يواجه بوريس جونسون ردّ فعل غاضب واتهامات بالعنصرية في أعقاب تصريحه بأنّ المهاجرين "اعتبروا بريطانيا بلدهم" لوقت طويل.
وفيما تفصلنا عن الإنتخابات أيام قليلة فقط، يُتّهم رئيس الوزراء "بتوجيه رسائل سياسية مبطّنة معادية للهجرة" و"لوم المهاجرين على المشاكل الداخلية ".
وأفصح السيد جونسون عن نيّته تقليص نسبة الهجرة عبر منح تأشيرات السفر استناداً إلى نظام النقاط، متعهّداً "بالضرب بيد من حديد على الهجرة ولا سيّما هجرة اليد العاملة غير الماهرة التي لا تنتظرها وظيفة معيّنة لتشغلها في البلد".
وقال لمحطة سكاي نيوز "خلال العقدين الماضيين أو أكثر... شهدنا توافد أعداد كبيرة من الأشخاص من كافة بلدان الإتحاد الأوروبي (...) وكان باستطاعتهم التعاطي مع المملكة المتحدة كأنّها جزء من بلادهم إجمالاً".
"والمشكلة هنا هي غياب الضبط بشكل كامل. ولا أعتقد هذا الأمر مسؤول ديمقراطياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسارع الناشطون ومواطنو الإتحاد الأوروبي إلى التصدّي لهذا الزعم مشيرين إلى أن العديد من الأشخاص وصلوا إلى بريطانيا دون وظيفة جاهزة تنتظرهم، ثمّ عملوا بجهد وأسّسوا حياة لهم في البلد.
وقالت ماري دون العاملة في مجال شؤون الموظفين في منطقة إيسيكس إن والدها وصل المملكة المتحدة آتياً من مالطا في أوائل سبعينيات القرن الماضي مع "القليل من المهارات" لكنّه خدم في النهاية في صفوف الجيش البريطاني لمدة عشر سنوات تقريباً انتقل بعدها إلى العمل في خدمة الإسعاف التابعة لدائرة السيد جونسون الإنتخابية قبل أن يشغل وظيفة مدير الأمن في المطار.
وأضافت السيدة البالغة من العمر 44 عاماً، التي أوضحت أنها كانت سابقاً "مناصرة شرسة لحزب المحافظين" قبل أن تعطي صوتها إلى جهة أخرى خلال السنوات الخمس الماضية "كي يشغل المرء جميع هذه الأدوار، نحتاج أن يشعر بانتمائه إلى هذا البلد. ونحن بحاجة بشكل خاص أن يتمتّع بهذا الحسّ وأن يعتبر البلد بلده".
واعتبر توني مانفريدي البالغ من العمر 67 عاماً الذي قدم جدّه من إيطاليا إلى المملكة المتحدة بعد الحرب العالمية الأولى وأسس عمله الخاص، أنّ ملاحظات السيد جونسون "أغضبته بشدّة".
"خدم أعمامي في القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية. ومعظم أقاربي ولدوا وتعلّموا في بريطانيا، مثلي أو فتحوا متاجر وظّفوا فيها مواطنين بريطانيين. نحمل قيماً بريطانية ممزوجة بتراثنا الإيطالي، تجلعنا نشعر بالفخر لكوننا بريطانيين أوروبيين".
"جلّ ما أراده جدّي عندما جاء إلى المملكة المتحدة هو أن يصبح بريطانياً. وعمل ودفع الضرائب ووظّف العمّال لأن هذا البلد بلده. تغيب مساهمات وتضحيات الملايين من المهاجرين عن بال جونسون وهذا الأمر لا يمكن غفرانه".
وأشار مواطنٌ أوروبي آخر لم يرغب بذكر اسمه أنّه بعد قضائه عقدين في المملكة المتحدة منذ طفولته حتى اليوم، أحسّ "بالخذلان" بسبب تعليقات السيد جونسون.
