تفاقمت أزمة السيولة المحلية في السوق القطرية خلال عام 2019، ما دفع حكومة الدوحة إلى التوسع في إصدارات أدوات الدين المحلية والأجنبية على نحو غير مسبوق.
وحسب رصد "اندبندنت عربية"، اقترضت قطر نحو 25.4 مليار دولار أميركي عبر إصدارات أدوات دين محلية وأجنبية خلال العام الحالي، لترتفع بنحو 15.5% عن إجمالي إصدارات العام 2018 التي بلغت 22 مليار دولار أميركي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضمنت الإصدارات نحو 12 مليار دولار سندات أجنبية للحكومة القطرية بالأسواق العالمية في مارس (آذار) 2019، عبر 3 شرائح الأولى لأجل 5 سنوات بقيمة ملياري دولار، والشريحة الثانية لأجل 10 سنوات بقيمة 4 مليارات دولار، أما الشريحة الثالثة فهي لأجل 30 سنة بقيمة 6 مليارات دولار.
وعلى صعيد الطروحات المحلية (سندات، وصكوك، وأذون)، أشار الرصد إلى زيادتها بنسبة 33.7% خلال العام الحالي إلى 48.35 مليار ريال (13.42 مليار دولار)، مقارنة بنحو 36.2 مليار ريال (10.04 مليار دولار) في عام 2018.
وتعد قيمة الإصدارات المحلية هي الأعلى في تاريخ الحكومة القطرية، مع تفاقم الضغوط المالية مع اقتراب تنظيم كأس العالم 2022، وعلى الرغم من توقعات الحكومة تحقيق فائض بالميزانية خلال العام الحالي بقيمة 4.3 مليار ريال (1.2 مليار دولار)، فيما ينخفض الفائض إلى 500 مليون ريال (137 مليون دولار) بموازنة العام المقبل.
وفي هذا الصدد، قال محللون ومختصون، إن ارتفاع إصدارات الدين القطرية يرجع إلى احتياجات التمويل الضخمة للحكومة من أجل الإنفاق على تمويل مشروعات كأس العالم 2022، وللوفاء بالتزامات إصدارات الدين في السنوات الماضية خصوصا إصدارات الأذون قصيرة الأجل التي لا تتجاوز 9 أشهر في قطر، إضافة إلى تقليل الأثر السلبي على الاقتصاد المحلي مع مرور أكثر من عامين على المقاطعة العربية.
كما تتزامن الإصدارات مع مرور عامين ونصف العام على مقاطعة الرباعي العربي للدوحة، التي كان لها بالغ الأثر على الاقتصاد القطري، من أبرزها انخفاض مستويات السيولة المصرفية وشحها، وارتفاع معدلات الدين المحلي والخارجي. إلا أن الدوحة تصرّ على تجاوزها المرحلة الصعبة وعودة اقتصادها إلى الانتعاش من جديد.
السندات المحلية الأعلى قيمة
وحسب البيانات، جاءت طروحات السندات طويلة الأجل (ما بين 3 - 10 سنوات) محليا بالصدارة من ناحية الأعلى قيمة بإجمالي 30.3 مليار ريال (8.4 مليار دولار) خلال عام 2019 بزيادة 82% عن العام السابق له الذي سجل 16.6 مليار ريال (4.6 مليار دولار).
أما الصكوك الإسلامية، بلغت قيمتها 10.9 مليار ريال (3 مليارات دولار) خلال العام، مرتفعة 24.4% عن عام 2018 التي سجلت فيه 8.8 مليار ريال (2.4 مليار دولار).
وتعتبر الصكوك إحدى أدوات السياسة النقدية تستخدمها قطر لتوفير السيولة اللازمة لتمويل مشروعاتها، كما أنها أداة استثمارية ذات مخاطر أقل وتتراوح مدة إصدارها من متوسطة إلى طويلة الأجل.
ولفتت البيانات أن قيمة إصدارات الأذون قصيرة الأجل (3- 9 أشهر) انخفضت بنسبة 34% مسجلة 7.2 مليار ريال (ملياري دولار)، من 10.7 مليار ريال (2.9 مليار دولار) في عام 2018.
