لا يزال حزب "المحافظين" يشقّ طريقه نحو الفوز بأغلبية برلمانية في الانتخابات العامّة التي تُجرى يوم الخميس في الثاني عشر من ديسمبر (كانون الأول)، وذلك بحسب استطلاع رئيسي جديد. لكن هامش النصر المتوقّع للحزب قد تراجع إلى النصف في الأسبوعين الأخيرين. وحقّق منافساه حزبا "العمّال" و"الديموقراطيّين الأحرار" مكاسب على حساب الأغلبية التي كان يتمتّع بها "المحافظون"، وفق استطلاع الرأي نفسه الذي شمل عيّنة من أكثر من 100 ألف ناخب، وكان الأقرب إلى توقّع نتيجة الانتخابات السابقة التي أجريت في العام 2017.
وأشارت نتائج استطلاع موقعYouGov MRP لأبحاث السوق الذي أجري لحساب صحيفة "ذي تايمز" البريطانية، فوز حزب "المحافظين" بـ 339 مقعداً في مقابل 231 لحزب "العمّال"، و15 لحزب "الديموقراطيّين الأحرار"، و41 لـ "الحزب القومي الاسكتلندي"، فيما قد يطلع حزب "خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي" (بريكست) من هذه الانتخابات خالي اليدين.
لكن مستوى التباين في الاستطلاع يشير إلى أن "المحافظين" يمكن أن يحصلوا على ما يصل إلى 367 مقعداً في حدّ أقصى، و311 مقعداً في الحدّ الأدنى، ما دفع بمدير الأبحاث السياسية في موقع "يوغوف" YouGov، أنطوني ويلز إلى الاستنتاج بأنه "استناداً إلى العيّنة المستطلعة، لا يمكننا استبعاد الوصول إلى برلمان معلّق".
واستخدم نموذج الاستطلاع المتطوّر أكثر من 100 ألف مقابلة مع ناخبين على مدى سبعة أيام، مرفقةً بتحليل للتركيبة السكّانية الرئيسية وسلوك التصويت السابق والمقاييس الأخرى، لتقدير احتمال قيام شخص بالتصويت لحزبٍ معين.
وتشير النتيجة الجديدة إلى حدوث تحوّل كبير في نيّة التصويت منذ آخر استطلاع للرأي أجري في السابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحيث شهد حزب "المحافظين" تراجعاً عن أغلبية 68 مقعداً فيما يتّجه حزب "العمّال إلى تحقيق 211 مقعدا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معلوم أن استطلاع YouGov MRPكان الوحيد الذي توقّع بشكل صحيح أن تفقد رئيس الوزراء السابقة تيريزا ماي أغلبيتها، محتسباً لحزبها الفوز بـ 310 مقاعد. وتبيّن أن توقّعه هذا كان أقل بسبعة مقاعد من الواقع بحيث أشار الاستطلاع بشكل صحيح إلى النتائج في نحو 93% من دوائر المملكة المتّحدة.
وعلى الرغم من ذلك، ففي انتخاباتٍ قد تكون الأصعب في التاريخ الحديث من حيث توقّع النتائج، يمكن لنيّات التصويت أن تتغيّر يومياً لدى الناخبين، ما يلقي ببعض الشك على هذه الصورة التي ظهرت واستمرت لنحو أسبوع.
وتشكّل توقّعات التصويت التكتيكي الواسع عائقاً آخرَ أمام الاستطلاعات التي تُجرى على مستوى البلاد ككل، حيث أشار استطلاع آخر للرأي العام أجراه "يوغوف" يوم الثلاثاء، إلى أن ناخباً من كل خمسة ناخبين يعتزم القيام بهذا النوع من التصويت. وقال كريس كورتيس، مدير الأبحاث السياسية في "يوغوف" إن "الهوامش ضيّقة للغاية والتقلبات صغيرة في ما يتعلّق بعدد قليل من المقاعد. وربما من خلال التصويت التكتيكي واستمرار الاتّجاه المتصاعد الأخير لحزب العمّال، قد يعني ذلك أنه لا يمكننا حالياً استبعاد حدوث برلمان معلّق".
