على الرغم من التحذيرات المستمرة من تفاقم مستويات الديون سواء الداخلية أو الخارجية، كشف محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، أنه حتى الآن لا يوجد ما يدعو للقلق، خصوصاً أن نسبة الدين المصري إلى الناتج القومي لا تزال في حدود 37%.
وأوضح في تصريحات أمس "نبدأ في القلق حين تصل هذه النسبة إلى 50%". مشيراً إلى أن قناة السويس الجديدة أضافت نحو 13 مليار جنيه سنوياً إلى خزينة الدولة خلال العام الماضي.
وكشفت بيانات رسمية، أن الدين المحلي لمصر بنهاية سبتمبر (أيلول) عام 2019 بلغ 4.186 تريليون جنيه (0.265 تريليون دولار)، مقابل 4.288 تريليون جنيه (0.272 تريليون دولار) بنهاية يونيو (حزيران) الماضي.
وتشير البيانات إلى أن صافي رصيد الدين المحلي المستحق على الحكومة بلغ بنهاية سبتمبر الماضي نحو 3.658 تريليون جنيه، بتراجع بلغت نسبته 72.7%، كما بلغ رصيد مديونية الهيئات العامة الاقتصادية نحو 251.3 مليار جنيه (0.232 تريليون دولار)، بانخفاض بلغ نحو 31.6 مليار جنيه (2.006 مليار دولار).
وأظهرت بيانات حديثة للبنك الدولي، ارتفاع إجمالي أرصدة الدين الخارجي المستحق على مصر بنهاية سبتمبر 2019، إلى 109.363 مليار دولار. وكان الدين الخارجي المستحق على مصر سجّل 108.699 مليار دولار في يونيو الماضي.
وعلى أساس سنوي، ارتفع الدين الخارجي المستحق على مصر بنهاية سبتمبر الماضي، بنسبة 17.47%، حيث سجّل في سبتمبر 2018 ما قيمته 93.101 مليار دولار.
لماذا رفضت مصر قرضاً جديداً من صندوق النقد؟
وفي إطار التعاون بين صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية، قال محافظ البنك المركزي المصري، إن الصندوق عرض على القاهرة تمويلاً خلال الفترة الأخيرة، ولكنه رُفِض. وقال إن "مصر لا تحتاج إلى تمويل من الصندوق في الوقت الحالي". وتابع "إذا احتجنا تمويلاً سنذهب إلى السوق الدولية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسملت مصر في أغسطس (آب) 2019 الشريحة الأخيرة من اتفاق "التسهيل الممدد لصندوق النقد الدولي" التي تقدر بملياري دولار، حيث أعلن الصندوق الدولي، في منتصف يوليو (تموز) الماضي، موافقته على صرف ملياري دولار للقاهرة، بموجب الانتهاء من مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.
وأوضح الصندوق، أنه بذلك يكون قد جرى صرف 11.9 مليار دولار، وهو المبلغ الكامل الذي وافق عليه المجلس التنفيذي للصندوق في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
وتنفذ مصر برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد منذ نوفمبر 2016، يضمن حصول الحكومة على 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، ويشمل البرنامج تخفيض دعم الطاقة (الكهرباء والمنتجات البترولية)، وزيادة الإيرادات الضريبية، وضبط الموازنة العامة للدولة.
خسائر عنيفة للدولار منذ تحرير سعر الصرف
على صعيد سوق الصرف، كشف عامر أن سعر الدولار فقد 4 جنيهات خلال 4 سنوات من تحرير سعر الصرف.
وأكد أن سعر الصرف للجنيه المصري ارتفع بشكل كبير، وسبب قلقاً وإزعاجاً للبعض، موضحاً أنه كان من المتوقع حدوث هذه الطفرة في سعر الصرف، خصوصاً بعد وصول سعر الدولار وقتها إلى 19.75 جنيه.
وأشار إلى أن الطفرة التي شهدها سعر صرف الدولار كانت مطلوبة وكانت لها ميزات، وبخاصة بعدما نادى الكثيرون بتقليل الواردات من السلع الكمالية والترفيهية لتضرر الصناعة الوطنية، مما أدى إلى تقليل الواردات من 76 مليار دولار إلى 59 دولار، أي أنها قلت بنحو 17 مليار دولار.
وقال محافظ البنك المركزي المصري، إن "تحويلات المصريين من الخارج ارتفعت خلال آخر 10 سنوات بقيمة 14 مليار دولار".
وأوضح أن "هذه التحويلات بلغت خلال عام 2010 نحو 12 مليار دولار، لتصل في الوقت الراهن إلى نحو 26 مليار دولار".
وأشار إلى أن "هناك جزءاً من العملة الأجنبية لا نستطيع احتسابه، لأنه يدخل مع المواطنين من الخارج نقداً، لكن نعرفه في حين تحويله إلى البنوك".