وقال المواطن الألماني الذي يعمل في قطاع التعليم العالي- وهي الطريقة التي اعتبرها "ردّ جميل للبلد الذي احتضن(ه) وربّا(ه)"- "بريطانيا الوطن الوحيد الذي أعرفه".
"أن أعلم أنّ زعيم المكان الوحيد الذي اعتبره موطني لا يعتقد أنه يجب أن أعتبر هذا البلد بلدي أمرٌ أقلّ ما يقال فيه إنه مخيب للآمال".
وغرّدت إيلونا ميتشل على تويتر "ها نحن إذاً. لا يبدو أنّ بوريس يدرك مدى معاناة هيئة الخدمات الصحية الوطنية والكثير من القطاعات الأخرى إن رحل المهاجرون الأوروبيون. هذا بلدهم. مهرّج عنصري".
واتّهمت مايكي بون، التي شاركت في تأسيس مجموعة ناشطي حملة "الملايين الثلاثة" رئيس الوزراء "بشيطنة" المهاجرين الأوروبيين في حملته الإنتخابية.
وقالت "منذ بضعة أسابيع فقط، كان المهاجرون الأوروبيون بالنسبة للسيد جونسون ’أصدقاء وعائلة وجيران‘ تستحقّ مساهماتهم الثناء. وها هي النبرة تتحوّل الآن، فيشرع رئيس الوزراء الذي يلوم المهاجرين على المشاكل الداخلية بإرسال رسائل سياسية مبطّنة إليهم".
"عليه أن يكون أكثر وعياً وإدراكاً. فالتقرير الصادر عن الحكومة نفسها حول الأثر الإيجابي لوجود المهاجرين يعارض تصريحاته. لكن الحقيقة غير مهمّة في ظل انتخابات تشيطن المواطنين الأوروبيين بهدف التغاضي عن فشل حزب المحافظين في تأسيس مجتمع أكثر ازدهاراً ومساواة".
ومن جانبه، اعتبر تشاي باتيل، مدير السياسات القانونية في المجلس المشترك لرفاه المهاجرين أنّ هجوم السيد جونسون على المهاجرين لقدومهم إلى المملكة المتحدة واستقرارهم فيها "مخزٍ" مضيفاً أنّ السياسات التي يخطط لها ستكون "مدمّرة للغاية" وتحوّل المملكة المتحدة إلى "مجتمعٍ أكثر عدوانية وانغلاقاً".
وشرح السيد جونسون أثناء المقابلة أنّه بموجب خططه، ستخصّص للمهاجرين ثلاثة أنواع من تأشيرات الدخول. وقال إن من يتمتعون "بمواهب استثنائية" ومنهم "لاعبو الكمان والعلماء الفيزياء النووية، ونجمات رقص الباليه" سيسمح لهم بالقدوم إلى المملكة المتحدة "على أساس مساهمتهم البحتة في المجتمع".
وسيسمح لليد العاملة الماهرة ومنها موظفي هيئة خدمات الصحة الوطنية القدوم إلى البلاد في حال أمّنوا وظيفة قبلاً بحسب تعبيره. أمّا اليد العاملة غير الماهرة فستُمنح تأشيرة دخول لفترة قصيرة للعمل في قطاعات تعاني من نقص في اليد العاملة لكن العمّال لن يستطيعوا الإستقرار في البلد.
وقال "أعتقد أن الناس يرغبون برؤية سيطرة ديمقراطية على الموضوع. لا أظنّ مواطنو هذا البلد يعادون الهجرة على الإطلاق فما بالك بالمهاجرين أنفسهم، لكنهم يريدون تنظيم الهجرة بطريقة ديمقراطية وهذا ما يسمح لنا بريكست بفعله".
وهاجم رؤساء الشركات يوم الأحد خطط رئيس الوزراء بإجبار المهاجرين أصحاب المهارات الأقلّ على مغادرة المملكة المتحدة فور انتهاء تأشيرات عملهم، واعتبروا أنّه يضع "يصبّ تركيزه على الأذكى والأفضل" محذّرين من أنّ المهارات الأقل مستوى "ما زالت ضرورية جداً في قطاع الأعمال".
© The Independent