ويضيف كورتيس: "كما هي الحال عليه الآن، هناك 85 مقعداً بهامش خطأ يبلغ نحو 5% أو أقل". وإذا ما
إذا تحقّقت النتيجة المتوقّعة، فسيتسلّم رئيس الوزراء أكبر أغلبية لحزب "المحافظين" منذ الثمانينيّات عندما تصدّر جون ميجور من خلال هامش سيطرة على مجلس العموم بلغ 21 مقعداً في العام 1992.
وبالنسبة إلى حزب "العمّال"، فإن توقّع الفوز فقط بـ 231 مقعدا، سيكون أسوأ نتيجة له منذ أكثر من 30 عاما، كما يقول استطلاع "يوغوف". لكن النتيجة ستزيد من معاناة جونسون بحيث يستعدّ كلّ حزب لخوض الهجمة الأخيرة من الحملة الانتخابية في جميع أنحاء البلاد في يوم كامل من اللقاءات، وذلك مع تقلّص مكاسب حزب "المحافظين" التي كان قد انتزعها من حزب "العمّال" من 44 مقعداً إلى 29 منذ استطلاع MRP قبل نحو أسبوعين.
ويرى استطلاع "يوغوف" أن حزب "العمّال" يبدو أنه "يرقّع التصدّعات" في ما يُسمّى "الجدار الأحمر" للمقاعد في الشمال وميدلاند في وسط البلاد. لكن حزب "المحافظين" ما زال متوقّعاً أن يسيطر على مقاعد مثل "دون فالي" و"بيشوب أوكلاند" و"ريكسام" و"غريت غريمسبي".
وسيصدر قادة الحزب الأربعاء رسائلهم إلى الناخبين عشية يوم الاقتراع، في محاولة اللحظة الأخيرة للمطالبة بدعمهم. ومن المتوقّع أن يخطب زعيم حزب "العمّال" جيريمي كوربين متحدثًا في اجتماع حاشد في ميدلزبره، وأن يطلب من الناخبين أن "ينقذوا هيئة الخدمات الصحّية الوطنية NHS".
ويُتوقّع أن يقول: "رسالتي إلى جميع هؤلاء الناخبين الذين لم يقرّروا بعد لمَن سيقترعون، هي أنه يمكنكم التصويت من أجل الأمل في هذه الانتخابات. لقد حان الوقت لزيادة رواتب إثني عشر مليون شخص، وتخفيض الأسعار والفواتير وتقديم رعاية مجّانية للأطفال. يمكنكم التصويت لحكومة عمّالية ستكون إلى جانبكم. الحكومة العمّالية ستنقذ هيئتنا للخدمات الصحّية الوطنية".
وأورد حزب "العمّال" أيضاً أرقاماً تحذّر من أن خمس سنوات أخرى قد يحكم فيها حزب "المحافظين، من شأنها أن تدفع بمزيد من الأفراد إلى قوائم انتظار الخدمة الصحية، لترتفع كما هو متوقّع إلى 5.8 ملايين بنهاية السنة 2024، من 4.4 ملايين في السنة الجارية 2019. وكان الرقم في حدود 2.5 مليونين عندما تولّى حزب "المحافظين" السلطة في العام 2010.
ويقول وزير الصحة في حكومة الظلّ جوناثان آشوورث إن الإحصائيات المستمدّة من البيانات الرسمية، توضح "هدم حزب المحافظين لهيئة الخدمات الصحّية الوطنية في البلاد".
لكن بوريس جونسون أعاد التذكير يوم الثلاثاء بالرسالة البسيطة الخاصّة بحزبه، عندما قال للناخبين إن "الجمود في البرلمان هو الذي أعاق هذا البلد لفترة طويلة". وأضاف: "بدلاً من التركيز على أولوياتكم، كان البرلمان في وستمنستر غارقاً في المأزق والانقسامات".
وأشار في خطاب ألقاه في ستافوردشير حيث أوضح رمزية بيانه الانتخابي، إلى أن "السياسيّين أمضوا الكثير من الوقت في الصراخ بعضهم على البعض الآخر، وفي استنباط طرق للتخلّص من الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي". وقال إنه "حان الوقت لإرسال الجرّافات واختراق هذا الجمود وتحطيمه".
وسيكون حزب "الديموقراطيّين الأحرار" هو الآخر على أرضٍ سياسية مألوفة في اليوم الكامل من الحملات الانتخابية. وستخبر جو سوينسون، التي تزور عدداً من الدوائر حيث المقاعد المستهدفة التي يحتفظ بها حزب "المحافظين" في كلٍّ من "إيشر" و"والتون" و"غيلدفورد" و"ويمبلدون" الناخبين، بأن رسالتها اليوم واضحة "وهي إيقاف الخروج البريطاني، فيجب علينا أن نوقف بوريس جونسون. لدينا يوم واحد فقط للقيام بذلك".
