التي أُريقت من أجلها، وقلناها سابقاً ونقولها اليوم: لا عودة للحياة الطبيعية إلا بعودة الوطن الذي أراده الشهداء".
وأضافت الرسالة "لقد أنجز الشعب العراقي بدماء أبنائه الزكية أولى خطواته نحو تحقيق أهداف ثورة تشرين العظيمة، وأجبر سفاح العصر (رئيس الحكومة الحالية عادل عبد المهدي) على الاستقالة، بعد مئات الشهداء وآلاف المصابين ومثلهم من المعتقلين والمفقودين"، مشيرة إلى أنه "استكمالاً لمسيرة الحرية الخالدة التي بدأها أبناء الشعب العراقي، فإننا نعيد تذكير الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة، بأن أي شخصية تقدمها الطبقة الفاسدة لتولي رئاسة الوزراء ولا تنطبق عليها الشروط والمواصفات التي كتبها أبناء العراق الغيارى في سفر الساحات الثائرة، والتي باتت معروفة للقاصي والداني والصغير والكبير والمسؤول والمواطن، ستكون مرفوضة من قبل المنتفضين، بل إن إصراركم على جسّ نبض الشارع من خلال الدفع بشخصيات مرتبطة بشكل أو بآخر بأحزابكم ونظامكم الدموي، أصبح لعبة مكشوفة حتى لأصغر شبل من أشبال هذه الثورة".
وحذرت الرسالة "الكتل السياسية وميليشياتها من أساليب التحايل والخداع السياسي والالتفاف على مطالب وأهداف الثورة، وكلما أوقدتم ناراً للغدر والقمع أطفأها الله بعزيمة ونضال وتضحيات وحكمة أبطال الميدان، وكلما اختطفتم منا ثائراً برز لكم ألف ثائر، وكلما زاد إجرامكم زادت عزيمتنا للتخلص منكم".
حرق المرشحين
وطبقا لعادات الأحزاب السياسية العراقية، فإن أسماء المرشحين التي تتسرب أولاً، هي التي تفقد حظوظها داخل الكواليس، وتمرر إلى وسائل الإعلام بهدف إحراقها، على أن يأتي مرشح من الخلف لم يكن في حسبان أحد.
وتؤكد المصادر أن هذه الحالة مرشحة للحدوث بقوة هذه المرة في العراق، إذ يلمح ساسة إلى "مرشح مفاجأة"، سيلبي جانباً من رغبات المتظاهرين المرابطين في ساحات الاحتجاج منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويحظى بقبول إيراني وأميركي، ولن تعترض عليه المرجعية الشيعية العليا في النجف.
وعلى الرغم من صعوبة تحقيق هذه الشروط، إلا أنها يمكن أن تنطبق على كثيرين، لكن العامل الحاسم في هذا الأمر، هو حسابات الكتل السياسية بشأن مصير مصالحها، وإمكانية ضمان حمايتها مع مرشح يتمتع بجميع هذه المواصفات، ولا يخضع لسلطتها المباشرة، كما كان معتاداً.
مرشح يراعي التوازن
وتشير مخاوف الأحزاب السياسية في هذه المرحلة، إلى إمكانية ذهاب منصب رئيس الوزراء إلى شخصية لا تتعامل بحسابات الطبقة الحاكمة، أو أنها تستند إلى دعم المتظاهرين أو المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، ما يعني أنها لن تجد نفسها ملزمة تلبية رغبات الكتل الحاكمة. وعززت هذه المخاوف رسالة وجهها تحالف "سائرون"، الذي يرعاه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، إلى رئيس الجمهورية، نصّت على تنازله عن حقه في ترشيح رئيس الوزراء المقبل، مشيراً إلى أن المرشح الجديد يجب أن يأتي طبقاً لشروط المتظاهرين.
ومع ذلك، لا يمكن للمراقبين تصور أن تأتي حكومة جديدة تقود ثورة في مجال مكافحة الفساد الذي كرسته أحزاب السلطة على مدى 16 عاماً في العراق، لذلك يتجه الجميع نحو توقع حكومة متوازنة، مهمتها الأساسية إقناع المتظاهرين بالعودة إلى منازلهم، من خلال تعهدات بإجراءات عاجلة تحدث فرقاً سريعاً.