تسعى الحكومة المصرية إلى السيطرة على حالة الغضب التي تنتاب العاملين في القطاع الخاص عبر ذراعها التخطيطية "المجلس القومي للأجور" بعد أن فرقت بينهما قرارات مارس (آذار) 2019 التي أتاحت زيادات في أجور ورواتب وعلاوات العاملين بالحكومة من دون أن تطول عمال القطاع الخاص، الذين يمثلون الشريحة الأكبر في سوق العمل المصري.
وفي محاولة لاحتواء الأزمة، بدأ "المجلس القومي للأجور" المعني بمتابعة ورقابة أجور العاملين بالدولة ونظرائهم في القطاع الخاص، للتأكد من تماشيها مع معدلات التضخم المرتفعة وزيادة الأسعار، بدأت الحكومة في عقد جلسات لتحقيق أهداف الشريحة الأكبر من القوى العاملة بالقطاع الخاص، التي يمثلها أكثر من 22 مليون عامل، بنسبة تقترب من 75% من حجم القوى العاملة المصرية.
وقال رامي جلال، المتحدث باسم وزارة التخطيط، باعتبارها المسؤولة عن المجلس، أن "هالة السعيد، وزيرة التخطيط، ورئيسة المجلس القومي للأجور، عقدت الاجتماع الثاني للمجلس خلال يناير (كانون الثاني) الحالي بعد اجتماع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، لمناقشة تشكيل اللجان الداخلية للمجلس الخاصة بالأسعار ومستويات المعيشة، والأجور والعلاوات، والشكاوى، إلى جانب قضايا الأسعار، والعلاوة الدورية للقطاع الخاص".
دراسة المقترحات
وأكد لـ"اندبندنت عربية" أن المجلس يدرس مقترحات من اتحاد الغرف التجارية، واتحاد الصناعات المصرية لرفع الحد الأدنى للأجور، ومقترحات تحديد مستويات الحد الأدنى"، لافتاً إلى أهمية وجود معايير تحدد ذلك على المستويين القطاعي والجغرافي".
وأضاف أن "الاجتماعيين ناقشا أيضاً موضوع البطالة، وانتهى إلى أربع توصيات رئيسة، تمثلت في تخفيض إجمالي تكلفة التحول إلى القطاع الرسمي، وتشجيع ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز ودعم الصناعات التحويلية، وتحديد وتشجيع القطاعات الواعدة لخلق الوظائف".
وأوضح أنه "خلال الاجتماع الأخير في 16 يناير، نوقشت عدة محاور تمثلت في استعراض أهم التجارب الدولية في تطبيق الحد الأدنى للأجور، ومعايير تطبيقها من منظور منظمة العمل الدولية، مع استخلاص التجربة الدولية الأنسب والأفضل بالنسبة إلى مصر، كما نُوقش الوضع الحالي في تطبيق الحد الأدنى بمصر، إلى جانب تأثير تطبيقه على المؤشرات الاقتصادية الكلية والتنمية البشرية والذي تضمن العديد من الآثار الإيجابية أهمها التخفيف من التمييز ضد المرأة في الأجور، وتقليص مستوى عدم العدالة في الأجور، وزيادة إنتاجية العمالة، وتشجيع المنشآت ذات الإنتاجية العالية على التوسع وأن تحل محل المنشآت ذات الإنتاجية المنخفضة، مع تدعيم دخول الأسر ذات شرائح الدخل الأقل، وتحسين جودة حياتهم، كما شهد الاجتماع مناقشة رؤية أعضاء المجلس بشأن العلاوة الدورية للقطاع الخاص في ضوء اجتماع لجنتي الأسعار والأجور".
استكمال المناقشات الشهر المقبل
وكشف اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أنه من المقرر أن يعقد المجلس القومي للأجور اجتماعاً، منتصف فبراير (شباط) المقبل، موضحاً أن "الهدف سيكون استكمال المناقشات الخاصة برفع الحد الأدنى للأجور للعاملين بقطاعات العام والأعمال العام والخاص"، متوقعاً التوصل إلى الصيغة المبدئية والتصور الخاص بالحد الأدنى.
حد أدنى للأجر بالساعة
وكشف أن "هناك مقترحات داخل اللجنة بأن يصل الحد الأدنى بالنسبة إلى العاملين بالقطاع الخاص إلى نحو ألفي جنيه (نحو 124 دولاراً أميركياً) أسوة بالقطاع الحكومي، على أن يأخذ هذا المقترح في اعتباره مجموعة من الأمور، على رأسها دراسة وضع حد أدنى للأجر بالساعة، ومراعاة موسمية بعض القطاعات مثل القطاع السياحي، وطبيعة النشاط الاقتصادي التي تتفاوت بين نشاط وآخر".
ضغط الحكومة على القطاع الخاص
فيما قال مجدي البدوي، عضو مجلس إدارة المجلس القومي للأجور ونائب اتحاد عمال مصر، أن "المجلس سيضغط خلال العام الحالي لزيادة ورفع الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص أسوة بذويهم موظفي الحكومة، وبخاصة أنهم يشعرون بالغضب نتيجة عدم ضغط وزارة القوى العاملة لزيادة رواتبهم".
وأوضح أن "المجلس سيعقد خلال الفترة المقبلة اجتماعات وسيجري مفاوضات مع مجتمع الأعمال الخاص لوضع حد أدنى لأجور موظفي القطاع الخاص على غرار نظرائهم في الحكومة، متوقعاً إنهاء الأزمة خلال العام الحالي".
وفي نهاية مارس (آذار) 2019 أعلنت الحكومة المصرية حزمة قرارات اقتصادية تتضمن علاوات دورية وأخرى استثنائية ورفع الحد الأدنى لعدد من الفئات من العاملين في الجهاز الإداري بالدولة، وكذلك أصحاب المعاشات، وامتصاص الموجات التضخمية التي تواكب خطة الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة منذ عام 2015-2016، وبلغت تكلفة حزمة القرارات نحو 60 مليار جنيه (نحو 3.7 مليار دولار).
إجراءات اجتماعية
وتضمنت القرارات الحكومية إجراءات اجتماعية وُجه ببدء تنفيذها في مطلع يوليو (تموز) الماضي، وتنقسم إلى نحو 30.5 مليار جنيه (نحو 1.9 مليار دولار أميركي) لتمويل زيادات الأجور والرواتب، بجانب 28.5 مليار جنيه (نحو 1.7 مليار دولار أميركي) لتمويل زيادات المعاشات الاجتماعية، ونحو مليار جنيه (نحو 63 مليون دولار أميركي) لتمويل ضم 100 ألف أسرة جديدة لبرنامج المساعدات الاجتماعية "تكافل وكرامة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأُقرت الزيادات والعلاوات فقط للعاملين المدنيين بالدولة من المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016. ويتألف الجهاز الإداري للدولة المصرية من نحو 5 ملايين عامل في القطاع العام وقطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية المختلفة، بينما يمثل أصحاب المعاشات نحو 9 ملايين فرد، وبلغ بند الأجور في الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي 2018- 2019 نحو 266 مليار جنيه (نحو 16.5 مليار دولار أميركي).