وكشف أن صادرات البنوك من النقد الكاش للخارج بقيمة 36 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بما يعادل 11 أو 12 مليار دولار سنوياً.
الاستحواذ على شركة ضمان مخاطر المشروعات
كما كشف عن الاستحواذ على شركة ضمان مخاطر المشروعات، وإعادة تشكيل مجلس إدارتها لتوسيع نطاق عملها. وقال إن حجم الضمانات التي وفرتها الشركة بلغت نحو 40 مليار جنيه (2.539 مليار دولار)، وذلك لضمان تمويلات البنوك الموجهة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أن حجم تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة الماضية بلغت قيمتها 160 مليار جنيه (10.158 مليار دولار)، وذلك ضمن المبادرة التي جرى إطلاقها سابقاً بفائدة 7%. ولفت إلى أن بنوكاً عديدة حققت النسبة المطلوبة منها، وهي الوصول بتمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى 20% من إجمالي المحفظة الائتمانية، متابعاً "هناك بنوك أخرى لم تصل إليها ويتم مراجعتها بشكل مستمر".
وذكر أن مشروعات البنية التحتية التي جرى إنشاؤها خلال الفترات الماضية، أسهمت في تطوير قطاع الصناعة بمصر.
وقال إنه جرى تكليف أحد بنوك الاستثمار بعمل الدراسات اللازمة للاستحواذ على حصة حاكمة بأحد البنوك الكبرى العاملة في السوق الأفريقية. ولفت إلى أن بنك الاستثمار رشح أحد البنوك الأفريقية التي تعمل في 6 دول بمنطقة شرق أفريقيا، مشيراً إلى أن البنك المركزي في سبيله إلى مخاطبة المساهمين للاستحواذ على حصة حاكمة في البنك الأفريقي.
وأوضح أنه يعطي أهمية كبيرة للقارة السمراء خلال الفترة المقبلة، وأن البنك المركزي يعمل على توطيد العلاقات مع البنوك المركزية في أفريقيا.
تمويلات ضخمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة
وكشف المحافظ أنه جرى تمويل نحو 177 مشروعاً خلال السنوات الأربع الماضية. وأوضح أنه جرى تمويل الشركة القابضة للكهرباء بنحو مليار دولار، وتمويل الشركة المصرية اليابانية للتعليم بقيمة 91 مليون دولار.
وذكر أنه جرى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من البنوك بقيمة تخطت 413 مليون دولار، وتمويل مشروعات لغلايات المياه بـ63 مليون دولار، كما تم تمويل توسعات 3 معامل تكرير للبترول بقيمة 2.6 مليار دولار، وتمويل تطوير ترام الإسكندرية بقيمة 111 مليون دولار.
وأيضاً تم تمويل 132 قطاراً في الخط الثالث لمترو الأنفاق بقيمة 270 مليون دولار، وتمويل إعادة رفع كفاءه الخط الأول بقيمة 390 مليون دولار، مشيراً إلى تمويل 100 جرار للقطارات بقيمة 250 مليون دولار، تمويل برامج الصرف الصحي في الريف بقيمة 300 مليون دولار.
كيف تعاملت مصر مع مستحقات شركات النفط الأجنبية؟
وكشف عن تسديد مصر نحو 6.5 مليار دولار من مستحقات شركات البترول الدولية خلال الأعوام الأربعة الماضية، لافتاً إلى أن سداد هذه المبالغ أسهم في عودة تلك الشركات من جديد إلى السوق المصرية لإعادة التنقيب، متابعا "العالم مندهش من قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الدولية".
وأشار إلى أن البنوك المصرية تستثمر أكثر من 17.3 مليار دولار خلال الفترة الحالية في الخارج، كما يجري إنشاء مبنى للبنك المركزي حالياً في العاصمة الإدارية الجديدة، منوهاً بحصول 28 بنكاً على أراض بالعاصمة حتى الآن.
يذكر أن مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة في مصر انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2010، حيث جرى سداد نحو 5.4 مليار دولار من المستحقات، من أصل 6.3 مليار دولار خلال 7 سنوات.
وقال عامر إن البنك المركزي تمكن خلال السنوات الأربع الماضية من سحب نحو 800 مليار جنيه (50.793 مليار دولار) من السيولة المتوافرة في السوق للحفاظ على قيمة الجنيه، لافتاً إلى أن الهدف خلال الفترة المقبلة يتمثل في توفير تلك السيولة في السوق تدريجياً، مما يسهم في الحفاظ على قيمة الجنيه أمام باقي العملات.
وأكد أن "المركزي المصري" حقق أهدافه من تحرير سعر الصرف بشكل فاق التوقعات، لافتاً إلى أن قرار "التعويم" أسهم في توفير النقد الأجنبي لكل المؤسسات العاملة في السوق المصرية، فضلاً عن توفير السيولة من العملة الأجنبية للحصول على الوقود وتمويل المشروعات.