من دون سابق إنذار، أوقفت حكومة إقليم كردستان العراق، يوم الجمعة 15 فبراير(شباط) سيل نهر الصهاريج الملتوي مع انحناءات الطرق الجبلية الكردية باتجاه الحدود الإيرانية العراقية. وكان هذا التدفق قد بدأ منذ فرض العقوبات الاقتصادية على العراق بعد حرب تحرير الكويت عام 1991،حيث تمكن النظام العراقي السابق من إنشاء شبكة معقدة لتهريب النفط الخام إلى إيران، طيلة فترة العقوبات الاقتصادية الدولية التي استمرت 13 عاماً.
نفط العراق المتدفق لإيران غير رسمي
مصادر سياسية مطلعة تشير إلى ضغط أميركي غير مسبوق، لإحكام قبضة العقوبات الاقتصادية على إيران، تمكّن من دفع القيادة الكردية إلى اتخاذ قرار وقف تدفق النفط الى الأخيرة عبر أراضيها حيث فشلت بغداد في فرضه على أربيل منذ اسقاط النظام العراقي السابق عام 2003. "لا نفط رسمياً يمر عبر هذه المنافذ الحدودية من إقليم كردستان العراق الى إيران" يقول الخبير الاقتصادي آزاد النقشبندي، مضيفاً أنها "خطوة جيدة لإيقاف النفط المهرب، إنها لصالح الإقليم والعراق". ولا يمتلك الإقليم الكردي أي اتفاقات لتصدير النفط الى الجانب الإيراني، والمنافذ الرسمية لتصديره تنحصر بالأنابيب الناقلة الى الموانئ التركية حيث يُضخ حوالي 400 ألف برميل يومياً.
الموازنة العراقية تجهل نفطها المصدر لإيران
بيان وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم، كان مقتضباً، ولا يوضح أسباب الإيقاف الذي بدأ حيز التنفيذ يوم الجمعة 15 فبراير (شباط) الجاري، كما أنه لم يشر الى مصادر النفط المصدر عبر منافذ الإقليم مع جارته الشرقية. ومن المستبعد حصول أي تبعات اقتصادية، داخل الإقليم او على مجمل البلاد، نتيجة إيقاف تصدير النفط الى إيران عبر كردستان، وفقا للنقشبندي، لكونه لم يدخل ابداً في أي موازنة عراقية سابقة او حالية.
السائقون الإيرانيون يفقدون وظائفهم
اما في الجانب الإيراني، فتبدو الأمور أكثر سوءاً، إذ تعود الصهاريج الناقلة لإيرانية، ويعمل عليها سائقون إيرانيون، وهو ما يعني توقفهم عن العمل لفترة تبدو غير قصيرة. ولاستباق أي ضغط إيراني لإدخالهم مرة أخرى الى الأراضي العراقية، أعلن مدير معبر بيروزخان الحدودي، علي توفيق، في تصريحات صحفية، أن "الجانب الإيراني أُبلغ بعدم إرسال الصهاريج الفارغة إلى إقليم كوردستان"، مؤكداً انه "يسمح الآن فقط بعبور الصهاريج الموجودة في ساحات المنافذ والمحملة بالنفط، وهذا الاستثناء سيسري خلال هذين اليومين كحد أقصى".
نفط عراقي بنصف سعره لجارته الشرقية
لا تنحصر الخسائر الإيرانية فقط في فقدان وظائف آلاف السائقين الإيرانيين الناقلين للنفط العراقي إليها، "كان النفط العراقي الرخيص المهرب يشكل مورداً مهما للحكومة الإيرانية"، والحديث للخبير النفطي حمزة الجواهري الذي لفت ايضاً الى أن سعر النفط المهرب الى إيران، يمثل أقل من نصف سعره في البورصات العالمية، ما يعد خسارة كبيرة للعراق، وسرقة غير مبررة وفقا للجواهري "لحوالي 35 ألف برميل نفط يجري تهريبه للجانب الإيراني يومياً". وبحسب وثيقة رسمية صادرة من وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم، فإن المنع لم يستهدف النفط الخام فقط، إذ نصت الوثيقة على "عدم السماح للشركات النفطية التي كانت تنقل المنتجات النفطية مثل النفط الأسود والنافثا والمكثفات النفطية (الكونديسيت) وغاز البترول المسال"، من مواصلة عملها حتى إشعار آخر.
انتكاسة طهران النفطية الثانية مع بغداد
ويعد القرار الكردي بوقف التصدير، انتكاسة ثانية لإيران في تعاملاتها النفطية مع جارها الغربي، خلال ثلاثة أشهر، على إثر استجابة عراقية سابقة وسريعة لحزمة عقوبات نفطية أميركية متصاعدة، جرى بموجبها تجميد اتفاق نفطي عراقي إيراني مشترك. وتمكنت واشنطن من اقناع بغداد في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من إيقاف اتفاقية للتبادل النفطي، تتضمن تصدير أكثر من 55 ألف برميل نفط يومياً، لتسترجع بعدها، مشتقات نفطية يجري انتاجها في المصافي الإيرانية.