يتمتع جيسون شوارتزمان بحضور لمّاح وذكي على الشاشة، لكن ولسبب ما، فإن لقاءنا بدأ باستعراض تهريجي بأسلوب قديم. أثناء وجودنا في إحدى غرف فندق "فورسيزنز" في بيفرلي هيلز، يحاول جيسون إطفاء جهاز التليفزيون، لكنه تمكن فقط من رفع مستوى الصوت أكثر وأكثر. نسمع مذيعاً يقول بصوت مدوٍّ "وقت اللعب". فيصرخ شوارتزمان "لا ... هذا ليس وقت اللعب" بينما لا يزال يبحث في الغرفة عن طريقة لإسكات الصخب. إلا أن جهاز التحكم عن بعد قد اختفى، كما هي عادة أجهزة التحكم عن بعد. يصاب باليأس في نهاية المطاف، ويسحب السلك. يطلق ضحكة المنتصر ويقول: "لقد سحبت سلك الكهرباء! ... من المحتمل أن تكون إعادة توصيله معقدة، لكن كان علي إسكاته بطريقة ما."
الآن وبعد أن تم التعامل مع الجهاز المتمرّد، يجلس في مقعده، مرتدياً بدلة زرقاء داكنة وربطة عنق وقميصاً بلون زهري باهت. شعره مسرّح إلى الوراء وشاربه مشذّب كما لو أنه كان على وشك الخضوع لاختبار أداء للعب شخصية الممثل الأميركي الراحل كلارك غيبل. إنه عبارة عن حزمة من الطاقة العصبية، وما زال يبدو أصغر من سنه، 39 عاماً، لكنه ليس بنفس الدرجة من النضارة التي كان عليها في عندما كان شاباً بشعر طويل. قبل عقد من الزمن، وفي فيلم "أشخاص ظرفاء" تقول الشخصية التي أداها سيث روغن لشوارتزمان متحسرة "أنا لست لطيف المظهر مثلك ... أنا لا أبدو مثل المغني جاكسون براون".
نحن هنا للحديث عن فيلم الرسوم المتحركة الجديد الذي يشارك فيه "كلاوس"، وهو قصة بديلة لأصل حكاية "بابا نويل"، كتبها وأخرجها سيرجيو بابلوس، فنان الرسوم المتحركة الإسباني الذي ابتكر سلسلة أفلام "ديسبيكابل مي" (أنا الحقير) (وبالتالي يتحمل جزءًا من مسؤولية إطلاق شخصيات مينينز إلى العالم). يؤدي شوارتزمان صوتياً شخصية جيسبر، وهو ساعي بريد متدرب يتم إرساله إلى مدينة سميرنسبرغ في القطب الشمالي كعقاب على كسله الدائم. قد يكون فيلماً عائلياً لعيد الميلاد، لكنه يتضمن تلميحات سياسية معاصرة إذا كنتم مهتمين بالبحث عنها. قبل أن يتعاون جيسبر مع صانع الألعاب كلاوس للبدء في توصيل الهدايا ، تنقسم مدينة سميرنسبرغ إلى فصيلين متحاربين باستمرار، الأمر الذي يعد حالة مألوفة بغض النظر عن أي جانب من الأطلسي أنتم موجودون فيه.
غالباً ما يتم إسناد الشخصيات التائهة والتي تبحث عن هدف إلى شوارتزمان، مثل دور الناشط البيئي الذي يستأجر محققين وجوديين للتحقيق في حياته الذي لعبه في فيلم "أنا أحب هاكابيز" من إخراج ديفيد أو راسل عام (2004)، أو الكاتب مكسور القلب الذي يجوب الهند مع إخوته في فيلم "قطارات دارجيلنغ المحدودة"عام (2007). جيسبر هو شخصية أخرى من هذا النسق. يقول شوارتزمان: "إنه بالتأكيد يبحث عن شيء ما، لكنه شخصية مدللة للغاية في نفس الوقت. لقد أمضى حياته وهو يقوم بأقل قدر ممكن من العمل. كان هذا النمط من الأطفال دائماً أكثر الناس إزعاجاً في المدرسة الثانوية، على الأقل بالنسبة لي. لقد كانوا أيضاً أذكياء جداً وكانوا يمتلكون كل شيء، وأردت أنا الانتقام. أردتهم أن يدفعوا الثمن. هل تفهم قصدي؟ كنت أقول لهم، يوماً ما ستنالون جزاءكم."
