بينما أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفع التعداد العسكري عبر سبعة حدود مجاورة لبلاده وأهمها الحدود الليبية، تستعجل الجزائر دراسة جدوى إعادة فتح المعابر الحدودية المغلقة مع ليبيا منذ أكثر من ثماني سنوات قبل إطلاق منطقة تبادل حر بين الدولتين انطلاقاً من بلدة وادي سوف في الجنوب الشرقي الجزائري، كل هذا أثناء وجود حوالى 100 رجل أعمال ليبي في الجارة الغربية.
وتستعجل السلطات الجزائرية تنفيذ مشروع اقتصادي باتفاق مع حكومة فايز السراج الذي زار الجزائر قبل أيام قليلة حيث طلب الطرف الليبي بفتح بوابة اقتصادية مع الجارة الغربية، وعلمت "اندبندنت عربية" موافقة الجزائر على تنفيذ المشروع على أساس أربعة محاور.
ويشمل المشروع مرحلة أولى استعجالية، وهي تزويد أسواق المدن الليبية بالمنتجات الغذائية، لا سيما الزراعية المتمثلة في شتى أنواع الخضر والفواكه، وثانياً التموين بالمنتجات الصناعية المحلية، وثالثاً مواد البناء، أما رابعاً فإرساء شراكات وتعاون بين المؤسسات الجزائرية الليبية من خلال مساعدة المستثمر الجزائري ومرافقة الشريك الليبي.
إشكال المعابر
ونقل مصدر مطلع لـ "اندبندنت عربية" مباشرة وزارة الخارجية دراسة ملف يحتمل فتح معبرين حدوديين على الأقل مع الطرف الليبي، ويتعلق الأمر بكل من معبر رابط بين منطقة إليزي الجزائرية وغدامس الليبية وأيضاً المعبر الذي يربط جانت الجزائرية بمدينة غات الليبية.
وشهدت منطقة إليزي في أقصى الجنوب الشرقي هجوماً إرهابياً شهيراً مطلع عام 2013 في الوقت الذي كانت الجزائر تغلق حدودها الليبية، واتهمت السلطات الجزائرية مجموعة إرهابية تسللت إلى حدودها انطلاقاً من الجنوب الليبي حيث كان يقيم قائدها المدبر الإرهابي الجزائري مختار بلمختار (أبو العباس)، وربما لا يزال هناك بناء على تقارير استخباراتية تعود إلى سنتين خلتا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"انشغالك محل دراسة"
وحاول وزير التجارة الجزائري كمال رزيق التهرب من الإدلاء بتصريح واضح بخصوص المعابر الحدودية حينما خاطبه مستثمر ليبي شارك في ملتقى اقتصادي بالعاصمة الجزائرية يطلب فتح معبرين اثنين على الأقل. وقال رزيق وهو يغادر المكان مسرعاً "انشغالك محل دراسة وأنتم مرحب بكم في بلدكم الثاني".
وتقترح الجزائر لقاء إعادة إحياء المعابر الحدودية مع ليبيا تفعيل اتفاقيات أمنية مجمدة مع الطرف الليبي، وتتمثل في تكوين ضباط شرطة وجمارك مع إحياء لجان أمنية مشتركة بين الطرفين، كما تقترح نشر فرق الجوالة وهم عسكريون من المنطقة يستعملون المهاري وسيلة للتنقل عبر الحدود الصحراوية الشاسعة بين الجزائر وليبيا على مسافة 950 كيلومتراً.
وأعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في كلمة أمام كبار ضباط وزارة الدفاع بالعاصمة، رفع الإجراءات الأمنية على حدود سبع دول، وقال إن الحدود الليبية ستأخذ حصة الأسد ضمن هذه التعزيزات، وأضاف "بالنظر لمساحة بلادنا، في ظل التحديات الأمنية المستجدة بدول الجوار، والتي تستدعي تعزيز القدرات الدفاعية كلما زاد تدفق السلاح في مناطق التوتر المحيطة بحدودنا، سنواصل تنفيذ برامج تطوير القوات، بما تتطلبه من رفع في مستوى القدرات القتالية بشتى أنواعها المسلحة، مع مختلف الشركاء".
