أطلق ناشطون يمنيون حملة إلكترونية توعوية تستهدف الأطفال والفتيات لتجنيبهم الوقوع في شِراك الخاطفين بعد موجة اختطافات غير مسبوقة شهدتها شوارع العاصمة اليمنية صنعاء خلال الأيام الماضية.
ظاهرة خلال أسبوع
وتأتي الحملة بعد ساعات من اختفاء الطفلة سمية الأسلمي، 13 عاماً، في السادسة والنصف مساءً بجوار منزلها في حي "هايل" وسط صنعاء، وتبع الحادثة بأيام قليلة، قيام مجهولين باختطاف شقيقتين تبلغ الكبرى 18 عاماً، فيما الصغرى 13 عاماً، في حي الأعناب بصنعاء، وهما في طريقهما إلى العمل بحي "النهضة" المجاور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عصابة حوثية نسوية
وفي ظاهرة غير مسبوقة، أعلنت منظمة "رايتس رادار" الحقوقية، أن أكثر من 35 فتاة وطالبة اختطفن من أماكن للدراسة ومن شوارع العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي خلال الفترة القصيرة الماضية.
وخلال البيان الذي أثار خوف اليمنيين على أبنائهم، أوضحت المنظمة أن ظاهرة اختطاف الفتيات والطالبات والنساء في صنعاء وفي المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، تصاعدت بصورة غير مسبوقة في اليمن.
واستدلت المنظمة في تقريرها بأقوال سكان محليين ذكروا أن عصابات حوثية نسوية اختطفت أكثر من 35 فتاة وطالبة، ونقلتهن إلى أماكن مجهولة، فيما أكدت أن عدد النساء المخطوفات والمخفيات قسرا وصل إلى أكثر من 160 امرأة.
واعتبرت المنظمة في بيانها، أن هذه الأعمال سابقة خطرة وتمس الشرف والعرض، وتسيء لذوي الضحايا المختطفات إساءة بالغة، وطالبت ميليشيا الحوثي بالتحقيق السريع في تلك الجرائم والانتهاكات والكشف عن مرتكبيها ومحاكمتهم.
جرائم منظمة... ومناشدات للتدخل
وطالبت "رايتس رادار"، كافة المنظمات والمؤسسات المعنية الأخرى بحقوق المرأة والطفل، المحلية والإقليمية والدولية، العاملة داخل اليمن وخارجه، بالتحرك السريع لوقف هذه الجرائم والممارسات وكسر حاجز الصمت حيالها.
وتنامت مخاوف المجتمع من تزايد حالات اختفاء الأطفال والفتيات بشكلٍ كبير خلال الفترة الماضية في مناطق سيطرة الحوثيين، خشية ارتباطها بعصابات منظمة تعمل على الإتجار بالبشر.
وفي أول تعليق رسمي للحكومة اليمنية على الظاهرة، وصف وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، تزايد ظاهرة خطف الأطفال والفتيات واختفاء النساء في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بأنها "جرائم منظمة".
وفي تغريدة له على صفحته الموثقة بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال الإرياني إن وقوع عدد من حالات الاختطاف في وضح النهار وسط تجاهل الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، يؤكد تورط بعض قيادات الميليشيات في جرائم الإتجار بالأعضاء والبشر.
حماية فتيات اليمن
ودعا وزير الإعلام اليمني، المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحماية الأطفال ومنع الإتجار بالبشر إلى القيام بواجباتها الإنسانية والأخلاقية وإدانة هذه الظاهرة الخطيرة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقفها وحماية أطفال وفتيات اليمن من كافة أشكال الاستغلال.
الشارع غابة
وفي تعليق على ظاهرة اختطاف الطفلة سمية، قالت الإعلامية اليمنية آسيا ثابت "ليست سمية الأولى ولن تكون الأخيرة، ما لم يتكاتف المجتمع ويستوعب حجم الكارثة".