ارتفاع الدين المحلي الحكومي
وعلى ذات الصعيد، أدى ارتفاع إصدارات الديون بالعام الحالي إلى ارتفاع الدين المحلي الحكومي إلى 133.25 مليار ريال (37 مليار دولار) يمثل الرصيد القائم لإصدارات الأذون والسندات والصكوك خلال السنوات الأخيرة بنهاية 2019.
وتوزع الدين القائم إلى إصدارات سندات بقيمة 83.7 مليار ريال (23.2 مليار دولار) يبدأ سدادها اعتبارا من العام المقبل ويمتد أجلها لعام 2029، أما الرصيد القائم للصكوك الإسلامية نحو 46.5 مليار ريال (12.9 مليار دولار)، بالإضافة إلى رصيد أذون بقيمة 3 مليارات ريال (832 مليون دولار).
وعلى صعيد آخر، نتيجة للتوسع بالاقتراض الأجنبي، ارتفع الدين الخارجي للدوحة إلى 156.4 مليار ريال (43.5 مليار دولار) بنهاية 2018، مقارنة بنحو 114.24 مليار ريال (31.7 مليار دولار) في عام 2017، بزيادة 37%، حسب بيانات المركزي القطري، ومن المرجح الطرح الأخير أن يتجاوز 55 مليار دولار بنهاية 2019.
فائض هزيل بالميزانية لا يواكب استحقاقات الدين
وحسب البيانات، ستكون الحكومة القطرية مطالبة بالوفاء باستحقاقات سابقة من السندات والصكوك بأكثر من 8 مليارات ريال (2.2 مليار دولار) يحل أجل سدادها بالعام المقبل، وسط فائض هزيل يبلغ 500 مليون ريال (137 مليون دولار)، مما يستدعي مزيدا من الاقتراض من السوق المحلية لسداد الاستحقاقات المطلوبة.
وكانت الحكومة القطرية أعلنت منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2019، اعتزامها زيادة إنفاقها خلال عام 2020 بنسبة 1.9% عن حجم الإنفاق في ميزانية العام الحالي، في ميزانية جديدة بقيمة 210.5 مليار ريال قطري (58 مليار دولار) لإتمام مشروعات للبنية التحتية، تشمل منشآت لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وهذه هي أكبر ميزانية للدولة الخليجية الغنية بالغاز في خمس سنوات مالية، وتأتي بعد عام من إنفاق ضخم على مشروعات للبنية التحتية، لكن تشير التقارير والأرقام الرسمية إلى أن قطر تواجه صعوبات مالية كبيرة في استكمال المشروعات الخاصة بـ"المونديال" المقبل.
ومن المتوقع أن تبقى الإيرادات خلال عام 2020 دون تغيير عند 211 مليار ريال (نحو 58 مليار دولار)، وذلك على أساس افتراض لسعر النفط عند 55 دولاراً للبرميل.
ورغم الصعوبات الاقتصادية إلا أن الميزان التجاري القطري حقق فائضا مقداره 3.4 مليارات دولار، في نوفمبرالماضي، بانخفاض ما نسبته 21.8 بالمئة مقارنة بالشهر المماثل من العام 2018، وارتفاعا ي 6.8 بالمئة مقارنة مع شهر أكتوبر( تشرين الأول) الماضي .
وكان جهاز التخطيط والإحصاء في قطر قد ذكر في بيان أصدره أن إجمالي قيمة الصادرات القطرية من السلع المحلية ومنها إعادة التصدير)، في شهر نوفمبر الماضي تراجعت بانخفاض نسبته 13.0 % مقارنة بنفس الشهر لعام2018، وبارتفاع 10.6 % مقارنة بشهر أكتوبر( تشرين الأول) الماضي.
ويشير التقرير القطري إلى أن قيمة الواردات السلعية خلال الشهر الماضي، ارتفعت بنسبة 1.7 % مقارنة بشهر نوفمبر(تشرين الثاني) 2018، وارتفاعا 15.8 بالمائة مقارنة بشهر أكتوبر.
وتصدرت اليابان دول التصدير بالنسبة لصادرات قطر بقيمة 4.7 مليارات ريال، أي ما نسبته 21.3 % من إجمالي قيمة الصادرات القطرية، تليها الصين أي بنسبة 15.0 %، ثم كوريا الجنوبية بـ3.2 بنسبة 14.6 %.