وتابع تبون "سنواصل تنفيذ برامج تطوير القوّات، بما تتطلبه من رفع في مستوى القدرات القتالية بشتى أنواعها المسلحة، مع مختلف الشركاء، علاوة على مواصلة جهود الحفاظ على جاهزية العتاد العسكري وتجديده وتحديثه وعصرنته. فهذا ما يضمن من جانب آخر، تأمين مناطق المنشآت الصناعية والاقتصادية، لا سيما في الجنوب الكبير".
مستثمرون ورجال أعمال
وبينما تتهيأ الجزائر لمستجدات على مستوى المعابر الحدودية في انتظار الفصل في القرار من قبل وزارة الدفاع ثم رئاسة الجمهورية، حضر عدد كبير من المستثمرين ورجال الأعمال الليبيين إلى الجزائر وشاركوا في لقاءين، الأول عقد بمحافظة وادي سوف الجزائرية، والثاني بالعاصمة الجزائرية.
وأطّرت اللقاء الأول غرفة التجارة والصناعة "سوف" (الجزائر) وغرفة الصناعة والتجارة والزراعة "سبها" (ليبيا)، وقال رئيس الغرفة الجزائرية نبيل قنوعة، إن هناك "مساعي حثيثة في استحداث بدائل اقتصادية متمثلة في فضاءات تسويق المنتوج الوطني خارج الأسواق الوطنية".
بدوره، أبرز ممثل غرفة الصناعة والتجارة والزراعة "سبها" (ليبيا)، منصور أبو القاسم السريتي أهمية التعاون الاقتصادي في المجالات كافة بين ولاية الوادي (الجزائر) ومدن الجنوب (ليبيا)، مشيراً إلى أن "نجاعة هذا التعاون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بفتح المعابر الحدودية البرية المتاخمة لمدن الجنوب الليبي".
كما تحدث المسؤول الليبي عن "الضرورة الملحة لتموين السوق الليبية في إطار الشراكة الاقتصادية بالمنتجات الفلاحية بشقيها الزراعي والحيواني والصناعات الغذائية وغيرها من المنتجات ذات الاستهلاك الواسع المفقودة بالأسواق الليبية"، مضيفاً "نحن مستعدون لجلب 500 رجل أعمال بغية توقيع اتفاقات تعاون مع أرباب العمل الجزائريين، بل ومستعدون أيضاً لوضع جسر لعبور السلع الجزائرية ليس فقط للمناطق الجنوبية في ليبيا، وإنما نحو العديد من الدول الأفريقية، كما ندعو سلطات البلدين إلى فتح نقاط حدودية مع وضع شروط من شأنها ضمان تبادل آمن بين الطرفين".
خطة تجارية رسمية
وتعطي وزارة التجارة انطباعاً عن اكتمال وشيك لمشروع تجاري مشترك مع ليبيا، حيث تعهد وزير التجارة رزيق بـ "إعادة تفعيل دور مجلس رجال الأعمال المشترك الجزائري الليبي للنظر في كيفية رفع وتشجيع المبادلات التجارية والاقتصادية لكي ترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية والتاريخية التي تربط البلدين".
وقالت المديرة العامة للغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وهيبة بهلول، إن الجزائر استقبلت منذ مطلع الأسبوع "أكثر من 350 مدير مؤسسة جزائرية مهتمة بالسوق الليبية، وأكثر من 75 متعاملاً ليبياً يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية، وتم من خلالها تحديد الإجراءات العاجلة التي من شأنها المساهمة في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين".
أما رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين علي باي ناصري فكشف عن استجابة سلطات بلاده "لمطلب التكفل بالإشكالية المتعلقة بكيفيات الدفع الخاصة بالصفقات التجارية بين متعاملي البلدين، فالأمر يتعلق بأحد أهم العوائق التي تحول دون نمو المبادلات بين الطرفين".