ذاع، أخيراً، صيتُ تسليط حفلات توزيع الجوائز في مجال الفن الضوء على التغيرات السياسية والاجتماعية، وصار الممثلون الفائزون فيها ينتهزون فرصة مثولهم على خشبة المسرح لزيادة الوعي بالمسائل المهمة على غرار زيادة نسبة مشاركة النساء في السينما والمساواة بين الجنسين. وأفضل مثال على ذلك هو تكريم دور حركة "تايمزآب" في حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2018 حيث أظهر الحضور دعمهم للحركة المناهضة للتحرش والاعتداء بواسطة تزيين ثيابهم بمشابك وشارات خاصة بالحركة.
وعُرض في مراسم الحفل مقطع فيديو أُنتج خصيصاً تكريماً للحركة، وقدمته الممثلات آشلي جود وسلمى حايك وأنابيلاسكيورا (شيورا)، وهن جميعهن ممن اتهمن المنتج الأميركي هارفي وينشتاين بالإقدام على إساءة جنسية، المبادرة إلى خطوة جنسية من غير رضى الطرف الآخر، وهي اتهامات ينكرها المنتج بشدة.
وكذلك، شهد حفل توزيع جوائزغولدن غلوبس عام 2019 عدداً من لحظات نسوية بالغة الأهمية، منها إدلاء الممثلتين غلين كلوز وريجينا كينغ بخطبتين مشجّعتين تناولتا سعي النساء الى تحقيق ذواتهن والمساواة بين الجنسين في صناعة الأفلام والسينما.
ومع تصدر أبرز المرشحين جوائز الأوسكار في 2019، ليدي غاغا عن دورها في فيلم A Star Is Born (ولادة نجمة) وأوليفيا كولمان عن تجسيدها شخصية الملكة آن في فيلم The Favourite. (المحظية)، يُرجح أن تبقى أمسية هذا الحفل منبرَ خطب ترفع لواء النسوية.
في ما يلي نبذات من ست خطب نسوية في حفل توزيع جوائز الأوسكار من باتريشيا أركيت إلى ساندرا بولوك:
فرانسيس مكدورماند تشيد بدور جميع النساء المشاركات في صناعة السينما (2018)
بعدما فازت فرانسيس مكدورماند بجائزة أوسكار أفضل ممثلة في عام 2018 عن دورها في فيلم Three Billboards Outside Ebbing, Missouri (ثلاث لوحات خارج إيبينغ، ميسوري) ،اقتنصت الممثلة فرصة إطلالتها على خشبة المسرح لمناصرة جميع النسوةالمشاركات في صناعة السينما.
في البداية، أعربت الممثلة عن شكرها وامتنانها لكاتب سيناريو الفيلم ومخرجه، مارتن ماكدونا، ولأختها دوروثي مكدورماند ولزوجها جويل كوين وابنهما بيدرو مكدورماند كوين. ثم دعت جميع الحاضرات المرشّحات للفوز بجائزة الأوسكار إلى الوقوف.
قالت مكدورماند في خطبتها: "والآن، أريد أن أوضح موقفي وتسليط الضوء على أبعاد ما أقول. يُشرفني أن تتفضل جميع المرشحّات للفوز بجائزة الأوسكار عن جميع الفئات إلى الوقوف بجانبي في هذه القاعة الليلة، بدءاً بالممثلات- يا ميريل، ابدئي أنت، وسوف تتبعك الأخريات- هيا! المُنتِجات السينمائيات ومُنتِجات الأفلام والمخُرجات وكاتبات السيناريو والمصوّرات السينمائيات والمُلحّنات وكاتبات الأغاني والمصممات، هيا!".
ثم واصلت: "هلا نظرتم حولكم جميعًا! القوا نظرة حولكم، سيداتي وسادتي، كلنا لدينا قصص لنرويها ومشاريع نحتاج إلى تمويل لها".
وختمت مكدورماند كلمتها بدعوة ملحة إلى زيادة نسبة مشاركة النساء في هوليوود من طريق إشارتها إلى "بند الدمج"؛ وهو مصطلح يُستخدم في مجال السينما حين يُلزم العقدُ طاقمَ العمل والممثلين في الفيلم بالاستعانة بيد عاملة متنوعة المنابت.
باتريشيا أركيت تطالب بالمساواة في الأجور في أميركا (2015)
فازت الممثلة باتريشيا أركيت عام 2015 بجائزة أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم Boyhood "بويهود"، أخيراً وبعد طول انتظار؛ واستغرق تصوير الفيلم الدرامي، وهو يحكي قصة البلوغ والنضج، 12 عاماً.
إثر توجيه الشكر إلى جميع المشاركين في إنتاج الفيلم، انتقلت أركيت إلى مناقشةالحاجة إلى المساواة في الأجور في أميركا بحماسة وشغف.
قالت الممثلة: "ناضلنا في سبيل المساواة في حقوق كل الآخرين، حقوق كل امرأة منجبة، وكل مسددي الضرائب والمواطنين في هذه البلاد. وأضافت: "واليوم، حان دور حصولنا نحن النساء على الحق النهائي في المساواة في الأجور والحقوق في الولايات المتحدة الأميركية.
احتفى الحضور بخطبة أركيت وعلا التصفيق، وسجل الكاميرات نجمات مثل ميريل ستريب وجينفر لوبيز يهتفن تأييداً لخطبة أركيت.
هالي بيري تدخل التاريخ أولَ امرأة سمراء تفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثلة (2002)
من اللحظات التي لا تُنسى في تاريخ حفل توزيع جوائز الأوسكارعلى الإطلاق هي لحظة خطبة قبول الجائزة التي ألقتها الممثلة هالي بيري في 2002 حين تسلمّت جائزة أفضل ممثلة عن أدائها في فيلم Monster's Ball (كرة الوحش).
