أعلن محمد توفيق علاوي تكليفه رسمياً لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة اليوم السبت 1 فبراير (شباط)، في حين دعا المحتجون إلى الاستمرار في التظاهر لحين تحقيق مطالبهم.
ولم تمض سوى دقائق على إعلان هذا التكليف حتى سارع المحتجون في عدد من المحافظات العراقية للتعبير عن رفضهم له، مبينين أن في هذا التكليف تجاوزاً على الإرادة الشعبية وإعادة لصياغة التوافقات السياسية التي شُكلت إثرها الحكومات السابقة.
تعهدات رئاسية
وقال علاوي في تسجيل مصور، "أريد التحدث مع الشعب العراقي بعيداً من الإشاعات والتحليلات قبل الحديث مع أي أحد".
وأضاف "بعد أن كلفني رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة الجديدة قبل قليل، قررت أن أخاطبكم قبل أي أحد، لأن سلطتي منكم أنتم بشكل عام، ولولا تضحياتكم وشجاعتكم لما حصل أي تغيير".
وتابع "أعرف أنكم تحملتم الكثير وصبرتم لكنني مؤمن بكم وأطلب استمراركم بالتظاهرات لأن عدم دعمكم يتركني وحدي. قبل التكليف أنا مواطن فخور بما فعلتموه من أجل التغيير، لكني الآن موظف لديكم أحمل أمانة كبيرة، لا تعودوا إلّا بعد تحقيق ما تريدون".
وأردف قائلاً "علينا حمايتكم بدل قمعكم، وسلاح الدولة يجب أن يرفع بوجه من يرفع سلاحه عليكم".
وطالب المحتجين بالبقاء متعهداً بـ"محاسبة القتلة وتعويض أسر الضحايا ومعالجة الجرحى وتحديد موعد الانتخابات وإقرار قوانين الأحزاب ومن أين لك هذا، فضلاً عن إعادة هيبة القوات الأمنية وإصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد وتشكيل الحكومة بعيدة عن المحاصصة تعمل على محاربة الفساد وتقديم المسؤولين عن قمع المحتجين إلى القضاء"، وتعهد بترك التكليف في ما لو حاولت الكتل السياسية فرض مرشحيها عليه، مضيفاً "مثلما تركتم دراستكم من أجل الوطن أعود كمواطن عادي بضمير راضٍ".
وقال إنه يتعهد أيضاً بالعمل لعمل على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة تحت إشراف دولي. وتوعد كذلك بحصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح بتحويل العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات.
وختم بالقول "خرجتم تريدون وطناً وإذا لم أحقق مطالبكم فلا أستحق هذا المنصب".
توافق أفضى إلى التكليف
في غضون ذلك، أفادت مصادر مطَّلعة "اندبندنت عربية"، بأن تكليف رئيس الجمهورية لمحمد توفيق علاوي جاء بعد توافق شمل أغلب الكتل البرلمانية الرئيسة، وعلى رأسها تحالفا "سائرون" و"الفتح".
وأشارت المصادر إلى أن رسالة تحمل تواقيع 56 من مختلف الكتل السياسية وصلت إلى رئيس الجمهورية اليوم تدعم هذا التكليف.
وتقول المعلومات إن اجتماعات مكثفة نُظمت في القصر الرئاسي، منذ صباح اليوم السبت، جمعت رئيس الجمهورية مع عدد من الناشطين في إطار إقناعهم بهذا التكليف، لكنه قوبل بالرفض على أساس أن التكليف يجري ضمن السياقات التوافقية المعتادة، ما يعني تجاوز مطالب المحتجين والعودة إلى نقطة البداية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتؤكد المصادر أن ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة هنين جنيس بلاسخارت، كانت حاضرة في الاجتماعات التي أجريت في قصر الرئاسة، فضلاً عن عدد من نواب البرلمان.
في السياق ذاته، كشفت المصادر أن الملف العراقي الذي كان يدار من خلال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، بات يدار من شخصيات عدة أبرزهم القيادي في "حزب الله" اللبناني محمد كوثراني والمسؤول الإيراني البارز والسفير السابق حسن دنائي فر، فيما تشير التسريبات إلى أنهما دعما تكليف علاوي للمنصب.
لعب إيراني على عامل الوقت
وفي هذا الشأن، يقول سياسي رفض الكشف عن هويته، إن "القوى السياسية القريبة من إيران لعبت على عامل الوقت وعوّلت على تعب المحتجين ليتيح لها طرح مرشح شبه وسطي يكون قريباً منها".
وأوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن "نظرة علاوي للعلاقة مع طهران لا تختلف عن نظرة عبد المهدي لهم، وتتغلب بداخله النزعة الشيعية بكل شيء"، مبيناً أن "علاوي لن يفعل شيئاً بعد تكليفه وما سيحاول فعله هو محاولة امتصاص الغضب الجماهيري".
