في ظاهر الأمر، تبدو الرياضات الخطيرة بمثابة النشاط الترفيهي المثالي لأولئك الذين يضعون تغير المناخ في مقدمة تفكيرهم. وسواء أكانت تلك الرياضات ركوب الأمواج أو دراجات الأماكن الوعرة أو التزلج، فمن شبه المستحيل أن يشعر الإنسان بقربه من العالم الذي يعيش فيه بأكثر مما يفعل عندما يحتضن العناصر التي يملك العالم أن يقدمها له.
لقد تسنى لي أخيراً اختبار هذا الأمر مرة جديدة في رحلة تزلج قمتُ بها إلى منطقة "فال ثورنز" في جبال الألب، التي تشكل منتجع التزلج الأكثر ارتفاعاً في أوروبا وتقع على علو 2300 متر فوق سطح البحر. ولأني متزلج حريص على السفر في وقتٍ متأخر قليلاً من الموسم، يكفي التفكير في تمضية أسبوع من شهر يناير (كانون الثاني) داخل السُحب، كي يجعل جسدي يُصاب بالرعشة.
ومع ذلك ، فإن العاطفة الغالبة التي طغت على مدار الأسبوع كانت مثيرة للقلق، لأنها تمحورت حول سؤال... أين هو الثلج؟
على امتداد فترة إقامتي لمدة ست ليالٍ في منتجع "ثري فاليز"، لم يتساقط الثلج ولو مرة واحدة، وتحول الغطاء الذي طبع المنتجع بكامله باللون الأبيض عند وصولنا، شريطاً طويلاً من الإسمنت الرمادي مع حلول نهاية الأسبوع. وبالنسبة إلى معظم الناس، لم يبدُ الأمر مثيراً للاهتمام بشكلٍ كبير نظراً إلى أن جميع المسارات ومنحدرات التزلج ظلت مفتوحة، لكنها بدت أقرب قليلاً، وشكّلت سبباً للقلق رآه الجميع. فقد ظهرت فجأة بقع الصخور ناتئةً حيث يجب ألا تكون، ونشطت مدافع إنتاج الثلج الاصطناعي في العمل كلما غربت الشمس منهيةً نشاطات التزلج اليومية.
وبحلول نهاية هذا الأسبوع، ستصل درجات الحرارة في "فال ثورنز" إلى سبع درجاتٍ مئوية، [وتعتبر] معتدلة، وتوقعت الأرصاد أن ترتفع معدلاتها خلال الأيام السبعة التالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ثمة أدلة لا يمكن إنكارها على أن ظاهرة الاحتباس الحراري لديها تأثير كبير على التزلج. إذ تفيد وكالة الفضاء الأميركية ("ناسا") إن درجة حرارة سطح الكوكب قد زادت فوق المستوى العالمي بمقدار درجة مئوية، بالمقارنة مع معدلها الوسطي بين عامي 1951 و1980، لكنها في جبال الألب تقارب ضعفي ذلك الرقم، لذا يكون التأثير واضحاً.
ويوجد الآن أكثر من مئتي منتجع تزلج مهجور أو مغلق في جبال الألب الإيطالية وحدها، وكذلك الحالة في كثير من المنتجعات الاخرى في جميع أنحاء فرنسا وسويسرا، بسبب نقص الثلوج وغياب الظروف الصديقة للتزلج. في ذلك الصدد، توقعت دراسة حديثة نشرها "المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد" أن تفقد أكبر منطقة جبلية في أوروبا حوالى 90% من أنهارها الجليدية المتبقية في 2100 إذا لم تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً.
ومع أخذ سلسلة الوعود التي أطلقت لخفض تلك الانبعاثات في الاعتبار، راودتني على الفور الفكرة الآتية... ما الذي يمكنني أن أفعله على المستوى الفردي لمحاولة المساعدة في معالجة ذلك المشهد المقلق؟
قد تبدو نشاطات كالتزلج أو التزحلق على الجليد غير مسببة لانبعاثات الكربون، لكنها ليس كذلك بالنسبة إلى كل شخص تقريباً يقرر أن مثل هذه الإجازة مخصصة له. فمثلي أنا، سيُضطر معظم أولئك الذين يحفرون بأدوات التزلج سفوح منطقة "ثري فاليز"، إلى السفر جواً كي يحطّوا في مدنٍ كجنيف أو غرينوبل أو ليون، غافلين تماماً عن أن الطائرات التي تنقلنا لنكون على تماس مع الطبيعة، تشكل أكبر تهديد لكوكب الأرض.
ويُتوقع لقطاع الطيران أن يكون أكبر مصدر منفرد للانبعاثات الحرارية في المملكة المتحدة خلال السنوات الثلاثين المقبلة. وقد تنامت بصمة الكربون بحوالى 20% في جميع أنحاء أوروبا منذ 2005، مع زيادة مضطردة تبلغ قرابة 4% سنوياً. ومع جعل القطارات العابرة لأوروبا وسيلةً سهلة للغاية للسفر إلى جبال الألب وتمتعها بالرفاهية اللازمة لجهة الحجوزات، تماثل تلك التي يوفرها الطيران، بات صعباً على نحو متزايد تبرير استخدام السفر جواً للذهاب في رحلة تزلج، لأن ذلك سيعجل حتماً في مسار ضرب منحدرات التزلج على غرار ما يحصل الآن.
© The Independent