للمرة الأولى منذ 20 سنة، سمحت إسرائيل لقطاع غزّة، بتصدير كميات محدودة من منتجاته، إلى الأسواق الخليجية والأوروبية، إضافة إلى المستهلك في الضفة الغربية. ويأتي ذلك في إطار التخفيف من حدة الحصار المفروض على غزّة منذ 14 سنة، واستجابة إلى نداء الأمم المتحدة بضرورة إنقاذ القطاع الذي يعاني من الويلات.
لكن استجابة إسرائيل باتت محدودة، بما يضمن عدم تكبيد غزة المزيد من الخسائر، وبما يرمي للحفاظ على الأمن قرب حدودها، فضلاً عن تحقيق مكاسب سياسية أخرى، لعدم السماح بانجرار المنطقة إلى تصعيد عسكري مفتوح.
تسهيلات للهدنة واستجابة للأمم المتحدة
تأتي التسهيلات الإسرائيلية الأخيرة للقطاع في إطار تنفيذ بنود تفاهمات التهدئة، التي تطوّرت لتصبح هدنة طويلة الأمد مع غزّة، وتتمثل في تخفيف الحصار التدريجي وتقديم المزيد من الحلول الإنسانية.
وبحسب إدارة معبر كرم أبو سالم الحدودي بين غزّة وإسرائيل، فإنّه تمّ تصدير عدد من شاحنات الملابس من قطاع غزّة إلى إسرائيل ومن ثمّ تحويلها إلى الأسواق العالمية، بما فيها دول الخليج وأوروبا والضفة الغربية.
لكن الناطق الإعلامي باسم وزارة الاقتصاد في غزّة عبد الفتاح أبو موسى نفى ذلك، وقال إنّه "لا يوجد تسهيلات إسرائيلية للاقتصاد الفلسطيني، والوضع كما هو موجود منذ فرض الحصار على القطاع".
وأضاف أبو موسى "هناك إجراءات بسيطة قدمتها إسرائيل، منها تسهيل خروج بعض البضائع إلى الأسواق العالمية، لكنها لم تفتح المعابر على مصاريعها من أجل التصدير، ولم نلاحظ أيّ حريّة كما كان الأمر قبل فرض الحصار على غزّة".
تصدير جزئي
في الحقيقة، سمحت إسرائيل بخروج بضائع من غزّة، ومن بين المنتجات صُدّرت كميات محدودة وأصناف مختلفة من الملابس إلى الأسواق الأوروبية، وهذه المرة الأولى منذ حوالى 14 عاماً، يصدر فيها قطاع الملابس منتجاته من غزّة إلى الخارج.
ويوضح أبو موسى أنّ السماح الجزئي لتصدير بعض الملابس من القطاع، أدى إلى إحداث ازدهار بسيط في حركة التجارة، وحققت غزّة مكاسب مالية بقيمة ثلاثة ملايين دولار خلال الفترة الأخيرة، لكن هذا لن يؤدي إلى انتعاش كبير في قطاع الصناعة.
قطاع الملابس
وكان لقطاع الملابس قبل 20 سنة، أهمية كبيرة في تحريك عجلة الاستثمار، ودفع الاقتصاد الفلسطيني إلى الأمام، في ذلك الوقت كانت غزّة تصدّر الملابس إلى الأسواق الإسرائيلية والأوروبية، وبات قطاع الملابس يعرف حينها بأنّه عصب الاقتصاد وعموده الفقري.
لكن الحصار على القطاع، أدى إلى تشكيل حالة من الركود الحاد في قطاع الملابس، ودمرت الحروب المتتالية على غزّة البنية التحتية لمصانع الملابس، ما أدى إلى إلحاق خسائر كبيرة، نتج منها مغادرة عدد من العمال وظائفهم، وإغلاق مصانع كبيرة.
في المقابل، يشير أبو موسى إلى أنّ غزّة بدأت في ترميم قطاع الملابس مجدداً، من خلال إعادة تشغيل عدد من المصانع، على أمل استمرار تصدير المنتجات إلى الأسواق الخارجية، بما يحقق انتعاشاً في الاقتصاد الفلسطيني، ويخفف من ويلات الحصار.
وخلاف خروج الملابس، صُدّر حوالى 26 مشتاحاً خشبياً (الكوشة) إلى أسواق دول الخليج، ويأتي تصدير هذا المنتج لأنّه حاصل على شهادة الجودة، وشهادة المواصفات والمقاييس العالمية، ما يجعل الطلب عليه عالياً.
أصناف أخرى
وإضافة إلى ذلك، سمحت إسرائيل بتصدير أنابيب البلاستيك وأنواع من الجلود، إلى الأسواق الإسرائيلية والمستهلكين في الضفة الغربية، ما أدى إلى تحقيق أرباح بسيطة للقطاع.
كما صدّرت غزّة الفراولة بكميات كبيرة إلى إسرائيل والضفة الغربية، ويقول أبو موسى إنّ القطاع زاخر بمنتجات كثيرة صالحة للتصدير، وفي حال فتحت المعابر ستكون هناك رفعة للاقتصاد الفلسطيني.
لكن المحلل الاقتصادي مازن العجلة يرى أنّ المحاولات التي تقدمها إسرائيل عبر التفاهمات، تحدث بعض الانتعاش المؤقت، من أجل عدم تدهور قطاع غزّة إلى مستوى أسوأ من ذلك.
ويوضح أنّ إسرائيل لن تعمل على تقديم حلول أو إجراءات، تمكّن من تطور الاقتصاد الدائم، أو حل مشاكله بشكل نهائي، وهذا واضح في حجم التصدير ونوعية القطاعات وعدم وجود شمولية، وبطء شديد في عملية خروج البضائع وتوقف في بعض الأحيان.
ويرى مراقبون أنّ سماح إسرائيل بتصدير المنتجات من غزّة، يأتي استجابة لتحذير الأمم المتحدة، الذي جاء فيه بأنّ قطاع غزّة بات غير صالح للحياة مع حلول العام 2020، وعدم إنقاذه يؤدي إلى كارثة كبيرة.