جريمة بحق العراق وشعبه
وفي أول تعليق سياسي حاد على التكليف، خاطب عضو مجلس البرلمان العراقي فائق الشيخ علي، السبت، في تغريدة على "تويتر"، المكلف علاوي بالقول "أنتَ لستَ أهلاً لتشكيل الحكومة، جاءت بك إيران وذيولها، وتكليفك جريمة بحق العراق وشعبه".
وأضاف "ثار العراقيون وقدموا آلاف القتلى والجرحى، ليس من أجل استبدال عادل عبد المهدي بك، فأنت نسخة مطابقة له، جبناً وتفاهة".
وتابع أن "العراقيين ثاروا من أجل كرامة الوطن والخلاص من التبعية"، خاتماً تغريدته بـ"ارحل وإلّا".
الكتلة الأقوى بقيادة الصدر والعامري
من جانبه، قال السياسي المستقل إبراهيم الصميدعي إن "الكتلة الأكبر تحولت إلى الكتلة الأكثر قوة، وهي توافقات الصدر من جهة والعامري مع شركائه في الفتح من جهة أخرى"، لافتاً إلى أن "هؤلاء يحتكرون حق الترشيح".
وأوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن "رئيس الجمهورية يمتلك حق التكليف وليس التعيين، ويجب أن يكون المرشح عن كتلة أكثر عدداً"، مبيناً أنه "على الرغم من حصول إشكالية حول تعريف الكتلة الأكبر لكننا لا نزال محكومين بها".
وتابع "رئيس الجمهورية بالاستناد إلى رؤية المرجعية، استطاع عرقلة مرشحين لتحالف البناء، لكنه غير قادر على عرقلة أي مرشح يأتي من تفاهمات الصدر والعامري"، وبيَّن أن "إضافة الصدر إلى تحالف البناء يجعل صالح غير قادر على رفض مرشحيهم".
وعن مهلة الرئيس بانتظار ترشيح مرشح غير جدلي، أشار إلى أن "المحتجين ليسوا كتلة يمتلكون حق الترشيح دستورياً، لكنهم يمتلكون حق الاعتراض والعرقلة"، مردفاً "الأطراف السياسية لعبت على عامل الوقت مع المحتجين لإفقاد الساحات صبرها والقبول بتنازلات تشمل شروطها".
وختم "محمد علاوي هو التجربة الثالثة، التي نجح فيها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وفشل فيها عادل عبد المهدي".
الصدريون في مواجهة مع المحتجين
في غضون ذلك، أفاد شهود عيان بأن "عدداً من أتباع التيار الصدري اقتحموا بالقوة منصة المطعم التركي التي تصدر منها البيانات المتعلقة بموقف محتجي ساحة التحرير، بعد صدور التكليف مباشرة".
وكانت تسريبات قد تحدثت لـ"اندبندنت عربية"، في وقت سابق عن أن "دعوة الصدر لأنصاره في العودة للاحتجاج تأتي في سياق حماية تكليف علاوي، بعد توافقٍ حصل بين الصدر والعامري لتمريره".
رفض من ساحات الاحتجاج
"الساحات ترفض تكليف محمد توفيق علاوي لأن المواصفات لا تنطبق عليه فضلاً عن أنه لم يسارع لدرء التهم حول أن محمد كوثراني هو الوسيط الذي يدفع باتجاه تكليفه"، بحسب الناشط عمار الربيعي.
وأضاف "لم يقدم علاوي رؤية للمحتجين ولا نعرف ما هي آلية تعامله مع الوضع الحالي ومواقفه من قتلة المحتجين".
وأشار إلى أن "مخاوف المحتجين ورفضهم لعلاوي تأتي من كونه سيأتي بالآلية التوافقية ذاتها التي أتى بها عادل عبد المهدي وهذا مرفوض".
"ذي قار" ترفض
وفي أول رد فعل منها، رفض محتجو محافظة ذي قار اليوم السبت، ترشيح علاوي لمنصب رئيس الوزراء، وحملوا لافتات كتب عليها "متظاهرو ذي قار يرفضون مرشح الأحزاب"، مع صورة للمرشح علاوي، هاتفين "ما يعبر توفيق... اسمع ذي قار ما الذي قالت".
من جانبه، يقول علي الركابي، وهو ناشط من محافظة ذي قار، إن "المحتجين في المحافظة يرفضون تكليف علاوي، خصوصاً بعد أن تبين أنه مرشح توافقي خوفاً من تكرار سيناريو عبد المهدي مرة أخرى".
وتابع "كل وسائل التصعيد حاضرة في ذي قار وسيسهم اللاتكليف إذا حصل، في زيادة زخم الاحتجاج".
وبيَّن أن "قوى السلطة تبدو متمسكة في خياراتها وهذا لا يجعل أمامنا أي خيارات سوى التصعيد".