ولم تكن هالي بيري غافلةً عن ضخامة ما يجري، فعلت الدهشة والذهول وجهها حالما نطق مقدّم الجائزة، الممثل راسل كرو، باسمها معلنًا فوزها.
وإلى عام 2018، بقيتت هالي بيري الممثلة الوحيدة من أصول أفريقية- أميركية التي فازت بهذا التكريم. لذا، قررت إهداء جائزتها لجميع النساء من أصول أفريقية- أميركية اللواتي قد يسرن على خطاها ويدخلن التاريخ.
قالت بيري في خطبتها: "هذه اللحظة تفوق مكانتي. أُهدي هذه اللحظة لدوروثي داندريدج ولينا هورن وديان كارول".
واستطردت: "أُهدي هذه الجائزة للنساء اللواتي يقفن بجواري: جادا بينكيت وأنجيلا باسيت وفيفيكا فوكس، ولكل امرأة ملونة غير معروفة صارت لديها فرصة الآن بعدما أصبح الباب مشرعاً أمامها. شكرًا لكم؛ إنه لشرف عظيم لي. أنا ممتنة لكم".
كيت بلانشيت تُسلّط الضوء على أرباح الأفلام التي تلعب النساء دور البطولة فيها (2014)
حين اعتلت الممثلة كيت بلانشيت خشبة المسرح عام 2014 لتسلّم جائزة أوسكارأفضلممثلة عن دورها في فيلم Blue Jasmine (ياسمين أزرق)، أشادت بقوة بتأثير الأفلام التي تلعب النساء فيها دور البطولة في رواد السينما.
واستهلت خطبتها بشكر من شاهدوا الفيلم من الحضور، وفيه تؤدي بلانشيت دور سيدة مجتمع تواجه مشكلات مالية. وأعربت عن تقديرها "لأولئك المشاركين في صناعة السينما الذين لا يزالون عن حماقة متمسكين برأيهم القائل بأنَّ الأفلام التي تلعب فيها النساء دور البطولة هي تجارب تستهدف فئة ضيقة من الجمهور؛ وهذا ليس صحيحاً".
وواصلت خطبتها قائلةً: "بل على خلاف ما يعتقدون، مثل هذه الأفلام يلاقي ترحيباً من الجماهير، بل يحقق كذلك أرباحاً كثيرة!" وردت على هتافات التشجيع من الجمع الحافل بالنجوم بالقول "العالم كروي، يا ناس!" [في إشارة إلى الحقائق الاولى والبديهيات].
لكن في حين أنًّ التصفيق استقبل خطبة كيت بلانشيت، يعتقد بعضهم أنَّ رسالة الشكر التي وجهتها الى كاتب الفيلم ومخرجه وودي آلان أضعفت ما أعربت عنه من مشاعر جرّاء اتهامات الاعتداء الجنسي الموجهة إليه. إلا أنَّ وودي آلان نفى هذه الادعاءات أكثر من مرة، ولم تثبت إدانته.
تكريم ساندرا بولوك لكل الأمهات اللواتي ضحين بأنفسهن من أجل أولادهن (2010)
يصادف هذا العام ذكرى مرور عقد من الزمن على صدور فيلم الدراما والسيرة الذاتية The Blind Side (البُعد الآخر) في 2009.
وفي العام التالي، فازت الممثلة ساندرا بولوك بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن تجسيدها شخصية ليا آن تويي في الفيلم نفسه؛ وهي امرأة قررت أن تتبنى صبياً فقيراً وأن تدعمه في رحلة احترافه كرة القدم الأميركية.
كرّست الممثلة وقتها على المنصة في التعبير عن امتنانها لكل الأمهات اللواتي يعتنين بأطفال ومراهقين مهما كانت منابتهم وأصولهم، وفيهم تويي نفسها، وهي كانت بين الحضور.
"أرغب في توجيه الشكر إلى كل ما يمثله هذا الفيلم بالنسبة إلي، أرى أنه فيلم عنالأمهات اللواتي يعتنين بأطفال ومراهقين مهما كانت أصولهم". "لا أحد يشكر أولئك الأمهات والآباء على جهودهم وتضحياتهم".
وشكرت الممثلة كذلك والدتها، هيلغا ماتيلدا ماير، التي توفّت في عام 2000.
إيما تومسون تشكر منتج فيلمها على شكه في العادات والتقاليد المُتعارف عليها
فازت الممثلة إيما تومسون بجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو (مقتبس من رواية) في عام 1996
يصوّر فيلم إيما تومسون الصادر عام 1996، والمقتبس من رواية Sense and Sensibility (العقل والعاطفة) للكاتبة جين أوستن التي نُشرت في 1811، عدداً من الأعراف البائتة المرتبطة بالنساء على غرار حاجتهن إلى الاعتماد على الرجال لتحقيقالاستقرار الاقتصادي.
وحرصّت إيما تومسون على تسليط الضوء على هذه النقطة بالتحديد في خطبة قبولها جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو مقتبس؛ وأعربت عن امتنانها لمنتج الفيلم التنفيذي، سيدني بولاك.
وتوجهت إليه قائلة "[شكرًا] لسيدني بولاك لأنَّه طرح أسئلة وجيهة على غرار لماذا لم يسعتلك السيدات الخروج إلى العمل؟ وختمت بالسؤال "فعلاً لماذا!"، لسرور الحضور.
بالإضافة إلى هذه الجائزة، فازت إيما تومسون كذلك بجائزة أوسكار أفضل ممثلة في 1996 عن دورها في الفيلم؛ لتصبح بذلك أول ممثلة تجمع بين جائزة أفضل ممثلة وأفضل كاتبة سيناريو في تاريخ جوائز الأوسكار.
© The Independent