يرجع تكاسل جيسبر المبدئي إلى حقيقة أنه ينحدر من السلطة: فوالده هو ساعي البريد الرئيسي. شوارتزمان نفسه ينحدر من عائلة سينمائية ملكية. والدته تاليا هي أخت المخرج فرانسيس فورد كوبولا، واشتهرت هي نفسها بلعب دور كوني كورليوني (الإبنة الوحيدة لفيتو كورليوني الذي أداه مارلون براندو) في ثلاثية العراب، وأدريان بينينو في أفلام روكي. ومن بين أبناء أعمامه نيكولاس كيج وصوفيا كوبولا. مع ذلك، ينفر شوارتزمان عندما أشير إلى أنه قد يتعاطف مع شخصية سمح له امتيازها بشق طريقها في الحياة. يقول: "لا، بالتأكيد لم أشعر كذلك أبداً... لا أعتقد أنني شعرت يوماً ما بالجرأة الكافية للتفكير بهذه الطريقة. لم أكن أعتقد أنني سأصبح جزءًا من الأعمال السينمائية، صدقاً."
كان حبه الأول هو الموسيقى. منذ أن كان في سن الرابعة عشرة، كان يُطبل في فرقة "فانتوم بلانيت"، وباتت أشهر أغنياتها "كاليفورنيا"، اللحن المميز لسلسلة دراما اليافعين "ذا أو سي". لقد أصدر منذ ذلك الحين تسجيلات فردية تحت اسم "كوكونت ريكوردز". لكنه يقر بوجود سابقة عائلية هنا أيضاً. يقول: "لقد وجدت مؤخراً بعض الصور القديمة لأجدادي وآبائهم، وكان النظر إليها رائعاً لأنهم جميعاً يعزفون الموسيقى... إنها تجعلك تتساءل، هاه؟ لماذا هذا الرجل، الذي لم أقابله أبداً، كان مهتماً بنفس الأشياء التي أحبُّها؟ يجعلك تتساءل عن الأسرة وعن الطبيعة مقابل التنشئة".
احتل خاله فرانسيس عناوين الصحف مؤخراً من خلال انضمامه إلى مارتن سكورسيزي في القول إن امتياز أفلام مارفل للأبطال الخارقين ليس أعمالاً سينمائية حقيقية. فقد قال كوبولا: "لا أعرف إن كان أي شخص يستفيد من مشادة الفيلم نفسه مراراً وتكراراً... كان مارتن لطيفاً عندما قال إنها ليست سينما. لم يقل إنها ذميمة، وهو ما أقوله عنها."
يقول شوارتزمان إنه لم يكن على علم بتعليقات كوبولا. كما أنه لم يواكب أفلام مارفل - على الرغم من أنه لن يرفض شخصياً ارتداء زي بطل خارق. هز كتفيه كاتماً ضحكته عندما سألته إذا كان وارداً أن يرى نفسه في أحد أفلام مارفل، قائلاً: "نعم ، بالتأكيد". يحاول أن يأخذ موقفاً دبلوماسياً من النقاش الأوسع: "إنه سؤال مثير للاهتمام، لأنها أعمال ضخمة جداً، إنها تقريباً أكثر من مجرد أفلام. ما يمكنني قوله هو أنني أحب أي وقت يمكن أن يلتقي فيه الجميع معاً ويستمتعوا بشيء ما في نفس المكان. بسبب نشأتي هنا في لوس أنجلوس، كنت أذهب لمشاهدة الأفلام كل سبت وأحد مع عائلتي، وقد أحببت ذلك. تعجبني تلك التجربة الجماعية، لذلك لا يمكنني الإجابة عن سؤال "هل هي سينما أم لا؟"، لكنني أحب أي وقت يمكن للناس أن يفعلوا فيه شيئاً مع بعضهم البعض".