ومن المقرّر أن تتوجّه أيضا إلى جميع زملائها الناشطين في حزب "الديموقراطيّين الأحرار" صعوداً وهبوطاً في أرجاء البلاد بالقول: "واصلوا النضال من أجل كلّ صوت. وإلى جميع الأشخاص الذين ما زالت لديهم كومٌ متزايدة من منشورات الحزب على طاولات المطبخ داخل منازلهم، أؤكّد أنه يمكننا الفوز في المنطقة التي تعيشون فيها".
ومن المتوقّع أن تقول سوينسون إن "جونسون أظهر لنا نوع القائد الذي سيكون عليه عندما رفض الاعتراف بصورة طفل مريض، أُجبر على النوم على أرض أحد مستشفيات هيئة الخدمات الصحّية الوطنية NHS، الذي يعاني نقصاً في عدد الموظّفين".
وقبل الزيارة المقرّرة لكلٍّ من "إيشر" و"والتون" نشر حزب "الديموقراطيّين الأحرار" ملفًا عن تعليقات دومينيك راب، لتعزيز المحاولة الجريئة من حزب سوينسون في استهداف المقعد الأزرق الحقيقي لوزير الخارجية، على أمل أن يشكّل ذلك أحد أبرز الاضطرابات السياسية في التاريخ الحديث للانتخابات.
وشملت التعليقات هذه وصف الوزير راب العمّال البريطانيّين بأنهم "من بين أسوأ العاطلين في العالم"، وادّعائه بأن مستخدمي بنك الطعام النموذجي هم أشخاص يعانون من "مشكلة السيولة النقدية" إضافةً إلى وصفه بعض الناشطات النسائيات بأنهن "متعصبّات شنيعات".
ويشير ملف تعليقات دومينيك راب أيضاً إلى اعترافه بجهله لاعتماد المملكة المتحدة على معبر كاليه - دوفر المائي، واشتراكه في تأليف كتيّب يحتوي على دعوات إلى كسر "الكتلة المتماسكة" لهيئة "الخدمات الصحّية الوطنية"NHS ، وهي اللغة التي استخدمها أيضاً رئيس وزرائه أيضاً عندما كان نائباً ناشئا.
وقال إد ديفي نائب زعيمة حزب "الديموقراطيّين الأحرار" إن "دومينيك راب هو أيديولوجي يميني وله تاريخ طويل ومتقلّب في مجال إهانة الرأي العام البريطاني. إنه ببساطة لا يمكن الوثوق به لتمثيل أبناء إيشر ووالتون، أو الدفاع عن هذا البلد على الساحة العالمية".
ويضيف ديفي إن "الانتخابات العامّة التي تُجرى يوم الخميس تمنح الناخبين فرصةً لإقالة هذا الرجل إلى الأبد. ويمكن فقط للديموقراطيّين الأحرار الحصول على مقاعد من المحافظين والتغلب على الزعماء البارزين الذين يقودون الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي، مثل راب وجون ريدوود وجاكوب ريز موغ. "
وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته شركة "إيبسوس موري" في الفترة ما بين السادس والتاسع من ديسمبر (كانون الأول) أن زعيمة حزب "الديموقراطيّين الأحرار" جو سوينسون، أصبحت الآن أكثر "لا شعبية" من جيريمي كوربين زعيم حزب "العمّال"، بحيث حازت على 31%. فيما كوربين هو الآخر على عتبة الـ 30%، بزيادة 8 نقاطٍ مئوية عن الأسبوع السابق، وذلك بناءً على التحسينات السابقة التي حقّقها خلال الحملة الانتخابية.
ومع ذلك، فإن كلا الزعيمين يأتيان بعد رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي حلّ في المرتبة الرابعة عشرة. لكن الدراسة أجريت إلى حدّ كبير قبل يوم الاثنين، عندما تعرّض رئيس الوزراء لانتقادات شديدة على ردّه على صورة طفل مريض ينام على أرضية المستشفى.
( تقارير إضافية من "برس آسوسّييشن")
© The Independent