وأضافت في منشور لها على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "اضغطوا على من يقوم بالتحقيق، على النيابة، فالجاني تم تصويره عبر الكاميرا واعترف بداية وقال سيحضر أسماء بقية الفتيات المختطفات، يعني في الكثير والكثير من الضحايا، ثم أنكر تماماً معرفته بها أو بأي شيء، هذا الأمر خطير للغاية ودليل على وجود عصابة كبيرة"، واختتمت "انتبهوا لأطفالكم.. لا تسمحوا لهم بالخروج بتاتاً، الشارع غابة إن لم تكونوا حراساً لأنفسكم ستأكل أطفالكم ذئاب وكلاب الشوارع".
سجون ومعتقلات سرية داخل فيلات سكنية
بروز الظاهرة على المستوى الإعلامي في مجتمع يتحفظ في الكشف عن مثل هذه الحوادث، يشير إلى توغلها على نحو يرعب الشارع اليمني الذي بات يتحدث عنها باهتمام وقلق كبيرين.
تقول، هدى الصراري، رئيسة مؤسسة "دفاع" للحقوق والحريات"، إن "هناك سلسلة اختطافات طالت الفتيات والنساء في مناطق سيطرة الحوثيين، لم يسلط عليها الضوء بالشكل الكافي".
وتؤكد الصراري أن اللجنة الوطنية للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية) وغيرها من المنظمات الأخرى، رصدت حالات اعتقالات كشفت عنها الفتيات الضحايا أنفسهن في إفادات موثقة تؤكد قيام جماعة الحوثي باختطاف واعتقال نساء وإنشاء سجون ومعتقلات سرية داخل بدرومات (الأدوار السفلية) في فيلات سكنية تحت رقابة مشرفين وقيادات حوثية بمبرر قضايا شرف أو دعارة، مستغلين تلك القضايا وتطويع القضاء في خدمة أغراضهم لابتزاز ذوي المختطفات ونهب أموالهم لدعم المجهود الحربي.
ويستغرب البعض، الدوافع والوسائل التي ينتهجها الحوثيون لاختطاف النساء، وهنا توضح الصراري أن الجماعة عكفت على إنشاء ميليشيات نسائية جرى تدريب عناصرها في إيران على أيدي ما يسمى بـ"الفاطميات" في الحرس الثوري الإيراني ومهمة "الزينبيات" بحسب تسمية جماعة الحوثي، تتبع نشاط النساء والفتيات في الجامعات والأماكن العامة والناشطات والنزول الميداني إلى الأحياء السكنية لحث الأمهات على إرسال أطفالهن إلى جبهات القتال".
وبخصوص المعلومات المتوافرة لديهم عن هذه الانتهاكات، أكدت الصراري تلقي منظمتها معلومات من قبل مدافعين عن حقوق الإنسان في صنعاء، تشير إلى وجود حالات اختطاف لنساء من قبل الحوثيين لابتزاز أسرهن بدفع مبالغ مالية ووصل بهم الحال إلى ترصد النساء حتى في قاعات الأفراح واختطافهن من هناك".
العيب الأسود
وأضافت رئيسة المؤسسة الحقوقية أن المجتمع اليمني ذو تركيبة قبلية محافظة يعتبر تلك الجرائم من "العيب الأسود" (مصطلح في العرف القبلي اليمني يستدل به على أعلى درجات الجناية أو الاعتداء)، لذا يتجنب الخوض فيها وعدم الكشف عن مثل تلك الجرائم هرباً من وصمة العار، ولهذا ترفض الأسر الإبلاغ عن حالات الاختطاف والاعتقالات التعسفية خوفاً من العار كما تضطر بعض النساء عند الافراج عنهن عدم الرجوع لأسرهن خوفاً من القتل، وهناك حالات حاولت الانتحار داخل السجون السرية وبعضهم طُلِق وتم التبرؤ منهن وبتن عرضة للتشرد والضياع".
ماذا يقول الحوثيون؟
ولم يتسن لـ"اندبندنت عربية" الحصول على تعليق رسمي من قبل جماعة الحوثي حول الظاهرة، غير أن وسائل إعلامية تابعة لها بما فيها قناة "المسيرة" الناطقة باسم الجماعة، بررت في وقت سابق، جملة الاجراءات "الأمنية" التي طالت عدداً من الفتيات في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، بدافع مكافحة ما وصفته بـ"شبكات الدعارة والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات"، فيما لم تتطرق هذه الوسائل لقضية تزايد ظاهرة اختطاف طفلات قاصرات حتى اللحظة.