جاءت بداية شوارتزمان السينمائية عندما كان في السابعة عشرة من عمره ودُعي إلى اختبار الأداء للدور الرئيسي في فيلم شبه السيرة الذاتية "راشمور" الذي أخرجه ويس أندرسون عام (1998). من خلال ظفره بذلك الدور، بدأ تعاوناً مع أندرسون استمر على مدى السنوات الواحدة والعشرين الماضية، وشهد ظهوره في أفلام "قطارات دارجيلينغ المحدودة" آنف الذكر و"السيد ثعلب الرائع" عام (2009) و"مملكة بزوغ القمر" عام (2012) و"فندق بودابست الكبير" عام (2014) و "جزيرة الكلاب" عام (2018). وسيعود للمشاركة في فيلم أندرسون المقبل، "الرسالة الفرنسية"، الذي سيصدر خلال السنة المقبلة.
يقول شوارتزمان عن المخرج: "إنه مُرشدي... إن حبه للأفلام لم يتغير أبداً، بل ازداد فقط. إنه عميق لدرجة أنك تدرك أنه ليس حباً، بل هو كيانه الذاتي. إنه خط يده. لديه القدرة على ملاحقة الإحساس فحسب. أحياناً عندما تقوم بعمل فيلم، يُقال لك: "هذا هو الفيلم وهو يمثل بالضبط ما يدور حوله"، لكن في بعض الأحيان، مثل "قطارات دارجيلنغ المحدودة" كان العمل يدور ببساطة حول "ثلاثة أشقاء، وقطار، ويحدث في الهند". كان هذا كل ما في الأمر! متابعة ذلك ومشاهدته، والدراسة تحت إشرافه، كانت تجربة جميلة."
بالإضافة إلى أعماله السينمائية، يعد شوارتزمان أيضاً أحد كتاب وصانعي المسلسل التلفزيوني "موزارت في الغابة"، وسينضم العام المقبل إلى فريق المسلسل الكوميدي "فارغو". ربما كان دوره التلفزيوني الأكثر شعبية هو عندما أدى نسخة خيالية من شخصية المؤلف جوناثان إيمس من بروكلين في سلسلة "ضجِرٌ حتى الموت" التي تنتجها شبكة إتش بي أو. استمر المسلسل، الذي شارك ببطولته أيضاً تيد دانسون وزاك غاليفياناكيس، لثلاثة مواسم بين عامي 2009 و 2011 قبل أن يتم إلغاؤه بشكل مفاجئ.
منذ ذلك الحين، كانت هناك شائعات في هوليوود تفيد أن أيمس يعمل على إحياء الشخصيات من أجل مسلسل "ضجِرٌ حتى الموت"، ويقول شوارتزمان إنه يأمل في أن يحدث ذلك. موضحاً: "نعم ، نحن نحاول تجميع العمل... كان هذا العرض أفضل تجربة ولكي تقوم بذلك، عليك أن تجمع كل هؤلاء الأشخاص معاً من جديد. إنها عائلة حقيقية. جوناثان شخص رائع. أنا أحبه من أعماق قلبي. كنت قد قرأت كتبه قبل أن ألتقي به، وأتذكر أنني كنت أفكر أثناء قراءتها: "أرجوك كن جزء من حياتي". نحن الآن قريبان جداً من بعض. في الواقع، إنه يلازمني أنا وزوجتي. إنه يعمل على شيء ما، ومما يُحسب له، أنه لا يريد أبداً القيام بشيء ما إلى أن يبدو صحيحاً، وأنا أحترم ذلك."
شخصية إيمس الذي يبدأ عملاً إضافياً كرجل تحريات خاص بينما يعاني في كتابة روايته الثانية، هي شخصية "باحث" كلاسيكية أخرى يقوم بها شوارتزمان. ربما لم يجد حتى الآن ما يبحث عنه، ولكن سواء كان يبحث عن معنى الحياة أو يساعد كلاوس في نشر بهجة عيد الميلاد، فإنه جدير بالمشاهدة دائماً.
يعرض فيلم "كلاوس" الآن في صالات سينما مختارة، وانطلق عرضه على نيتفلكس يوم الجمعة 15 نوفمبر (تشرين الثاني).
© The Independent