بدأت الأسواق العالمية تعاملات أول أيام الأسبوع على هبوط شديد، وسط تنامي المخاوف من تأثير انتشار فيروس كورونا الجديد، ومصدره الصين، على الاقتصاد العالمي. وكانت الأسهم الآسيوية الأكثر تراجعاً، إذ هوى مؤشر نيكي في طوكيو بما يقارب نقطتين مئويتين (1.8%)، وفتحت الأسهم الأميركية في "وول ستريت" بنيويورك على هبوط حاد، حيث فقد مؤشر "داو جونز" 500 نقطة في بداية التعاملات، وهبطت المؤشرات الأميركية إجمالاً بمتوسط واحد في المئة.
وكان هذا الهبوط في أسواق الأسهم متوقعاً مع ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي والوفيات بين المصابين في اليومين الماضيين. وبالطبع كان قطاع السياحة والسفر الأسرع تأثراً، لكن الأسواق تتحسب أيضاً للتأثير على بقية قطاعات الاقتصاد كالتجارة والصناعة وغيرها.
ورغم أن انتشار الفيروس لا يزال محصوراً في الصين ودول قليلة، فإن التوقعات حول الخسائر المحتملة تتوالى، وسط تقديرات بألا تقل الخسائر عالمياً عن 40 مليار دولار أميركي. لكن من الصعب تقدير التبعات الاقتصادية للفيروس الجديد الآن، خصوصاً أن منظمة الصحة العالمية لم تعلن بعد أنه "وباء عالمي"، وهناك تفاؤل بإمكانية نجاح جهود الصين للحد من انتشاره.
مقارنة مع سارس
وعلى الفور بدأت النشرات الاقتصادية في العالم تُذكِّر بتأثير وباء سارس، الذي بدأ من الصين أيضاً في 2002، ووباء إنفلونزا الطيور الذي استمر من 2004 إلى 2006، وتأثير انتشار تلك الفيروسات على الاقتصاد العالمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحسب تقديرات بنك التنمية الآسيوي، أدى وباء سارس إلى خسائر لا تقل عن 18 مليار دولار، وأثر سلباً على اقتصادات آسيا التي تراجعت في المتوسط بنسبة 0.6%. وكان التراجع الأكبر في المنطقة مصدر الفيروس، إذ هبط الناتج المحلي الإجمالي لهونغ كونغ بنسبة 2.6% وللصين بنسبة 1.1%، ما جعل البعض يتوقع أن يؤدي انتشار الفيروس الجديد إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي في بكين بنسبة 1.2%، مع الأخذ في الاعتبار أن حجم الاقتصاد الصيني تضاعف منذ عام 2003.
وإذا كان حجم اقتصاد الصين في 2003 يمثل 8.7% من الاقتصاد العالمي فهو الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم ويمثل ربع الاقتصاد العالمي، فقد بلغت النسبة الآن 25% تقريباً، وهذا ما يجعل تأثير انتشار الفيروس الجديد وتبعاته الاقتصادية ربما ضعف ما حدث مع سارس أو إنفرلونزا الطيور أو أكثر.
ويُشار إلى أن السيناريوهات التي وضعها مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي لتأثير وباء إنفلونزا الطيور على الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة كانت هبوطاً بما بين 0.1 و2.3%.
السياحة والسفر
ولا يقتصر التأثير السلبي لحالة الهلع الناجمة عن الفيروس الجديد على الصين وحدها، وإنما سينسحب على بقية دول العالم، خصوصاً الآسيوية الرئيسة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، ليس فقط بسبب حجم الاقتصاد الصيني وتشابكه التجاري والصناعي مع الاقتصادات الرئيسة في العالم، بل بتأثير مباشر وقصير المدى.
وبدأ انتشار الفيروس من مدينة ووهان وسط الصين، وتحديداً في إقليم هوبي الذي احتل المرتبة السابعة من بين 32 إقليماً من حيث الأهمية في سلسلة التوريد في الصين، وهناك عدد مهم من المصانع في تلك المنطقة لا شك أنها تعاني الآن وتنعكس معاناتها على ارتباطاتها بقطاع الإنتاج الصناعي الصيني والتجارة مع بقية أنحاء العالم.
في حين أن القطاع الأكثر والأسرع تأثراً هو السياحة والسفر، وانعكاسات ذلك ظهرت من خلال انخفاض الطلب على الوقود لوسائل المواصلات، خصوصاً الطائرات بعدما أوقفت الصين رحلات السفر على نطاق واسع، واحتمال أن يمتد ذلك إلى مناطق أخرى.
ومع إلغاء الصين احتفالات رأس السنة الصينية للحد من انتشار الفيروس الجديد، بدأ قطاع السفر في اليابان يتأثر بشدة مع إلغاء حجوزات فنادق ورحلات سفر مرتبطة بأعياد رأس السنة القمرية. ولتقدير هذا التأثير، يذكر أنه في العام الماضي ومن بين 32 مليون زائر لليابان في أسبوع رأس السنة الصينية كان 30% من الصينيين أنفقوا خلال تلك الفترة ما يصل إلى 16 مليار دولار.
ويتوقع اقتصاديون أن يحد انتشار الفيروس من الطلب على النفط بمعدل 260 ألف برميل يومياً خلال العام، وأن يشكل وقود الطائرات ما يعادل ثلثي هذه الخسارة، ويزيد ذلك من الضغط على سوق النفط التي تعاني فعلياً من اختلال ميزان العرض والطلب حتى مع تخفيض الإنتاج من قبل منظمة أوبك وشركائها.